كتب – حسام عيد
تسببت قيود الإغلاق لمدة عام بهدف الحد من تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″؛ في خسائر فادحة في أسعار الماس، لكن تعافي الطلب يجدد التفاؤل في الصناعة.
اليوم، تتطلع صناعة الماس الأفريقية أخيرًا إلى المستقبل بتفاؤل مرة أخرى. فمع نهاية عام 2019، أدت القيود التي فرضتها جائحة “كوفيد-19” إلى تدمير الأسواق الاستهلاكية وشل سلاسل التوريد وإغلاق المناجم.
وقد اضطرت الشركات إلى خفض الاستثمار وموازنة عمليات تقليص الإنفاق الجماعي. ولكن الآن، بعد عام من قيود العرض، تقلصت تخمة السوق وتقود شركات الماس حملة التطعيم ضد كورونا في مجتمعات التعدين.
تحطم الأسعار
تحطمت أسعار الماس بنسبة 15-20% في أبريل 2020 مع تراجع قيود السفر وعمليات الإغلاق. بينما ظلت بعض المناجم الأفريقية من ليسوتو إلى زيمبابوي تعمل، وأُغلق البعض الآخر في ذروة عمليات الإغلاق الوطنية لدرء الضغط على أنظمة الرعاية الصحية الهشة.
تضررت السوق الاستهلاكية بالمثل -تجار التجزئة بقطاع الماس، بما في ذلك شركة تيفاني أند كومباين “واحدة من أكبر الشركات الأمريكية مختصة بالذهب والمجوهرات والحلي”، وشركة دي بيرز “شركة متعددة الجنسيات لها الريادة في مجال التعدين وتستحوذ على سوق الماس عالميًا”، وأُغلقت المتاجر في هونغ كونغ ولندن ونيويورك، في حين أوقفت القيود على الحدود عروض الأحجار الكريمة.
في منتصف شهر يناير، تراجعت الأسعار، ومثال على ذلك؛ الصين، ثاني أكبر مستهلك للماس المصقول في العالم، وأغلق جيرانها في شرق آسيا مؤقتًا حوالي 75% من متاجر المجوهرات، كما يشير محلل ومستشار الماس المستقل وأحد أبرز خبراء الأحجار الكريمة في العالم، بول زيمنسكي.
ومع انتشار فيروس كورونا من الصين، توقفت تجارة الماس والنشاط المرتبط به في مراكز التجارة الإقليمية المهمة للصناعة. تم إغلاق المركز العالمي لقطع الماس وتلميعه، سورات في الهند، عندما أغلقت المدينة مصانعها في مارس، مما أدى إلى نمو المخزونات. نتيجة لذلك؛ انخفضت واردات الهند الخام من 1.5 مليار دولار في فبراير إلى مليون دولار في أبريل، وفقًا لبيانات من مجلس ترويج تصدير الأحجار الكريمة والمجوهرات الهندي.
في أفريقيا، التي تمثل ما يصل إلى 50% من العرض العالمي وهي موطن لكبار المنتجين مثل بوتسوانا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأنجولا، تعرضت الصناعة للدمار.
في بوتسوانا ، أكبر رابح أفريقي من إنتاج الماس، أدت ثمانية أشهر من إغلاق الحدود إلى إبعاد “أصحاب الأنظار” الذين يتدفقون من جميع أنحاء العالم 10 مرات في السنة لتفقد أحدث شحنة “دي بيرز” في جابورون. وقد تقلص اقتصاد بوتسوانا بنسبة 9.6% في عام 2020 وفقًا لصندوق النقد الدولي.
في غينيا، التي تزخر فيها منطقة ” بانانكورو-سيفادو Banankoro-Sefadou” في الشرق برواسب غنية من الأحجار الكريمة، انخفضت صادرات الماس من 270 ألف قيراط في الربع الأول من عام 2019 إلى 39 ألف قيراط في الربع الأول من عام 2020، وفقًا المكتب الوطني للخبرة (BNE)، والذي يشرف على صادرات البلاد.
الارتداد واستعادة البريق
لكن الآن، لا تستعيد صناعة الماس العالمية بريقها فحسب، بل انتعشت مجددًا أقوى مما كانت عليه قبل الوباء؛ وفق ما أفاد الخبير العالمي في الأحجار الكريمة بول زيمنسكي.
وأضاف، “أنت الآن ترى عائدًا على الطلب وأسعار الماس أعلى مما كانت عليه قبل الوباء، وهذا يترجم إلى المزيد من الإيرادات للبلدان المكشوفة على صناعة وتجارة الماس مثل بوتسوانا”.
بدأت العودة عندما أُعيد فتح المقطّعين والملمعين الهنود العام الماضي، مما أدى إلى بدء سلسلة التوريد العالمية وتمهيد الانتعاش في النصف الثاني من عام 2020. تستعد الاقتصادات المنتجة للماس للانتعاش. من المتوقع أن ينمو اقتصاد بوتسوانا بنسبة 7.7% هذا العام بعد أن أعادت البلاد فتح حدودها في ديسمبر.
من المفارقات، أن التعليق الذي فرضته جائحة “كوفيد-19” على عمليات التعدين كان له تأثير مفيد على الصناعة، حيث قضى على تخمة المعروض من الماس التي تراكمت على مدار العقد الماضي.
بعد أن بلغ ذروته في عام 2017، انخفض إنتاج الماس الخام بنحو 5% سنويًا. ومع ذلك، شهد عام 2020 انخفاضًا بنسبة 20% مقارنة بالعام السابق، وفقًا للبيانات التي جمعتها الشركة الأمريكية الرائدة في مجال استشارات الأعمال “بين أند كومباني Bain & Company”.
ويقول زيمنسكي: “الآن بدأنا نشهد نقصًا في الإمدادات -بدأنا نرى ذلك قبل أن يؤدي الوباء إلى تسريع هذه المشكلة. كان العرض المفرط في السوق أكبر مشكلة لهذه الصناعة على مدار العقد الماضي”.
وختامًا، مع انتعاش الاقتصادات تحت تأثير اللقاحات وإعادة فتح المتاجر، أدى تعافي الاقتصاد الاستهلاكي إلى إطلاق العنان للطلب المكبوت على الماس. وربما يكون ذلك الأمر هو الأكثر حماسة منذ بعض الوقت في سوق الماس.