كتبت – أسماء حمدي
90.9% من الطاقة المتدفقة على الأرض مصدرها الشمس، فالشمس أعظم مصادر تزويد كوكبنا بالطاقة، حيث تكفي أربعين دقيقة من أشعتها لتلبية احتياجات كوكبنا من الطاقة لمدة عام.
وفي القارة السمراء، تسطع الشمس في معظم أيام السنة، وهي أهم موارد الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى الرياح القوية حيث يمتلك كلاهما القدرة على تزويد المنطقة كاملة بالطاقة اللازمة لتحقيق مستقبل مزدهر وآمن.
ومن ميزات الطاقة المتجددة أنها زهيدة ومستدامة، وقد بدأ الإنسان بحصادها لصالح أرضٍ آمنة وصديقة للبيئة.
نحو المساواة
في المغرب الدولة الواقعة أقصى غرب شمال أفريقيا، وتحت أشعة الشمس الحارقة يعمل مشروع تدريبي على إدارة وتسويق أفران تعمل بالطاقة الشمسية للنساء في المناطق الريفية وذلك لإنشاء تعاونيات خاصة بهن، بهدف المساهمة في التنمية الشاملة والمقاومة للمناخ في المناطق وتعزيز المساواة بين الجنسين.
بناء عالم أكثر استدامة جنبًا إلى جنب مع النساء مع تمكينهن من تحسين دخلهن وظروف معيشتهن، هذا هو هدف مشروع Faredeic (لاختصاره بالفرنسية، وهو ما يعني مشاركة المرأة الريفية في التنمية الاقتصادية الشاملة والمناخ)، تم إنشاؤه في المغرب، وهو أحد البلدان الأفريقية الأكثر تهديدا بالتغير المناخي، والذي يعاني من ضغوط متزايدة على الموارد الطبيعية.
وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، يحصل كل مواطن على 600 متر مكعب من المياه سنويًا في المتوسط، أي أقل بأربع مرات مما كان عليه في الستينيات، ومن هنا تأتي أهمية تنفيذ الحلول المبتكرة لصالح كل من انتقال الطاقة، لا سيما في المناطق الريفية، وإدماج المرأة.
محليًا، المشروع الذي تم إطلاقه في عام 2019 بقيادة الشبكة الدولية “المرأة تشارك من أجل مستقبل مشترك” WECF، وهي شبكة دولية تضم منظمات نسائية وبيئية، بالإضافة إلى شركائها المحليين؛ وهم جمعية الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة (AERDD)، ومؤسسة محمد السادس للبحث والحفاظ على أشجار الأرجان (شجرة مستوطنة محلية، وثاني أكثرها وفرة في المغرب) وREMESS (الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني).
ويهدف المشروع إلى تطوير قطاع محلي للطاقة المتجددة من خلال إنشاء تعاونيات الطاقة بقيادة النساء، لإنتاج حلول شمسية بسيطة وبأسعار معقولة مثل المواقد والمجففات والأفران، بحسب صحيفة “الإندبندنت» البريطانية.
وبينما تتفق العديد من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة على حقيقة أن النساء هن الأكثر تضررًا من الآثار الضارة لتغير المناخ، غالبًا ما يتم استبعادهن في الاستجابة لهذا التحدي الكبير.
يشرح مؤسسو هذا المشروع البدائل المستدامة، وكيف أن أجهزة الطهي هذه تساهم في إشراك المرأة والاعتراف بها في تحول الطاقة، ومن أجل القيام بذلك، يعتمدون على الدور الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لهؤلاء النساء، مثل الناشطات في التعاونيات الزراعية وزراعة الأرجان واستخدامهن لتقنيات قديمة وصديقة للبيئة طوال الوقت في بلد يُستخدم فيه الخشب وغاز البوتان تقليديًا لطهي الطعام، لا سيما في المناطق الريفية، على الرغم من تأثيرهما السلبي على صحة الناس والبيئة.
تطلب المشروع الذي امتد لثلاث سنوات مليون دولار (720 ألف جنيه استرليني)، تم تمويل 452 ألف دولار منها من قبل وكالة التنمية الفرنسية (AFD)، ويتم توفير الأموال المتبقية من قبل وكالة التحول البيئي الفرنسية (ADEME) ومؤسسة فرنسا (FDF).
ويأمل المشروع في زيادة الوعي حول مزايا تحول الطاقة والتكنولوجيا الخضراء بين 600 امرأة، من خلال الاجتماعات وورش العمل، ومن بين هؤلاء سيبدأ 40 مديرًا فقط من التعاونيات في تصنيع حلول بسيطة وصديقة للبيئة مخصصة للإنتاج الزراعي وزيت الأرجان، أو مصايد الأسماك في منطقتين “طنجة” تطوان، شمال المغرب، و”سوس ماسة”، في الجنوب، حيث تضررت الأخيرة بشدة من تغير المناخ، ولكن لديها معدل استثنائي من أشعة الشمس لأكثر من 300 يوم في السنة.
في نهاية المشروع، المقرر في غضون بضعة أشهر، سيتم تدريب 40 فنية شابة على تصنيع تقنيات الطاقة الشمسية الحرارية، وسيتم اختيار الأفضل بينهم ودعمهم بشكل أكبر لإنشاء تعاونيات الطاقة الخاصة بهم، كما سيستفيدون من مشروع بناء القدرات في مجال الإدارة والإنتاج المستدام، والمخصص للأعمال التجارية الريفية.
تجميع وبناء
وبالرغم من أنه تم إطلاق المشروع في عام 2019، فإن الدورات التدريبية الأولى لتصنيع المواقد الشمسية، التي تمت بالشراكة مع الشركة الفرنسية Four Solaire Developpement (FSD) والمعهد الوطني للطاقة الشمسية (INES)، لم تبدأ حتى أواخر عام 2020.
على الرغم من الأزمة الصحية والتعديلات المطلوبة لإعدادها، سافر المدربون والشركاء من FSD و INES إلى كلا المنطقتين، ويتألف التدريب من إعداد وتقطيع وتجميع المواقد، ولكن أيضًا فهم القضايا المتعلقة بالطاقة الشمسية واستخدامها في الطهي ومعالجة المنتجات الغذائية، كما يقول مسؤولو المعهد الوطني للدراسات الفضائية.
وفي منطقة طنجة تطوان تم تدريب 18 تقنية شابة خلال هذه الدورات، في جنوب المغرب استهدفت هذه المرحلة الأولى مدربين من مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل (OFPPT)، الذي سيكون مسؤولاً عن تدريب 20 شابة بدورها.
الطاجن في المواقد الشمسية
يقول WECF: “كان الحماس وروح الدعابة على جدول أعمال هذا الأسبوع الناجح، مما أدى إلى تصنيع عشرات الطباخات وجلسة توضيحية لاستخدامها مع المربى واللحوم وطهي الطواجن”.
تم إطلاق المرحلة الثانية في شهري مارس وأبريل الماضيين في المنطقتين، وعلمت مجموعة أخرى من النساء الريفيات كيفية تصنيع المواقد الشمسية، كما تعلم الفنيون الشباب كيفية تحضير وتقطيع وتجميع المواقد، بالإضافة إلى تقنيات التصنيع النظرية، كما أوضح مؤسسو المشروع.
بعد هاتين الدورتين، سيتم اختيار 10 فنيات من أصل 40 تم تدريبهن في المناطق المستهدفة ليصبحن “سفيرات الطاقة الشمسية”، وسيحدث هذا الاختيار بناءً على “ملاحظات الشابات حول تدريبهن، ودوافعهن لمتابعة المشروع، ونتائجهن في الامتحان النظري”، كما سيتم بعد ذلك دعمهم بشكل أكبر لإنشاء تعاونيات الطاقة الخاصة بهم والترويج لحلولهم المصنعة محليًا، مما يعتبر تحد كبير لهؤلاء النساء اللاتي يمكن أن تساعد مساهمتهن في سياسة التنمية المستدامة في أقاليمهن.