كتب – د. محمود زكريا محمود إبراهيم
مدرس العلوم السياسية ونائب مدير مركز دراسات حوض النيل بكلية الدراسات الأفريقية العليا- جامعة القاهرة
تأتي رئاسة السنغال للاتحاد الأفريقي -عبر رئيسها “ماكي سال” (Macky Sall)- خلال القمة العادية (35) لرؤساء الدول والحكومات المزمع انعقادها في الفترة (5- 6 فبراير) العام الجاري، تحت عنوان “بناء مرونة التغذية بالقارة الأفريقية: تسريع رأس المال البشري والتنمية الاجتماعية والاقتصادية”، وتأتي رئاستها للمنظمة خلفًا لرئيس الكونغو الديمقراطية “فيليكس تشيسكيدي”، والذي تولى الرئاسة في العام الماضي (2021)[1]، ومن المزمع أن تستمر رئاسة السنغال لمدة عام واحد، وذلك وفقًا لنص المادة السادسة من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي الصادر في يوليو 2000[2].
وقد صادقت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المعروفة اختصارًا باسم (إيكواس) على الرئيس السنغالي “ماكي سال” لتولي منصب رئيس الاتحاد الأفريقي اعتبارًا من عام 2022، وذلك في إطار قمة استثنائية عُقِدت في 2 فبراير 2021[3]، وتعد هذه هي المرة الرابعة من نوعها التي تتولى فيها السنغال الرئاسة منذ تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية في 25 مايو 1963، والمرة الأولى منذ انطلاق الاتحاد الأفريقي رسميًّا في قمة (ديربان) يوليو 2002، حيث سبق وأن تولت الرئاسة مرة في عهد الرئيس الأسبق “ليبولد سيدار سنجور” (Léopold Sédar Senghor) في عام 1980، ومرتين في عهد الرئيس الأسبق “عبدو ضيوف” (Abdou Diouf) في عامي 1985 و1992[4].
وتأتي رئاسة السنغال للاتحاد الأفريقي في العام الجاري في ظل استمرارية بعض القضايا الملحة المدرجة على أجندة عمل المنظمة منذ الرئاسة السابقة، والتي لا تزال تفرض جملة من التحديات الرئيسية في مواجهة آليات عملها خلال العام الجاري، ولذا يستهدف المنظور التحليلي لهذه الدراسة إلقاء الضوء على واقع هذه القضايا باعتبارها محاور اهتمام ذات أولوية متوقعة على أجندة رئاسة السنغال للاتحاد الأفريقي لهذا العام، وتتمثل هذه القضايا فيما يلي:
أولًا: تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية
تشكل أحد القضايا الملحة على أجندة رئاسة السنغال للاتحاد الأفريقي في العام الجاري، ولاسيما في ضوء التقدم غير الملموس المحرز بشأنها في إطار مرحلة ما بعد الإعلان عن بدء سريان هذه المنطقة مع مطلع العام المنصرم (2021)، وهو ما يضع مسألة تفعيلها ودخولها حيز التنفيذ الكامل محل اهتمام من قبل الاتحاد الأفريقي، حيث تعد بمثابة أحد المشروعات الرائدة في إطار الخطة التنفيذية الأولى لأجندة أفريقيا 2063، وأحد أكبر مناطق التجارة على مستوى العالم منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية في يناير 1995، وكان قد تم تبني الاتفاقية المنشئة لها في إطار قمة عقدت في (كيجالي) برواندا في 21 مارس 2018، والتي ودخلت حيز النفاذ وذلك بعد استيفاء عدد التصديقات اللازمة لذلك (22 تصديق) في 30 مايو 2019[5].
ويشكل التفعيل والتنفيذ الكامل لهذه المنطقة أولوية للاتحاد الأفريقي نظرًا للمكاسب المتحققة من ورائها، والمتمثلة -وفقًا لتقديرات البنك الدولي- في تعزيز حجم الصادرات الأفريقية بصفة عامة لتبلغ نحو (29%)، زيارة الصادرات البينية الأفريقية بأكثر من نحو (81%)، زيادة الصادرات الأفريقية إلى البلدان غير الأفريقية لتبلغ نحو (19%) وذلك بحلول عام 2035م، ورفع الدخل الحقيقي بنسبة تصل إلى (7%) أو (450) مليار دولار خلال ذات الفترة الزمنية، فضلًا عن إنقاذ نحو (30) مليون شخص من الفقر المدقع ونحو (68) مليون شخص من الفقر[6].
وتتمثل أبرز التحديات الرئيسية المواجهة لتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية في ظل رئاسة السنغال للاتحاد الأفريقي في العام الجاري في الآثار السلبية لجائحة كورونا والذي يعتبر بمثابة تحدي مواجه لمختلف مبادرات التكامل الإقليمي بوجه عام، عدم كفاية الموارد البشرية والمالية لاستكمال المراحل الثلاث المتعلقة بالمفاوضات لهذه المنطقة والمتمثلة في (تجارة السلع والخدمات، حقوق الملكية الفكرية والاستثمار وسياسة المنافسة، التجارة الإلكترونية)، تفاوض بعض الدول الأعضاء والشركاء بشأن اتفاقيات التجارة والاستثمار الثنائية مع أطراف ثالثة الأمر الذي قد يعيق أداء هذه المنطقة، فضلًا عن الاعتماد الكبير لهذه المنطقة على مستوى التقدم المحرز في مشاريع أخرى من قبيل برنامج تطوير البنية التحتية في أفريقيا (PIDA) وبرنامج التنمية الزراعية الشاملة في أفريقيا (CAADP) وسوق النقل الجوي الأفريقي الموحد (SAATM) والبروتوكول الخاص بحرية تنقل الأشخاص.
ويضاف لما سبق بعض التحديات التقليدية الأخرى، ولعل من أبرزها تشابه الهياكل الإنتاجية للدول الأفريقية والقائمة بالأساس على إنتاج المواد الخام الأولية، عدم تطوير استراتيجيات للتصنيع المحلي تتيح لها القدرة على إنتاج منتجات نهائية تصدرها للخارج، فضلًا عن تركيز أفريقيا في تجارتها الخارجية على القوى الدولية المتحكمة في حركة التجارة العالمية، ويأتي على رأسها الصين والتي بلغ حجم تجارتها مع أفريقيا نحو (185.2) مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام 2021[7]، والولايات المتحدة الأمريكية والتي بلغ حجم تجارتها مع أفريقيا نحو (58.44) مليار دولار في عام 2021[8].
ثانيا: تفعيل مبادرة إسكات البنادق في أفريقيا
تشكل أحد أبرز القضايا الملحة على أجندة رئاسة السنغال للاتحاد الأفريقي في العام الجاري، وذلك في إطار الاستمرارية لخطة عمل الاتحاد الأفريقي حيال التعامل مع كافة مصادر التهديد لمنظومة السلم والأمن الإقليميين، وقد كانت هذه القضية بمثابة القضية المركزية للاتحاد الأفريقي في عام 2020، حيث عقدت القمة العادية (33) في (أديس أبابا) تحت شعار “إسكات البنادق في أفريقيا: خلق ظروفًا مواتية للتنمية الأفريقية” وذلك في الفترة (21 يناير -10 فبراير 2020)، وقد اندرجت هذه المبادرة ضمن أهداف وأولويات تحقيق التطلع الرابع لأجندة أفريقيا 2063 والمُتعلق بجعل “أفريقيا قارة مسالمة وآمنة”، كما تعد بمثابة أحد المشروعات الرائدة في إطار الخطة التنفيذية الأولى للأجندة (2013-2023).
وتتعدد التحديات المواجهة للاتحاد الأفريقي أمام فعالية تنفيذ هذه المبادرة، وذلك بفعل انتشار الصراعات والنزاعات المسلحة لأسباب مختلفة، حيث يوجد ما لا يقل عن (20) دولة قد شهدت نزاعات مسلحة نشطة في أفريقيا جنوب الصحراء منذ عام 2020، وتتمثل هذه الدول في (أنجولا، بوركينا فاسو، بوروندي، الكاميرون، جمهورية أفريقيا الوسطى، تشاد، كوت ديفوار، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، غينيا، كينيا، مدغشقر، مالي، موزمبيق، النيجر، نيجيريا، الصومال، جنوب السودان، السودان، أوغندا)[9]، ويزيد من تفاقم الأمور بشكل سلبي وجود (11) دولة أفريقية من بين الدول الخمسة عشر الأكثر هشاشة في العالم.[10]. -انظر الشكل رقم (1) الموجود أدناه- وذلك وفقًا لمؤشر الدول الهشة لعام 2021 الصادر عن صندوق السلام(FFP) Fund for Pace وتتمثل هذه الدول في (الصومال، جنوب السودان، الكونغو الديموقراطية، أفريقيا الوسطى، تشاد، السودان، زيمبابوي، إثيوبيا، نيجيريا، غينيا، والكاميرون) .
وترتيبًا على ما سبق تصبح مسألة التسوية السلمية للصراعات والنزاعات في أفريقيا على رأس أولويات رئاسة السنغال للاتحاد الأفريقي في العام الجاري، فعلى مستوى منطقة حوض النيل والقرن الأفريقي، تأتي قضية سد النهضة في إثيوبيا والصراع في إقليم تيجراي واستكمال مسار المرحلة الانتقالية في السودان على رأس التهديدات للسلم والأمن الإقليمي، فعلى مستوى قضية سد النهضة لم يتم التوصل حتى تاريخه إلى اتفاق قانوني ملزم في ظل وساطة الاتحاد الأفريقي خلال العامين الأخيرين، حيث بدأ دوره في ظل رئاسة جنوب أفريقيا في عام 2020، والذي استمر في ظل رئاسة الكونغو الديمقراطية في العام التالي، إلا أن كلا الرئاستين السابقتين لم تنجحان في دفع الأطراف الثلاثة (مصر، السودان، إثيوبيا) للتوقيع على اتفاق قانوني ملزم يحدد قواعد المليء والتشغيل لسد النهضة، والحيلولة دون تبني إجراءات أحادية الجانب وذلك بفعل تعنت الجانب الإثيوبي وانتهاجه لسياسة فرض الأمر الواقع، وذلك على نحو ما قامت به إثيوبيا في المليء الأول المقدر بـنحو (4.9) مليار م3 في عام 2020م والمليء الثاني المقدر بنحو (3) مليار م3 في العام التالي دون التشاور والتنسيق مع دولتي المصب( مصر والسودان) وبشكل يخالف المبدأ الخامس من اتفاق إعلان المبادئ الصادر في مارس 2015، ولذا يتعين أن تركز السنغال في رئاستها للاتحاد الأفريقي على القيام بدور أكثر فعالية تجاه هذه القضية وذلك بما يتفق مع ما ذهب إليه البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 15 سبتمبر 2021.
وفي ذات الإقليم الفرعي يشكل الصراع الدائر في إقليم تيجراي في إثيوبيا بين قوات إقليم تيجراي والحكومة المركزية منذ نوفمبر 2019 أحد مصادر التهديد للسلم والأمن، والذي أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص وإجبار أكثر من مليوني شخص على ترك منازلهم، كما يواجه نحو (1.7) مليون شخص انعدام الأمن الغذائي في منطقتي (عفر، أمهرا) بسبب امتداد نزاع تيجراي إلى هذه الأقاليم، ويعاني ما يزيد عن (7) مليون شخص في جميع أنحاء البلاد من انعدام الأمن الغذائي الحاد، فضلًا عن لجوء ما يزيد عن (50) ألف إثيوبي إلى شرق السودان وتحديدًا إلى ولايتي “كسلا” و”القضارف” المحادتين لمنطقة النزاع وذلك وفقًا لإحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين (UNHCR)، كما أن ثمة احتمالية بشأن ارتفاع أعداد هؤلاء اللاجئين إلى نحو (200) ألف لاجئ بفعل تفاقم الأوضاع السلبية المصاحبة لأزمة إقليم تيجراي، وبالإضافة إلى موجات اللجوء فقد أدى الوضع إلى نزوح ما يزيد عن (2) مليون شخص عبر تيجراي[11].
ويزيد من تفاقم الأوضاع في الإقليم تنامي إشكاليات إتمام المرحلة الانتقالية في السودان، ولاسيما في ضوء تواصل الاحتجاجات والمظاهرات منذ الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة “عبدالفتاح البرهان” في 25 أكتوبر 2021، والتي قضت بحل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، وذلك على الرغم من بعض المحاولات لاحتواء الاحتجاجات وعلى رأسها التوقيع على اتفاق بين “البرهان” ورئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” في 21 نوفمبر 2021، والذي عاد بموجبه الأخير إلى منصبه كرئيس للوزراء، إلا أن عودته أثارت حفيظة القوى السياسية التي طالبت بنقل كامل للسلطة إلى المدنيين وإبعاد المكون العسكري، وهو ما أدى إلى تقديم “حمدوك” لاستقالته مع مطلع يناير 2022، وتلا ذلك إطلاق مبادرة من قِبل الأمم المتحدة لإيجاد إطار للحوار الشامل بين الأطراف المختلفة لحل الأزمة السياسية مطلع يناير 2022، والتي لم تؤدي لمنع استمرار الاحتجاجات الشعبية بالرغم من تأييدها من قِبل مجلس السيادة [12].
وعلى مستوى منطقة الساحل الأفريقي الكبير، فإن ثمة إشكاليات متعلقة بإتمام المراحل الانتقالية في بعض الدول، ولعل على رأسها حالتي مالي وليبيا، فعلى مستوى الوضع في مالي فقد شهدت البلاد انقلابًا عسكريًا من قِبل عناصر من القوات المسلحة بقيادة العقيد “عاصمي غويتا” Assimi Goïta في 24 مايو 2021، والذين قاموا بتشكيل لجنة وطنية لإنقاذ الشعب National committee for salvation of the people (CSNP)، واعتقال الرئيس «إبراهيم بوبكر كيتا» المُنتخب لأول مرة في أغسطس 2013 والذي أعيد انتخابه في عام 2018[13]، ويُعدّ هذا الانقلاب هو الثاني من نوعه في أقل من عام، حيث سبقه انقلابًا عسكريًا جرى في 18 أغسطس 2020.
وقد كان من المفترض أن تجرى الانتخابات في الدولة في فبراير 2022 وذلك وفقًا لخارطة الطريق للمرحلة الانتقالية المُحددة زمنيًا بـــــ (18) شهر والمعلنة في 13 يونيو 2021، بيد أن المجلس العسكري الحاكم أصدر جدولًا زمنيًا جديدًا للمرحلة الانتقالية لتصبح مدتها خمس سنوات للعودة إلى الحكم المدني[14]، على أن يتم إجراء استفتاء دستوري في عام 2023 وانتخابات تشريعية في عام 2025 والانتخابات الرئاسية في عام 2026، وقد برر المجلس العسكري ذلك في ضوء تدهور الوضع الأمني وضمان العودة إلى النظام الدستوري، وهو الأمر الذي رفضة ائتلاف من الأحزاب السياسية الرئيسية في مالي[15].
ولا تختلف الأمور كثيرًا من حيث تعقد المشهد السياسي في الحالة الليبية، حيث أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أنها غير قادرة على إجراء الانتخابات الرئاسية التي كان محدد إجراؤها في 24 ديسمبر2020، وذلك نتيجة لوجود قصور في التشريعات الانتخابية والطعون المتعلقة بأهلية بعض المرشحين، ومن ثم فقد طلبت المفوضية أن يحدد مجلس النواب في غضون فترة تصل إلى (30) يومًا موعدًا آخر للجولة الأولى من الانتخابات[16]، بيد أن المجلس قام بدعوة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات للتشاور مع الجهات والأجهزة المعنية بالعملية الانتخابية لتقديم مقترح لمجلس النواب حول تحديد موعد جديد للانتخابات في أقرب وقت ممكن وذلك في إطار جلسته المنعقدة في 3 يناير 2022[17].
ويضاف إلى ذلك التهديدات الإرهابية العابرة للحدود المرتبطة بجماعة بوكو حرام، والتي تتخذ من نيجيريا ارتكاز عملياتي لها منذ عام 2009، وتنفذ أنشطة عابرة للحدود في إطار دول الجوار الإقليمي وهي تشاد والنيجر والكاميرون والتي لا يزال الوضع في إطار المناطق الواقعة شمال وجنوب غرب الدولة متأزمًا نتيجة القتال بين قوات أمن الدولة (SSF) والانفصاليين من الأقلية الناطقة باللغة الإنجليزية الذين يطالبون بالحكم الذاتي تحت اسم “أمبازونيا” منذ عام 2016[18]، وتُصنف جماعة بوكو حرام بوجه عام كثاني أخطر الجماعات الإرهابية في العالم والأكثر دموية على مستوى أفريقيا جنوب الصحراء وذلك وفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي الصادر في عام 2020، وذلك إلى جانب حركة الشباب المجاهدين في إقليم شرق أفريقيا والتي جاءت ضمن قائمة الجماعات الإرهابية الأخطر والأكثر دموية على مستوى العالم وأفريقيا جنوب الصحراء وفقًا لذات المؤشر[19].
ثالثا: تطوير رأس المال البشري
يمثل أحد القضايا الملحة على أجندة السنغال للاتحاد الأفريقي في العام الجاري، نظرًا لكونه يتعلق بمختلف الأوضاع النوعية للسكان في أفريقيا، ويتكون مؤشر رأس المال البشري (HCI) وفقًا للبنك الدولي الصادر في أكتوبر 2018 من ثلاثة مؤشرات رئيسية يتمثل الأول في احتمالية البقاء على قيد الحياة حتى سن الخامسة، بينما يكمن الثاني في التعليم ويتم قياسه باستخدام مؤشرين وهما سنوات الدراسة المتوقعة ودرجات اختبار تحصيل الطالب المطور من قبل البنك الدولي، ويتمثل الثالث في الصحة والذي يقاس وفق مؤشرين وهما معدل البقاء على قيد الحياة من سن (15) إلى (60) عام، ومؤشر نسبة الأطفال دون سن الخامسة غير المصابين بالتقزم[20]، ويتراوح قيمة مؤشر رأس المال البشري من (0) إلى (1)، وتسجل أفريقيا جنوب الصحراء أقل قيمة لهذا المؤشر وفقًا لتقرير مؤشر الأمن البشري لعام 2020 الصادر عن البنك الدولي حيث بلغت قيمته (0,4)، في حين سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (0,57)، وتمثل أمريكا الشمالية بوجه عام أعلى قيمة حيث بلغت (0,75).
كما تواجه هذه القضية جملة من التحديات المستمرة في ظل رئاسة السنغال للاتحاد الأفريقي، ولعل من أبرزها انتشار الأمراض وعلى رأسها أمراض نقص المناعة وخاصة فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز” (HIV)، حيث تتحمل أفريقيا جنوب الصحراء بوجه عام أكثر من (70٪) من العبء العالمي لمرض الإيدز[21]، كما ترتفع نسبة الأمية في أفريقيا جنوب الصحراء حيث تمثل (65,4%) وفقًا لإحصائيات البنك الدولي لعام 2019[22]، ويضاف إلى ذلك أن (47٪) و(55٪) فقط من سكان الحضر في أفريقيا يحصلون على مرافق غسل اليدين وخدمات الصرف الصحي الأساسية على الترتيب[23].
رابعا: مكافحة آثار التغيرات المناخية
يمثل أحد القضايا الملحة على أجندة السنغال للاتحاد الأفريقي في العام الجاري، ولاسيما في ضوء استضافة أحد الدول الأفريقية (مصر) للمؤتمر السابع والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية المعروف بـ (COP27) في نهاية العام الجاري، وعلى الرغم من أن القارة الأفريقية تصدر في المتوسط أقل معدل لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري سنويًّا، غير أن هذه القضية تشكل تحديًا مستمرًا في أفريقيا في ضوء تأثيرها المباشر على تحقيق التنمية المستدامة بشكل مباشر في أفريقيا، حيث يهدد ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار منظومة الأمن الغذائي والمائي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في أفريقيا.
كما يتضمن تأثير هذه الظاهرة -على سبيل المثال وليس الحصر- انتقال بعض الأمراض مثل حمى الضنك والملاريا نتيجة توافر البيئة المناسبة للحشرات، انتشار أمراض نقص التغذية حيث ازداد عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية بنسبة (45,6%) في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء المعرضة للجفاف منذ عام 2012 وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، بالإضافة إلى الإضرار بالقطاع الزراعي في ظل اعتماد نحو (70%) من سكان القارة الأفريقية على حرفة الزراعة[24]، وثمة جملة من التحديات الرئيسية المواجهة لجهود مكافحة التغير المناخي داخل القارة الأفريقية في ظل رئاسة السنغال للاتحاد الأفريقي، ولعل أهمها عدم معرفة قطاع واسع من الأفارقة بظاهرة التغير المناخي وأبعادها وتأثيراتها المختلفة، قيام غالبية المزارعون الأفارقة بممارسات مؤثرة سلبًا على النظام الإيكولوجي من قبيل حرق الأدغال والري بالفيضان والرعي الجائر[25].
وختامًا يمكن القول: إن رئاسة السنغال للاتحاد الأفريقي في العام الجاري تأتي في ظل وجود جملة من القضايا الملحة ذات الأولوية على أجندة عمل الاتحاد الأفريقي، والتي تعكس بالضرورة جملة من التحديات المستمرة خلال السنوات السابقة، ويقتضي تفعيل دورها محاولة السير في مسارات متوازية لإيجاد حلول جذرية ومتوازنة لهذه التحديات، وذلك عبر خلق قاعدة توافقية بين مختلف الأطراف الأفريقية لتجاوز الاختلافات القائمة في الرؤى ووجهات النظر، وهو ما يتسق مع تفعيل مبدأ “الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية”، والذي يشكل الأساس المُفترض لمعالجة القضايا الأفريقية على مختلف المستويات من خلال تعزيز الاعتماد على الذات مقابل تقليص الاعتماد على الخارج.
[1]– African Union, “ President Felix-Antoine Tshisekedi Tshilombo, Takes Over as the New Chairperson of the African Union (AU) for 2021”, 6 February 2021, available at: https://bit.ly/2NEiys8
[2] – African Union, Constitutive act of the African union, Lomé, 11 July 2000, Article. 6
[3]-CGTN,“ECOWAS nominates President Macky Sall for AU Chair 2022-2023”, Available at:https://bit.ly/3qmqYEc
[4] – Mawunyo Hermann Boko, “Senegal: Macky Sall’s top priorities when he takes over the African Union in February”, 3 Feb 2022, Available at: https://bit.ly/3KHv5Em
[5] – African Union, ” Operational phase of the African Continental Free Trade Area is launched at Niger Summit of the African Union”, 7 July 219, Available At: https://bit.ly/32jJ7pV
[6] – David Thomas, “What you need to know about the African Continental Free Trade Area”, 12 Jan 2021, Available at: https://bit.ly/3AiFJwx
[7] – Global Times, “China seeks to expand imports from Africa: MOFCOM official”, 17 Nov 2021, Available at: https://bit.ly/3tRORH5
[8] – United states Census, “Trade in Goods with Africa” Available at: https://bit.ly/3IrwuNa
[9] – SIPRI, SIPRI Yearbook 2021: Armaments, Disarmament and International Security (Stockholm: SIPRI, 2021), p.10
[10] -Fund for Peace, Fragile States Index 2016 (Washington :Fund for Peace, 2016) P12-13
[11] – Reliefweb, “ACAPS Thematic Report: Ethiopia – Northern Ethiopia crisis: The humanitarian situation one year into the conflict”, 3 Nov 2021, Available at: https://bit.ly/3qOWqwl
[12] – CGTN, “Sudan’s sovereign council welcomes UN initiative to end political crisis”, Available at: https://bit.ly/32nt0vM
[13]– Africa Center for Strategic Studies, “The Legacy of Military Governance in Mali”, 25 Sept 2020, Available at: https://bit.ly/31IURGC
[14]– Voice of America (VOA), “Mali’s Military Authorities Propose 5-Year Extension of Transition Period”, 4 Jan 2022, Available at: https://bit.ly/3qMCBWj
[15]– Deutsche Welle (DW), “Mali: Political parties reject military’s five-year transition to democracy plan”, 2 Jan 2022, Available at: https://bit.ly/3GPCCi7
[16]-United Nation, “Libyan elections postponed, new date expected within 30 days “, 23 December 2021, Available At: https://bit.ly/3G7ywS4
[17] – Xinhua, “Libyan parliament urges elections commission to set new date for presidential election”, 4 Jan 2022, Available at: https://bit.ly/3K4Y0Su
[18]– The Guardian, “Ambazonia agitators decry African leaders’ silence as killings allegedly persist”, 6 Nov 2021, Available at: https://bit.ly/3KyUgZG
[19] – Institute for Economics & Peace, GLOBAL TERRORISM INDEX 2020, Sydney, November 2020, pp:16,17.
[20] – The World Bank, “The Human Capital Project: Frequently Asked Questions”, available at: https://bit.ly/2NZ7aHi
[21] – Ayesha B.M. Kharsany and Quarraisha A. Karim, “HIV Infection and AIDS in Sub-Saharan Africa: Current Status, Challenges and Opportunities”, US National Library of Medicine – National Institutes of Health, Access Date: 2 July 2020, Available At: https://bit.ly/2YNQpSC
[22]– The world Bank Group, “Literacy rate, adult total (% of people ages 15 and above) – Sub-Saharan Africa” , available at: https://bit.ly/2OZczyI
[23] – UNHCR, “Key Indicators”, Access Date:8 July 2020, Available at: https://bit.ly/3bxYNe4
[24] – United Nations Framework Convention on Climate Change, “ Climate Change Is an Increasing Threat to Africa”, 27 OCT 2020, available at: https://bit.ly/3dJ6mRJ
[25]– Pamella Ahairwe,” The paradox of climate change: How Africa can step up climate action to lighten its vulnerability”, available at: https://bit.ly/3qQSg4I