كتب – محمد الدابولي
تصاعدت موجات العمليات الإرهابية في بوركينافاسو بشكل لافت خلال شهر ديسمبر 2019، ففي بداية الشهر تعرضت منطقة هانتوكورا شرق بوركينافاسو لعملية إرهابية استهدفت كنيسة بروتستانتية مما أدى لمقتل 14 شخصًا، وفي 17 ديسمبر قتل 7 أشخاص من فرقة الدفاع المدني البوركينية على خلفية هجمات إرهابية مزدوجة استهدفت منازل فرقة الدفاع في قرية كانتارا شرق بوركينافاسو.
وفي نهاية شهر نوفمبر 2019 نصحت وزارة الخارجية الأمريكية -في بيان لها- المواطنين الأمريكيين بعدم السفر لبوركينافاسو نظرًا للتصاعد المستمر في العمليات الإرهابية التي تشهدها البلاد منذ عام 2015 والتي أدت إلى مقتل 700 شخص وتشريد نحو نصف مليون آخرين.
الصورة السوداوية المرسومة حاليًا عن بوركينافاسو مغايرة تمامًا لصورتها في منتصف الثمانينات (1983 – 1987)، حيث فترة تحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية ورفض التبعية للقوى الاستعمارية.
حيث عاشت وغادغو فترة اعتبرت مثالية خلال فترة حكم رئيسها الراحل «توماس سانكارا» (1983 – 1987) قبل أن يتعرض للخيانة والانقلاب عليه من قبل مساعده ورفيقة «بليز كومباوري» في 15 أكتوبر 1987.
بانقلاب كومباري وقتله لرفيقه سانكارا دخلت واغادغو نفقًا مظلمًا، هيمن عليه الاستبداد السياسي، مما أدخل البلاد في حلقة مفرغة من الاضطرابات السياسية والأمنية بدأت في فبراير 2011 عندما تمرد بعض أفراد الحرس الرئاسي، وفي أكتوبر 2014 تزايدت الاضطرابات والمظاهرات الشعبية الرافضة لتمديد ولاية كومباوري لفترة خامسة مما دفعه للاستقالة واللجوء إلى ساحل العاج.
وباستقالة كومباوري عن الحكم دخلت البلاد في موجات متلاحقة من الإرهاب والعنف الدموي والأزمات السياسية بدأت مع الانقلاب الذي تم على الحكومة الانتقالية في سبتمبر 2015، وما هي إلا شهور قليلة وتحديدًا في يناير 2016 عرفت الجماعات الإرهابية طريقها إلى بوركينافاسو حتى أصبحت المناطق الشمالية بمثابة المعقل الرئيس والآمن لتلك الجماعات الإرهابية.
دفعت الأوضاع الحالية إلى إعادة النظر في فترة حكم سانكارا والتي يتم وسمها بالمثالية، وذلك لبحث كيفية الاستفادة من تجربة سانكارا في النهوض والتنمية وإمكانية تطبيقها في الوقت الراهن.
أولًا- من هو توماس سانكارا
مثل «توماس سانكارا» -المولود في 21 ديسمبر 1949- حلمًا أفريقيًّا في إنتاج زعامة عالمية قادرة على انتشال أفريقيا من الفقر والتبعية، حيث تم تشبيهه بزعيم الثورة الكوبية «تشي جيفارا»، إلا أن خطوات سانكارا اختلفت عن خطوات جيفارا، فتشي لم يصل يومًا إلى السلطة، أما سانكارا فكان زعيمًا لبلاده ووزيرًا وصاحب حلم اقتصادي واجتماعي عمل على تحقيقه.
نشأة في كنف الاستعمار
رغم معاداة سانكارا للاستعمار إلا أنه تربى ونشأ في كنف الاستعمار، فوالده جوزيف سانكارا كان موظفًا في الإدارة الاستعمارية كشرطي، وتدرج في وظيفته حتى أصبح قائدا للشرطة في إحدى القرى.
ونتيجة لعمل والده في الشرطة حظيت أسرة سانكارا بمكانة اجتماعية متميزة، مما سهل عليه الإلتحاق بالمدرسة الابتدائية التي أبدى فيها تفوقا واضحا مما أهله للالتحاق بالمدرسة الإعدادية (مدرسة أوزين كوليبالي).
الالتحاق بالجيش
تحظى مؤسسات الجيش بمكانة متميزة داخل المجتمعات الأفريقية، الأمر الذي دفع بالعديد من أبناء الطبقة المتوسطة للالتحاق به، وهو ما فعله سانكارا حين بلغ السابعة عشرةـ، حيث التحق بأكاديمية كاديغو العسكرية في واغادغو عام 1966، وخلال ذات العام تعاظم دور الجيش في بوركينا فاسو بعد انقلاب أبوبكر سانجولي لاميزانا في 3 يناير 1966، واستمر سانكارا بالأكاديمية حتى عام 1970.
بعد تخرجه التحق سانكارا بأكاديمية أنتسيرابي العسكرية بمدغشقر (1970: 1972)، وفي تلك الأكاديمية تم تشكيل الوعي الثوري لديه من خلال الاطلاع على كتابات كارل ماركس وفلادييير لينين، والعديد من الكتابات السياسية والتاريخية، كما درس علوم الزراعة ودورها في تحسين حياة المواطنين، أي أن الفترة التي قضاها في مدغشقر نجحت في تشكيل وعيه الثوري في قالب شيوعي معادٍ للإمبريالية، ومغلف بخبرة تنظيمية عسكرية ومصحوبًا بخبرة في مجال الإنتاج الزراعي.
حرب عديمة الفائدة
فور عودته إلى واغادغو بعد قضاء فترة التدريب العسكري في مقديشيو، اندلعت حرب حدودية خاطفة بين فولتا العليا ومالي 1974، وشارك سانكارا في تلك المعركة إلا أنه خرج منها بانطباعات سلبية، حيث وصفها بأنها حرب عديمة الفائدة، وبعد انقضاء الحرب سافر إلى المغرب لتلقي بعض التدريبات العسكرية، وخلال ذلك التدريب التقى سانكارا برفيقيه بليز كومباروي وساي زيربو.
سانكارا وانقلاباته الثلاثة
عرفت بوركينافاسو -منذ استقلالها عام 1960- ظاهرة الانقلابات العسكرية كوسيلة وحيدة لتداول السلطة حتى عام 2015، ففي يناير 1966 شهدت البلاد انقلابها الأول بزعامة أبوبكر سانجولي لاميزانا، وخلال هذا الانقلاب كان سانكارا طالبًا في الأكاديمية العسكرية متحمسًا للانقلاب.
وسرعان ما دخل سانكارا على خط الانقلابات العسكرية في بلاده، حيث كان مشاركًا في انقلاب نوفمبر 1980 والذي أطاح بالرئيس لاميزانا، وتولى الحكم في تلك الفترة القائد العسكري ساي زيربو، وشغل سانكارا منصب وزير الإعلام، إلا أن الخلافات سرعان ما دبت بين شركاء زيربو، مما دفع سانكارا إلى الاستقالة في إبريل 1982، ممهدا لمشاركته في انقلابه الثاني في نوفمبر 1982 تحت زعامة الميجور جان باتيست الذي تولى رئاسة البلاد وتولى سانكارا منصب رئيس مجلس الوزراء.
وسرعان ما دبت الخلافات بين سانكارا وباتيست مما دفع الأخير إلى إقالة سانكارا من منصبه، ووضعه تحت الإقامة الجبرية في مايو 1983، إلا أن سانكارا نجح في تدبير انقلابه الثالث في أغسطس 1983 ونجح في تولي السلطة.
يمكن القول: إن الشخصية الكاريزمية لسانكارا كانت هي المتسبب في خلافاته الكثيرة مع رفيقيه السابقين زربو وباتيست، حيث لم يتسطع سانكارا الانصياع التام لهما وكان مصدر قلق لهما، ونجح في إقالتهما واحدًا بعد الآخر، وذلك بمساعدة رفيقه الثالث بليز كومباوري، الذي رفض هو الآخر أن يعمل تحت ظل أي شخص ونجح في تدبير انقلاب ضد سانكارا وقتله في 15 أكتوبر 1987، وتم دفنه في مقبرة مجهولة.
نجم متأخر
صُنّف عقدا الخمسينيات والستينيات بعقدي النجوم اللامعة والقيادات الكاريزمية التاريخية للشعوب؛ ففي تلك الفترة ظهر جمال عبدالناصر في مصر، وكوامي نكروما في غانا، وجوليوس نيريري في تنزانيا، وفيدل كاسترو في كوبا، وتشي جيفارا، إلا أنه مع مرور الوقت تلاشت تلك النجوم وظهر جيل جديد من الزعماء الأفارقة، افتقدوا لتلك الكاريزما التاريخية، ويُعدّ توماس سانكارا امتداد متأخر لتلك النجوم المتلألئة.
يمكن اعتبار أفكار سانكارا بأنها صحوة ما قبل الموت، ففي الوقت الذي بات فيه الاتحاد السوفيتي يعاني من العجز السياسي والفكري إثر حربه في أفغانستان، أعاد سانكارا طرح الأفكار الشيوعية المعادية للإمبريالية من جديد، والتشبه بالثورة الكوبية في وقت رأى فيه العالم أن الأفكار الشيوعية التي ازدهرت في الستينيات لم يعد مرحبًّا بها في الثمانينات، وأن الكتلة الشرقية ذاتها بدأت في نزع رداء الشيوعية.
ثانيًا- برنامج سانكارا للتنمية
منذ اعتلائه السلطة في أغسطس 1983 وحتى أكتوبر 1987، استلهم سانكارا الأفكار الماركسية واللينينية، وعمل على تطبيقها في بلاده، محاولًا محاكاة العديد من الأنظمة الشيوعية في العالم مثل تجربة الثورة الكوبية، ومن أبرز تلك الأفكار التي عمل على تطبيقها في محيطه:
- القطيعة مع العهد الإمبريالي: فور توليه السلطة عمل سانكارا على تحقيق القطيعة مع العهد الإمبريالي، حتى ولو بإجراءات رمزية؛ مثل تغيير مسمى الدولة من «فولتا العليا» السائد خلال الحقبة الاستعمارية وما بعدها إلى بوركينافاسو والتي تعني في اللغات المحلية «أرض النزاهة والشرف».
- تجنب المساعدات الخارجية: من أبرز الدعوات التي أطلقها سانكارا على مستوى بلاده وأفريقيا، هي ضرورة تحقيق المقاطعة الشاملة للمساعدات الأجنبية خاصة المرتبطة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، باعتبارهما وسيلة لتعظيم الديون على الدول الأفريقية، كما دعا الدول الأفريقية إلى إنشاء جبهة موحدة للتخلي عن ثقافة الديون.
- تحقيق الاكتفاء الذاتي: «من يطعمك يسيطر عليك»تلك هي المقولة التي سيطرت على وجدان سانكارا وسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية، ومن أجل ذلك اعتمد على منظومة زراعية تهدف إلى إمداد المزارع الريفي بكافة احتياجاته من الري والسماد والبذور، ونجحت سياساته في زيادة معدل انتاج الهكتارات الزراعية الأمر الذي حقق فائضًا في المواد الغذائية ومحصول القطن، ولتشجيع الفلاحين على الإنتاج والزراعة عمد إلى تعليق الرائب المفروضة عليهم.
وفي سبيل تعظيم الاستفادة من صغار المزارعيبن قام نظام سانكارا بتجريد الملاك الإقطاعيين من معظم امتيازاتهم وهكتاراتهم الواسعة وإعادة توزيعها على صغار المزارعين وذلك من أجل تحسين أحوالهم المعيشية.
- مكافحة التصحر: وفيإطار زيادة معدل إنتاجية الهكتار الواحد في بوركينافاسو عمد سانكارا إلى مكافحة التصحر عن طريق زراعة ما يقارب 10 ملايين شجرة، ومنع إزالة الغابات، وتزويد القرى الصغيرة بالعديد من المشاتل الزراعية.
- الاهتمام بالصحة والتعليم: أطلقسانكارا برنامجًا طموحًا من أجل الرقي بمستوى التعليم والصحة في بلاده، فمن ناحية التعليم كانت البلاد تعاني من تفشي الأمية التي وصلت إلى 90% من الشعب البوركيني خلال عام 1983 مما دفعه إلى إعطاء الأولوية إلى إنشاء مجمعات محو الأمية وإنشاء المدارس الأمر الذي أدى إلى انخفاض الأمية إلى 50% خلال عام 1987.
أما على المستوى الصحي فقد عمل سانكارا على الاهتمام بصحة المواطنين، وذلك من خلال تطعيم 2.5 مليون بوركيني ضد التهاب السحايا والحصبة والحمى الصفراء، كما بنى مستوصفًا صحيًّا في كل قرية، كما أن حكومته كانت أولى الحكومات الأفريقية إدراكًا لأخطار مرض الإيدز.
- تمكين المرأة: في خطابهالأول خطاب الثورة عام 1983 ركز سانكارا على مسألة تحرير المرأة، معتبرًا أن الثورة وتحرير المرأة صنوان لا يفترقان، فتحرير المرأة ضرورة لإنجاح الثورة، ولتحقيق ذلك عمل على تعيين النساء في المناصب الحكومية العليا كوزيرات، كما منع تعدد الزوجات وعمليات الختان والزواج القسري للفتيات.
ولتشجيع النساء على العمل شجعت حكومة سانكارا على استخدام وسائل منع الحمل وتشجيع الأزواج على القيام ببعض الأعمال المنزلية وخدمة أنفسهم لعدم إرهاب المرأة العاملة في بوركينافاسو.
وفي خطابه الخاص في يوم المرأة عام 1987 أكد أن الثورة البوركينية تهدف إلى زعزعة العلاقات السلطوية بين الرجل والمرأة، وتهدف إلى بناء نظام اجتماعي جديد يعيد النظر في وضع ومكانة المرأة في المجتمع.
- الزهد في الثروات: عُرف عن سانكارا الزهد في الثروات، فخلال توليه منصب وزير الإعلام كان يستخدم دراجة في تنقلاته الخاصة، وعندما وصل إلى سدة الحكم قام ببيع أسطول السيارات الفارهة في الرئاسة مكتفيًا بسيارة واحدة رخيصة الثمن، كما قام بتخفيض راتبه الشهري إلى 450 دولارًا عازفًا عن معظم الرفاهيات المتواجدة في القصور الرئاسية.
لم يكتف سانكارا بتطبيق تلك الإجراءات على ذاته بل قام بسحبها على باقي المسئولين والوزراء في البلاد، واضعًا شروط صارمة على استخدام الرفاهيات وصلت لدرجة حرصه على ارتداء الوزراء والمسئولين منسوجات مصنوعة في البلاد.
- المحاكم الثورية لمكافحة الفساد: انتهج سانكارا أسلوبًا متطرفًا في معالجة الفساد؛ إذ شكّل “المحاكم الشعبية الثورية” للدفاع عن الثورة ومحاكمة الفاسدين والمتهربين من دفع الضرائب، وفي تطور خطير للمحاكم الثورية تم تشكيل «لجان الدفاع عن الثورة» والتي كانت بمثابة ميليشيات مسلحة تهدف إلى حماية الثورة وتعقب الفاسدين.
- تطوير البنية التحتية: في إطار إنشاء دولة عصرية عمل سانكارا على إنشاء بنية تحتية أساسية في البلاد من خلال مد شبكات السكك الحديدية في البلاد (430 ميلًا) وربطها بمناجم استخراج المنجنيز، كما عمل على إحياء المناطق الفقيرة وتحويلها إلى مناطق عصرية عبر تشجيع البناء الحديث ولأجل تحقيق هذا الغرض تم إنشاء مصانع الطوب ومستلزمات البناء، ونجحت خطة سانكارا في بناء نحو 7 آلاف قرية شاملة معظم الخدمات الأساسية مثل المدارس التعليمية والمستوصفات الطبية.
ثالثًا- سانكارا.. الوجه الآخر
معظم الكتابات التي تناولت سانكارا عملت إبراز الجانب المضئ في حياته وفترة حكمه واختزال الانقلاب عليه في خيانة بعض رفاقه وتآمر فرنسا عليه، متناسين العديد من العوامل الحقيقة التي أدت إلى تقويض حكم سانكارا، ومنها على سبيل المثال:
- التأطير الأيدولوجي: ذكرنا في نقاط سابقة أن ظهور سانكارا في حلته الأيدولوجية كان متأخرًا للغاية، فزمن الشخصيات الكاريزمية المؤمنة بالفكر الماركسي قد ولى منذ منصف السبعينيات، وأن معظم الدول خاصة دول الكتلة الشرقية بدأت في التوجه شطر الغرب، كما أن الاتحاد السوفيتي ذاته اعتراه الضعف والخمول في ذلك الوقت، وهذا ما يفسر عدم تقديم الدعم الكافي من الدول الشيوعية إلى نظام سانكارا وتطوير أدواته السياسية في مواجهة التحركات الفرنسية على سبيل المثال.
- الهوس الكوبي: سيطرت تجربة كوبا وفيدل كاسترو وتشي جيفارا على عقل وتفكير سانكارا، الأمر الذي دفعه لكتابة نشيد بلاده مستوحى من كلمات جيفارا، إلا أن سانكارا لم يدرك حقيقة الفارق الكبير بين بلاده وكوبا التي تبعد أميالًا قليلة عن الساحل الشرقي للولايات المتحدة، مما جعل الاتحاد السوفيتي يتخذها نقطة انطلاق لسياساته الضاغطة تجاه واشنطن؛ لذا كانت كوبا تحت مظلة الحماية السوفيتية، أما بوركينافاسو فموقعها ذو أهمية على مستوى إقليم غرب أفريقيا فقط، وبالتالي لم يُعِرْها الاتحاد السوفيتي الاهتمام المطلوب.
- معاداة القوى التقليدية: دفعت الأفكار الماركسية سانكارا إلى معاداة السلطات التقليدية في بلاده؛ مثل زعماء الجماعات والقيادات الروحية والدينية وعمل تجريدهم من امتيازاتهم المالية والأدبية، الأمر الذي أنذر بتكوين معارضة قوية لحكم سانكارا، قوامها الزعماء التقليديون الذين يمتلكون نفوذا متوارثًا في المجتمعات التقليدية الأفريقية.
- الجزاء من جنس العمل: لميكن سانكارامن دعاة الحفاظ على استقرار النظام السياسي، ففي يناير 1966 تحمس للانقلاب العسكري في بلاده، وعندما نضجت خبرته العسكرية شارك في ثلاث انقلابات عسكرية متتالية، وفي كل انقلاب كان يتبوأ منصبًا أعلى حتى وصل لسدة الحكم، لذا من الطبيعي أن نرى سانكارا الذي أتى بثلاث انقلابات من المفترض أن يرحل أيضًابانقلاب عسكري دموي.
- الإرهاب الثوري: شكلت المحاكم الثورية واللجان الثورية بمثابة عصابات وميليشيات إرهابية في البلاد كان توزع اتهاماتها كيفما تشاء على معارضي النظام، وتنكل بهم وتعدم بعضهم، الأمر الذي أدى لاتساع حلقة المعارضة الشعبية لحكم سانكارا.
- حرب أخرى عديمة الفائدة: مثلما لعبت الحرب مع مالي عام 1974 دورًا في اهتزاز نظام أبوبكر سانجولي لاميزانا، ساهمت أيضًا الحرب التي اندلعت بين البلدين في 1 يناير 1985 في اهتزاز شعبية نظام سانكارا.
وأخيرًا.. بعد مراجعة سياسات وأفكار سانكارا نجد أن تجربته في السياسة والحكم غير مؤهلة لحل المشكلات التي تعاني منها بوركينافسو خلال تلك الفترة، فتجربته -رغم أنها حوت على انجازات في مجالات خدمية مثل الصحة والتعليم وأيضا تمكين المرأة- إلا أنها حوت أيضًا ممارسات إرهابية وعنيفة، متمثلة في الانقلابات المستمرة والدور الذي مارسته اللجان والمحاكم الثورية، كما أنها عملت على معاداة القوى التقليدية في المجتمع البوركيني، الأمر الذي ساهم في انهيار تجارب سانكارا الناجحة.