كتب – حسام عيد
قامت دي بي ورلد، المزود الرائد للخدمات اللوجستية الذكية، وحكومة السنغال، يوم الإثنين الموافق 3 يناير 2022، بوضع حجر الأساس إيذانًا ببدء العمل في إنشاء مشروع ميناء ندايان الجديد، وذلك في ضوء اتفاقية الامتياز التي تم توقيعها في ديسمبر 2020 بين دي بي ورلد وحكومة جمهورية السنغال لبناء وتشغيل ميناء جديد في مدينة “ندايان”، والذي سيقع على بعد 50 كيلو مترًا من ميناء داكار الحالي على المحيط الأطلنطي.
وحضر حفل وضع حجر الأساس ماكي سال، رئيس جمهورية السنغال، وسلطان أحمد بن سليّم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ دي بي ورلد، إلى جانب مجموعة من الوزراء من حكومة السنغال ورؤساء المؤسسات وقيادات المجتمعات المحلية.
الاستثمار الأكبر في موانئ أفريقيا
ويأتي المشروع الجديد ليؤكد التأثير الإيجابي لإمارة دبي في دعم مشاريع تطوير البنى التحتية اللازمة لتحفيز توجهات التنمية المستدامة في القارة الأفريقية، في ضوء علاقات التعاون الوثيقة القائمة مع أغلب دول القارة السمراء على أساس راسخ من الثقة المتبادلة والعمل ضمن شراكات بنّاءه هدفها تمكين دول أفريقيا من تسريع وتيرة التطوير ودفع مسيرة التقدم لاسيما على الصعيد الاقتصادي مع منح القطاع الخاص وشبه الحكومي الفرص اللازمة لتفعيل هذا التعاون وفق أفضل الممارسات العالمية.
ويبلغ حجم الاستثمار المتمثل في تطوير ميناء “ندايان” الجديد أكثر من مليار دولار (ما يزيد على 3.68 مليار درهم) على مرحلتين، وهو الاستثمار الأكبر لمجموعة “دي بي ورلد” في موانئ أفريقيا حتى الوقت الحالي، وهو أيضًا أكبر استثمار فردي للقطاع الخاص في تاريخ السنغال، بحسب الموقع الإلكتروني للمكتب الإعلامي لحكومة دبي.
وستستثمر موانئ دبي العالمية – داكار 837 مليون دولار في المرحلة الأولى من المشروع، ونحو 290 مليون دولار في المرحلة الثانية.
تعزيز مكانة السنغال تجاريًا واقتصاديًا
وفي هذه المناسبة، صرَّح ماكي سال، رئيس جمهورية السنغال، قائلًا: “إن تطوير بنية تحتية حديثة وذات جودة متميزة في الميناء هو أمر أساسي من أجل دفع عجلة النمو الاقتصادي.
ومع إنشاء ميناء “ندايان” الجديد، ستتمتع السنغال بأحدث البنى التحتية في الموانئ والتي ستعزز مكانة دولتنا كمركز تجاري وبوابة لتعزيز التجارة والأعمال في منطقة غرب أفريقيا.
وسيتيح هذا الميناء فرصًا اقتصاديةً هائلة للشركات المحلية وسيخلق المزيد من الوظائف، كما أنه سيعزز من قدرتنا على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى السنغال.
كما أن تمديد التعاون مع مجموعة “دي بي ورلد” في هذا المشروع، سيثمر عن نتائج عظيمة مع تشغيل محطة الحاويات في ميناء داكار.
من جانبه، قال سلطان أحمد بن سليّم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ”دي بي ورلد”: “إن وضع حجر الأساس اليوم لا يمثل فقط البدء في عمليات الإنشاء فحسب، ولكنه يمثل أيضًا بداية مرحلة استثنائية لتحويل رؤية الرئيس السنغالي إلى واقع ملموس. وبدورنا كمساهم أساسي في تمكين حركة التجارة العالمية، سوف نضع كامل خبراتنا وقدراتنا في مشروع الميناء، والذي سيعزز توجهات التنمية في السنغال خلال القرن القادم”.
وجدير بالذكر أن السنغال هي ثاني دولة تنضم إلى مبادرة “الجواز اللوجستي العالمي”، التي أطلقتها دبي لتعزيز الفرص الاستثمارية والتبادل التجاري بين الأسواق النامية، والتغلب على العوائق التجارية، ما يسهم في تعزيز مكانة السنغال كمركز تجاري رئيس لمنطقة غرب أفريقيا.
محطة حاويات وقناة بحرية
وتشمل المرحلة الأولى من تطوير الميناء إنشاء محطة حاويات تضم رصيفاً بطول 840 مترًا، بالإضافة لقناة بحرية تمتد بطول 5 كيلومترات، يمكنها استيعاب حاويتين بطول 336 متراً في الوقت نفسه، واستيعاب عمليات المناولة لأكبر سفن الحاويات على مستوى العالم.
وستزيد الطاقة الاستيعابية لمناولة الحاويات بمقدار 1.2 مليون حاوية نمطية قياس 20 قدمًا سنويًا. أما المرحلة الثانية، فتشمل تطوير رصيف حاويات إضافي بطول 410 مترًا.
وتتضمن خطط “دي بي ورلد” تطوير منطقة اقتصادية-صناعية بجوار الميناء وبالقرب من مطار “بليز دياجني” الدولي، مما يخلق محورًا صناعيًا متكاملًا للنقل والخدمات اللوجستية.
تدفق النجاحات المشتركة
ويعكس توسع مجموعة موانئ دبي العالمية في الاستثمارات في القارة الأفريقية، التزام إمارة دبي ومؤسساتها الاقتصادية الرائدة باستحداث وتنفيذ مشروعات من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي في الدول الشقيقة والصديقة، وحرص مؤسساتها على اكتشاف وتفعيل فرص من شأنها تحقيق نجاحات مشتركة تخدم الأهداف الاقتصادية لجانبي كل تعاون يفتح آفاقًا جديدة للنمو ويدعم التنمية المستدامة لطرفيه.
وأوضحت موانئ دبي العالمية أن الاتفاقية التي وقعتها في ديسمبر 2020 مع حكومة السنغال لتطوير ميناء بحري في المياه العميقة بمنطقة “ندايان”، يأتي في إطار هذا الالتزام ضمن امتياز ميناء داكار والذي تصل مدته 50 عامًا، على فترتين مدة كل منهما 25 عامًا، تبدأ مع تدشين عمليات الميناء الجديد، وذلك حسب المُلحق الذي تمت إضافته إلى الامتياز الحالي الممنوح في عام 2017.
وتعد قارة أفريقيا إحدى الوجهات الاستراتيجية والحيوية لاستثمارات دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يعزز أداء اقتصادات دول الخليج بشكل عام، خاصة في ظل سعيها إلى تنويع مصادر دخلها وتحسين إيراداتها بعيدًا عن النفط.
وتعد الإمارات من أكثر دول مجلس التعاون الخليجي استثمارًا في أفريقيا، وفقًا لدراسة نشرتها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في (ديسمبر 2019)، حيث تستثمر بشكل كبير بقطاع النقل.
ووفق تقرير صادر عن غرفة تجارة دبي و”الإيكونومست” في أكتوبر 2021، تستحوذ الشركات الإماراتية على 88% من الاستثمارات الخليجية في أفريقيا جنوب الصحراء.
كما أظهرت بيانات غرفة تجارة دبي أن إجمالي التجارة مع القارة الأفريقية كاملة في مجال الأغذية والمشروبات باستثناء التبغ بلغ 13.9 مليار دولار بين 2015-2020.
وأكدت الغرفة، في تحليل لها نشرته في سبتمبر الماضي، أن قيمة التبادل الثنائي بين الجانبين بمجال الأغذية والمشروبات بلغت في العام 2020 نحو 2.4 مليار دولار أمريكي، بنمو 18% مقارنة بالعام الذي سبقه وهو الأعلى منذ عام 2017.
وختامًا، يمكن القول: إن “موانئ دبي العالمية”، التي تتعامل مع 10% من حركة الحاويات في العالم، تراهن بشكل كبير على القارة الأفريقية التي تزخر بإمكانات وفرص لا تضاهى عالميًا.