كتبت – أسماء حمدي
بعد مرور قرابة 12 عامًا، على تفشي تلوث بيئي جراء أنشطة التعدين الحرفية غير الآمنة في نيجيريا، والذي تسبب بوفاة مئات الأطفال، نجحت منظمة أطباء بلا حدود في القضاء على التسمّم بالرصاص في مدينة أنكا بولاية زامفارا شمال البلاد.
التسمم بالرصاص
في عام 2010، توفي أكثر من 600 طفل من التسمم بالرصاص في سبع قرى بولاية زامفارا في غضون 6 أشهر، وأصيب مئات آخرون بأضرار في الدماغ وإعاقات جسدية نتيجة تعدين أنشطة التعدين الحرفية، في أزمة أدت إلى صدمة كبيرة في جميع أنحاء البلاد، وسلطت الضوء على مخاطر التعدين في المناطق القروية وفقيرة.
ومنذ ذلك الحين، واجه فريدريك تشوكويميز وهو عضو في منظمة «أطباء بلا حدود»، مهمة شاقة تتمثل في علاج الأطفال الذين تسمموا بالرصاص في أنكا، قائلا: «لقد رأيت مرضى يعانون من نوبات مستمرة لا يمكن السيطرة عليها بأي دواء، كما رأيت الأطفال الذين لا يستطيعون الكلام، ولا يستطيعون المشي، ودائما في السرير، وبعد ذلك، بالطبع، يموت الأطفال، إنه لأمر مفجع حقًا عندما نرى مثل هذه الحالات».
ويشير تشوكويميز إلى أن السنوات التي تلت ذلك، شهدت أيضا المزيد من الوفيات ومئات حالات التسمم، بما في ذلك الأطفال الذين أصيبوا بإعاقات جسدية وتلف شديد في الدماغ ما يتسبب بوفاتهم.
لكن منذ أكتوبر من العام الماضي، آي بعد 12 عامًا لم يمت أي طفل وذلك بفضل الجهود المشتركة بين الوكالات المحلية والدولية التي قضت فعليًا على حالات التسمم بالرصاص في الولاية، يقول تشوكويميز: «إنه إنجاز رائع – بالنسبة لي وللمرضى».
يقول رئيس قرية داريتا، الحاج محمدو بيلو: إنه «في ذروة الأزمة في قريتي، توفي 120 طفلاً، ستة أو سبعة كانوا يموتون كل يوم، وتبين أن سبب التسمم هو تلوث التربة والمياه والغذاء برواسب التعدين التي تنتقل إلى من العمال إلى منازل القرية والمناطق السكنية».
نهاية القاتل الصامات
يعد التعدين الحرفي، هو مصدر الدخل والخيار الوحيد للكثيرين في زمفارا، وهي ولاية غنية بالمعادن، ونظرًا لتفشي الفقر ونقص فرص العمل في المنطقة يشارك في ذلك العديد من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في المنطقة، غير أنّهم لا يدركون المخاطر الصحية الناجمة عن هذه الممارسات.
ويعتبر العلاج بالاستخلاب وعملية معالجة المناطق من التلوث بالرصاص باهظي الثمن، بل غير كافيين كذلك للقضاء على خطر التسمم بالرصاص بين المجتمعات.
رداً على ذلك، تعاونت منظمة أطباء بلا حدود مع OK International، وهي منظمة متخصصة في الصحة المهنية والصناعية، ومؤسسة TerraGraphics الدولية، وهي مجموعة هندسية بيئية، للعمل مع مسؤولي الصحة والبيئة في ولاية زامفارا وغيرهم من المسؤولين الحكوميين لوضع برنامج طويل الأجل للحد من الفقر، والتسمم بالرصاص، لكن مهمتهم لم تكن أسهل في القرى التي يجتاحها المتشددون بانتظام ولا يمكن الوصول إليها للمساعدة.
بعد برنامج مراقبة مكثف، تم فحص أكثر من 8000 طفل في مناطق التعدين المتضررة من قبل منظمة أطباء بلا حدود ومسؤولي الصحة بالولاية، وخضع أكثر من 3500 طفل للعلاج بالاستخلاب لإزالة رواسب الرصاص من دمائهم.
شهد برنامج «التعدين الأكثر أمانًا» تدريب أكثر من 5000 من عمال المناجم والعاملين المجتمعيين على معايير محسنة لمنع التعرض للرصاص، وتم إنشاء مواقع معالجة مخصصة مع حمامات على بعد 2 إلى 3 أميال من المناطق السكنية لمنع عمال المناجم من جلب المعادن إليها.
ونتيجة لذلك، لم يتوفَ أي طفل بسبب التسمم بالرصاص هذا العام، و أصبحت حالات التسمم بالرصاص نادرة الآن.
بيئة آمنة
يقول منسق مشروع منظمة أطباء بلا حدود في زامفارا بنجامين موانجومبي: «يتحمل كل من رؤساء القرى وقادة المجالس مسؤولية ضمان عدم إحضار الأشخاص لعمليات التعدين إلى منازلهم، وتتم المعالجة في مناطق مخصصة لكل قرية».
في حديثه لصحيفة «الجارديان» البريطانية، قال رئيس وكالة الصرف الصحي البيئية في ولاية زامفارا الحاجي شيخو أنكا، إن أعمال الحفر أزالت النفايات من التربة ومعالجة المعادن المتبقية في الآبار والبرك، لقد أضرت أنشطة التعدين بالبيئة المحلية حقًا، لذا كان علينا بذل جهد كبير لاستعادة البيئة وجعلها آمنة، وسوف نواصل ضمان خلوّ البيئة من الملوّثات لكي لا يتعرّض الأطفال إلى التسمّم من جديد».
يضيف الحاجي شيخو أنكا: «بسبب التحديات الأمنية كنا نقوم ببعض هذا العمل البيئي والتدريب البيئي عن بعد، اعتدنا على دعوة عمال المناجم القادمين من تلك القرى، ثم اجمع عينات من التربة من منازل الأطفال الذين لا يستجيبون للعلاج، ثم يقومون بمعالجة البيئة بأنفسهم».
قال موانجومبي إن نجاح المشروع، الذي تم تسليمه الآن إلى حكومة ولاية زامفارا لقيادته، يرجع إلى مشاركة المجتمعات والمسؤولين المحليين والدوليين، لقد أدركنا أن سبب تفشي المرض هو أن الناس جلبوا رواسب المعادن إلى القرى، لم يكن لدى الناس أي معرفة حول كيفية التعدين بأمان، الآن نعتقد أن هناك مستوى جيد من التغيير السلوكي.
مضيفا: «تتطلّب الوقاية مشاركة الجميع على غرار رؤساء القرى والقادة المجتمعيين والسلطات الحكومية ومشرّعي القوانين لكي تساهم هذه الجهود المتظافرة في الحفاظ على البرنامج الذي سلّمناه والحؤول دون تفشي التسمّم بالرصاص في ولاية زامفارا في المستقبل».