كتبت – أماني ربيع
في مخيم “النابدون” على مشارف مقديشو، سمعت آشو عبدالله حسن، وهي أم لسبعة أطفال تبلغ من العمر 40 سنة، عن الفيروس التاجي لأول مرة في الراديو.
شعرت آشو بالذعر، وقالت: “أنا خائفة جدا من هذا الفيروس القاتل، منذ سمعنا عنه نعيش في انتظار الموت حتى يأتي”.
ووفقا لما نشرته «ذي جارديان»، يستضيف المخيم حوالي 3 آلاف عائلة، نزحت مؤخرًا من منطقة شبيلي السفلى في الصومال بعد اشتداد القتال والغارات الجوية الأمريكية.
أنظمة صحية هشة
ويحذر ناشطون في المجال الإنساني من أنه قد يكون من المستحيل وقف انتشار الفيروس في مثل هذه الأماكن، حيث الإمكانيات الصحية ضعيفة للغاية، وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي مستحيل، وفي مكان مثل “نبادون” قلة فقط من يستطيعون شراء الصابون والماء.
وقال باتريك يوسف، نائب مدير أفريقيا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر: “سيكون الأمر صعبًا هنا، الحكومات تسعى لحماية من يرون أنهم الشعب، وقد تترك مخيمات اللاجئين للاعتماد على نفسها فيما يتعلق بمقاتلة الوباء والوقاية من الفيروس”.
كان انتشار الفيروس التاجي في أفريقيا أبطأ بكثير منه في أوروبا وآسيا، لكن منظمة الصحة العالمية قلقة من الارتفاع الحاد في الحالات عبر القارة في الأيام الأخيرة.
وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، من أن الأرقام الرسمية قد تقلل من حجم العدوى في القارة.
وقال: “ربما لدينا حالات لم يتم اكتشافها أو حالات لم يتم الإبلاغ عنها”… “لقد رأينا في بلدان أخرى كيف يتسارع الفيروس بالفعل بعد نقطة تحول معينة؛ لذا فإن أفضل نصيحة لأفريقيا هي الاستعداد للأسوأ والاستعداد لذلك دون تأخير”.
ورغم الاستعدادات التي اتخذتها معظم الدول الأفريقية لمواجهة الفيروس التاجي، كان نحو 6.5 مليون لاجئ في أفريقيا جنوب الصحراء، خارج حسابات حكومات تلك الدول، وكثيرون منهم يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر، ويعانون من سوء التغذية وأمراض أخرى تضعف مناعتهم.
لكن المشكلة الحقيقية هي هشاشة النظم الصحية في جميع أنحاء أفريقيا، وحيث لا تستطيع المستشفيات والمراكز الصحية إلا التعامل مع جزء بسيط ممن يحتاجون إلى الرعاية إذا انتشر الفيروس بالفعل، خاصة أن العديد من مواطني الدول الأفريقية يعانون من فيروس نقص المناعة والسل.
يعرف مسؤولو الصحة في جميع أنحاء أفريقيا أن المستشفيات لا يمكنها التعامل سوى مع جزء بسيط من أولئك الذين يحتاجون إلى الرعاية إذا انتشر الفيروس عبر المدن المكتظة والقرى النائية وبين السكان المعرضين للخطر، مثل أولئك الذين يعانون من فيروس نقص المناعة البشرية وغيرها من الحالات المزمنة.
وفي شمال شرق نيجيريا، مُنع الزائرون من دخول المخيمات التي تأوي عشرات الآلاف من النازحين بسبب الصراعات مع جماعة بوكو حرام الإرهابية، في محاولة لمنع انتشار الفيروس التاجي.
وتستضيف أوغندا، أكثر من 1.4 مليون لاجئ، ويصل المزيد كل يوم من جنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وبدرجة أقل من رواندا وبوروندي.
وقالت البروفيسورة بولين بياكيكا -المتخصصة في الأمراض المعدية في جامعة ماكيري الأوغندية- إن الوقاية والسيطرة أساسيان لمكافحة الفيروس في ظل الازدحام داخل معظم مخيمات اللاجئين.
وأوضحت بياكيكا: “هذا مرض شديد العدوى، وللأسف هناك اكتظاظ في المخيمات، ولا توجد مرافق لغسل اليدين، ولا حتى مطهرات ومعقمات للأيدي، والمسافات بين الأشخاص ضئيلة”.
لكن أكدت جين روث آسينج، وزيرة الصحة الأوغندية، إن التعامل مع أي حالة من حالات Covid-19 في مخيمات اللاجئين سيكون مثل التعامل مع حالات التفشي في أي مكان آخر.
وقالت: “لدينا خيام اشتريناها، جاهزة لاحتواء الأشخاص الذين قد يصابون أينما كانوا، وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من مرض شديد، سيتم إحالتهم وإدارتهم في مستشفيات العزل الإقليمية التي يتم بناء قدراتها للتعامل مع Covid-19”.
وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حملة لتوعية اللاجئين في أوغندا حول النظافة والصرف الصحي، وزيادة توزيع الصابون ومعقم اليدين، وتدريب العاملين الصحيين.
من أزمة صحة لأزمة غذاء
يعتقد الخبراء أن بعض المخيمات قد تكون محمية إلى حد ما، لبعدها عن المناطق الحضرية التي هي نقاطة الدخول المعتادة للفيروس إلى البلدان، وقد تعزز الفئة العمرية المسيطرة على العديد من مخيمات اللاجئين، مع نسبة عالية جدًّا من الشباب والأطفال، قدرتهم على الصمود.
لكن الخطر الكبير هو أن التركيز على التهديد بالفيروس التاجي سوف يصرف الانتباه عن الاحتياجات الأخرى، مثل الطعام.
يقول ماو علي محمود -56 سنة، وهو أب لثمانية أطفال في مخيم للنزوح في منطقة هودان في مقديشو- إن أولويته هي الغذاء، “نحن نأكل وجبة واحدة فقط كل يوم، أنا لست منزعجًا من الفيروسات التاجية، نحن نفتقر إلى الطعام، ليس لدينا مياه شرب نظيفة، هذه هي أولويتي الأولى”.
وقالت جارته، ماريان عبدي يارو، 70 سنة، إنها وعائلتها ليس لديهم حماية ضد المرض، “أبنائي يعانون من سوء التغذية، ليس لدينا إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وهم الآن يقولون إنه تم تأكيد فيروس كورونا في الصومال، إذا أصيب شخص ما، فماذا سيفعلون؟ لا شيء على الإطلاق”.
وأضافت: “لا تستطيع الحكومة حتى أن توفر لنا مياهًا نظيفة للشرب في مخيم النازحين هذا، يوجد هنا ستة مراحيض فقط لكل 1000 أسرة. ندعو الله أن يساعدنا”.
وكانت وزيرة الصحة الصومالية قد أعلنت عن تسجيل البلاد أول حالة وفاة بسبب فيروس كورونا يوم 8 أبريل، كما كشفت عن أربع حالات إصابة جديدة بالفيروس، وبهذا يصل عدد المصابين إلى 12 شخصًا.
وسبق أن حذر برنامج الغذاء العالمي، من أن انتشار فيروس كورونا في الصومال قد يؤدى إلى تفاقم وضع الأمن الغذائي “الهش” في البلاد.
وصرحت المتحدثة باسم البرنامج، إليزابيث بيرس، بأن المنظمة الدولية وضعت خططًا تحدد أولويات الاحتياجات العاجلة بين الفئات الأكثر ضعفًا، لضمان استجابة سريعة وفعالة في حال تفشى الفيروس في الصومال.
وأكدت أن البرنامج سيقوم بكافة الجهود لضمان ألا تتحول الأزمة الصحية إلى أزمة غذائية، خاصة وأن الصومال من بين دول العالم التي لديها مؤشرات ثابتة لسوء التغذية والصحة، وحذرت من أن تفشي الفيروس بالصومال سوف يدمر نظام الرعاية الصحية المتهالك أصلا.
وسيقدم برنامج الغذاء العالمي خلال شهر أبريل الجاري، حصصًا غذائية، لمدة شهرين، لأكثر من مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد في جميع أنحاء الصومال.
كما سيقدم أيضًا الخدمات “اللوجستية” للحكومة الصومالية، عبر النقل الجوي لإمدادات الأقنعة الواقية والمعقمات، وغيرها إلى أجزاء من الصومال.