كتب – حسام عيد
حينما دشنت الحكومة المصرية برنامجها الإصلاحي القوي وضعت البيئة ركيزة أساسية في خطط واستراتيجيات تسريع النمو الاقتصادي وبلوغ التنمية المستدامة المنشودة، التي باتت تجني ثمارها اليوم من أجل الأجيال القادمة.
وقد كانت مصر سباقة إلى وضع رؤية لـ2030 لتكون دولة ذات اﻗﺘﺼﺎد تنافسي ومتوازن ومتنوع، وذات وعي إيكولوجي متزن ﻟﺘﺤﻘﻴق اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ المستدامة والرقي بجودة حياة المصريين، وأولت في سبيل ذلك دعمًا كبيرًا للحلول والمشروعات المبتكرة لمعالجة قضايا تلوث المناخ والحد من فوضى الاختناقات المرورية التي تساهم بشكل غير مباشر في رفع معدلات الاحتباس الحراري والانبعاثات الضارة.
ولكون مصر إحدى الوجهات الأفريقية الرائدة والرائجة في نمو الشركات الناشئة ومشروعاتها، وتحديدًا في قطاع التكنولوجيا، قامت بعض الشركات بالاستثمار في زحام القاهرة، عبر تقديم مبادرات وابتكارات تكنولوجية.
حلول تكنولوجية غير تقليدية
طفرة تنموية غير مسبوقة لعلاج مشكلات الزحام والطرق في مصر، هذه الطفرة دفعت العديد من الشركات الناشئة لتقديم حلول تكنولوجية غير تقليدية تتماشى مع توجه الدولة نحو مستقبل خال من الزحام.
ووفق “وكالة الأنباء الفرنسية، أ ف ب”، يقول الأستاذ المتخصص في نظم السير بجامعة القاهرة أسامة عقيل “إن أزمة الحركة المرورية في القاهرة الكبرى تنعكس في متوسط السرعة في شوارعها الذي لا يزيد عن 10 كيلومترات في الساعة”.
ويشير عقيل إلى أن زمن الرحلة من مكان لآخر في العاصمة المصرية يمكن أن يتجاوز 90 دقيقة، أي أكثر من يوم كامل إذا أُخذ في الاعتبار أن أسبوع العمل خمسة أيام فقط.
ومن الرحلات المشتركة في السيارات الشخصية إلى “أوبر” مرورًا بالمعلومات المتعلقة بحالة حركة السير، توجد العديد من التطبيقات لمساعدة القاهريين على التنقل.
ولكن إزاء الفوضى التي تشهدها حركة السير وما ينجم عنها من اختناقات مرورية، فإن أي تجديد تكنولوجي محل ترحيب.
تطبيق “مواصلات للقاهرة”
ومن بين الشركات الناشئة الأكثر طموحًا تلك التي ابتكرت تطبيقًا يحمل اسم “مواصلات للقاهرة” بدأ مصمموه في رسم خريطة معمقة لخطوط سير وسائل المواصلات في المدينة.
ويقول محمد حجازي مدير الشركة وأحد مؤسسيها، “برسم خريطة لحركة وسائل المواصلات في المدن الكبرى وباستخدام هذه المعطيات للتخطيط مستقبلًا نأمل أن يتم حسم الوضع”.
وعلى الأرض، تقوم فرق تابعة للمشروع بحصر كل الرحلات الممكنة بين كل المناطق.
ويضيف حجازي: “نعمل مع السلطات من أجل إدخال تغيير على نظام التنقل”.
ويدعم البنك الدولي ووزارة النقل المصرية هذا المشروع الذي يهدف إلى تخطيط خطوط سير وسائل المواصلات في القاهرة خلال “السنوات العشر أو العشرين المقبلة”.
التحول للطاقة النظيفة
ويتابع حجازي أن مشروعه يستهدف في مرحلة لاحقة ترقيم وتحليل المعطيات لخدمة “الهدف النهائي وهو تحويل كل المواصلات إلى الطاقة النظيفة لتعمل كلها بالكهرباء”.
وتمثل اﻟﺒﻴﺌﺔ الآمنة والصحية الأساس لتحقيق التقدم اﻻﻗﺘﺼﺎدي والاجتماعي، وهذا لن يتحقق إلا من خلال سياسات اقتصادية تراعي مبادئ التنمية المستدامة وتتخذ البيئة مكونًا أساسيًا لها في قطاعاتها المختلفة، وأبرزها قطاع النقل.
وفي العام 2014، أفادت مذكرة للبنك الدولي بأن 8 مليارات دولار يتم إهدارها كل عام بسبب التأخير وكلفة الوقود. وبحسب البنك الدولي، كانت كلفة تلوث الهواء تمثل 1% من اجمالي الناتج القومي عام 2013 وتشكل “الاختناقات المرورية السبب الرئيسي للتلوث الناتج عن النقل”.
محفظة أجرة “الرقمية”
أما شركة “محفظة أجرة” فتركز على جانب آخر من مشكلة المواصلات، يتمثل في أن قرابة 500 مليون جنيه مصري (نحو 31 مليون دولار) يتم تداولها يوميا من خلال عملات صغيرة.
ويأمل خالد خليل، مؤسس هذه الشركة الناشئة البالغ من العمر 30 عامًا، في أن تساهم”محفظة أجرة” في إنجاز التحول الرقمي والاستغناء عن العملات الصغيرة “بحلول العام 2030”.
ويقول “نعمل على أن يكون سداد تعريفة المواصلات أسهل”، مضيفًا إن الأموال السائلة باتت مصدر “خطر” لأنها يمكن أن تنقل الفيروسات مثل كورونا.
وتضع الشركة إعلانات على حافلات شركات النقل الجماعي وتستخدم حصيلة هذه الدعايات في خفض قيمة التعريفة التي يسددها الركاب إلكترونيًا.
“تنك” وتقليص الزحام
وتؤكد شركة “تنك” الناشئة أنها أضافت لمسة تجديد في مجال الرحلات المشتركة في السيارات الشخصية.
ويقول عادل المحروقي (38 سنة) -وهو أحد مؤسسي “تنك”- “لقد حولنا الرحلات المشتركة إلى مقابلات اجتماعية”.
وتحاول الشركة الشابة المساعدة في الحد من عدد السيارات في الشوارع، من خلال نظام تجميع نقاط واستبدال نقود أو وقود بها، من أجل تحفيز أصحاب السيارات على عدم القيام بالرحلة بمفردهم.