كتب – حسام عيد
أقل من شهرين، وتستضيف مدينة السلام المصرية “شرم الشيخ”، حدث المناخ الأبرز في العالم، وهو مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب 27″، والذي يمثل أهمية استراتيجية كبرى لمستقبل مناخ الكوكب والبشرية.
“كوب 27″؛ يعتبر حدثًا محوريًا وحاسمًا على مسار تعزيز جهود العمل المناخي العالمي، وفي هذا الإطار تمضي مصر بجهود مضنية وبوتيرة متسارعة نحو استشراف المستقبل النظيف عبر التحول الطاقوي المتجدد والاستثمار في المناخ، واعتماد آليات وتقنيات الطاقة النظيفة، ويتضح ذلك جليًا في المشروعات الضخمة في مشروعات الهيدروجين وتعميم نهج الاقتصاد الأخضر في كافة مناحي الحياة ومفاصل البلاد.
جهود كبيرة، وشراكات استراتيجية مع تحالفات عالمية لا تنفك الدولة المصرية عن إبرامها، وهذا ما يدفع المؤسسات الدولية والإعلام الغربي إلى الإشادة بما تصنعه مصر من أجل المناخ وريادة المستقبل النظيف والتحول لمركز عالمي للطاقة المتجددة.
مبادرات استراتيجية
بدوره، قال موقع “المونيتور” الأمريكي، أن مصر تكثف جهودها استعدادًا لاستضافة مؤتمر المناخ من خلال إطلاق عدد من المبادرات لحل المشكلات البيئية وتخفيف آثار تغير المناخ، بهدف زيادة الوعي بالقضايا المتعلقة بالمناخ وتعزيز السياحة البيئية كجزء من استراتيجية التنمية المستدامة “مصر 2030”.
وأضاف الموقع في تقرير له، أن مصر أطلقت مؤخرًا سلسلة من الحملات والمبادرات البيئية كجزء من استعداداتها لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ 2022 (COP 27)، الذي ستستضيفه في شرم الشيخ نوفمبر المقبل، ففي 20 أغسطس الماضي أطلقت الإدارة المركزية لحماية الطبيعة التابعة لوزارة البيئة، حملة أطلق عليها اسم “بلو لاجون”، تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية المحميات الطبيعية ودورها في الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، وخطر الأكياس البلاستيكية على حيوانات البحر.
وتابع الموقع أنه في 7 أغسطس 2022، أعلنت الحكومة المصرية أيضًا عن مبادرة لزراعة 100 مليون شجرة. تهدف مبادرة “الرئة الخضراء” إلى مضاعفة نصيب الفرد من المساحات الخضراء، وتحسين جودة الهواء، وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وإفادة الاقتصاد، وتحسين الصحة العامة للمواطنين وتحقيق عوائد اقتصادية، من خلال زراعة مجموعة متنوعة من الأشجار، بما في ذلك الفاكهة، والأشجار مثل الزيتون والأشجار الخشبية وأشجار الزينة.
وفي أغسطس الماضي أيضًا، أطلقت الحكومة المصرية مسابقة دولية Climatech Run 2022 للشركات الناشئة العاملة في مجال تكنولوجيا العمل المناخي. وتعمل المبادرة المصرية من خلال مسابقة Climatech Run 2022 على تحفيز الشركات الناشئة ورواد الأعمال من أجل زيادة الوعي بخطورة هذه التغيرات والبحث عن الحلول المستدامة للتغلب عليها، من خلال الأفكار المطروحة في مختلف المجالات مثل الطاقة المستدامة والنقل الذكي والأمن الغذائي، بالإضافة إلى تعزيز جهود الاقتصاد الدائري لا سيما في قارة أفريقيا التي تعد أكثر المناطق تأثرًا بالتغيرات المناخية ومن أقل المناطق حصولا على التمويلات.
فيما أعلنت الرئاسة المصرية في يوليو الماضي عن مبادرة غير مسبوقة لمؤتمر COP27 لتشجيع الاستثمار في المجالات المتعلقة بالعمل المناخي.
وتتضمن المبادرة إضافة لتشجيع الاستثمار في المجالات المتعلقة بالعمل المناخي، وضع مشروعات المناخ وفرص الاستثمار فيها على طاولة واحدة مع المستثمرين ومنظمات التمويل الدولية وبنوك التنمية وغيرها من الجهات الفاعلة بغرض البدء الفعلي في تنفيذ المشروعات التي من شأنها تحقيق أهداف العمل المناخي.
كوب 27.. نقطة فاصلة على مسار الاقتصاد الأخضر
مصر لها تجارب رائدة مع شركاء التنمية في تنفيذ مشروعات التكيف والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، حيث تضم المحفظة الجارية لوزارة التعاون الدولي تمويلات بأكثر من 11 مليار دولار في هذا الإطار، وفي ظل سعي الدولة للتحول الأخضر ودفع التعافي الشامل والمستدام وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية سيكون هناك فرصة لمزيد من التعاون في سبيل تمويل مشروعات التنمية الخضراء.
كما تنفذ مصر بشكل متوازٍ خططًا طموحة على مستوى قطاع المياه لتعزيز الإدارة المستدامة للموارد المائية، وكذلك الطاقة المتجددة، وتحفيز الاستثمارات الخضراء من خلال القطاع الخاص، وتنفيذ مشروعات التكيف والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، وإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وتتمثل أبرز الإجراءات الحكومية المستهدفة في مجال التحول إلي الاقتصاد الأخضر –حسب وزارة المالية- في؛ تحسين منظومة الإيرادات والضرائب لتشجيع التحول للأنشطة الخضراء والحد مـن الانبعاثات، اقتراح منظومة مـن الحوافز والمبادرات لمساندة التحول إلى الاقتصاد الأخضر وخفض الانبعاثات، التوسع في استخدام وسائل التمويل الخضراء، واستهداف أن تكون 50% من الاستثمارات الحكومية موجهة لمشروعات تتميـز بالاستدامة البيئية وتساهم في الحد من الانبعاثات.
مصر مركز مستقبلي تنافسي بصناعة الهيدروجين
وعلى مسار التحول نحو مركز عالمي “تنافسي” بصناعة الهيدروجين، تمضي مصر قدمًا في تسريع خططها الطموحة في هذه الطاقة النظيفة التي تمهد للعبور إلى المستقبل المستدام.
وتهدف مصر من توقيع مذكرات التفاهم إلى إقامة منشآت تنتج الوقود الأخضر لأغراض التصدير للخارج وخدمات تموين السفن.
وقد وقّعت الحكومة المصرية في 25 أغسطس الجاري، 7 مذكرات تفاهم مع شركات أجنبية متخصصة في إنتاج الطاقة المتجددة والجديدة لتنفيذ مشروعات إنشاء مجمعات صناعية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الصناعية في العين السخنة بساحل خليج السويس على البحر الأحمر، وذلك بحجم استثمارات متوقعة بأكثر من 30 مليار دولار.
وذلك بين عدد من الجهات الحكومية، متمثلة في هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والشركة المصرية لنقل وتوزيع الكهرباء، وصندوق مصر السيادي، من جانب، وبين 7 شركات وتحالفات عالمية رائدة في إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة من جانب آخر.
وفي يوليو الماضي، وقعت مصر والهند، مذكرة تفاهم لإقامة مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقيمة 8 مليار دولار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
ووفقا لمذكرة التفاهم ستقوم الشركة الهندية بإقامة مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بطاقة 20 ألف طن سنويا، وهو معدل قابل للزيادة حتى 220 ألف طن سنويا، من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وذلك في أحد المواقع بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وكانت الحكومة المصرية قد وقعت في مايو الماضي مذكرة تفاهم لإنتاج 300 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس مع تحالف يضم شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية وشركة إنارة كابيتال المصرية.
كما وقّعت في مارس 2022 مذكرة تفاهم مع شركة سكاتك النرويجية للطاقة المتجددة، بشأن مشروع إنتاج الأمونيا الخضراء من الهيدروجين الأخضر بكلفة إجمالية تبلغ 5 مليارات دولار.
إشادة الأمم المتحدة.. مصر ستصبح اقتصادًا منخفض الكربون
ومع تسارع الإنجازات المصرية بمجال الطاقة المتجددة والنظيفة، نشر الموقع الرسمي الأمم المتحدة، تقرير له قال فيه إن مصر تعمل على تكثيف المبادرات المصممة لتحسين المؤهلات البيئية للبلاد، وتسريع انتقالها إلى اقتصاد منخفض الكربون قبل “كوب ٢٧”.
وقال التقرير: إن استضافة مصر لمؤتمر الأطراف كوب ٢٧ في شرم الشيخ، على أنها فرصة لتعزيز العمل المناخي الدولي، وتوحيد مطالب الدول الإفريقية والنامية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بقضايا التمويل والتكيف مع آثار تغير المناخ.
وتنظر الأمم المتحدة إلى استضافة مصر لمؤتمر الأطراف 27 في شرم الشيخ، على أنها فرصة لتعزيز العمل المناخي الدولي، وتوحيد مطالب الدول الإفريقية والنامية، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا التمويل والتكيف مع آثار تغير المناخ، وفقًا للموقع الرسمي لأخبار الأمم المتحدة.