بقلم د. مادي إبراهيم كانتي
باحث في الشئون الأفريقية من دولة مالي
تمتد منطقة غرب أفريقيا من نيجيريا إلى ساحل السنغال، وتشمل خمس عشرة دولة. وتبلغ مساحتها الإجمالية أكثر من 5 ملايين كيلومتر مربع، وتمثل 17 ٪ من إجمالي مساحة القارة الأفريقية، نيجيريا أكبر اقتصادية في غرب أفريقيا، وبلغ عدد سكان منطقة الإيكواس في عام 2019 حوالي 393 مليون نسمة. معظمهم من الشباب (أكثر من نصف السكان) والنمو السكاني أكثر من 3٪ سنويا. أما متوسط الكثافة يبلغ 64.1 نسمة/ كم.
وتنقسم غرب أفريقيا إلى منطقتين مناخيتين رئيسيتين: الجنوب الاستوائي، حيث المناخ الحار والرطب، والأمطار والغابات الوفيرة، والساحل الشمالي، حيث السافانا والسهوب والمناطق الصحراوية. وتجتمع دول غرب أفريقيا تحت مظلة منظمة (إيكواس) المعروفة باسم الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا .
وشهدت منطقة غرب أفريقيا منذ عام 2018 عدد من العمليات الانتخابية نلقي عليها الضوء في هذا المقال كالتالي:-
سلكت منطقة غرب أفريقيا الطريق نحو الاندماج والتنمية وإرساء الديمقراطية، وعلى الرغم من هذا التطور الديمقراطي في المنطقة، لا يزال هناك الصعوبات في إجراء الانتخابات في بعض الدول التي قد تهدد ديمقراطية غرب إفريقيا، ومنذ يونيو 2018 أجريت حوالي 5 انتخابات التشريعية والرئاسية.
مالي: أجريت جولة الأولى للانتخابات الرئاسية في 31 يوليو2018، والجولة الثانية في 12 أغسطس 2018، وفاز فيها الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا بولاية رئاسية ثانية بنسبة 67.2 ٪ من الأصوات بعد جولة ثانية وفي ظل امتناع كبير عن التصويت بلغ ثلثي المسجلين، ولكن مرشح المعارضة سوميلا سيسي طعن لدى المحكمة الدستورية، قال إنه يرفض بشكل قاطع النتائج «لأنها مزورة». إلا أن المحكمة أقرّت النتائج ورفضت الطعن. فكثير من المواطنين كانوا مقتنعين بأن النتيجة كانت محسومة سلفاً لصالح الرئيس، فلم يقترعوا، ولذا غاب التنافس الحقيقي بين أكثر من 20 مرشحاً، وهو ما ظهر في نسبة مشاركة بالكاد تجاوزت 30 في المائة.
توغو: بعد أزمة سياسية خانقة وتأجيل عدة مرات، تم إجراء الانتخابات التشريعية في البلاد في 20 ديسمبر 2018 بعد عدة أشهر من تأجيل التصويت لتجديد 91 عضوًا في الجمعية الوطنية لتوغو. من خلالها قاطع الائتلاف C14، وهو حزب المعارضة الرئيسي الذي يضم 14 حزباً، التصويت في أعقاب مخالفات في التحضير للاستفتاء ورفض الرئيس فور نياسينغبي (Faure Gnassingbé) التخلي عن مسودة مراجعة الدستور التي تتيح فرصة عدد الفترات الرئاسية الجديدة الرئيس الحالي، سيسمح له بالبقاء في السلطة بعد فترة ولايته الثالثة الحالية، التي ستكتمل في عام 2020. خلال هذه الانتخابات فاز حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (UNIR) – حزب الحاكم – بالأغلبية المطلقة، بحصوله على 59 مقعدًا من أصل 91. في 8 مايو 2019، نجحت الحكومة في الحصول على تصويت بالإجماع تقريبًا على تعديل دستوري الذي يسمح لـ Gnassingbé بالبقاء حتى عام 2030.
نيجيريا: أجريت الانتخابات العامة في نيجيريا في 23 فبراير 2019 لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس ومجلس النواب ومجلس الشيوخ. كان من المقرر أن تجرى الانتخابات 16 فبراير 2019، من ثم قررت اللجنة الانتخابية المستقلة تأجيل موعد الانتخابات لمدة أسبوع قبيل ساعات قليلة من بدء عملية الاقتراع، بسبب مشكلة لوجستية. وكان المنافس الأساسي للرئيس محمد بخاري (76 سنة) في هذه الانتخابات هو نائب الرئيس الأسبق عتيق أبو بكر (72 سنة)، وقد فاز الرئيس النيجيري المنتهية ولايته محمد بخاري بفترة ثانية، الذي من المفترض أن يعمل على معالجة ملفات نقص الطاقة والتهديد الأمني والفساد والركود الاقتصادي.
السنغال: أجريت الانتخابات الرئاسية في السنغال في 24 فبراير 2019. وأعيد انتخاب الرئيس الحالي مكي سال مرشح حزب التحالف من أجل الجمهورية لولاية ثانية بنسبة 58 ٪ من الأصوات في الجولة الأولى.
غينيا بيساو: أجريت الانتخابات التشريعية في 10 مارس 2019 بعد تأجيلها بسبب الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد، وفاز الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا والرأس الأخضر (PAIGC) بـ 47 من أصل 102 مقعدًا، وظل الحزب سائدا في البرلمان، على الرغم فقدانه لعشرة مقاعد، كما دخلت بعض الجبهات الجزبية مع (PAIGC) في ائتلاف، أما الانتخابات الرئاسية تم تأجيلها مرة أخرى إلى شهر نوفمبر المقبل.
بنين: أجريت الانتخابات التشريعية في 28 أبريل 2019، وحدثت أزمة بين الحكومة والمعارضة بسبب ن القواعد الانتخابية الجديدة التي أدخلتها الحكومة والتي تعني أن جميع أحزاب المعارضة محظورة المشاركة في هذه الانتخابات. لذلك دعت المعارضة إلى المقاطعة، ومن ثم فاز الاتحاد التقدمي بالأغلبية المطلقة بـ 47 مقعدًا مقابل 36 للكتلة الجمهورية. ووصلت نسبة الامتناع عن التصويت 72.9 ٪، أي أكثر من ضعف ما كان عليه في الاستطلاع السابق. ثم اندلعت المظاهرات العنيفة في بداية شهر مايو 2019 بعد نتائج الانتخابات، وتم تعامل بالمظاهرات بالشكل القمعي؛ وأدى ذلك إلى أربعة قتلى وعدد كبير من الجرح، وفقا لتقرير منظمة العفو الدولية.
وبهذا يظهر أن هناك بعض العثرات التي تهدد عملية المسار الديمقراطي في دول غرب أفريقيا ويجب معالجتها حتى لا تدخل دول هذه المنطقة في أتون الصراعات الداخلية، ويظل الصندوق الانتخابي هو الوسيلة التي تضمن عملية الانتقال السلمي للسلطة.