كتبت – أماني ربيع
ضمن احتفالات رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، وإيمانا بضرورة استغلال القوة الناعمة لمد جسور التواصل بين مختلف الثقافات تنطلق غدا فعاليات الدورة الرابعة من الملتقى الدولي لتفاعل الثقافات الأفريقية تحت عنوان: “الثقافات الأفريقية فى عالم متغير”، والذي يستمر حتى 14 نوفمبر الجاري، برئاسة المفكر حلمي شعراوي، وتنظيم المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي.
وتأتي النسخة الرابعة من الملتقى ضمن برنامج ثري ومميز أعدته وزارة الثقافة المصرية لتعزيز الأنشطة الثقافية والفنية بين مصر وأفريقيا والذي يشمل عشرات الأنشطة في مختلف المجالات، منها 7 منح دراسية في المؤسسات التي تخضع لأكاديمية الفنون من أجل المبتكرون الأفارقة، دورة في اللغة العربية لمدة عام، معاملة الزائرين من الدول الأفريقية كمصريين فيما يتعلق بتذاكر زيارة المتاحف المختلفة، ونشر 10 أعمال مترجمة لأهم الرواد الأفارقة، بالإضافة إلى المشاركة المكثفة من الدول الأفريقية في اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب وإعلان السنغال كضيف شرف لدورة 2020، وغيرها من الفعاليات.
مشكلات القارة على مائدة النخبة
وبالنسبة للملتقى فعمره 4 دورات، وفكرته قائمة على أن أفريقيا جزء هام من الهوية المصرية فهي ليست فقط مجرد امتدادا جغرافيا، بل وتاريخيا ومعنويا أيضا، والعودة إليها هي عودة لجزء مهم من ثقافة وكيان مصر.
وبحسب الكاتب الصحفي حلمي النمنم، خلال كلمته في افتتاح الدورة الثالثة من الملتقى عام 2017، فإن فكرة الملتقى جاءت من إيمان “الحياة الثقافية والبحثية في مصر ووعيها بأن مصر أفريقية الجذور، ولم يغب عنها هذا المعنى أبدا، لذلك تم تأسيس ملتقى الثقافات عام 2010.”
بدأت الأولى في مايو 2010، تحت عنوان:” تفاعل الثقافات الأفريقية في عصر العولمة”، ثم توقف بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وما تلاها.
ومنذ عام 2014 بدأت الدولة المصرية في إعادة ترتيب أولوياتها واضعة أفريقيا في صدارة تلك الأولويات، ليعود الملتقى إلى النور مجددا عام 2015 ثم 2017 ثم 2019، بواقع دورة كل عامين.
ومنذ انطلاقه اهتم الملتقى بإشكالية التفاعل الفعلي على أرض الواقع بين الثقافات الأفريقية على اختلافها، مع الأخذ في الاعتبار قدرة الثقافة على لم الشتات وإحياء التعاون والمشتركات بين الدول الأفريقية.
ويحدث هذا التفاعل من خلال التقاء أفكار الباحثين والمفكرين والأدباء وصناع السينما من نحو 30 دولة أفريقية عبر ندوات وورش عمل وعروض سينمائية وغيرها من الفعاليات التي يعلو فيها صوت الحوار المتحضر الذي يحلل بعمق المشكلات الأفريقية المتعلقة بالثقافة والاعتزاز بالهوية الأفريقية والتاريخ الأفريقي مع دعم ذلك بنظرة مستقبلية حول كيف يمكن للقارة السمراء مواكبة التطورات واللحاق بركب التقدم العالمي.
الثقافات الأفريقية في عالم متغير
وفي كل دورة يختار الملتقى عنوانا تندرج تحته فعاليات تلك الدورة وتتناوله بالبحث والتحليل، ويقام على هامشه عددا من الأنشطة المصاحبة مثل: تنظيم معرض للكتاب لإصدارات وزارة الثقافة وبعض دور النشر الخاصة، وأمسيات شعرية، بالإضافة إلى عدد من العروض السينمائية.
وقبل كل دورة تطلق اللجنة العلمية لإعداد الملتقى دعوة لجميع المتخصصين والمهتمين بالشأن الثقافي الأفريقي من مصر وخارجها، لكتابة أوراق بحثية ضمن محاور الملتقى.
وفي هذا العام، تلقت وزارة الثقافة ما يزيد عن 250 طلب للمشاركة فى فعاليات الدورة الرابعة للملتقى، ووقع الاختيار على 70 مقترحًا لأوراق بحثية من 18 دولة أفريقية هى “مصر – ليبيا – تونس – الجزائر- لمغرب – أثيوبيا – أوغندا – تنزانيا – السودان – جنوب السودان – زيمبابوي – جنوب أفريقيا – غانا – كينيا – مالاوي – نيجيريا – زامبيا – ناميبيا”، تم إدراجها ضمن برنامج الفعاليات.
ويشارك بالملتقى هذا العام 20 دولة أفريقية، منها: “ليبيا- تونس- الجزائر- المغرب- إثيوبيا- أفريقيا الوسطى- أوغندا- تنزانيا- السودان- جنوب السودان- زيمبابوي- غانا- كينيا- موريتانيا- مالاوي- نيجيريا- السنغال- ناميبيا- النيجر- ومصر”.
ويرأس اللجنة المنظمة المفكر حلمي شعراوي وتضم في عضويتها نخبة من المتخصصين في الثقافات الأفريقية بينهم: الدكتورة أماني الطويل، الدكتور أنور مغيث، الدكتورة إيمان البسطويسي، وحسن غزالي، والدكتور خالد أبو الليل، والدكتورة رشا أبو شقرة، والدكتورة سحر إبراهيم، والدكتور سيد فليفل، وعزة الحسيني، والدكتورة منى إبراهيم، والدكتورة نادية الخولي، ووائل حسين.
أما العنوان الذي اختير لتندرج تحته فعاليات الملتقى ومحاوره فهو محاولة لدراسة وضع الثقافات الإفريقية والإنتاج الثقافي الإفريقي في عالم المتغير، تحولت فيه الثقافة إلى سوق يعرض فيه الإنتاج الثقافي كسلعة، فالشركات متعددة الجنسيات تسعى للسيطرة على حقوق التأليف والنشر واحتكار حقوق الملكية الفكرية وكافة الحقوق المتعلقة بالإنتاج الثقافي.
وقالت وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم، إن الثقافة الأفريقية مصدرا للإلهام بسبب ثرائها الذي يضم ألوان إبداعية متنوعة تعبر عن الطبيعة المتفردة للقارة السمراء، وأشارت إلى أن محاور المؤتمر البحثية تواكب الحراك الفكرى العالمى المستمر فى إشارة لتطور مجتمعات القارة بمختلف أرجائها، مؤكدة أنها تدور حول موضوعات الثورة الرقمية وتأثيرها على تشكيل الوعي الإفريقي، وكذا الثقافات الإفريقية والثقافات الوافدة، والامتداد الأفريقي خارج القارة الإفريقية، ودور المؤسسات في الثقافات الإفريقية.
ووفق البيان الصادر المجلس الأعلى للثقافة، يناقش مجموعة من الباحثين والمتخصصين على مدى ثلاثة أيام، وعشرة جلسات بحثية، عددًا من الموضوعات الرئيسية، منها: “قراءة السياسة الإفريقية، الثورة الرقمية وحفظ التراث الثقافي الأفريقي، المرأة الإفريقية في الثقافات الأفريقية، التفاعل الثقافي العربي الأفريقي،مؤسسات المجتمع المدني والتنمية الثقافية في إفريقيا».
كما يناقش الملتقى: الملكية الفكرية وحماية التراث الثقافي الإفريقي، الامتدادات الأفريقية خارج إفريقيا. الفنون الأفريقية، الفنون والمعتقدات الشعبية في أفريقيا، الهوية الثقافية الإفريقية، بالإضافة إلى عقد مائدة مستديرة بعنوان: “الثقافات الإفريقية في عالم متغير.
يصاحب الملتقى إقامة معرض فني بعنوان: “الفن التشكيلى المصرى وتفاعل الثقافات الأفريقية”؛ يتضمن أعمال خمسين فنانًا، ويقام المعرض تحت إشراف الدكتورة سهير عثمان، بالإضافة إلى معرض لإصدارات وزارة الثقافة المصرية، وعدد من دور النشر، مع تخفيض 50% على إصدارات المجلس.
دورات سابقة
كانت الدورة الثانية من الملتقى أقيمت في يونيو 2015، بعنوان: “الهوية فى الآداب والفنون الأفريقية”، وناقش فيها نحو مائة باحث ومفكر وفنان أفارقة إشكاليات التراثية والحس التاريخى فى الفنون والآداب الأفريقية، واللغة والهوية، وأحوال النساء فى أفريقيا، والرواية والشعر وتعبيرهما عن الهوية الأفريقية.
وفي إحدى جلسات تلك الدورة تحدث الكاتب الإثيوبي سولومون هايليماريام، عن تأثر المواطن الأفريقي بتكنولوجيا الاتصالات وكيف استطاعت العولمة اجتثاث الشباب من جذورهم الثقافية بما يتضمنه ذلك من تقاليد وأزياء، بالإضافة إلى دور وسائل الإعلام الحديثة في تكريس الصورة النمطية عن أفريقيا كبؤرة للفقر والجهل.
ولفت الكاتب النيجيري ساليسو بالا” إلى أهمية دور الوثائق العربية في كتابة التاريخ الأفريقي ما حفظ تراث الماضي الأفريقي في مجالات التاريخ والتنجيم والجغرافيا وعلم النفس، وهو ما ينفي فكرة أن أفريقيا قبل قدوم الاستعمار كانت بلا تاريخ.
أما الدورة الثالثة من الملتقى التي أقيمت عام 2017، فجاءت تحت عنوان: “الثقافات الشعبية في أفريقيا”، وتضمنت تلك الدورة 11 جلسة تناولت محاور مختلفة منها: السياسات الأفريقية المحلية ودورها في العناية بالتراث الشعبي، والثقافات الكبرى في القارة ومكانة الثقافة الشعبية بها، والثقافات الشعبية والفنون البصرية، والفنون الشعبية، وتأثير الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي، وقضايا الجندر، والثقافات الشعبية وحقوق الملكية الفكرية، والأدب الشعبي الشفاهي وتنوعاته.
وأشاد بتلك الدورة وموضوعها عن الثقافات الشعبية الدكتور صالح أبوبكر علي، من دولة تشاد، الذي أكد أن لقاء نخبة الباحثين والمفكرين والمتخصصين الذين يمثلون مختلف الهيئات والجامعات والمراكز البحثية المختلفة يوفر فرصة للفهم العميق للثقافة الأفريقية التي تتسم بالغنى والتفرد.
يسهم في إقامة وتنظيم الملتقى، عدد من الهيئات الثقافية، من بينها: المركز القومي للترجمة، برئاسة الدكتور أنور مغيث، من خلال توفير الترجمة التحريرية للأوراق والترجمة الفورية لوقائع الفعاليات من العربية إلى الفرنسية والإنجليزية والعكس؛ كما تسهم الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور هيثم الحاج على ؛ بتحمل نفقات المطبوعات البحثية والدعائية الخاصة بالملتقى.