تغطية – سهام عيد
القاهرة – نظمت وحدة الدراسات الأفريقية بمركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية، أمس الأحد، ندوة بعنوان «مصر وسيراليون: تقارب سياسي وتعاون اقتصادي»، وذلك بحضور وفد دبلوماسي من السفارة السيراليون بالقاهرة وبمشاركة عدد من الباحثين ورجال الأعمال.
ناقشت الندوة التطور الذي شهدته العلاقات المصرية السيراليونية خلال الآونة الأخيرة، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الوفد السيراليوني برئاسة وزير الخارجية والتعاون الدولي الدكتور ديفيد فرنسيس إلى القاهرة خلال الفترة من 23- 25 أغسطس الماضي، حيث نتج عنها توقيع عدد من الاتفاقيات من شأنها تعزيز العلاقات بين البلدين.
بدوره، قال صموئيل علي كارجبو – القائم بأعمال سفارة سيراليون بالقاهرة، إن العلاقات التاريخية التي تربط بين جمهورية مصر العربية وسيراليون مذهلة، إذ بدأت جذورها من قبل استقلال سيراليون، وهناك روابط كثيرة بين البلدين، وعلى مدار سنوات أبرمت اتفاقيات تعاون عدة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ولفت صموئيل إلى نتائج الزيارة التي قام بها الوزير السيراليوني إلى القاهرة من أسبوعين، حيث تم توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات الشباب والسياحة والثقافة والسياسة، كما تم دعوة رجال الأعمال المصريين لزيارة سيراليون.
وأكد القائم بأعمال سفارة سيراليون أن بلاده هي أرض الفرص والاستثمار، إذ استعرض من خلال فيديو توضيحي كافة الفرص الاستثمارية المتاحة أمام رجال الأعمال المصريين ولعل أبرزها المزارع السمكية، والأراضي الزراعية الخصبة، فضلًا عن القطاع الصناعي والطبي.
وأضاف صموئيل: “أن السفارة السيراليونية تعد بيئة خصبة لهذه الاستثمارات والشراكة، مما يساهم في تطوير العلاقات بين البلدين، كما أن مصر تتيح الكثير من الفرص الاستثمارية والشراكة في مجالات التعليم والصحة والشباب”.
وأكد القائم بالأعمال في سفارة سيراليون بالقاهرة أن وجود الاستثمارات المصرية في سيراليون سيشكل عامل جذب للمنتجات والصناعات المصرية في دول الغرب الأفريقي الخمسة عشر من خلال عضوية سيراليون في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) وهو أهم تكتل اقتصادي إقليمي في منطقة غرب أفريقيا ويضُم عدد ضخم من السكان يقدر بحوالي 400 مليون نسمة.
كما أبدى رغبة بلاده في الاستفادة ونقل الخبرة المصرية في تشجيع ودعم الصناعات الحرفية والتقليدية إلى مجتمع الحرف اليدوية وأصحاب المشروعات الصغيرة في سيراليون فقد لاحظ اهتمام الدولة المصرية بأصحاب الحرف اليدوية والبسيطة وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال تشجيعهم بتوفير الدورات التدريبية والتمويل اللازم وإقامة المعارض للتسويق لمنتجاتهم.
كما صرحت الدكتورة غادة فؤاد رئيس وحدة الدراسات الأفريقية بمركز الحوار بأن توطيد العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية مع دول غرب أفريقيا ومنها دولة سيراليون أمر حيوي وضروري للمصلحة الوطنية المصرية ويأتي في إطار أهتمام القيادة المصرية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي في التوجه نحو أفريقيا بالكامل وليس التركيز على أقاليم دون غيرها، حيث تتميز أنها منطقة ذات أهمية استراتيجية وثقل جيوسياسي وسكاني وجغرافي كبير، بالإضافة للموارد الاقتصادية والطبيعية الهائلة التي تمتلكها تلك الدول فسيراليون على سبيل المثال دولة غنية بالماس والحديد بالإضافة للأراضي الزراعية الوفيرة وهي بيئة بكر للعديد من المشروعات الاقتصادية التي ستعود بالمنفعة على كلا الطرفين المصري والسيراليوني وعلى المواطنين في كلا الدولتين.
من جانبه، قال محمد كالون -المستشار الإعلامي بسفارة جمهورية سيراليون بالقاهرة- إن التعاون الثنائي بين البلدين في عمليات حفظ السلام والتعاون على المستوى الدولي يهدف لتحقيق المصالح الإفريقية والمصالح المشتركة، مشيرًا إلى أن هناك علاقة قوية وتاريخية قائمة على القيم المشتركة والرؤى المشتركة لحفظ الأمن والسلام في القارة الأفريقي بأكملها.
أضاف كالون أن مصر هي حجر الأساس على مر التاريخ، وأنها من أكبر البلدان المشاركة في قوات حفظ السلام من أجل الحفاظ على العلاقات المشتركة بين الدول.
لفت المستشار الإعلامي بسفارة سيراليون إلى الدور الذي قامت به مصر خلال سنوات الحرب الأهلية في سيراليون (1991 – 2002)، قائلًا: “على مدار 11 عام لم تتركنا مصر خلال الحرب لقد أرسلت العديد من القوات واللوجيستيات، وذلك من أجل حفظ السلام”، مشيرًا إلى أن بلاده تحافظ على تلك العلاقات القائمة على القيم المشتركة.
وأضاف: “التعاون لم يتوقف عند تلك النقطة فقط بل امتد إلى التعاون الدولي حيث قامت العديد من العلاقات والزيارات بين الرئيس السيراليوني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال لقاءات الأمم المتحدة من أجل التعاون للوصول إلى المصالح المشتركة”.
ولفت كالون إلى أن سيراليون كانت داعمة لمصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي، وكلاهما يدعمون بعضهم البعض بشكل جيد للغاية، مشيرًا إلى أنه حاليا مصر تدعم سيراليون لحل مشكلة مجلس الأمن من أجل الحصول على مقعد ولو غير دائم في الأمم المتحدة، خاصة وأن سيراليون تترأس لجنة الـ10 دول المعنية.
ولفت كالون إلى أن وزير الخارجية والتعاون الدولي السيراليوني خلال زيارته إلى مصر ناقشا مع نظيره المصري عدد من القضايا المتعلقة بمكافحة الإرهاب وفرص الاستثمار والتجارة الحرة لتحقيق نزيد من التعاون بين البلدين.
من جانبها، قالت الدكتورة نرمين توفيق -باحثة في الشؤون الأفريقية والمنسق العام لمركز فاروس للبحوث والدراسات الاستراتيجية- إن الرئيس عبدالفتاح السيسي يولي اهتمامًا خاصًا بالقارة الأفريقية منذ وصوله للسلطة، ولا تتوقف علاقات مصر مع دول حوض النيل فقط كما يظن البعض، فالقارة الأفريقية مليئة بالفرص من جميع أقاليمها.
وأضافت د. نرمين: “كما درسنا، لا نقول نحن والأفارقة بل نقول نحن الأفارقة”، مؤكدة أن مصر جزء لا يتجزأ عن القارة الأفريقية.
لفتت د. نرمين الباحثة في الشؤون الأفريقية إلى أن العلاقات بين مصر وسيراليون ليست حديثة أمس، ولكنها تمتد إلى سنوات ولدينا فرص استثمارية عظيمة مع هذه الدولة.
أكدت د. نرمين أن زيارة وزير الخارجية السيراليوني إلى مصر ولقاءه وزير الخارجية المصري سامح شكري كانت زيارة في غاية الأهمية، حيث التقى أيضا من خلالها مع وزيرة التعاون الدولي المصري وتم توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية.
أضافت الباحثة في الشئون الأفريقية: “نرى فرص استثمارية هامة في سيراليون، لديها الملايين من الأفدنة الصالحة للزراع، ولديها ثروة سمكية هائلة، فضلا عن السياحة والتعليم، وجميعها سبل لمزيد من التعاون بين مصر وسيراليون”.
ولفتت د. نرمين إلى أنه تم الاتفاق في الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد سيراليون إلى مصر على إنشاء محطة كهرباء مصرية في سيراليون، وكذلك مصنع للأدوية، متمنية أن يكون هناك زيارات متبادلة وأن يلبي الجانب المصري دعوة وزير الخارجية السيراليوني، وأن يكون هناك زيارات من خلال رجال الأعمال المصريين ورؤية فرص الاستثمار المتاحة على ارض الواقع.
من جانب آخر، تحدثت د. نرمين توفيق عن أهمية التعاون في المجال الأمني، حيث قالت: “التعاون مهم جدا في المجال الأمني خاصة مع التطورات التي تحدث باستمرار في منطقة الساحل والصحراء التي تعاني بشكل كبير من ملف الإرهاب، الكل يعرف أن بوكو حرام تنتشر في أكثر من دولة من دول غرب أفريقيا ولم تهدد فقط نيجيريا ولكنها تهدد أيضا دول جوار نيجيريا، ومن ثم مصر لها تجربة مهمة جدا في ملف مكافحة الإرهاب لذا فإن التنسيق الأمني بين مصر وسيراليون في الفترة المقبلة سيكون مهم جدا”.
وختمت توفيق كلمتها بالإشارة إلى قوة الشباب والربط بين الشباب المصري والشباب السيراليوني، وخلق احتكاك مباشر بينهم، مشيرة إلى اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسي بالمؤتمرات الخاصة بالشباب التي تم تنظيمها في مدينة شرم الشيخ ومدينة أسوان، بمشاركة وحضور شباب من معظم أنحاء القارة الأفريقية، مضيفة: “ده كان مهم جدا للاحتكاك المباشر بين الشباب المصري والسيراليوني يعني الفترة القادمة لو رأينا مثل هذه المؤتمرات سيكون مهم للغاية”.