كتب – حسام عيد

كينيا ستخسر نحو 10 مليارات شلن “ما يعادل 100 مليون دولار” من الصادرات إلى روسيا نتيجة العقوبات المفروضة على موسكو بسبب حربها ضد أوكرانيا، لكنها محقة في دعم ذلك النهج الغربي (الأوروبي-الأمريكي). هكذا أفاد المرشح الرئاسي رايلا أودينجا.

وتأتي الانتخابات الكينية في عنوان واحد لا غير، هو ماذا بعد الرئيس أوهورو كينياتا، والذي قرر عدم الترشح لانتخابات رئاسية لولاية ثالثة.

وتمثل الانتخابات في كينيا نقطة تحوُّل جذرية في المسار الديمقراطي، إلا أنَّ القضاء في كينيا مستقل بشكل كبير على عكس دول أخرى، والذي رفض نتائج الانتخابات في 2017 بسبب مخالفات في فرز الأصوات.

ويخوض الانتخابات نائب الرئيس الحالي، وليام روتو، والمنافس المعارض رايلا أودينجا، الذي تولّى منصب رئيس الوزراء من 2008 لـ 2013.

اختلال الميزان التجاري

وخلال حديثه في معهد “تشاتام هاوس” بلندن، قال “أودينجا” إن صادرات التبغ والقهوة والشاي والتوابل والأشجار الحية والنباتات والمصابيح والجذور والزهور والفواكه الصالحة للأكل والمكسرات والبطيخ إلى كل من روسيا وأوكرانيا مهددة نتيجة الصراع المستمر منذ ثلاثة أسابيع.

في كينيا، الخسائر قد تبلغ نحو 10 مليارات شلن من الصادرات إلى روسيا نتيجة للعقوبات، أي حوالي 100 مليون دولار. وكانت كينيا استوردت في عام 2020؛ القمح والذرة والأسمدة من روسيا بقيمة 406 ملايين دولار. قد يتأثر هذا سلبًا بنفس القدر من العقوبات والاضطرابات الناجمة عن الحرب في وقت يصعب فيه اقتصاد الدولة الواقعة في شرق القارة تحمل مثل هذا الضغط.

وكشفت مصادر مطلعة بالحكومة الكينية، أن صادرات البلاد من الشاي والزهور والبن والفواكه إلى روسيا، والتي تُقدر بـ87.5 مليون دولار سنويًا، شهدت تعثرًا وخرجت عن مسارها بسبب العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على موسكو مؤخرًا في ضوء عمليتها العسكرية في أوكرانيا.

وأفادت المصادر، في تصريحات نقلتها صحف محلية، بأن هذا الأمر سوف يضر بالمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، لاسيما بعد أن توقفت بالفعل خطوط الحاويات والشحن الرئيسية “مؤقتًا” عن شحن البضائع من وإلى روسيا استجابة للعقوبات.

علاوة على ذلك، أدى استبعاد البنوك الروسية من نظام الدفع الدولي “سويفت” وعزلها عن العمليات الدولية إلى زيادة الصعوبة أمام الدولة فيما يخص دفع ثمن الواردات وتلقي النقد اللازم للتصدير، كما سيصبح الأمر أكثر خطورة وأكثر تكلفة بالنسبة للمصدرين الكينيين، الذين سيوقفون الصادرات مثل البهارات والمكسرات والخضراوات إلى روسيا.

وتابعت المصادر أن “تأثير العقوبات الاقتصادية تجلى في مزاد الشاي في مومباسا الذي انعقد نهاية الأسبوع الأول من مارس 2022؛ حيث غاب المشترون من السوق الروسية -التي تعد خامس أكبر مستهلك للشاي الكيني بعد باكستان ومصر والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة”.

دعم العقوبات ضد روسيا

كان “أودينجا” لاذعًا في نقده لما أسماه “الصراع الأخرق” ومندفعًا في دعمه لنظام العقوبات الدولي لعزل الاقتصاد الروسي.

لقي موقف كينيا في الأمم المتحدة الداعم الكامل للوقف الفوري للعداء من جانب روسيا وسعيها إلى السلام المشترك دعمًا دوليًا واسع النطاق. على الرغم من أن العقوبات المفروضة على روسيا ستضر بالمصالح الاقتصادية لكينيا وأفريقيا، إلا أنها أفعال يؤيدها المرشح الرئاسي “رايلا أودينجا”، فبدلًا من قرع طبول الحرب، من الأفضل دق أجراس السلام.

أودينجا، الذي سيواجه نائب الرئيس وليام روتو في انتخابات أغسطس من العام الجاري 2022، وقد تم اعتماده من قبل منافسه الحالي أوهورو كينياتا على المدى الطويل، فقد ظل قريبًا من استجابة الحكومة للأزمة.

وقد ردد رايلا أودينجا، كلمات ممثل كينيا الدائم لدى الأمم المتحدة، مارتن كيماني، الذي ألقى خطابًا في 21 فبراير الماضي يندد فيه بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، قائلاً: “يجب أن نكمل تعافينا من جمر الإمبراطوريات الميتة بطريقة لا تعيدنا إلى أشكال جديدة من الهيمنة والقمع”.

المرشح الرئاسي الكيني أكد أن حروب الاعتداء على الدول ذات السيادة تنتهك المبادئ الأساسية للسيادة وحرمة حدود الدول، وفي أفريقيا أدرك الجميع منذ فترة طويلة أن إعادة فتح المظالم بشأن الحدود الاستعمارية سيجلب الأزمات، وكأنه صندوق باندورا الذي لا يجب لمسه أبدًا.

ودعا “أودينجا” إلى جولات دبلوماسية متجددة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث تعمل كينيا حاليًا كعضو غير دائم.

ختامًا، يمكن القول: إن الأزمة الأوكرانية، مثل أزمة “كوفيد-19″، هي ظاهرة عالمية. وتحتاج الأمم المتحدة إلى تولي زمام القيادة بشكل عاجل في إيجاد حل من خلال الدبلوماسية والحوار، والذي بدأ بالفعل في المناقشات الأخيرة في مجلس الأمن، وقد اتخذت كينيا موقفًا حازمًا للغاية بشأن هذه القضية.