كتب – حسام عيد
من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التي من المتوقع تدشينها مطلع العام المقبل 2021، ومخططها الخاص لرؤية 2030 للتعزيز الاقتصادي، تستعد مصر للظهور كرائد عالمي في الاقتصاد الدولي. فمصر لديها الكثير من التصميم والإرادة، كما أنها تمتلك الكثير من القدرات والموارد الطبيعية التي يمكن أن تضعها في الصدارة في العالم، حسبما يؤكد دومًا الرئيس عبدالفتاح السيسي.
2030.. رؤية تنافسية
وتسير مصر على الطريق الصحيح لتنشيط المشهد الاقتصادي بالكامل والتحول لقوة عالمية كبرى، مدعومة برؤية 2030 التنافسية، المبنية على ركائز محددة تهدف إلى تمكين القطاعات وتعزيز إمكانات البلاد من خلال تنمية الشباب وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتنمية الحضرية والصناعة والبنية التحتية.
وتسعى رؤية 2030 إلى الاستفادة من الموارد الطبيعية لمصر وموقعها الجغرافي الرئيسي في أفريقيا لإزالة الحواجز أمام التجارة بين البلدان الأفريقية وزيادة الاستثمارات في جميع أنحاء القارة. وسيؤدي الالتزام بجدول الأعمال إلى تحسين الاتصال لربط القارة بالسكك الحديدية والطرق والبحر والجو، وسيعزز التجارة، ويحفز النمو ويخلق فرص العمل.
الشباب و الإبتكار
من أجل تحقيق هذه الأهداف، يجب على مصر أولاً إعداد أصولها الأكثر قيمة، والمتمثلة في شعبها، موردها الرأسمالي المتجدد. يوجد في مصر عدد متزايد من الشباب، فهناك حوالي 62% من السكان تقل أعمارهم عن 29 عامًا. وهذا يوفر فرصًا غير محدودة تقريبًا حيث تسعى الدولة جاهدة لاختراق أسواق جديدة وتطوير علامتها التجارية “صنع في مصر”. ليس هذا فحسب، بل إن الشباب المصري فريد أيضًا في نظرتهم للعالم.
اليوم، يتم تمكين أجيال ما بعد الثورة في مصر برؤى لتغيير مستقبل بلدهم، وتعمل الشركات على تلبية هذا الشغف بفرص التدريب والتعليم.
ويقول محمد شلباية، الرئيس التنفيذي لشركة بيبسيكو PepsiCo، “إن الحمض النووي للمصريين، خاصة بعد الثورة، هو” أريد تحقيق شيء ما”. بمجرد أن تمنحهم التعليم المناسب والتدريب المناسب، فإنهم يتفوقون. في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، كان لدينا 33000 ساعة تدريب للموظفين، وهذا يعطينا الميزة لأنه بمجرد تدريبهم، يمكنهم التفوق. يريد الجيل زد Z أن يصبح رواد أعمال، ونحن نساعدهم في ذلك”.
بالإضافة إلى التدريب، هناك العديد من المبادرات لرعاية الأفكار والاستثمار في المواهب، مثل مراكز الابتكار وحاضنات نمو ريادة الأعمال.
ومن جانبها، تقول هالة الجوهري، الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ITIDA: “في عام 2013، أنشأت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات: مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال TIEC، تتمثل مهمته الرئيسية في تطوير النظام البيئي لريادة الأعمال من خلال تطوير المواهب لدى شباب الجامعات، ومنحهم التعليم الأساسي حول كيفية إنشاء شركاتهم الخاصة وتطوير خطط الأعمال”.
وتستغل مراكز التكنولوجيا ميل الشباب للغة عصر الثورة الصناعية الرابعة، مما يخلق فرصًا لابتكار الأعمال واختراق أسواق جديدة عبر الإنترنت.
ويضم مركز الإبداع وتكنولوجيا المعلومات أيضا حاضنة ومسرع أعمال للمساعدة في إنشاء شركات ناشئة في الدولة.
وتضيف الجوهري، “أطلق الرئيس السيسي برنامجاً لتنمية القدرات لـ10 آلاف شاب أفريقي و100 شركة ناشئة”. وقد تم تكليف هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA) بتنفيذ هذه المبادرة. في العام الماضي، عملت الهيئة المصرية مع حوالي 3000 شاب من أفريقيا ومصر، وقدمت 30 شركة ناشئة.
والفكرة الرئيسية هنا؛ هي جعل هؤلاء الثلاثة آلاف شاب ينشئون شركاتهم الخاصة، وبعضهم فعل ذلك. في السنة الأولى، ساعدت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات أبرز الشركات الناشئة على عرض منتجاتها. ومع شباب متحمس ومتفاني ومستعد ليصبح رواد أعمال، من المؤكد أن مستقبل مصر سيكون في أيد أمينة.
بنية تحتية رقمية متطورة
إن تطوير التكنولوجيا وقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT لا يستجيبان لقدرات الشباب المصري فحسب، بل أثبتا أيضًا أنهما لا يقدران بثمن في جهود تنمية رأس المال البشري في البلاد. وتعمل مصر بجد نحو الابتكار والبنية التحتية الرقمية لصالح الجميع.
ويقول د. عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: “إن ما يدفع نمو الاتصالات هو انتشار الإنترنت، والمزيد من النطاق العريض الثابت والمزيد من الأسر التي لديها كمبيوتر. أما بالنسبة لقطاع تكنولوجيا المعلومات، فهذا تحول تشرع فيه مصر بشكل مثير للإعجاب”.
ويتابع،”نحن بحاجة إلى خلق نظام بيئي يشجع الابتكار وريادة الأعمال. نحن ندعو الشركات الناشئة إلى معسكرات التفكير، ومنتديات التوفيق، وإنشاء محاور للابتكار عبر حرم الجامعات حتى يتمكن الطلاب من تشكيل فرق، وتجميع حلولهم والتركيز على أهداف محددة”.
ويتوقع أن تفتح البنية التحتية الرقمية القوية العديد من الفرص وتلعب دورًا مبتكرًا في الرفاهية العامة للقارة الأفريقية.
تنمية عمرانية متكاملة
فيما يتعلق بالتنمية العمرانية وتعزيز البنية التحتية، أطلق البنك المركزي برنامجًا بقيمة 50 مليار جنيه لمساعدة المطورين العقاريين على تمويل الوحدات السكنية للأسر متوسطة الدخل. نظرًا لأن هذا القطاع يؤثر على الصناعات الأخرى، فإن دعم التطوير العقاري والصناعة المحلية هو أحد أولويات الحكومة.
بالنسبة للسنة المالية 2020/2021، تمت زيادة الإنفاق الاستثماري للحكومة المصرية من 150 مليار جنيه مصري إلى 230 مليار جنيه مصري لتوسيع مشروعات التنمية والخدمات المختلفة على مستوى الجمهورية. كما تمت زيادة الميزانية المالية لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، مما أدى إلى توسيع نطاق شركات الإنشاءات.
تمكين التجارة والصناعات الأفريقية
تتمثل أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ورؤية مصر 2030 في تمكين الصناعات الأفريقية، وتسريع التجارة بين بلدان القارة السمراء عبر منطقة جغرافية قارية من أجل تعزيز مكانة القارة في السوق العالمية.
بشكل عام، تسعى المبادرات إلى تعزيز الصوت الأفريقي المشترك في مفاوضات التجارة العالمية، وهو موقف طال انتظاره.
وتقول وزيرة التجارة والصناعة د. نيفين جامع: “تعتبر منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية خطوة كبيرة نحو التكامل الاقتصادي من خلال التحرير الفعلي للتجارة، حيث تحقق خطوات كبيرة في معدلات التنمية الاقتصادية، والتكامل الإقليمي والقاري من خلال التكامل الإنتاجي والتجاري القائم على التنافسية. وبناء سلاسل القيمة المضافة عبر القارة. وتحرص مصر على تحقيق نتائج ملموسة في المجالات التي يمكن أن تؤدي إلى التكامل الاقتصادي الإقليمي والتنمية، وربط حضارات وثقافات الدول الأفريقية وتعميق التعاون مع الشركاء الدوليين أيضًا”.