بقلم د. شيماء محي الدين
أستاذ العلوم السياسية المساعد – كلية الدراسات الأفريقية العليا – جامعة القاهرة
إن المتأمل للتحركات الروسية على الساحة الأفريقية خلال العامين الماضيين يدرك أن روسيا تتطلع إلى الاضطلاع بدور بارز في القارة الأفريقية بشكل عام، لا سيما على صعيد مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي؛ فبالرغم من تراجع الدور الروسي في القارة الأفريقية خلال العقود الثلاث الماضية، وتحديدًا منذ تفكك الاتحاد السوفيتي، إلا أن السنوات القليلة الماضية عكست جملة من التحركات الروسية على الساحة الأفريقية، الأمر الذي يعد مؤشرًا واضحًا لتنامي الدور الروسي على الساحة الأفريقية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.
وفي هذا السياق، يعتبر عام 2019 بمثابة عام أفريقيا في دوائر صنع القرار في روسيا، حيث عُقدت سلسلة من المنتديات والفاعليات الرامية إلى دعم العلاقات الروسية الأفريقية خلال هذا العام. ولعل أهم ما شهده عام 2019 من أحداث انعقاد أول قمة سياسية روسية أفريقية واسعة النطاق، التي انعقدت في مدينة سوتشي الروسية خلال الفترة من 23 إلى 24 أكتوبر من ذات العام، بمشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومعظم قادة الدول الأفريقية، وفي ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي.
وإلى جانب القمة الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات بين الجانبين، انعقدت عدة منتديات كان من بينها منتدى الأعمال الروسي الأفريقي الذي نظمته وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، والمؤتمر البرلماني الأول “روسيا – أفريقيا”، الذي نظمه البرلمان الروسي. وعلى هامش منتدى مجموعة العشرين في أوساكا، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إجراء محادثات مع رؤساء دول أفريقية رئيسية من بينها مصر وجنوب أفريقيا. وإزاء الاهتمام الروسي المكثف بالقارة الأفريقية في الآونة الأخيرة، يبدو من المهم دراسة وتحليل الأسباب والعواقب المحتملة لتوجه روسيا نحو القارة الأفريقية.
وفي هذا السياق، تسعى هذه الورقة إلى دراسة وتحليل أهداف ومحاور الاستراتيجية الروسية في أفريقيا، وما مرت به من تحولات لا سيما خلال العقدين الماضيين. وتنقسم الدراسة إلى ثلاثة أقسام رئيسية، يُعنى الأول منها بعرض مراحل تطور العلاقات الروسية الأفريقية، أما الثاني فيركز على أهداف الاستراتيجية الروسية في أفريقيا، ويتناول المحور الثالث مجالات العلاقات الروسية الأفريقية في ضوء الأهداف سالفة الذكر، وتنتهي الدراسة بخاتمة تبلور أهم ما تم استخلاصه من نتائج بشأن الموضوع محل الدراسة.
أولًا: تطور العلاقات الروسية – الأفريقية:
تعتبر العلاقات الروسية الأفريقية ذات تاريخ طويل يمتد إلى مراحل تاريخية سابقة تعود إلى ما قبل استقلال الدول الأفريقية ذاتها، وفي عام 1960، الذي عرف في التاريخ باعتباره عام أفريقيا، نالت 17 دولة أفريقية استقلالها، ولقد سعى الاتحاد السوفيتي إلى دفع عجلة إنهاء الاستعمار الأوروبي للقارة الأفريقية، وعلى الرغم من مقاومة القوى الغربية المستعمرة لغالبية أقاليم القارة الأفريقية، فقد تبنى الاتحاد السوفيتي مبادرة في 14 ديسمبر عام 1960، وبموجب هذه المبادرة اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة. ولقد شكّل هذا القرار أساسًا قانونيًّا دوليًّا لمساعدة حركات التحرير الوطني في أفريقيا، الأمر الذي عجّل بالاستقلال السياسي للكثير من الدول الأفريقية.
ويعتبر عقدا الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي بمثابة العصر الذهبي للتعاون السوفيتي الأفريقي، حيث أقام الاتحاد السوفيتي علاقات دبلوماسية مع جميع الدول الأفريقية المستقلة تقريبًا، كما تم توقيع اتفاقيات مشتركة في مجالات التجارة والنقل الجوي والبحري، فضلًا عن افتتاح المراكز الثقافية السوفيتية في الكثير من دول القارة. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن اتفاقيات التعاون المشترك التي تم توقيعها بين الاتحاد السوفيتي ودول أفريقيا جنوب الصحراء قد وصلت خلال تلك الفترة إلى حوالي 200 اتفاقية، الأمر الذي يدل على كثافة وتنوع مجالات التعاون بين الجانبين. وخلال تلك الفترة، كان الاتحاد السوفيتي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وكان لديه من الموارد المادية والمالية ما يمكنه من دعم حقيقي يساهم بشكل فعال في تنمية الاقتصادات الأفريقية الوطنية[1].
ولقد زاد عدد الدول الأفريقية التي تقيم علاقات تجارية واقتصادية مع الاتحاد السوفيتي من 4 دول فقط عام 1960 إلى 20 دولة عام 1970، ثم وصل عددها إلى 37 دولة في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، وأصبحت الصناعة والطاقة من مجالات التعاون ذات الأولوية، حيث أنتجت المؤسسات الصناعية التي بنيت في أفريقيا بمساعدة الاتحاد السوفيتي 4.6 مليون كيلوواط من الكهرباء، و4.1 مليون طن من الحديد، و4.5 مليون طن من الفولاذ، و3 ملايين طن من المنتجات البترولية، و3 ملايين طن من البو كسيت. ولعل من أبرز الدول التي حظيت بالدعم السوفيتي خلال تلك الفترة كل من: مصر والجزائر وأنجولا ونيجيريا وإثيوبيا وجمهورية الكونغو ومالي وغينيا. ووفقًا للبيانات الخاصة بمنتصف الثمانينيات، هناك حوالي 300 مؤسسة صناعية؛ و155 منشأة زراعية؛ ونحو 100 مؤسسة تعليمية، بما في ذلك عشر جامعات و80 مدرسة ثانوية ومهنية، تم بناؤها بمساعدة الاتحاد السوفيتي. وبالإضافة إلى ذلك، تلقى حوالي 480 ألف أفريقي تدريبًا مهنيًا، من بينهم 250 ألف في مراكز تدريب أقيمت في البلدان الأفريقية نفسها. وكذلك فقد حصل أكثر من 80 ألف أفريقي على دبلومات من مؤسسات التعليم العالي السوفيتية[2].
وعلى صعيد التبادل التجاري، أقام الاتحاد السوفيتي علاقات تجارية واسعة مع الدول الأفريقية، حيث زاد حجم التبادل التجاري مع الدول الأفريقية -خلال الفترة 1960- 1984- 13 مرة، بحلول منتصف الثمانينيات، كانت حصة البلدان الأفريقية في الواردات السوفيتية على النحو التالي: 60% للبوكسيت، 56% لخام المنجنيز، 100% للكوبالت، 64% لحبوب الكاكاو، و58% للأخشاب الثمينة. وبالمثل فقد أقيمت علاقات ثقافية وعلمية مع 41 دولة أفريقية، حيث تم تبادل الوفود العلمية والعلماء والمتخصصين والتوثيق العلمي والتقني؛ كما تم تنظيم رحلات للعلماء لإلقاء المحاضرات والعمل في المراكز التربوية والعلمية.
ولقد كان لسياسة الاتحاد السوفيتي تأثير هائل على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للدول الأفريقية منذ الاستقلال، فمن ناحية، ساعد الاتحاد السوفيتي على توفير التقنيات والإمكانات الصناعية والعلمية للعديد من الدول الأفريقية، الأمر الذي مكنها من وضع الأساس لإنشاء اقتصاد حديث موجه وطنيا. ومن ناحية أخرى، خلق التعاون الأفريقي السوفيتي مجالًا لتخفيف وطأة الاحتكار الاقتصادي للدول الغربية، على نحو منح القادة الأفارقة فرصة للمناورة وتحقيق ظروف أكثر ملاءمة عند التعامل مع الشركاء الغربيين التقليديين.
ومع تفكك الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات من القرن المنصرم، فقدت روسيا إمكاناتها الهائلة المتراكمة للتعاون مع الدول الأفريقية، فخلال عقد التسعينيات، انخفض حجم التبادل التجاري بين روسيا ودول القارة الأفريقية بشكل كبير. وتشير الإحصاءات إلى أنه في عام 1985، بلغ حجم التجارة السوفيتية مع الدول الأفريقية نحو 5.9 مليار دولار، بينما انخفض في عام 1995 إلى 0.98 مليار دولار فقط. وبالمثل فقد كانت أفريقيا سوقًا مهمًا للصادرات الصناعية الروسية خلال الحقبة السوفيتية. وبالنظر إلى هيكل الصادرات السوفيتية إلى أفريقيا قبل تفكك الاتحاد السوفيتي، فقد شكلت الآلات والمعدات والمركبات حوالي 30٪؛ بينما مثلت منتجات الأخشاب والورق نحو 16٪؛ والأطعمة الجاهزة 5٪؛ والمنتجات الصناعية الأخرى 18٪. ومع ذلك، فمع تفكك الاتحاد السوفيتي، تم إغلاق معظم البعثات التجارية الروسية في أفريقيا؛ ولم يتبق اليوم سوى أربعة منهم، في مصر والجزائر والمغرب وجنوب أفريقيا. وبالمثل فقد قامت معظم السفارات الروسية في الدول الأفريقية بتصفية منصب المستشار الاقتصادي، كما تم إغلاق المراكز الثقافية الروسية، وتم تخفيض الدعم المادي والموظفين لأقسام اللغة الروسية في الجامعات بشكل كبير، وتم إلغاء الرحلات الجوية المباشرة لشركات الطيران الروسية إلى الدول الأفريقية. ترك الآلاف من المتخصصين من روسيا وظائفهم. انخفض عدد المنح الدراسية المقدمة من روسيا للطلاب الأفارقة بشكل حاد، وتوقف التعاون العلمي عمليًا، وتوقف تدريس اللغات الأفريقية في الجامعات الروسية. ولقد ساهمت كل هذه الإجراءات ليس فقط في تقليص العلاقات الاقتصادية لروسيا مع دول القارة الأفريقية، وإنما في فقدان روسيا لنفوذها السياسي والثقافي التقليدي في هذه القارة ذات الأهمية الاستراتيجية[3].
ولقد كان للانسحاب الروسي من أفريقيا عواقب جيوسياسية واقتصادية بالغة الخطورة على الجانبين الروسي والأفريقي، إذ لم يقتصر الأمر على ضعف الدعم السياسي الحقيقي الذي قدمه أكثر من 50 دولة أفريقية في أكبر المنظمات الدولية ولا سيما الأمم المتحدة، بل وفقدت روسيا الأسواق الأفريقية الكبيرة للسلع الروسية المصدرة ذات القيمة المضافة العالية، فضلًا عن كونها مصدرًا رئيسيًا للموارد المهمة -من الناحية الاستراتيجية- لتطوير قطاعات الاقتصاد الحديثة، بما في ذلك المجال العسكري.
وعلى الرغم من عودة الاهتمام بالقارة الأفريقية في دوائر صنع وتنفيذ السياسة الروسية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلا أن التوجه الروسي نحو القارة ظل يتحرك بخطوات بطيئة إلى حد بعيد. وخلال السنوات القليلة الماضية، أدركت القيادة السياسية الروسية وبعض رجال الأعمال والخبراء الروس الحاجة إلى إحياء التعاون النشط مع القارة الأفريقية، وربما شكل ذلك دافعًا قويًا لمراجعة أولويات السياسة الخارجية الروسية تجاه أفريقيا. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي على روسيا تعتبر بمثابة نقطة تحول في السياسة الروسية تجاه أفريقيا. وفي المرسوم الرئاسي الصادر في 7 مايو 2018 بشأن الأهداف الوطنية والأهداف الاستراتيجية لتنمية روسيا للفترة حتى عام 2024، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجموعة من المهام الرامية إلى تحسين القدرة التنافسية الروسية في مجموعة من القطاعات مثل الصناعات التحويلية والزراعة وقطاع الخدمات، كما أعلن اعتزامه زيادة الحصة الإجمالية لصادرات السلع (الأعمال والخدمات) لتصبح على الأقل 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وزيادة حجم الصادرات (من حيث القيمة) للسلع غير الأولية لما يصل إلى حوالي 250 مليار دولار سنويًّا، فضلًا عن زيادة حجم الصادرات من الخدمات المقدمة بمبلغ 100 مليار دولار سنويًّا.
وتحقيقًا لهذه الأهداف الطموحة، تحتاج روسيا إلى السوق الأفريقية، خاصة بعد أن بدأت الصناعة في روسيا في الانتعاش، الأمر الذي يجعلها أكثر احتياجًا لاختبار المنتجات النهائية الروسية في الأسواق الأفريقية الأقل نموًا، حيث يوجد طلب عليها. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الصين سبق لها أن تبنت ذات النهج في التسعينيات، حيث نجحت في الاستحواذ على السوق الاستهلاكية الأفريقية سريعة النمو. وبالمثل يمكن للشركات الروسية بالفعل دخول الأسواق الأفريقية بمنتجاتها المختلقة مثل الشاحنات والطائرات والمركبات الأخرى والآلات الزراعية والأسمدة والمنتجات الكيماوية والمنتجات الكهربائية والأدوية وتكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات. وفي الوقت نفسه، يبدي الأفارقة اهتمامًا كبيرًا بالأسلحة الروسية، خاصة بعد اختبارهم الناجح في مناطق الصراعات الإقليمية. وبالتالي، يمكن للأسواق الأفريقية أن تساهم بشكل كبير في زيادة الصادرات الروسية من غير الموارد.
ثانيًا: ملامح وأهداف الاستراتيجية الروسية في أفريقيا:
تسعى روسيا إلى توطيد دعائم وجودها في مختلف أقاليم القارة الأفريقية، وذلك بهدف تحقيق جملة من الأهداف التي تنوعت بين أهداف سياسية وأهداف اقتصادية وأهداف عسكرية. وفيما يلي بيان لأهم الأهداف الروسية في أفريقيا:
أهداف سياسية دبلوماسية
تشكل الدول الأفريقية الكتلة التصويتية الأكبر في الأمم المتحدة، وفي هذا الإطار، تعمل روسيا على تنمية الحلفاء داخل القارة في تحديها للنظام الأمني الحالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من الدول الأوروبية. وفي عام 2018، اتهم مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون روسيا ببيع أسلحة إلى دول أفريقية مقابل التصويت في الأمم المتحدة. وبالفعل فقد كانت روسيا تهدف إلى بناء تحالفات جديدة وتكوين صداقات جديدة، وذلك لإعادة بناء صورتها كقوة عالمية وتقليل النفوذ الغربي في القارة الأفريقية. ولقد أثمرت هذه السياسة بالفعل، حيث أقنعت روسيا في عام 2014 أكثر من نصف الحكومات الأفريقية بمعارضة أو الامتناع عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدين ضم شبه جزيرة القرم. ووقعت روسيا اتفاقيات مع هيئات إقليمية مثل مجموعة التنمية للجنوب الأفريقي (سادك)، وعززت علاقتها متعددة الأطراف مع القادة الأفارقة من خلال تنظيم قمم روسية أفريقية متعددة[4].
ومن ناحية أخرى، تهدف الاستراتيجية الروسية إلى احتواء النفوذ الدولي في القارة الأفريقية سواء من جانب الولايات المتحدة الأمريكية أو الصين. فبالنظر إلى المزايا الاقتصادية للصين، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين حوالي سبعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لروسيا. وعلى الصعيد التجاري، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا في عام 2017 نحو 56 مليار دولار، مقارنة بـ 3 مليارات دولار أمريكي لروسيا، في حين قدر حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وأفريقيا خلال ذلك العام بنحو 27 مليار دولار) [5].
وتعتبر القارة الأفريقية حاليًا بمثابة ساحة للتنافس الدولي، خاصة في ظل تصادم مصالح بعض القوى التقليدية والقوى الصاعدة في القارة. ومن الناحية الجيوسياسية، لا يرجع هذا إلى موارد القارة الفريدة فحسب، بل يرجع أيضًا إلى المواجهة بين الولايات المتحدة والصين، خاصة بعد أن طرحت الأخيرة مفهوم طريق الحرير الجديد، الذي تضطلع دول القارة الأفريقية في إطاره بدور محوري في رحلة نقل البضائع الصينية إلى الاتحاد الأوروبي ودول أخرى. ومن الناحية العسكرية، ينطوي الدور الصيني البارز في القارة الأفريقية -خاصة بعد افتتاح القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي عام 2017- على بعض المخاطر ذات الصلة بالسيطرة في المحيطين الهندي والأطلسي، وهو أمر مهم للغاية بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها في الناتو من ناحية، وكذا بالنسبة للصين وروسيا من ناحية أخرى[6].
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في نوفمبر عام 2018، قدم جون بولتون استراتيجية أمريكية جديدة بشأن أفريقيا، وجاءت النقاط الرئيسية ليست رغبة أمريكا في تطوير التعاون الاقتصادي مع الدول الأفريقية، بل معارضة الصين وروسيا في هذه المنطقة. وبالتالي، فإن نشاط روسيا في أفريقيا سيحدد إلى حد كبير نفوذها الجيوسياسي وعلاقاتها مع الدول الأخرى[7].
ومثلما تفعل الصين، تحاول روسيا استثمار المزايا النسبية لها في إطار تعزيز علاقاتها مع دول القارة شعوبًا وحكومات. ولعل من أهم هذه المزايا أن روسيا لم يسبق لها تاريخيًا استعمار أي جزء من القارة، كما أنها تركز دومًا على التعاون بدلًا من المساعدة، الأمر الذي ترسل روسيا من خلاله رسالة ضمنية مفادها أنها تحترم الدول الأفريقية ربما أكثر من الحلفاء التقليديين والقوى الاستعمارية السابقة التي لديها تاريخ في الاستعلاء على القارة الأفريقية وشعوبها. وفي القمة الروسية الأفريقية المنعقدة في سوتشي أواخر عام 2019، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلغاء 20 مليار دولار من الديون المستحقة على البلدان الأفريقية وكشف النقاب عن خطط لمضاعفة التجارة مع البلدان الأفريقية إلى 40 مليار دولار سنويًّا[8].
أهداف اقتصادية:
يعتبر الحصول على المواد الخام والموارد الطبيعية أحد الأهداف الرئيسية للاستراتيجية الروسية تجاه أفريقيا، شأنها في ذلك شأن العديد من القوى الكبرى والقوى الصاعدة في القارة. وتحقيقًا لهذا الغرض، تقوم العديد من الشركات الروسية بالعديد من المشروعات في القارة. وتعمل الشركات الروسية على توسيع نطاق أنشطتها في تعدين الموارد مثل الكولتان والكوبالت والذهب والماس. ففي زيمبابوي على سبيل المثال، هناك مشروع مشترك بين شركة JSC Afromet الروسية وشركة Pen East Ltd في زيمبابوي يستهدف تطوير أحد أكبر رواسب المعادن في مجموعة البلاتين في العالم. وفي أنجولا، زادت شركة التعدين الروسية Alroser مؤخرًا حصتها في المنتج المحلي Catoca إلى 41%، في صفقة توفر لشركة الماس العملاقة قاعدة إنتاج خارج روسيا. وعلى الرغم من الملكية المشتركة مع أنجولا، تعمل شركة Catoca تحت الإدارة الروسية[9].
وتعتبر منطقة الساحل الأفريقي ذات أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا، لا سيما من الناحية الاقتصادية، حيث تتميز دول الساحل بكونها من الدول الغنية بالموارد مثل النفط والغاز في كل من الكاميرون وتشاد ونيجيريا، فضلًا عن مناجم الذهب الموجودة في بوركينا فاسو ومالي، وإن خضعت الكثير منها لسيطرة الجماعات الإرهابية في الأخيرة[10]. ليس هذا فحسب، بل إن النيجر تعتبر من الدول الغنية باليورانيوم، ولذا تتطلع شركة روساتوم للطاقة النووية المدنية لدخول سوق اليورانيوم في النيجر[11].
أهداف أمنية- عسكرية
بالإضافة إلى العامل الاقتصادي، فإن ثمة دوافع عسكرية وراء حرص روسيا على الاضطلاع بدور بارز في أفريقيا، لا سيما ما يتصل بتصدير الأسلحة إلى دول القارة، حيث صدرت روسيا إلى أفريقيا نحو 17% من صادراتها من الأسلحة خلال الفترة منذ عام 2015 حتى عام 2019، كما تستحوذ روسيا على حوالي 37.6% من سوق السلاح الأفريقي، وتعمل على زيادة مبيعاتها العسكرية لا سيما لدول الساحل الأفريقي بشكل أساسي. في السنوات الأخيرة، أصبحت روسيا أكبر مورد للأسلحة لأفريقيا، تليها الصين (17%)، والولايات المتحدة (9.6%)، وفرنسا (6.9%).[12] ومنذ عام 2015، وقعت روسيا أكثر من 20 اتفاقية ثنائية للتعاون العسكري مع الدول الأفريقية. وبينما تظل الجزائر أكبر سوق للأسلحة الروسية، أصبحت المغرب ومصر ونيجيريا عملاء مهمين[13]. وفي هذا الإطار أبرمت شركة “روس أوبورون إكسبورت” Rosoboronexport الروسية المملوكة للدولة صفقات بيع أسلحة مع العديد من دول القارة مثل بوركينا فاسو ومالي ونيجيريا[14]. وجدير بالذكر أن حوالي 90% من الأسلحة والمعدات العسكرية التي يستخدمها الجيش التشادي تأتي من روسيا. وفي ذات السياق، فقد وقعت باماكو اتفاقًا للتعاون العسكري مع روسيا في يونيو 2019[15].
وجدير بالذكر أن الأسلحة الروسية تحظى بدرجة عالية من القبول لدى القادة الأفارقة، فإلى جانب كونها رخيصة نسبيًا، فإن الصفقات مع روسيا لا تنبني على المشروطيات ذات الصلة بحقوق الإنسان كما هو الحال بالنسبة لدول أخرى مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. ولعل خير مثال على ذلك نيجيريا، فبينما كانت الولايات المتحدة تماطل في بيع الأسلحة لنيجيريا لمساعدتها في مواجهة الهجمات الإرهابية لجماعة بوكو حرام خلال عام 2014، وذلك بدعاوى انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الجنود النيجيريين، لجأت نيجيريا إلى روسيا التي مكنتها من شراء 12 مروحية هجومية[16].
ثالثًا: مجالات التعاون الروسي- الأفريقي
إن المتأمل للتحركات الروسية على الساحة الأفريقية، يجد أن التعاون الروسي الأفريقي قد تركز في مجموعة من المجالات، بعضها ذات طابع اقتصادي، وبعضها الآخر ذات طابع أمني، سواء فيما يتعلق بالتأمين ضد الجماعات الإرهابية، أو فيما يتعلق بأمن الطاقة. وتتلخص أبرز مجالات التعاون الروسي الأفريقي فيما يلي:
التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري
يعتبر المجال الاقتصادي والتجاري من أبرز مجالات التعاون بين روسيا وأفريقيا. وبصفة عامة يمكن تفسير المشاركة الروسية المتزايدة في أفريقيا بالنظر إلى حاجتها الحيوية لإنشاء طرق تجارية جديدة وتحالفات دبلوماسية بعد العقوبات الغربية المتعلقة بشبه جزيرة القرم، والتي فُرضت على موسكو في عام 2014. تشير الإحصاءات في هذا السياق إلى أن موسكو قد ضاعفت مؤخرًا تجارتها مع أفريقيا ثلاث مرات من 6.6 مليار دولار في عام 2010 إلى 18.9 مليار دولار في عام 2018[17]. وبالرغم من أن التجارة بين روسيا ودول أفريقيا جنوب الصحراء بدأت بمعدلات منخفضة إلا أنها زادت بسرعة، حيث وصلت إلى 4.8 مليار دولار عام 2018، بعد أن كانت تقدر بنحو 1.8 مليار دولار في عام 2010. وتقوم العلاقات التجارية بين روسيا وأفريقيا على الصادرات الروسية بشكل أساسي، ففي عام 2018، بلغ إجمالي الصادرات الروسية إلى أفريقيا جنوب الصحراء نحو 3 مليارات دولار، في حين بلغت الواردات من أفريقيا جنوب الصحراء 1.7 مليار دولار. ومن اللافت للنظر أن حوالي ثلث واردات روسيا من أفريقيا هي زراعية، بما في ذلك الفاكهة والكاكاو والبن والبطاطس[18].
وحتى عام 2015، شكلت الجزائر ومصر والمغرب وغينيا وساحل العاج وجنوب أفريقيا مصدر لحوالي 80٪ من صادرات أفريقيا إلى روسيا. وبحلول عام 2018، شهدت كوت ديفوار زيادة قوية في التجارة المتبادلة مع روسيا، لا سيما فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية والطاقة. وخلال اجتماع مجموعة بريكس في جوهانسبرج عام 2018، أكد الرئيس بوتين أن تجارة روسيا مع أفريقيا نمت بأكثر من 25٪ مقارنة بما كانت عليه عام 2017، وأن التجارة شهدت نموًا خاصًا في قطاعات الإمدادات الغذائية والمعادن والآلات والمعدات[19].
مكافحة الإرهاب: دبلوماسية الكلاشنكوف
مع تزايد التحديات التي تواجهها فرنسا في مجال مكافحة الإرهاب في أفريقيا وبخاصة في منطقة الساحل الأفريقي، وعجزها عن وقف الأنشطة الإرهابية في المنطقة أو حتى تقليصها، تعالت الأصوات المنادية بالسماح لروسيا بلعب دور أكبر على صعيد مكافحة الإرهاب في الساحل، لا سيما بعد الدور البارز الذي لعبته موسكو في الأزمة السورية. وتقوم الاستراتيجية الروسية في منطقة الساحل على توقيع اتفاقيات تعاون عسكري وأمني مع العديد من دول المنطقة، وفي مقدمتها بوركينا فاسو ومالي والنيجر، الأمر الذي يسمح لروسيا بتقديم برامج تدريب وتعليم وطب لأغراض عسكرية. ليس هذا فحسب، بل إن روسيا لجأت مؤخرًا لتبني استراتيجية تستهدف دعم التيارات السياسية والشخصيات القيادية المناهضة للدور الفرنسي في الساحل. وفي أعقاب انقلاب مالي الذي أطاح بالرئيس أبوبكر كيتا في 18 أغسطس 2020، انتشرت تقارير حول وجود تحالف سري بين روسيا ومخططي الانقلاب في مالي، ذلك أن اثنين من مخططي الانقلاب قد عادوا إلى مالي قبل أيام من برنامج تدريبي في الكلية العسكرية العليا في موسكو. وعلى الرغم من عدم وجود أية أدلة قاطعة بشأن تورط الكرملين في انقلاب مالي، تظل روسيا هي المستفيد جيوسياسيًّا من هذا التحول السياسي في مالي، خاصة بعد سقوط كيتا حليف فرنسا، الأمر الذي دفع روسيا إلى إقامة علاقات ودية مع حكومة مالي الانتقالية[20].
ويطلق البعض على النهج الروسي في التغلب على التهديدات التي تواجهها القارة اسم “دبلوماسية الكلاشنكوف”، التي تقوم على بيع المعدات العسكرية وإرسال المستشارين في مجال الأمن، وتوظيف أفراد من شركات الأمن الخاصة المرتزقة التي أثبتت كفاءتها في دول مثل أفريقيا الوسطى، حيث أرسلت روسيا خبراء عسكريين إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، وأدى إيفاد “المستشار الأمني” فاليري زاخاروف إلى رئاسة جمهورية أفريقيا الوسطى إلى إثارة حفيظة فرنسا، حيث انتقد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ما أسماه “الوجود الروسي المهم والنشط المناهض لفرنسا”. وفي أكتوبر من عام 2017، تم توقيع اتفاق بين روسيا وأفريقيا الوسطى، تحظى بموجبه روسيا بالموارد مثل الماس والذهب واليورانيوم مقابل تقديم دعم عسكري وضمان أمن رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى. وجدير بالذكر أن شركة فاجنر العسكرية الروسية التي نشطت بقوة في مسارح الحروب الأوكرانية والسورية بدأت تنتشر في بعض الدول الأفريقية مثل السودان وليبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومدغشقر وأنجولا وموزمبيق وزيمبابوي وغينيا وغينيا بيساو، حيث يعرضون خدماتهم الأمنية مقابل امتيازات النفط والتعدين، وذلك وفق ما نشرته موسكو تايمز[21].
ولقد جاء في تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال القمة الروسية الأفريقية الأولى المنعقدة في سوتشي في نهاية عام 2019 أن روسيا مستعدة لتزويد بلدان الساحل بالمساعدة في مجال مكافحة الإرهاب[22]. ولقد حظيت الاستراتيجية الروسية لمكافحة الإرهاب في الساحل بتأييد كبير بين دول المنطقة، حيث دعا روش مارك كابوري رئيس بوركينا فاسو روسيا للانضمام إلى الشراكة الدولية من أجل الأمن والاستقرار في منطقة الساحل، كما صرح الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي أن الدعم الروسي يعد أمرًا حيويًا لتعزيز الاستقرار الإقليمي في المنطقة، كما خرج الآلاف من الماليين بعد انقلاب أغسطس 2020 مطالبين بدور روسي في مكافحة الإرهاب[23]. وإزاء تنامي المطالب السياسية والشعبية بالتدخل الروسي لمكافحة الإرهاب في الساحل، ربما تتجه روسيا إلى إرسال قوات إلى الساحل في إطار جهودها لمكافحة الإرهاب، وإن ظل هذا السيناريو يواجه صعوبات عملية ذات صلة بانخراط روسيا عسكريًا في سوريا وأوكرانيا وليبيا ودول أخرى، فضلًا عن وجود الكثير من القوى الدولية المتنافسة على الموارد والنفوذ في الساحل، والتي لن تسمح لروسيا بالاضطلاع بدور بارز في هذه المنطقة.
تطوير الطاقة في أفريقيا: دبلوماسية الطاقة
أصبحت الطاقة بمثابة القطاع الرئيسي للاستثمارات الروسية خلال السنوات الأخيرة، وبرز مفهوم دبلوماسية الطاقة مع تزايد حجم الاستثمارات الروسية في الغاز والنفط والطاقة النووية. وجدير بالذكر أن عدد من الجيولوجيين الروس يعملون بنشاط في دول مثل غانا ومدغشقر وليبيا، وكذلك تعمل شركات النفط الكبرى مثل Rosneft وLukoil للسيطرة على سوق الاستثمارات النفطية من خلال إنشاء حقول النفط والغاز في دول مثل مصر وموزمبيق[24]. وتريد روسيا أيضًا استخدام شركات النفط والغاز المملوكة للدولة في الغالب لإنشاء تيارات جديدة لإمدادات الطاقة. في عام 2018، على سبيل المثال، أعلنت شركة التنقيب عن النفط والغاز النيجيرية Oranto Petroleum أنها ستتعاون مع أكبر منتج للنفط في روسيا، Rosneft، لتطوير 21 حقلًا نفطيًا عبر 17 دولة أفريقية. كما قامت العديد من الشركات الروسية باستثمارات كبيرة في صناعات النفط والغاز الجزائرية وفي ليبيا ونيجيريا وغانا وساحل العاج ومصر[25].
ويعتبر الافتقار إلى الكهرباء الميسورة التكلفة هدفًا للكثير من دول القارة الأفريقية. وتحقيقًا لهذا الهدف، تنشط العديد من الشركات الروسية المملوكة للدولة مثل Gazprom وRostec وRosatom في أفريقيا، وتتركز أنشطتها إلى حد كبير في الجزائر وأنجولا ومصر ونيجيريا وأوغندا. وحتى الآن، وقعت روساتوم Rosatom مذكرات واتفاقيات لتطوير الطاقة النووية مع 18 دولة أفريقية، بما في ذلك مصر وغانا وكينيا وزامبيا ورواندا ونيجيريا وإثيوبيا. في عام 2018 وحده، وافقت شركة Rosatom على بناء أربعة مفاعلات نووية من نوع VVER بقوة 1200 ميجاوات في مصر – بتكلفة تشييد وصيانة بقيمة 60 مليار دولار – بقرض روسي يصل إلى 25 مليار دولار بفائدة سنوية تبلغ 3٪.[26] وفي الوقت نفسه، تجري محادثات لإنشاء مركز للتكنولوجيا النووية وأعلنت روسيا اعتزامها بناء مركز أفريقي للتميز والطاقة النووية في إثيوبيا[27].
خاتمة
ترتبط روسيا بروابط تاريخية بدول القارة الأفريقية شعوبًا وحكومات، فمنذ السنوات الأولى لاستقلال الدول الأفريقية في مطلع الستينيات من القرن الماضي، قدم الاتحاد السوفييتي دعما ماديا وعسكريًا للكثير من دول القارة، كما تعمقت الروابط الاقتصادية بينه وبين الدول الأفريقية خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات بدرجة كبيرة، مستغلًا في ذلك عدم وجود أي تاريخ استعماري للاتحاد السوفييتي في أي من دول القارة. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تراجع اهتمام روسيا بدول القارة الأفريقية، نظرًا لعدم قدرة الأولى على تقديم أي دعم يذكر لدول القارة، مقارنة بما كان يقدمه الاتحاد السوفييتي في الماضي. وخلال السنوات القليلة الماضية، وجهت روسيا الكثير من اهتمامها للقارة الأفريقية وأخذت في توطيد دعائم وجودها في القارة الأفريقية بشكل يسترعي الانتباه. ولقد حمل اهتمام روسيا المتجدد بأفريقيا في طياته العديد من الفرص للقارة الأفريقية، كما أدى إلى إيقاظ الاهتمام الأمريكي المتضائل بالقارة. ليس هذا فحسب، بل إن الاهتمام الروسي قد أثار حفيظة بعض الحلفاء التقليديين لأفريقيا، وفي مقدمتهم فرنسا، لدرجة دفعت الجميع إلى مراجعة سياساتهم في القارة. وبالرغم من أنه من المبكر الحكم على مدى فاعلية الدور الروسي في القارة الأفريقية، إلا أنه بشكل عام يقدم فرصة للدول الأفريقية ويعطيها مساحة للمناورة لا سيما في ظل المشروطية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على دول القارة سياسيًا واقتصاديًا. وبصفة عامة، يمكن القول أن مدى نجاح روسيا في تحقيق أهدافها الاستراتيجية في أفريقيا إنما يعتمد على مجموعة من العوامل، من بينها ردود فعل الحلفاء التقليديين لأفريقيا تجاه الدور الروسي المتنامي في القارة، على كافة الأصعدة، لا سيما في المجال العسكري والأمني.
[1] I. O. Abramovaа and L. L. Fituni: “Russia’s New Strategy on Africa”, in Herald of the Russian Academy of Sciences, Vol. 90, No. 6, 2020, pp. 690- 691
[2] Ibid, p. 693
[3] Idem
[4] Theo Locherer: “Russia’s Strategy in Africa”, 4 October 2020.
[5] Jideofor Adibe: What does Russia really want from Africa?
[6] د. شيماء محي الدين: دوافع وتداعيات التوسع الصيني في القرن الأفريقي، السياسة الدولية، عدد 214، أكتوبر 2018، ص ص 15- 19.
[7]Joséphine Dedet: “Russia-Africa: Putin’s continental strategy”
[8] Idem
[9] Jideofor Adibe: op.cit.
[10] Grey Dynamics, Russia in West Africa: Trying to Replace the West? 30/6/2020 https://sofrep.com/news/russia-in-west-africa-trying-to-replace-the-west/
[11] Samuel Ramani, Russia Takes its Syrian Model of Counterinsurgency to Africa, Commentary, 9 September 2020, https://rusi.org/commentary/russia-takes-its-syrian-model-counterinsurgency-africa.
[12] Steve Balestrieri, Putin is reportedly looking to expand Russia’s persense in Africa with new bases in 6 Countries, 12/8/2020, https://www.businessinsider.com/russiareportedly-signs-deals-allowing-bases-in-6-african-countries-2020-8
[13]Joséphine Dedet: op.cit.
[14] حمدي بشير: “الدور الروسي في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي: الفرص والتحديات”
[15] د. حمدي عبد الرحمن: “الساحل الأفريقي.. تعثر فرنسي وصعود روسي”
[16] Jideofor Adibe: op.cit.
[17] Theo Locherer: op.cit.
[18] Landry Signé: “Vladimir Putin is resetting Russia’s Africa agenda to counter the US and China”, 22 Oct 2019, https://qz.com/africa/1732316/putin-resets-russias-africa-agenda-to-counter-china-us/
[19] Idem
[20] صموئيل رامانى: ترجمة جمال خطاب: “هل تورطت روسيا في انقلاب مالي؟”
[21] Joséphine Dedet: op.cit.
[22] د. حمدي عبد الرحمن: م س ذ
[23] Laurent Ribadeau Dumas, La Russie exerce-t-elle une influence au Mali?, 21/11/2019, https://www.francetvinfo.fr/monde/afrique/politique-africaine/la-russie-exerce-t-elle-une-influence-au-mali_3711387.html
[24]Landry Signé: op.cit.
[25] Jideofor Adibe: op.cit.
[26] Idem
[27] Landry Signé: op.cit.