كتبت – أماني ربيع
قارة أفريقيا غنية بالتراث الثقافي الممتع، رغم قدمه، ومن أبرز مظاهر هذا التراث، تقاليد الزواج التي ما زال كثير من الأسر يعتمدها حتى الآن، رغم الحداثة وشيوع اعتماد الأسلوب الغربي في كافة مناحي الحياة.
يوجد في نيجيريا ما يقدر بـ370 قبيلة، الثلاثة الرئيسية هي الإيجبو والهوسا واليوروبا، ومثل معظم القبائل الأفريقية، الزواج هو أكثر من مجرد اتحاد فردين، إنه اتحاد للعائلات وأسلافهم، ولهذا السبب فمن المحتمل أن تجد أوجه تشابه في عادات الزواج للعديد من القبائل.
وتخطفنا هناك تقاليد الزفاف الاحتفالية الملونة، المليئة بالموسيقى والرقص والطعام، وحتى خارج أفريقيا، يلجأ المهاجرون من نيجيريا أحيانا إلى تخطيط حفلات زفافهم بلمسة من التقاليد التي تربطهم ببلادهم بحسب مصممة حفلات الزفاف بروك أفيشاي.
الزفاف عند الإيجبو
عند الإيجبو مثلا، عندما يرغب رجل في الزواج من امرأة ، فإنه يذهب مع والده وأقاربه الذكور الآخرين للطرق على باب عائلة العروس في عملية تسمى “Iku aka” أو “Iju ese” أو “طرق”.
عادةً ما يكون والد الرجل (أو العم ، أو الأخ الأكبر ، أو قريب الذكر الأكبر سناً) هو الذي يُعلن نيته الزواج من المرأة.
ينادي الوالدين العروس ويسألونها عما إذا كانت تعرف خطيبها وترغب في الزواج منه، إذا كان ردها بالإيجاب، فسوف ينتقلون إلى المرحلة التالية.
سيكون الاجتماع التالي بين عائلة العريس وعائلة العروس، يُعيد خلاله العريس تأكيد اهتمامه بالزواج من العروس في حضور جميع عائلتها المسماة “أمونا”، وحضور شيوخ العائلة، وبعد الحصول على الموافقة، يتم تحديد تواريخ حفل الزفاف التقليدي وإرسال قائمة مهر العروس.
بعد هذه الزيارة، يبدأ التفاوض على مهر العروس باسم “Ime ego”، ويكون المال المطلوب قليلا لأنه لا يرمز لقيمة العروس، لكن الهدايا المصاحبة للمهر هي الجزء الأكبر والأغلى، ويتم تقديمها في يوم متفق عليه، بعد الوصول إلى مبلغ محدد من قبل العائلتين.
ويُطلق على الحفل التقليدي الأخير اسم Igba Nkwu في هذا الحدث المفعم بالمرح، يجب على العروس البحث عن زوجها المستقبلي الذي يختبئ بين حشد الرجال.
يقام الحفل في منزل العروس وتقوم عائلتها بإعداد وليمة كبيرة لعائلة العريس وكذلك الضيوف المدعوين، ويقدم العريس المهر أمام عائلة العروس قبل بدء الحفل.
مع بدء الحفل ترقص العروس بفرح بينما تبحث عنه في الغرفة، يجب أن تحدد هوية خطيبها بشكل صحيح ثم تقدم له كوبًا من الشراب، والذي يجب عليه بعد ذلك أن يشرب منه للإشارة إلى أنه هو بالفعل عريسها، ثم يتم إعلان الزواج، ويقومان بتغيير ملابسهما، وتبدأ حفلة من الرقص المبهج.
الزفاف عند اليوروبا
حفلات زفاف اليوروبا التقليدية كبيرة وحيوية حيث يحضرها ما بين 200 إلى 1000 ضيف، ويتم استضافاتها، من قبل اثنين من النساء المعروفين باسم alagas، وهن عادة من النساء الأكبر سنا من أهل العروسين، والـ Alagas شخصيات صاخبة وجذابة تضيف روح الدعابة إلى اليوم.
لدى اليوروبا عادة تحية تُعرف باسم Ìdobálè حيث يسجد الذكور، ويضعون أجسادهم بالكامل على الأرض كدليل على الاحترام، يجب على العريس ورفاقه السجود أمام أهل العروس ويجب أن يلمس الصدر الأرض بالكامل حتى تكتمل التحية.
وتصطحب والأصدقاء العروس إلى منزلها الجديد في طقوس تسمى “Ekun Iyawo” والتي تعني “صرخة العروس الجديدة”، وهذا طقس لإظهار حزنها على مغادرة منزل والديها، وعلى عتبة منزل زوجها تصلي من أجل حياة سعيدة، وتغسل ساقيها، حيث يُعتقد أنها تغسل كل سوء حظ قد يكون قد جلبته إلى منزل زوجها بعيدًا.
الزفاف عند الهوسا
في عادات زواج الهوسا، لا تكون هناك مغازلة، أو رومانسية قبل الزواج، وعندما يقرر الرجل الزواج من امرأة يهتم بها، يزور عائلتها مع عائلته وأصدقائه، وأمور الزواج هناك شأن رجالي، يناقشه رجال العائلة، يذهب العريس مع هدايا من الفواكه والحلويات والشوكولاتة.
يقوم العريس بإخطار أصهاره المحتملين بأنه قد رأى شيئًا يحبه في عائلة العروس، ويُشار إلى هذا عادةً باسم “na gani ina so” والتي تعني حرفياً “لقد رأيت شيئًا أعجبني”. إذا تمت الموافقة على اقتراح الزواج من قبل عائلة العروس ، يبدأ التفاوض على المهر.
ويبدأ مهر العروس من الحد الأدنى للمبلغ المعروف باسم “روبو دينار” في لغة الهوسا، وهي عبارة عربية تعني “ربع جرام من القطعة الذهبية”، إلى أعلى مبلغ يمكن أن يدفعه العريس، من الأفضل أن يكون مهر العروس منخفضًا قدر الإمكان لأنه وفقًا للتعاليم الإسلامية، كلما قل المبلغ المدفوع كمهر العروس، زادت النعم والبركات التي ستأتي للزواج. يُعرف دفع المهر باسم Sadaki.
يتم تحديد موعد الزفاف خلال هذه الزيارة من قبل العائلتين، تسمى عملية تحديد التاريخ سارانا، ويوم الزفاف نفسه يسمى الفاتحة.
وقبل الزفاف هناك ليلة للنساء فقط، تستمتع فيها العروس مع صديقاتها اللاتي يزين ايديهن بالحناء، وفي الليلة التالية يتفاوض أقارب العريس مع السيدات لإطلاق سراح العروس، وبعد حفل الاستقبال يتم اصطحاب العروس إلى منزل الزوجية في عملية تسمى Kai Amariya.
وهذه أبرز تقاليد الزفاف النيجيري:
المهر
هناك قائمة يعدها أهل العروس بمتطلباتهم، تُسمى eru iyawo عند اليوروبا، أو الدينار rubu عند الهوسا، أو ببساطة مهر العروس، تُقدم القائمة للعريس ليأتي بكل ما فيها، وذلك قبل الخطبة الرسمية، والمهر ليس قيمة لثمن بيع المرأة، كما يعتقد البعض، وإنما إشارة رمزية لإثبات أن الرجل قادر على الاعتناء بها وعائلتها الجديدة مالياً.
يمكن للمهر أن يشمل أي شيء مثل: النقود مع الملابس والفاكهة والحلوى والملابس أو سلع منزلية أو حتى سيارة جديدة، وأحيانا حيوانات، وإذا لم يستطع العريس توفير ذلك، لن يمكن المضي في الخطبة.
احتفال مزدوج
عادة لا يقتصر زفاف أي عروسين في نيجيريا على حفل واحد، فهناك حفلان، الأول احتفاء بالتقاليد والتراث ونجد فيه كل عناصر التراث الثقافي المحلي، وهناك حفل ديني حيث يقيم الزوجين الطقوس الدينة، وفقا لديانتهما ويتبادلان العهود.
الجميع مرحب بهم
تقليديا، لا يكون في حفلات الزفاف النيجيرية قائمة ضيوف، فالمجتمع المحيط بأكمله مرحب به، خاصة مع توفر الكثير من الطعام والشراب الذي يعده أصحاب الزفاف في كرم واحتفاء برباط مقدس يجمع بين قلبين، وأوقات من المرح
Alaga.. ألاجا
وتعني مسؤول بحفل الزفاف عن ترفيه الضيوف بمزيج من الرقص والموسيقى والمواقف الضاحكة، وجود الألاجا يشبه مشاهدة مسرح حي طريف، ويبقي جميع الضيوف منتبهين ومستمتعين خلال حفل الزفاف.
Gele.. جيلي
ترتدي العرائس النيجيريات غطاء رأس تقليدي مزخرف يسمى جيلي، تحذو وصيفات الشرف والعائلات حذوهم ويرتدون الجيلي، بينما يرتدي العريس Fila، المستوحى أيضا من التراث لتكريم التقاليد الثقافية لبلادهم في هذا اليوم.
آسو إيبي.. ملابس العائلة
حرفيا، تعني آسو إيبي “ملابس العائلة”، حيث يختار الأزواج النيجيريون ما يرتديه ضيوفهم ويخصصون لون لعائلة العروس ولون منفصل لعائلة العريس.
عرض الزواج والقبول
قبل الزفاف، يكتب العريس النيجيري خطابا بما ينتوي تجاه ابنته ويسلمه لوالدي العروس، هي رمز لعرض الزواج، ويتم قراءتها بصوت عال، من قبل أحد أفراد عائلة العروس، وبعدها يتم قبول عرض الزواج الذي يرمز له الخطاب نيابة عن عائلة العروس.
خلال حفل الزفاف، يسجد العريس مع رفاقه، ويضعون وجوههم أسفل أقدام عائلة العروس، وهذا التقليد يرمز إلى احترام وتكريم العريس لأسرة العروس على جهودهم في تربية زوجته المستقبلية، وطوال الحفل، على العريس أن يكسب حب واحترام عائلة العروس.
كعكة الزفاف
لا يقطع العروس والعريس الكعكة في حفل الزفاف كما نشاهد في حفلات أمريكا والدول الغربية، بل يتم تقطيعها في حفل الاستقبال الذي يلي حفل الزفاف التقليدي، وترمز الكعكة إلى الحياة الحلوة القادمة.
الطعام
تقليديا تقوم عائلة العروس بإعداد الطعام لجميع المدعوين، ويقع ذلك على عاتق والدة العروس وأقاربها في مطبخ المنزل، وتكون الوجبات عبارة عن أطعمة محلية تقليدية، تقدم للضيوف خلال الحفل.
ومن آداب الزفاف النيجيرية عدم ترك أي ضيف جائعًا، وستجد المائدة حافلة بأرز الجولوف ” Jollof “، الذي صار مرادفا لحفلات الزفاف في نيجريا، لدرجة أنه يطلق عليه أحيانا “أرز الحفلة” أو “أرز الزفاف”، وهو طبق نيجيري شهير وأصله محل نزاع حاد، حيث هناك منافسة طويلة مع غانا المجاورة حول من يطهوه بشكل أفضل.
ويقدم أيضا في الزفاف المقبلات، من فطائر اللحم والنقانق، والسمبوسة، وأسياخ اللحم الحارة المسماة ” suya”.
إلقاء الأموال
ومن التقاليد النيجيرية عند الزواج إلقاء النقود على حلبة الرقص لاستجلاب البركة للزوجين كي يسبحا في السعادة دوما، وهذه الأموال تعتبر مساهمة مالية من الأقارب والأصدقاء للعروسين لمساعدتهما في بدء حياتهما الزوجية، وتقوم وصيفات الشرف بجمع الأموال، وكلما طالت مدة رقص الزوجين على الحلبة، زادت كمية الأموال الملقاة.