كتب – حسام عيد

على مسار التحول إلى قناة خضراء تطبق معايير الاستدامة البيئية ومكافحة تلوث المناخ، بدأت هيئة قناة السويس في تنفيذ مخططها الهادف إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية والرياح، كمصدر لإنتاج الكهرباء، وتشغيل محطات المراقبة على المجرى الملاحي.

ومن سياسات وآليات الهيئة في هذا الاتجاه؛ إجراء عملية دمج للخلايا الشمسية وتوربينات الرياح، لإنتاج ما يقرب من 10 كيلو وات، تشغيل محطات الإرشاد الـ١٦ بالطاقة المتجددة وتحويل البحرية الخاصة بالهيئة للعمل بالغاز الطبيعي، بجانب تشجيع عملاء القناة على استخدام وقود صديق للبيئة، فضلًا عن دراسة تقديم حوافز للسفن التي تستخدم الغاز الطبيعي المسال وتطبق معايير السلامة البيئية، كما أفاد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.

مبادرة “قناة خضراء” بالتزامن مع COP 27

مقرر أن يتم تشغيل 16 محطة مراقبة بطول المجرى الملاحي بالطاقة الشمسية والرياح خلال العام الجاري، في إطار تفعيل مبادرة “قناة خضراء”.

وكان الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، قد أعلن مطلع عام 2022 عن تفعيل مبادرة بيئية باسم “قناة خضراء” سيتم الاعتماد فيها على ضوابط جديدة خلال العام الجاري، تتماشى مع توجهات المنظمة البحرية العالمية، بتقليل الانبعاثات الكربونية، بالتوازي تقوم الهيئة بدراسة منح تخفيضات للسفن المطبقة لنفس المعايير البيئية، ومتوقع أن تتراوح نسب التخفيضات والحوافز بين 10 إلى 20%.

وأكد “ربيع”، أن هيئة القناة لديها برنامج للحفاظ على البيئة ضمن مبادرة قناة خضراء، حيث تدرس منح تخفيضات تتراوح بين 10 و15 و20%، إلى جانب برنامج نقاط وحوافز مالية وغير مالية، بما يخلق صورة لقناة خضراء تحافظ على البيئة.

وفي بداية فبراير الماضي، قال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس: إن السفن المسيرة بالغاز المسال، صديقة للبيئة، وسيتم إعلان القناة “قناة خضراء”، بحلول 2030، لافتًا إلى أن السفن صديقة البيئة ستمنحها القناة بعض التخفيضات تزامنًا مع تشغيل 16 محطة في القناة بالطاقة المتجددة.

وهناك معايير دولية تلزم هيئة قناة السويس إلى تحويل المجرى الملاحي لقناة خضراء، وعلى رأس تلك المعايير اهتمام المنظمة البحرية الدولية بالشحن الأخضر، واتجاهها نحو تخفيض نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة من السفن البحرية، بالتزامن مع عقد المؤتمر الـ27 للتغيرات المناخية في شرم الشيخ 2022.

مشروع للأمونيا الخضراء بمليار دولار

وعلى مسار القناة المتجدد والنظيف الهادف لبلوغ صفر انبعاثات كربونية، خطت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس خطوة جديدة من أجل تحقيق نقلة نوعية بتوطين صناعة الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس والمنطقة، بتوقيعها عدد من الاتفاقيات والشراكات في مارس 2022 مع كيانات وطنية وأجنبية رائدة.

وتجري ستة تحالفات دولية، في مقدمتها تحالف من شركتي “إي دي إف رينيوابلز” الفرنسية للطاقة المتجددة و”زيرو ويست” المصرية، محادثات حاليًا مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لإنشاء مصنع لإنتاج الأمونيا الخضراء بقيمة مليار دولار لتزويد السفن بالوقود الأخضر، وتبلغ الطاقة الإنتاجية المستهدفة للمصنع نحو 220 ألف طن سنويا، وذلك بالقرب من ميناء العين السخنة في المواقع المحددة من جانب هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، ويتم نقلها على شبكة الكهرباء الوطنية التي تديرها الشركة المصرية لنقل الكهرباء.

وفي شهر مارس، أيضًا، أعلنت عملاق الطاقة المتجددة النرويجية “سكاتك”، أنها وقعت مذكرة تفاهم لإنشاء مشروع لإنتاج الأمونيا الخضراء، باستثمارات قدرها 5 مليارات دولار، في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بالشراكة مع صندوق مصر السيادي. وتبلغ الطاقة الإنتاجية الأولية للمشروع مليون طن سنويًا، قابلة للزيادة إلى 3 ملايين طن سنويًا.

ويسعى تحالف “إي دي إف رينيوابلز” أيضًا لإشراك “صندوق مصر السيادي” في المشروع المرتقب تنفيذه في المنطقة الاقتصادية الاقتصادية لقناة السويس.

وأبرم التحالف الفرنسي بالفعل اتفاقيات مبدئية مع بنوك دولية لتمويل المشروع، ويأمل في توقيع العقود النهائية خلال عام 2022 الجاري.

مركز لوجستي عالمي لمشروعات الهيدروجين الأخضر

المشروع الأول لإنتاج الأمونيا يجرى إنشاؤه حاليًا بأرض المطور الصناعي “شركة السويس للتنمية الصناعية”، ويعتمد المشروع على الطاقة المتجددة، التي يتم إنتاجها من طاقة الرياح “خارج نطاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس”.

ويتزامن بدء تنفيذ المشروع مع استضافة مصر لمؤتمر المناخ “كوب 27” نوفمبر المقبل، وهو ما يعد فرصة جيدة للإعلان عن البداية الفعلية لمشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر بصفة عامة، وفى المنطقة الاقتصادية بصفة خاصة.

كما تلقت المنطقة الاقتصادية عدة عروض أخرى مبدئية لإقامة مشروعات الهيدروجين الأخضر داخل نطاقها سواء بمنطقة السخنة المتكاملة، أو منطقة شرق بورسعيد.

وخلال الفترة الماضية، وقعت الحكومة المصرية عدد من مذكرات واتفاقيات التعاون مع عدد من الأطراف والشركات العالمية لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره، بما في ذلك توقيع مذكرة تفاهم مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتمويل الأعمال الاستشارية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين، والتوقيع على اتفاقية التطوير المشترك بين صندوق مصر السيادي وشركة “فيرتيجلوب” و”سكاتك” النرويجية لمشروع إقامة وتشغيل منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 100 ميجاوات، فى المنطقة الصناعية بالعين السخنة التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وتحرص الدولة المصرية، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، على جذب الكثير من الاستثمارات إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، خاصة مشروعات الطاقة النظيفة، وهو ما يتطلب تكثيف الجهود من أجل تعظيم الاستفادة من الموقع الاستراتيجي والحيوي لمحور قناة السويس، سعيًا ليصبح مركزًا لوجستيًّا واقتصاديًا عالميًا، لا سيما في مشروعات الهيدروجين الأخضر.

وتستهدف المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مجال الاقتصاد الأخضر وتطبيقاته الصناعية المختلفة مثل صناعة الهيدروجين الأخضر، الذي يعد أحد أهم مصادر الطاقة النظيفة عالميًّا، التي تجذب المستثمرين العالميين، انطلاقًا من الإمكانات التي تتمتع بها المنطقة الاقتصادية، خاصة موقعها المتميز على ضفتي المجرى الملاحي الأهم في العالم وهو قناة السويس، الأمر الذي يتيح فرصًا غير مسبوقة لرفع تنافسية القناة وتحويلها إلى مركزٍ عالمي لتموين السفن بالوقود الأخضر، ولا سيما أن المنطقة تلقت عددًا من العروض العالمية لإقامة مشروعات الهيدروجين الأخضر.

وختامًا، كل هذه الجهود من شأنها تحويل مصر إلى ممر لعبور الطاقة النظيفة إلى أوروبا والعالم، ولذلك تعمل الجهات المعنية أيضًا بدأب لتعظيم الاستفادة من الفرص المطروحة في ضوء رئاسة مصر للدورة الـ27 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير لمؤتمر المناخ COP27، لجذب مزيد من التعاون والاستثمارات لمشروعات التحول الأخضر، لاسيما إنتاج الهيدروجين الأخضر.