كتب – حسام عيد
بعد أن أصبحت أول بلد في أفريقيا يبرم اتفاقًا ثنائيًا مع شركة أدوية عالمية كبرى، فهل تستطيع جنوب أفريقيا تأمين اللقاحات لجميع سكانها البالغ عددهم 58 مليون نسمة، وهل بإمكان التطعيمات التحول لحصن ضد السلالة الجديدة المتحورة من فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″؟.
وكانت حصيلة إصابات فيروس كورونا في جنوب أفريقيا قد تجاوزت المليون حالة في ديسمبر الماضي في ظل موجة ثانية من تفشي الفيروس، ونتيجة ذلك، فرضت الحكومة إجراءات أكثر صرامة.
وقد ظهرت سلالة جديدة من فيروس كورونا في مقاطعة كاب، وتعد المسؤولة عن موجة الإصابات الجديدة بفيروس كورونا.
ومنذ ظهور السلالة الجديدة في جنوب أفريقيا، فرضت عدة دول قيودًا على المسافرين القادمين منها.
1.5 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا
وأبرمت جنوب أفريقيا اتفاقًا لتوريد 1.5 مليون جرعة من لقاح شركة أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا من معهد سيروم بالهند -شركة هندية للتكنولوجيا الحيوية والأدوية، والأكبر عالميًا في تصنيع اللقاحات- خلال شهري يناير الجاري وفبراير المقبل، بمعدل مليون جرعة في الشهر الأول و500 ألف في الشهر الثاني، وهي بمثابة المرحلة الأولى من خطة تقول الحكومة إنها ستسفر عن تطعيم ثلثي سكان البلاد (67%) بحلول نهاية عام 2021، لتحقيق مناعة القطيع، وذلك حسبما أفادت وكالة “بلومبيرج”.
وقال وزير الصحة زويلى مخيزى، فى بيان يوم الخميس 7 يناير 2021، إن الدفعة الأولى ستكون من نصيب العاملين في مجال الصحة، والبالغ عددهم 1.25 مليون شخص، وأن المفاوضات تجري حاليًا مع شركات أخرى مصنعة لجلب مزيد من الإمدادات من اللقاح.
وتتطلب خطة “مخيزي” نحو 6300 جهاز تطعيم للعمل على مدار اليوم لتوفير 316 ألف جرعة يوميًا.
وبعد الانتهاء من تطعيم العاملين في مجال الصحة، ستمنح المرحلة الثانية الأولوية للعمال الأساسيين والبالغين المصابين بالأمراض المصاحبة، مثل فيروس نقص المناعة (أتش آي في ) والسل وأمراض السمنه.
وقد يخفف هذا الاتفاق من حجم الانتقادات التي تواجهها الحكومة من النقابات العمالية والمهنيين الصحيين بسبب عدم إحراز تقدم في عمليات شراء اللقاح، رغم أن نحو 40 بلدًا آخر بدأت بالفعل برامج التطعيم الخاصة بها.
التحصين عبر “كوفاكس”
وتحاول جنوب أفريقيا أيضًا الحصول على لقاحات من خلال برنامج “كوفاكس Covax” الدولي الذي أطلقته منظّمة الصحّة العالميّة بدعم من “التحالف من أجل اللقاحات”، ويعمل على ضمان الحصول العادل للبلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل على اللقاحات ضدّ كوفيد-19.
ويسعى “كوفاكس” إلى تقديم جرعات كافية لتحصين 20% من السكّان في كلّ البلدان المشاركة فيه بحلول نهاية العام.
ومنذ إطلاقه في سبتمبر 2020، وقعت 180 دولة على برنامج “كوفاكس”، 40 منها من البلدان الأفريقية منخفضة الدخل.
ويقول البروفيسور جريج هاسي، مدير مبادرة اللقاحات من أجل أفريقيا في جامعة كيب تاون، إن المبادرة، التي تخطط لتحصين ما يصل إلى 20% من سكان البلدان المشاركة، يمكن أن تمتد “نظريًا” لتشمل 50% من السكان، ولكن “كوفاكس” يعتمد على إمدادات اللقاح من شركات الأدوية.
وحصل “كوفاكس” على مئات الملايين من جرعات “أوكسفورد-أسترازينيكا” التي اعتبرها بعض الخبراء أفضل مرشح لقاح لأفريقيا تم تطويره حتى الآن بسبب توفر التخزين البارد المطلوب.
ووفق مجلة “أفريكان بيزنس”، قال مصدر في اللجنة الاستشارية الوزارية للقاحات، إن الحكومة حولت دفعة أولى من التكلفة المطلوبة للقاحات عبر برنامج “كوفاكس” لتغطية 10% من السكان.
سلالة جديدة متحورة
وقد وجدت للمرة الأولى سلالة جديدة أكثر عدوى من فيروس “كوفيد-19” على الساحل الشرقي لجنوب أفريقيا أواخر عام 2020. واليوم، تقود هذه السلالة موجة ثانية من العدوى أكثر خطرًا على سكان البلاد.
وتتحور بالعادة كل الفيروسات، بما في ذلك الفيروس المسبب لـ”كوفيد-19″. وتحدث هذه التغييرات الجينية الصغيرة عندما يصنع الفيروس نسخًا جديدة من نفسه لينتشر وينمو. وقد تجعل بعض هذه التغييرات الفيروس أكثر عداءً، مما يهدد حياة البشر.
وتوجد الآن عدة آلاف من المتغيرات المختلفة للفيروس الوبائي المنتشر. لكن مخاوف الخبراء تركز على عدد صغير منها. وإحداها هي السلالة الجنوب أفريقية المسماة “501V2″ والتي تحمل الطفرة الجينية المسماة بـ”E484K”.
ووجدت نتائج دراسة أجراها مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل، الثلاثاء 5 يناير 2021، أن السلالة الجديدة التي تحمل الطفرة E484K الأسرع في الانتشار “ستقلل بشكل كبير من القابلية لتحييد الفيروس بواسطة الأجسام المضادة في مصل بعض الأفراد”.
ورغم نتائج تلك الدراسة، التي أوضحت أن الأجسام المضادة لا تعمل ضد السلالة الجديدة التي تم تحديدها في جنوب أفريقيا وذلك بعد اختبارات مخبرية عدة، يعتقد البروفيسور “هاسي” أنه من غير المحتمل أن تتحدى متغيرات السلالة الجديدة اللقاحات.
ويضيف، ” عندما تحصل على لقاح، فإن اللقاح ينتج استجابة مناعية ضد الفيروس والاستجابة لأي متغير”.
ويتابع، “علينا أن نرى كيف تتطور العملية، لكن في الوقت الحالي ليس لدينا إجابة محددة. قد يكون هناك بعض التأثير (لمقاومة السلالة الجديدة للقاح) لكنها لن تكون كبيرة”.
وقد وصلت جنوب أفريقيا خلال الأسبوع الأول من يناير 2021 إلى مرحلة قاتمة، حيث تجاوز عدد الوفيات 30 ألف شخص، فيما ارتفع عدد الحالات الجديدة إلى 20 ألف حالة في غضون 24 ساعة، مما رفع إجمالي عدد إصابات كورونا في البلاد إلى 1.5 مليون حالة.