تغطية: سهام عيد
في ضوء اهتمام مركز «فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية» بالتواصل مع المنظمات الإقليمية وعلى رأسها منظمة الاتحاد الأفريقي ودعم المبادرات التي تنبثق من هذه المنظمات، نظم جلسة حوارية، أمس السبت، مع أعضاء مبادرة «حرية تنقل الأفراد» التابعة للاتحاد الأفريقي، بمقر المركز.
وحضر الجلسة كل من السفير نادر فتح العليم كبير السياسيين بمكتب الاتحاد الأفريقي بالقاهرة، ود. سماح المرسي رئيس قسم السياسة والاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا – جامعة القاهرة، د. حامد المسلمي سفير المبادرة عن شباب شمال أفريقيا، د. محمد فؤاد رشوان الباحث في الشئون الأفريقية وعضو المبادرة.
في البداية رحبت الدكتورة نرمين توفيق المنسق العام لمركز فاروس والتي أدارت الجلسة، بالحضور وأكدت أن هذه المبادرة ستعود بالنفع على كل دول القارة الأفريقية على جميع المستويات وعلى رأسها مجال التواصل بين أبناء أقاليم أفريقيا شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا.
حامد المسلمي: دمج الشباب الأفريقي هدف أساسي للمبادرة
من جانبه، قال د. حامد المسلمي سفير المبادرة عن شباب شمال أفريقيا: إن بداية تأسيس المبادرة يرجع إلى بروتوكول حرية تنقل الأفراد في أفريقيا عام 2018، وهو ملحق بمعاهدة جامعة اقتصادية لتنظيم حرية تنقل الأفراد في أفريقيا.
تعتمد فكرة المبادرة التي أطلقت في 28 نوفمبر 2020 على ضرورة دمج الشباب مع فكرة البروتوكول في حرية تنقل الأفراد في أفريقيا، وأن يدرك كل مواطن أفريقي بأنه صاحب المصلحة الأصلية في تطبيق البروتوكول، مما ينعكس بشكل مباشر على الأفراد ومن ثم على الاقتصاد، على حد قوله.
ولفت سفير المبادرة إلى أنه يعمل حاليًا على التنسيق بين المبادرة والاتحاد الأفريقي، ومنظمة الهجرة الدولية، لتوحيد الجهود وتركيزها لنتيجة أفضل.
وعن مدى أهمية المبادرة، استعرض حامد تجربة دولة سيشل وهي أولى الدول الأفريقية التي فتحت أبوابها للأفارقة وسمحت بحرية الدخول بدون فيزا مسبقة، مما انعكس بشكل مباشر على القطاع السياحي في سيشل حيث حقق نمو بنسبة 8 % بشكل سريع ومتزايد، بحسب تصنيف البنك الدولي، فضلًا عن خلق فرص عمل في القطاع السياحي، والأهم من ذلك رفع متوسط دخل الفرد بالنسبة للمواطنين
من الفئة المتوسطة للفئة العليا، مشيرًا إلى أن البروتوكول ليس مجرد كلام مرسل لكنه سيعود بالنفع على المواطن البسيط بشكل مباشر من خلال خلق فرص عمل وبالتالي ينعكس ذلك على التجارة والاقتصاد.
فؤاد رشوان: التواصل بين الشعوب الأفريقية سيتيح الكثير من الفرص
وفيما يتعلق بالفرص التي يضمها بروتوكول حرية التنقل، أشار دكتور محمد فؤاد رشوان إلى أن المبادرة تهدف إلى الوصول إلى مرحلة التكامل بين الدول الأفريقية، أو ما يسمى بالولايات الأفريقية، وذلك يرجع إلى بداية تأسيس التجمعات الإقليمية التي كانت تنادي دائما بأن أفريقيا للأفريقيين، وذلك بعد تحرير الدول الأفريقية من الاستعمار، ومع نشأة منظمة الوحدة الأفريقية كان هناك تيارين أحدهما يسعى للوصول إلى التكامل مرة واحدة وآخر يسعى لتحقيق فكرة التكامل والاندماج بشكل تدريجي وذلك بعد تحول الأهداف الرئيسية من تحرير الدول الأفريقية من الاستعمار إلى تحقيق الاستقلال داخل كل دولة ومن ثم الوصول إلى مرحلة التكامل بين الشعوب الإفريقية.
أضاف رشوان: أن فكرة التواصل بين الشعوب الأفريقية ستتيح الكثير من الفرص على مستوى الشعوب وليس على مستوى القيادات والحكومات فقط، بالإضافة إلى تحقيق التكامل بين الخطط والمشروعات من خلال حشد واستغلال الموارد الأفريقية بدل من استغلالها من الدول الخارجية وإعادة تصديرها مرة أخرى للدول الأفريقية بأسعار أغلى، مشيرًا إلى أن الخطط المشتركة بين الأفراد وحرية التنقل سيجعل هناك قوة دافعة للتنمية الاقتصادية بين الشعوب قبل ما يكون في للحكومات نفسها مما ييسر عملية الاستثمار التجاري.
تابع الباحث في الشئون الأفريقية د. محمد رشوان: البروتوكول يشمل حق الاستقرار في الدول المضيفة خاصة في الأعمال التجارية والحرفية، وذلك من خلال توزيع حركة العمل فهناك دول كبيرة لديها عمالة فائضة تسبب لها مشاكل اقتصادية وسياسية مقارنة بأخرى لديها موارد اقتصادية وليس لديها عماله بشكل كافي، مشيرًا إلى أن البروتوكول سيساعد الدول المصدرة للعماله والمستقبلة أو المستضيفة لها، فالأولى سيخفف عنها العبء السياسي والضغوط الاقتصادية، بالإضافة إلى تحولات العاملين بالخارج والذي يعد أحد مصادر الدخل القومي، أما الدول التي تستقبل العمالة الوافدة سيعود عليها بالنفع من خلال رفع كفاءة العمالة المحلية، وبالتالي نقل الخبرات والكفاءات المهارة لديها، فضلًا عن تحقيق الاستحقاق “المعاش” وكأن الشخص يتنقل من شركة لأخرى وليس من دولة لأخرى، مما يساهم في خلق فرص عمل أكبر.
لفت رشوان إلى تخوف بعض الدول من دخول جماعات إرهابية أو مسلحة في إطار العمالة، بأن قوانين العمل التي ستتبعها الدولة المضيفة ستكون مقننة وشرعية وفقا لقوانين الهجرة التي تنظمها هذه الدولة، مضيفا إلى أن فكرة التكامل ستصبح كمركز تفاوضي بين الدول الأفريقية بعضها البعض أو الدول الأوروبية.
بجانب فكرة التكامل الاقتصادي، تحدث رشوان عن التكامل السياسي والاجتماعي، مشيرًا إلى أن التكامل سيمنح بعض الدول الهشة سياسيًا قوة اكبر تستطيع من خلاله مواجهة النزاعات والصراعات الداخلية والخارجية.
واستطرد الباحث في الشئون الأفريقية: النقطة الأهم في البروتوكول هي الدراسة الاجتماعية أو خلق هوية أفريقية، وذلك من خلال تدريس اللغات الأفريقية في مراحل التعليم المختلفة ومخاطبة الشعوب الأفريقية بلغتها الأساسية وليس بلغة المستعمر، مما يعزز الهوية الوطنية ويخلق هوية مشتركة تحدث طفرة داخل القارة الأفريقية.
فتح العليم: شباب المبادرة يسيرون على الطريق الصحيح للوحدة
من جانبه، قال السفير نادر فتح العليم كبير السياسيين بمكتب الاتحاد الأفريقي بالقاهرة: فكرة المبادرة هامة جدا بالنسبة لأجندة الاتحاد الأفريقي في 2063، والبند الأهم هو حرية التواصل بين الشعوب، فمنذ نشأة المنظمات الأفريقية وكان اهم مورد لهم هو الإنسان الإفريقي على صعيد العادات والتقاليد والثقافة.
وأردف السفير نادر أن الإنسان الأفريقي معروف بصلابته المعهودة وعاداته وتقاليده وتمسكه بالحياة، وإذا تواصل في منطقة واحدة يمكن أن يقدم نموذج يحتذى به في العالم، مضيفًا: أنه وسط الصراعات الحالية أصبح لابد للأفريقي أن يتوحد أو يموت، ولكن نحن نؤمن في القوة والصلابة الأفريقية ونعلم أن أفريقيا الآن تسير بخطوات جيدة نحو الوحدة ونحو الاندماج الحقيقي.
وعن علاقة الفكرة بأجندة 2063، قال السفير نادر: إن تلك المبادرة هي عبقرية وجزء من العبقرية الأفريقية التي نشأت منذ تأسيس المنظمات الأفريقية وشواق الآباء المؤسسين ثم انتقلت بعد ذلك من أجيال لأجيال.
تابع: “الجانب الأهم في الموضوع هو الجانب الانتمائي أكثر من إنه جانب اقتصادي، إذا لم تتعزز الأواصر الاجتماعية وسط القارة يظل الإنسان حبيس لحدود وهمية صنعها المستعمر”.
لفت السفير نادر إلى أن حرية التنقل بين الأفراد في الدول الأفريقية ستعود بالنفع على ادخل القومي ودخل الفرد، وكذلك مكانة الدولة نفسها، وهناك دول بالفعل طبقت ذلك مثل روندا، فضلًا عن تقليل الجريمة العابرة للحدود، وتقليل الإرهاب.
وأكد السفير أن الشباب القائمين على المبادرة يسيرون على الطريق الصحيح، متمنيًا أن تتوحد أفريقيا ويتم إزالة كافة الأوهام العالقة في الأذهان، مضيفًا: “اللسان الأفريقي يستحق أن يكون في الريادة محليًا وإقليميا وعالميا”.
سماح المرسي: حان الوقت أن تصبح أفريقيا موحدة اقتصاديا
من جانبها، أضافت د. سماح المرسي: أنه حان الوقت أن تصبح أفريقيا موحدة وتنظر داخليًا لتحقق التكامل، مؤكدة أن المبادرة ستعود بالنفع على المواطن الأفريقي البسيط وكأنه يتنقل بين شركة وشركة داخل الدولة، متوقعة أن ذلك سيحقق العديد من المزايا والمنافع الاقتصادية وعلى رأسها زيادة معدل التجارة البينية بين الدول الأفريقية، وارتفاع معدلات التشغيل، وتراجع معدلات البطالة، وتراجع معدلات الفقر، وذلك كله يصب في مصلحة الإنسان الأفريقي، بالإضافة إلى الصناعة حتى ولو كانت مواد زراعية أولية أو مواد خام سينعكس بالفعل على قوة الصناعة في الدولة ومن ثم قوة الدولة اقتصاديًا.
ولفت د. سماح إلى تحسن المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والتي كانت سبب في انطلاق القارة الأفريقية مما يخلق العديد من فرص العمل.
وفي الختام، كرم مركز فاروس السفير نادر فتح العليم كبير السياسيين بمكتب الاتحاد الأفريقي بالقاهرة وقدم له درع المركز.
شاهد اللقاء كاملا