كتبت – أماني ربيع
تتميز القارة الأفريقية بتعدد الثقافات والثراء في العادات والتقاليد الخاصة بكل دولة، وبل بكل جماعة إثنية داخل الدولة نفسها، ورغم هذا الاختلاف والتعدد، إلا أن المسلمين في أفريقيا، عادة ما يشتركون في طقوس شبه موحدة خلال احتفالهم بحلول عيد الفطر المبارك.
والمسلمون الأفارقة من أكثر الناس الملتزمين بتعاليم الدين الإسلامي، وحبًّا لكل ماهو مرتبط بالدين من طقوس، ويعتبرون شهر رمضان 30 ليلة من الأعياد، وبرغم حزنهم لفراقه، إلا أنهم يعلمون في قلوبهم أن الله منحهم بهجة العيد مكافأة على صيامهم وقيامهم وعبادتهم طوال الشهر الكريم؛ لذا يتبارون في الاحتفاء بالعيد بشراء الملابس الجديدة والإقبال على أداء صلاة العيد، وإعداد الأطعمة والمأكولات المختلفة.
وفي التقرير التالي نطير في جولة حول عدد من الدول الأفريقية لنتعرف على طقوس العيد فيها:
مصر.. وقفة وعيدية
للعيد مظاهر مميزة في مصر، فهم يستعدون لقدومه مع بدء الأسبوع الثالث من رمضان، حيث تبدأ النساء في تجهيز مستلزمات صناعة الكعك والبسكويت و”الغُرَيِّبَة” و”البيتيفور” في أجواء احتفالية، يتجمعن في منزل إحداهن، ويجلسن لصناعة الكعك بنقوشه المميزة ضمن فريق جماعي، يقمن برصنه على صاجات معدنية ويرسلن أطفالهن بهذه الصاجات لخبزها في الأفران.
ولابد من استقبال العيد بملابس جديدة، حيث يذهب رب كل أسرة مع أطفاله وزوجته لشراء ملابس العيد، لذا تكون الشوارع مزدحمة جدًّا في تلك الفترة، وتكون ليلة “الوقفة” من الطقوس المميزة، حيث يسهر الجميع في انتظار الصباح لتأدية صلاة العيد في الساحات، وبعد الانتهاء من الصلاة يقومن بتوزيع البلالين والحلوى على الأطفال في المساجد، ويوزع الرجال على أطفال العائلة نقودًا تسمى “العيدية”، ثم يذهبون إلى المنزل لتناول الشاي والكعك، وبعدها يعوضون ما فاتهم من نوم، وتستمر زيارات الأقارب خلال أيام العيد الثلاثة.
السودان.. العيد يبدأ في رمضان
يشبه الاحتفال بعيد الفطر في السودان، نظيره في مصر، والعيد لديهم يبدأ من آخر أسبوع في رمضان، حيث تبدأ الجولات لشراء ملابس العيد الجديدة، وتقوم النساء بالتجمع لإعداد حلوى العيد من الكعك والبسكوت، ثم يبدأ استطلاع هلال شوال، وبعد رؤيته يتبادلون التهنئة.
وتفضل بعض الأسر السودانية السفر إلى القرى والريف لقضاء عطلة العيد بين الأهل، والأسر التي تبقى في المنزل تستقبل الأقارب والأصدقاء لتبادل التهنئة وتنازل الطعام.
جنوب أفريقيا.. باسطة وحريرة
رغم قلة عدد المسلمين في جنوب أفريقيا بالنسبة لعدد السكان، إلا أنهم يتسمون بالترابط والتلاحم الشديد، ويتركزون في مدن كيب تاون وديربان وجوهانسبرج، ويبدأ الاحتفال بالعيد لديهم منذ اللحظة التي يخرجون فيها من بيتوهم لرؤية هلال شهر شوال، وبعد رؤيته يبتهجون ويذهبون لشراء الملابس الجديدة لهم ولأولادهم.
ويحرصون على التجمع صباحًا لأداء صلاة العيد في المساجد، وتقديم زكاة الفطر، وتختلف الأصول الإثنية للمسلمين في أفريقيا، فهم بين هنود ومالاويون إندونيسيون، ومن ذوي البشرة البيضاء، وكل جماعة منهم تعد أطعمة خاصة بالعيد وفقًا لتقاليدها، فمثلًا ذوي الصول الهندية يعدون “الجانجوي” و”الحريرة”، أما ذوي الأصول الماليزية فيعدون “الباسطة”.
إثيوبيا.. أضحية
يفضل المسلمون في إثيوبيا الاحتفال في أجواء عائلية، وتكون صلاة العيد في الميادين المفتوحة، أو “استاد أديس أبابا”، وبعد الصلاة يعودون إلى المنازل للاحتفال مع الأسرة وإعداد أطعمة “أباشي” و”الموفو”، وبعض الأسر الميسورة تقوم بذبح حيوان وإعداد وليمة كبيرة، كما يحدث في عيد الأضحى كمظهر من مظاهر الاحتفال.
نيجيريا.. مواكب مرحة
الملابس الجديدة في العيد لدى مسلمي نيجيريا، أمر مهم جدًّا، ليس هذا فحسب، بل يرتدي الجميع من رجال ونساء وأطفال زيًّا ملونًا موحدًا، ويتبادلون التهاني بعد الانتهاء من صلاة العيد.
ومن المظاهر المميزة لعيد الفطر في نيجيريا، هي مواكب الشخصيات العامة والأمراء الذين يصطحبون معم فرقًا شعبية ومغنين يجوبون الشوارع ويغنون أغاني شعبية مرحة وتواشيح، لنشر الفرحة بين الناس.
أما أطعمة العيد المميزة فهي “أمالا” و”إيبا”، ويتم إعدادها بكميات كبيرة؛ لأنها تقدم في استقبال الضيوف والأقارب عند حضورهم للتهنئة طوال أيام العيد.
جزر القُمر.. موسم الفرح والمصارعة
يعتبر عيد الفطر في جزر القمر موسمًا للفرحة والاحتفال، ويفضل المقبلون على الزواج إقامة حفلات زفافهم خلال أيامه، وأي شخص لديه مناسبة مميزة يفضل الانتظار حتى قدوم العيد لإقامتها.
وخلال أيام العيد الثلاثة تكون هناك مجموعة من الفعاليات المختلفة مثل المسابقات الرياضية في الجري والمصارعة، ويتم ترشيح المتنافسين من مناطق وجهات مختلفة للتنافس على كأس البطولة على مستوى جزر أنجوان وموهيلي وجزيرة القمر الكبرى.
ويتبادل المسلمون الزيارات المنزلية للتهنئة بقدوم العيد، وتبدأ الزيارة بأهل الزوجة ثم شيوخ العائلة ثم الوالدين، ويعتبر العيد مناسبة مهمة للفتيات حيث يتم السماح لهن بالخروج من البيت، حيث لا يُسمح للفتاة القمرية غير المتزوجة بالخروج من المنزل إلا في العيد أو عند زواجها.
أما وجبة الطعام المميزة التي يتانولها القمريون في العيد فهي “بوتراد” وهي مكونة من الأرز واللحم المفروم واللبن.
السنغال
يحرص مسلمو السنغال على شراء الملابس الجديدة لحضور صلاة العيد بها، وينتظر الأطفال قدوم صباح العيد بشغف ولهفة، حيث يمنحهم الكبار الـ”ndéwanal” أو العيدية خلال زيارات تبادل التهنئة.
وعادة ما تكون العاصمة خالية طوال أيام العيد، حيث يقوم سكانها بالسفر إلى القرى لقضاء العطلة مع عائلاتهم.
موزمبيق.. من يصافح أولًا يفوز
عادة طريفة يقوم بها مسلمو موزمبيق عقب أداء صلاة العيد وهي التسابق على المصافحة فيما بينهم، فمن يبدأ التصافح أولًا يفوز بخير العيد، عملًا بحديث للرسول صلى الله عليه وسلم: “.. وخيرهما الذي يبدأ بالسلام”.
الصومال.. أعيرة نارية
ويستقبل الصومال عيد الفطر بإطلاق أعيرة نارية في الهواء ابتهاجًا بقدوم فرحة العيد، وقبلها يحرصون على شراء الملابس الجديدة، وبعد الانتهاء من صلاة العيد يقومون بتبادل الزيارات والتهاني، ويقوم الميسورون بذبح العجوم لتوزيع لحومها على الأقارب والفقراء كما يحدث في عيد الأضحى.
تونس.. زيارة الموتى
يعلن المسحراتي في تونس قدوم العيد عبر طبلته المميزة، ويقوم بغناء أناشيد خاصة ابتهاجًا بقدوم العيد، وقبلها تبدأ طقوس شراء ملابس العيد وإعداد الحلوى، وبعد أداء صلاة العيد، يقوم الأهالي بزيارة المقابر والدعاء لأحبائهم.
أما الأطعمة التي يشتهر تقديمها خلال العيد في تونس: ففي صفاقس يفضلون تناول السمك المملح المعروف بـ “الشرمولة”، وفي تورز يقدمون حلوى: “المشكلة” و”المحكوكة” و”الرخايمية”.
المغرب.. موسم الذهب
في المغرب يعتبر عيد الفطر هو “موسم الذهب”، حيث يحرص المغربيون على شراء الملابس والكثير من المستلزمات، ويصبح هناك رواج لحركة البيع في المحلات التجارية، ويذهبون للصلاة بالجلباب والطربوش و”الجبادور” مع “البلغة الفاسية”.
ويقوم كبير كل عائلة، بجمع أفراد عائلته وتقديم الهدايا لهم وسط أجواء احتفالية، وهناك من يفضل السفر للنزهة خارج العاصمة.
ويقدم المغاربة لأحبائهم خلال الزيارات في العيد الحلوى المغربية المميزة مثل: “المعسيلات”، و”كعب الغزال”، و”بريوات”.
الجزائر.. زيارة المرضى
يعتبر الجزائريون العيد فرصة للتآخي والمحبة، كما يفضل البعض زيارة الموتى وإحياء ذكراهم، يقوم أهل الجزائر بعد صلاة العيد بزيارة أقاربهم من المرضى وكبار السن، ويحرصون على اصطحاب أطفالهم لغرس قيم التراحم فيهم.
وأيام العيد عطلة للجميع ما عدا المحلات والمخابز، التي تتبارى في تقديم وصناعة حلوى العيد المميزة، وتتجمع الأسر الجزائرية لتناول طبق “الكسكسي”، ويتبادلون الزيارات والتهاني.