كتب – كرم سعيد

باحث متخصص في الشؤون الإقليمية

يشهد النفوذ الأمريكي تراجعًا لافتًا في منطقة غرب أفريقيا، كان آخر تجلياته إعلان واشنطن في نهاية أبريل 2024 عن أنها ربما تسحب قواتها مؤقتًا من تشاد، على خلفية إعلان الجنرال محمد إدريس ديبي قائد السلطة العسكرية في تشاد، في 19 أبريل 2024، التعليق الفوري للأنشطة العسكرية الأمريكية في قاعدة “أدجي كوسي” الجوية، ووقف جميع العمليات الجوية للطائرات دون طيار الموجودة في القاعدة التي تقع بالقرب من عاصمة البلاد، نجامينا. وسبق هذه الخطوة قرار المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في النيجر، في 16 مارس 2024، إلغاء الاتفاق الموقع مع واشنطن في العام 2012، والذي سمح  للعسكريين الأمريكيين والموظفين المدنيين من البنتاجون بالوجود داخل النيجر، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات بشأن مستقبل الحضور الأمريكي في  منطقة  الساحل وغرب أفريقيا بشكل عام.

في مقابل انحسار النفوذ الأمريكي في أفريقيا جنوب الصحراء، يتصاعد نفوذ القوى المناهضة للولايات المتحدة، وبخاصة موسكو وبكين وطهران، وكانت دول الساحل الممتدة من السنغال إلى البحر الأحمر، قد اتجهت في الآونة الأخيرة نحو روسيا للحصول على المساعدة الأمنية في مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي المتزايد، كما وفرت الصين تمويلات مالية بفوائد مخفضة لهذه الدول.

مؤشرات كاشفة

ثمة العديد من المؤشرات التي كشفت عن تراجع الحضور الأمريكي في منطقة الساحل والصحراء، واتجاه دول المنطقة لبناء تحالفات مغايرة، ويتمثل أبرزها فيما يلي:

طرد القوات الأمريكية من النيجر: أعلن المتحدث باسم المجلس العسكري في النيجر “أمادو عبد الرحمن”، في 16 مارسر 2024، الإلغاء الفوري للاتفاق العسكري المبرم قبل نحو 12 عامًا مع واشنطن، وذلك في خطوة تصعيدية عمقت التوترات بين البلدين، والذي يُتوقع أن يصل إلى الذروة خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأن المجلس العسكري الحاكم في النيجر، يرى أن الترتيبات الأمنية الموقع مع واشنطن غير عادلة، فرضتها إدارة أوباما في ذلك الوقت بشكل أحادي. ومع مواصلة ضغوط النيجر على واشنطن لسحب قواتها التي تُقدر بنحو 1100 عسكري أمريكي، ربما تشهد المرحلة المقبلة إغلاق القاعدة العسكرية الأمريكية في أغاديز، والتي تضم نحو 650 عنصرًا أمريكيًا.

تجميد التحركات العسكرية الأمريكية في تشاد: وجَّهقائد القوات الجوية التشادية في 4 أبريل 2024 رسالة إلى الملحق العسكري الأمريكي في نجامينا، يطالبه فيها بوقف فوري للأنشطة الأمريكية في قاعدة “كوسي” الجوية لعدم وجود سند قانوني. والرسالة التشادية التي كُشف النقاب عنها في 18 أبريل 2024 تشير إلى توجه مغاير لــ ديبي الأبن يستهدف تحييد الحضور الأمريكي في البلاد بالإضافة إلى قطع الطريق مبكرًا على أي تدخلات محتملة للولايات المتحدة في المسار المستقبلي للعملية السياسية في البلاد.

بيد أن الولايات المتحدة التي تعي أهمية الموقع الاستراتيجي لتشاد، أعلنت على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن واشنطن لا تزال تُجري محادثات مع الجانب التشادي بشأن مستقبل الشراكة العسكرية بين الجانبين. بيد أنه يتوقع أن تتوصل البلدان إلى ترتيبات جديدة بشأن القوات الأمريكية الموجودة في تشاد، والتي تقدرها بنحو 100 عسكري خلال المرحلة المقبلة، وبعد انتهاء ترتيب المشهد السياسي في البلاد، خاصة مع رغبة ديبي الابن بعد حسمه الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 6 مايو 2024 في  استدارته نحو موسكو، لكن بدون قطيعة مع واشنطن.

تراجع الصورة الذهنية للولايات المتحدة في غرب أفريقيا: أسهمت المواقف الأمريكية، والتي اتسمت بالارتباك حيال التطورات التي شهدتها دول غرب أفريقيا منذ العام 2020، في تراجع الصورة الذهنية للولايات المتحدة في أوساط العسكريين الجدد الذين وصلوا إلى صدارة المشهد السياسي في النيجر وتشاد وبوركينا فاسو ومالي. كما تجدر الإشارة إلى تآكل الحضور الأمريكي داخل الأوساط المجتمعية لدول الساحل، بسبب زيف الادعاءات الأمريكية بتحقيق اختراقات ملموسة في مكافحة الجماعات المسلحة في المنطقة، إذ تشير الوقائع على الأرض إلى استمرار تنامي نفوذ الجماعات الإرهابية في دول الساحل، وفشل الاستراتيجيات الغربية في التعامل معها. كما أن تجميد واشنطن لمساعداتها المالية لدول الساحل التي شهدت انقلابات عسكرية أثر بصورة لافتة في الاستراتيجية الأمريكية الخاصة بمكافحة الإرهاب، ووجهت ضربة قاسية لجهود مكافحة ظاهرة الإرهاب في غرب ووسط أفريقيا.

انهيار الثقة في سلوكيات واشنطن: تشير التطورات التي شهدتها دول الساحل خلال الأشهر الماضية، والتفاعلات الأمريكية مع هذه التطورات إلى انهيار الثقة بين واشنطن والنُّخب العسكرية والسياسية الجديدة في هذه الدول، وتآكل مستويات الثقة بين الطرفين، وهو ما يفسر تعليق واشنطن تعاونها مع القيادات الجديدة التي تولت مقاليد السلطة خلال الفترة الماضية، وظهر ذلك في تقليص المساعدات الأمريكية باستثناء المساعدات الإنسانية، فعلى سبيل المثال قررت واشنطن في أكتوبر 2023 قطع مساعدات تقدر بحوالي 500 مليون دولار عن النيجر التي تعد أفقر دول غرب أفريقيا. وتجدر الإشارة إلى أن تجميد المساعدات المالية الأمريكية أدت إلى زيادة معاناة دول  الساحل من الفقر.

تداعيات محتملة

تتجاوز تداعيات التوترات الكامنة بين واشنطن ودول غرب أفريقيا الأبعاد الأمنية المرتبطة بالحضور العسكري الأمريكي في دول الساحل، حيث تمتد لتشكل ضررًا أوسع يتعلق بالنفوذ الأمريكي في المنطقة، ويمكن بيان ذلك على النحو التالي:

تراجع النفوذ العسكري للولايات المتحدة: يتوقع أن ينعكس تأكل النفوذ السياسي للولايات المتحدة في دول الساحل على تحركاتها العسكرية في المنطقة، خاصة بعد إلغاء الاتفاقيات والترتيبات الأمنية مع النيجر وبوركينافاسو وتشاد بالإضافة إلى غياب التنسيق الأمني مع مالي. وفي ظل ما تُشكله دول الساحل في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، وبخاصة تشاد والنيجر، باعتبارهما مركزًا للعمليات في منطقتي غرب وشمال أفريقيا، وبالتالي فخسارة واشنطن لوجودها في النيجر وتشاد سيحمل ارتدادات سلبية على العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة.

تمدد النفوذ الروسي: عملت موسكو على تعزيز الاستفادة من  تراجع التأييد لسياسات الأنظمة الغربية على المستويين الأمني والاقتصادي في منطقة الساحل، وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة، كما سعت روسيا إلى توظيف حالة عدم الاستقرار التي سادت خلال السنوات الأخيرة، ولعل على رأسها تنامي ظاهرة الانقلابات العسكرية منذ انقلاب مايو 2021 في مالي، ومرورًا بالانقلاب العسكري في تشاد وبوركينا فاسو في 2021 و 2022 على التوالي ووصولًا إلى انقلاب النيجر في  يوليو 2023. وهنا سعت روسيا إلى إقامة صلات سياسية مع المجالس العسكرية الجديدة في هذه الدول لمساعدتها في توطيد أركان حكمها من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والاقتصادية، فعلى سبيل المثال، أعلنت روسيا خلال القمة الروسية الأفريقية الثانية، التي استضافتها موسكو في يوليو 2023 عن  تقديم الحبوب بشكل مجاني لنحو ست دول أفريقية، منها مالي وبوركينا فاسو.

بالتوازي، تمكنت روسيا بفضل هذه السياسات من ترسيخ حضورها العسكري في دول غرب القارة على حساب القوى الغربية، وبخاصة باريس ووشنطن، وقد تبلورت التحركات الروسية بصورة واضحة في مطلع مايو 2024 مع وصول معدات عسكرية روسية ومدربين روس جدد إلى نيامي فضلًا عن منحها المجلس العسكري في النيجر أول دفعة من أنظمة الدفاع الجوي. وتجدر الإشارة إلى أن وزير  الدفاع الأمريكي، كان قد أعلن في 4 مايو 2024 عن أن جنودًا روسًا يتمركزون في قاعدة جوية في النيجر تنتشر فيها أيضًا قوات بلاده، وهى خطوة وفقًا لتقديرات أمريكية تعبر عن مساعى روسية لملء الفراغ الأمريكي أو على الأقل تراجعه المحتمل في دول غرب القارة، وبخاصة النيجر وتشاد.

تطور حضور المنافسين الإقليميين: مع تصاعد المواجهات بين طهران والقوى الغربية، وبخاصة واشنطن على خلفية البرنامج النووي الإيراني ناهيك عن استمرار القضايا الخلافية بين تركيا والدول الغربية بسبب رفض أنقرة المشاركة في العقوبات الغربية على موسكو بسبب تدخلها العسكري في أوكرانيا. وكذلك التوتر الحادث بين القوى الغربية مع تركيا وإيران على خلفية مواقفهما المعادية من التحركات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، فقد سعت طهران وتركيا  إلى استثمار الانقلابات التي شهدتها دول الساحل، لتطوير حضورهما، وتوسيع دائرة تفاعلاتهما المختلفة بأنماطها المختلفة مع دول هذه المنطقة، ولا سيما تلك الدول التي ترى في إيران وتركيا بديلًا مناسبًا للقوى الأوروبية، ويمكن التعويل عليهما في سد احتياجاتها الأمنية والعسكرية.

وتجدر الإشارة إلى أن تراجع العلاقات بين النيجر والولايات المتحدة، أسهم في تسريع وتيرة التعاون بين دول الساحل وتركيا وإيران، وظهر ذلك في زيارة رئيس وزراء النيجر لتركيا في فبراير 2024، كما منحت تركيا في بداية العام 2024،  مالي دفعة جديدة من مسيّرات “بايكار” التركية.

في المقابل، وقعت طهران في أكتوبر 2023 عددًا من اتفاقات التعاون مع بوركينا فاسو، لا سيما في مجالات الطاقة وتخطيط المدن والتعليم العالي والبناء، كما أعلنت في مطلع العام 2024 عن إنشاء جامعتين في مالي، إلى جانب توقيع عدد من اتفاقات التعاون.

تراجع التفاهمات بين واشنطن ودول الساحل:  عكست التوترات القائمة في التوقيت الحالي، بين واشنطن ودول الساحل، وبخاصة تشاد والنيجر ومالي مدى تراجع مستوى التفاهمات والتنسيق بين الولايات المتحدة وهذه الدول، ويعود ذلك إلى سيولة المواقف الأمريكية تجاه التطورات التي شهدتها المنطقة منذ العام 2020، حيث تبنت واشنطن مواقف متناقضة تجاه الانقلابات العسكرية التي شهدتها دول الساحل، واستخدمت في البداية لغة خشنة تجاه  المجالس العسكرية، وهو ما تمخَّض عنها تصاعد الشكوك لدى الكيانات الجديدة التي تولت السلطة في دول الساحل تجاه واشنطن، ولعل هذا ما يفسر تصاعد الدعوات الرسمية والشعبية المطالبة بإنهاء نفوذ واشنطن في منطقة الساحل، وهو ما قوّض صورة الولايات المتحدة في المنطقة.

في هذا السياق ربما تتمسك دول الساحل، وبخاصة النيجر وتشاد، برغبتها في فك الارتباطات الأمنية مع الولايات المتحدة وخروج العناصر الأمريكية الموجودة على أراضيها، أو على الأقل إعادة هيكلة الترتيبات الأمنية الموقعة مع واشنطن. كما يتوقع استمرار هذه الدول في توجهاتها الجديدة نحو تطوير علاقاتها مع خصوم واشنطن، ومنها روسيا وإيران بالإضافة إلى تركيا.

إعادة انتشار الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الساحل: مع وصول التوتر إلى الذروة بين واشنطن، ودول الساحل، يرجح أن تشهد المرحلة المقلبة، توجه واشنطن إلى إعادة انتشار لقواتها العسكرية الموجودة في غرب أفريقيا، وذلك من خلال اعتماد آليات بديلة، تضمن استمرار النفوذ العسكري الأمريكي، وفعالية الدور. وهنا، يمكن تفسير حرص الولايات المتحدة في التوقيت الحالي على توسيع التفاهمات مع غانا وكوت ديفوار وبنين؛ بحيث يتم نقل قاعدة الطائرات من دون طيار من النيجر وتشاد لإحدى هذه الدول. بيد أن هذه الاستراتيجية تواجه بعض التحديات، في الصدارة منها، غياب الثقة في واشنطن بالإضافة إلى نجاحات روسية في تحقيق اختراقات إيجابية واسعة مع عموم دول القارة الأفريقية، حتى تحولت إلى الشريك الأفضل.

مسارات المستقبل

على الرغم من تأثير التوترات الراهنة بين دول الساحل وواشنطن على  واقع الحضور الأمريكي في المنطقة إلا أن ذلك لا يعني انتهاء وجوده أو تهميش دوره في تفاعلات المنطقة، ولذلك فإن ثمة مسارات محتملة بشأن مستقبل الوجود الأمريكي في المنطقة خلال المرحلة المقبلة:

المسار الأول: استمرار تراجع الحضور الأمريكي في منطقة الساحل، لعدة اعتبارات: أولها: كثافة الحضور العسكري الروسي، ونجاحات موسكو في تأمين جانب واسع من الشراكات الأمنية والاقتصادية مع دول غرب أفريقيا، خاصة بعد انتشار الفيلق الأفريقي وتوسيع دوره في أفريقيا. وثانيها: استمرار الغضب الشعبي ضد القوى الغربية، باعتبارها تمثل امتدادًا للميراث الاستعماري. وثالثها: توجه الولايات المتحدة لتعزيز جانب واسع من اهتماماتها خلال المرحلة الحالية بمنطقة الهندوباسيفيك بالإضافة إلى إقليم الشرق الأوسط. ورابعها: استمرار  انعكاسات حضور القوى الدولية المنافسة، وبخاصة الصين على المصالح الاقتصادية الأمريكية، إذ نجحت بكين في ضخ  استثمارات هائلة في منطقة غرب أفريقيا ناهيك عن تشييدها الكثير من المنشآت في مجال البنية التحتية، وكذلك قدمت قرض بدون فوائد أو بفوائد مخفضة لحكومات غرب أفريقيا لتجاوز العجز في الميزانيات.

المسار الثاني: قدرة الولايات المتحدة على استعادة حضورها في منطقة الساحل، ويرجح هذا السيناريو اعتبارات عدة، أولها: تأكيد واشنطن اهتمامها بالتمركز في منطقة الساحل، فضلًا عن إبداء الحرص على الاستمرار في تقديم كافة أوجه الدعم لمحاربة التيارات الجهادية في المنطقة، ويكشف عن ذلك جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للمنطقة في يناير 2024، وأكد بلينكن عشية جولته، أن بلاده  عازمة على التواجد داخل منطقة غرب أفريقيا لما تمثله للأمن القومي والمصالح الأمريكية. وثانيها: إعلان إدارة بايدن نهاية العام 2023 عن خطة عشرية تستهدف تأمين حالة الاستقرار ومنع الصراعات في غرب أفريقيا، وبخاصة في بنين وغانا وغينيا وكوت ديفوار وتوجو، من خلال زيادة المساعدات الإنمائية. وثالثها: تخلي واشنطن عن الخطاب الاستعلائي مع أفريقيا، وظهر ذلك في التركيز على قيم الحرية ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان، والحرب على الإرهاب بالإضافة إلى تخفيف لغة الخطاب مع الأنظمة العسكرية الجديدة في دول الساحل، فعلى سبيل المثال بعثت إدارة بايدن برسالة إلى المجلس العسكري الحاكم في النيجر، مفادها، إنها مستعدة لاستئناف المعونات الاقتصادية إذا قدّم القادة الجدد جدولا زمنيا لعودة الحكم المدني. ورابعها: توسع الحضور الاقتصادي الأمريكي غرب القارة، وكان آخرها توقيع عقد شراكة لتوسعة ميناء برايا في عاصمة الرأس الأخضر بمبلغ 150 مليون دولار. وخامسها: يعود إلى التحديات التي ربما تواجه توسع الدور الروسي في دول غرب أفريقيا، وفي الصدارة منها، استمرار الأزمة الأوكرانية التي تستنزف جانب واسع من موارد روسيا المالية والعسكرية.

المسار الثالث: يرتبط باحتمال نجاحات دول الساحل في الوصول إلى اتفاقيات أمنية جديدة مع الولايات المتحدة، تضمن عدم وصول العلاقة إلى حد القطيعة، وفي نفس الوقت تحييد الضغوط الأمريكية على أنظمة الحكم الجديدة في غرب أفريقيا، ويبدو أن فرص تحقيق  هذا السيناريو قائمة، إذ إنه برغم مطالبة النيجر للولايات المتحدة بسحب عناصرها العسكرية من البلاد ناهيك عن تجميد تشاد العمليات الجوية للطائرات الأمريكية المرابطة في القاعدة الجوية “أدجي كوسي” إلا أن القوات الأمريكية لا تزال موجودة، ومفاوضات واشنطن مع البلدين لا تزال مستمرة، ووفقًا للعديد من التقديرات، يتوقع أن تتوصل واشنطن إلى ترتيبات أمنية جديدة مع البلدين خلال المرحلة المقبلة، تضمن مصالح كافة الأطراف.

المسار الرابع: يتمثل في خروج غرب أفريقيا من منطق النفوذ الأحادي أو صراع النفوذ الثنائي إلى نهج أكثر انفتاحًا على كافة القوى الدولية والإقليمية، ومنها الصين واليابان وتركيا وإيران إلى جانب روسيا وفرنسا، خاصة أن ثمة قناعة لدى دول الساحل في التوقيت الحالي بأهمية تطوير علاقاتها الخارجية مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية، لتعظيم الاستفادة من الموارد الضخمة التي تحوزها دول الساحل.

ختامًا: يمكن القول إنه بالرغم من أن التوتر بات عنوانًا بارزًا في علاقات واشنطن مع دول الساحل، وأن كافة السيناريوهات تبقى مطروحة، إلا أن ذلك لا يعني وصول العلاقة إلى حد القطيعة، فمن المرجح أن تتجه واشنطن إلى معالجة أخطائها مع دول الساحل، وإعادة هيكلة علاقاتها الأمنية مع النخب العسكرية الجديدة، خاصة أن الولايات المتحدة تبدي حرصًا لافتًا على أهمية تحييد خصومها ومنافسيها في أفريقيا ناهيك عن قناعة أمريكية بأهمية ترطيب العلاقة مع دول الساحل والصحراء التي تعوم على ثروات هائلة.

المصادر

1-  روسيا الرابح الأكبر.. كيف يفاقم قرار النيجر إنهاء التواجد الأمريكي خسائر الغرب بالساحل الأفريقي؟ عربي بوست، 15 أبريل 2024، متاح على الرابط التالي:
https://is.gd/Yivm4W

2-  مركز المستقبل للابحاث والدراسات المستقبلية، نفوذ مُتراجع: ماذا يعني إنهاء النيجر تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة؟ 31  مارس، 2024، متاح على الرابط التالي:
https://is.gd/fShCsU

  • – أحمد عسكري، استياء نيامي، ماذا بعد إنهاء النيجر تحالفها العسكري مع الولايات المتحدة؟، إنتريجونال للتحليلات الاستراتيجية، 21 مارس 2024، متاح على الرابط التالي: https://is.gd/UkKPjx
4-  حبيب الله ما يابي، ما وراء جولة وزير الخارجية الأمريكي بأفريقيا؟، الجزيرة، 26 يناير 2024، متاح على الرابط التالي، https://is.gd/UFwiNQ

5-  روسيا تتطلع إلى بسط نفوذها على غرب أفريقيا، موقع صحيفة العرب، 3 مايو 2024، متاح على الرابط التالي، https://is.gd/kV9zTT

6-  عسكريون جدد ومعدات حربية… روسيا تعزز وجودها في النيجر، موقع سكاي نيوز عربية، 5 مايو 2024، متاح على الرابط التالي: https://is.gd/7Z4p60

7-  بعد انسحاب قواته.. الجيش الأمريكي يعود إلى تشاد، موقع الحرة، 1 مايو 2024، متاح على الرابط التالي:
https://is.gd/DmO3WF