كتبت – أسماء حمدي
يواجه أكثر من ربع سكان أفريقيا الجوع وانعدام الأمن الغذائي، بسبب الصراعات والجفاف والفيضانات وارتفاع معدلات البطالة والأزمات الاقتصادية بالإضافة إلى آثار جائحة كورونا التي تدمر القارة على نطاق غير مسبوق.
وفي أنجولا أدى أسوأ جفاف تعرضت له البلاد منذ 40 عامًا إلى تدمير المحاصيل ونفوق الماشية في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ويواجه السكان خطر مجاعة شديدة ويجبرهم على الهجرة لطلب المساعدة عبر الحدود.
أسوأ جفاف منذ عقود
في العام الماضي، توقع برنامج الأغذية العالمي، أن 1.58 مليون شخص في جنوب غرب أنجولا سيواجهون جوعًا شديدًا بسبب الجفاف، ولفت إلى أن المناطق الجنوبية في أنجولا من بين أكثر المناطق تضررًا من الجفاف وغزو الجراد.
وفي فبراير، قال البرنامج التابع للأمم المتحدة، إن القرن الأفريقي يشهد أسوأ جفاف منذ عقود، وأشار إلى أن ثلاث سنوات مرت بدون فصل أمطار فعلي والمنطقة تسجل الظروف الأشد جفافا منذ 1981.
وتسبب الجفاف بتدمير المحاصيل وارتفاع معدل نفوق الحيوانات بشكل غير طبيعي، ما أرغم العائلات المقيمة في المناطق الزراعية والتي تعيش من تربية الحيوانات والزراعة على هجر منازلها، بحسب وكالة «فرانس برس».
وقال المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في شرق إفريقيا مايكل دانفورد، إن المياه والمراعي شحيحة وتوقعات هطول الأمطار جاءت أقل من المتوسط للشهر المقبل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، مضيفا: «المحاصيل تلفت والماشية تنفق والجوع يتزايد فيما يلحق الجفاف المتكرر الضرر بالقارة السمراء».
ودعا دانفورد إلى تحرك إنساني فوري لتجنب تكرار أزمة مثل تلك التي شهدتها الصومال في 2011، حيث توفي 250 ألف شخص من الجوع خلال فترة جفاف طويلة.
الهروب إلى ناميبيا
قطع آلاف الأشخاص من سكان أنجولا، مئات الأميال إلى ناميبيا بحثًا عن الطعام والماء، تقول مباويرامو كاتانغا (37 عامًا)، وهي من جماعة زيمبا العرقية، إنها من بين العشرات من سكان بلدتها الذين قرروا الهجرة بسبب شح الغذاء.
تمشي توابويراتجو تجيلونغا وزوجها مبوراجونغامبي، جائعين ومرهقين متجهين إلى الحدود مع ناميبيا، إذ اعتقد الزوجين أنه مع تدهور الوضع الغذائي في البلاد، سيكون من الأفضل لهم مغادرة قريتهم في أنجولا بدلاً من مواجهة الجوع الشديد.
وبعد أيام سيرًا على الأقدام، وصلت كيفاروا تجيوما وحفيدتها إلى نهر كونيني، الذي يشكل جزءًا من الحدود بين أنجولا وناميبيا، مع مجموعة من شعب زيمبا عبر الحدود الجنوبية الغربية لأنجولا.
وفي حديث لصحيفة «الجارديان» البريطانية، تقول موشينا مولاتجي وهي تجلس داخل خيمتها المصنوعة من الورق المقوى في مخيم إتوندا في أوموساتي شمال ناميبيا، إن المئات من المهاجرين يعيشون هنا في منازل مصنوعة من الكرتون والأكياس البلاستيكية.
تضيف موشينا مولاتجي، جئنا هنا بعد أن تعرضت قريتنا للجفاف ولم نجد ما نأكله، وهنا أقوم أنا والعديد من النساء في مخيم إتوندا، بجمع الحطب لبيعه في السوق للحصول على الطعام.
يقوم مواباتا أووزومبامبي بتقطيع الأخشاب لبيعه في السوق في أوبوو، يقول: «قبل أن نغادر قريتنا في أنجولا، كنت وعائلتي نأكل العشب لدرء آلام الجوع، وإذا نظرت إلى قلاداتنا، فقد اعتادت أن تكون ضيقة حول أعناقنا لكي لا نشعر بالجوع، غادرنا أنجولا عندما تسبب الجفاف في نفوق ماشية العائلة لم نجد ما نأكله، وهنا نجمع الأخشاب لبيعها للحصول على الطعام».
تشير موانجوكاتجي إلى كوخها بمخيم إتوندا، قائلة: «هذا الملجأ ليس قويًا، إنه ليس مثل المنزل لا يمكننا إشعال النار بالداخل، وعندما تمطر تتسرب داخله المياه».
عانت فينونيا لوكاس البالغة من العمر عامًا واحدًا، من سوء التغذية الحاد، وعندما عبرت الحدود من أنجولا تلقت العلاج من متطوعي الصليب الأحمر في مخيم إيتوندا، تقول جدتها ديوليندا موايثابوتجي: «عندما كنت في المستشفى كنت خائفة في البداية لأنني كنت أخشى أن تموت الطفلة».
ارتفاع معدلات سوء التغذية
حذر برنامج الأغذية العالمي من ارتفاع عدد الأشخاص الذين هم على شفا المجاعة في أفريقيا، بما يقرب من عشرة أضعاف خلال السنوات الثلاث الماضية، والنزوح بحوالي 400 في المائة في ظل أزمة غذاء مروعة في المنطقة.
ووفق البرنامج، ارتفعت معدلات سوء التغذية ويواجه نحو 13 مليون شخص خطر الجوع في الفصل الأول من هذا العام، مشيرا إلى أن هناك مساعدات غذائية توزع في مناطق قاحلة في أفريقيا.
وفي غضون ثلاث سنوات فقط، ارتفع عدد الأشخاص الذين يتجهون نحو المجاعة من 3.6 مليون إلى 10.5 مليون بحسب برنامج الأغذية العالمي.
فقدان الأمل
قال المدير التنفيذي للبرنامج التابع للأمم المتحدة، ديفيد بيزلي: «هناك أزمة مطلقة تتكشف أمام أعيننا، ومن المتوقع أن تتجاوز الأزمة الحالية السنوات السابقة بسبب عوامل متعددة، بما في ذلك انعدام الأمن، وزيادة الفقر بسبب كـوفيد-19، والزيادات الهائلة في تكلفة المواد الغذائية الأساسية».
وأضاف بيزلي: «تحدثت مع العائلات التي مرت بأكثر مما يمكن تصوره، لقد طاردتهم الجماعات المتطرفة من منازلهم، وجُوّعوا بسبب الجفاف، وغرقوا في اليأس بسبب الآثار الاقتصادية المترتبة على كورونا، لدينا أموال تنفد، ويُفقد الأمل لدى هؤلاء الناس».
ويشير البرنامج الأغذية إلى أن مبلغ 327 مليون دولار ضرورية لتلبية الاحتياجات الفورية على مدى الأشهر الستة المقبلة ومساعدة المجتمعات على أن تصبح قادرة أكثر على مواجهة الصدمات الغذائية المتكررة.
وأدى نقص الأمطار في 2011، إلى أكثر الأعوام جفافا منذ 1951 في المناطق القاحلة في أجزاء كبيرة من أفريقيا.
يقول الخبراء: إن الأحوال المناخية القصوى تحدث بوتيرة وحدة متزايدة بسبب التغير المناخي وأفريقيا هي التي تدفع الثمن أولا فيما تعد القارة الأقل مساهمة في ظاهرة الاحترار المناخي.