بقلم – مصطفى زهران

كاتب وباحث في الحركات الإسلامية

تمثل الجغرافية السودانية واحدة من الدول الهامة التي تعج بالكثير من التيارات والتنظيمات والجماعات والأحزاب الإسلامية على اختلاف تنويعاتها الفكرية والأيديولوجية والعقدية بالغة الأهمية، ويُعَدُّ حزب التحرير الإسلامي الذي أسسه “تقي الدين النبهاني” في منتصف القرن الماضي، واحدًا من أبرز التنظيمات الإسلامية الذي امتدت أطرافه لتشمل الكثير من البلدان العربية والإسلامية في الشرق والغرب على حد سواء، فنتج عنه ما يطلق عليه بـ”ولاية السودان”، أحد تمظهراته وأفرعه المهمة التي تفتقر الكثير من الدراسات البحثية الراهنة بنحو كبير، لسبر أغواره في المشهدين السياسي والمجتمعي “الديني” بالداخل السوداني.

وتكمن الحاجة الملحة لتسليط الضوء على حزب التحرير في السودان، نظرًا لخطورة ما تحمله أجندته الفكرية والعقدية، وما يمثله من انقلاب فكري وأيديولوجي يسعى إليه ويطمح نحو تكريسه داخل البنى المجتمعية للدول التي ينشط فيها، موظِّفًا السياقات السياسية والدينية داخلها، وما يعتريها من تقلبات واضطرابات وفقدان لبوصلة تشكل مسارها الذي يجب أن تكون عليه، وذلك بسبب انتفاء دعائم الحكم الرشيد بما يحمله من استقرار سياسي، وتوازن في منظومة القيم الدينية والأخلاقية، ومعاييرهما الوسطية والإصلاحية. وما السودان إلا واحدة من تلك الجغرافيات العربية والإفريقية التي تعاني من مجمل هذه القضايا باللحظة الراهنة، وفي خضم مشهد ضبابي يحمله مستقبلها.

منذ اندلاع حركة الاحتجاجات الشعبية في السودان مطلع عام 2019م وما أعقبها من الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، وتعايش الدولة السودانية جملة من التحولات السياسية والمجتمعية الدينية والثقافية، دفعت بها إلى مشارف مرحلة مغايرة عن سابقاتها، تتراجع فيها الإسلامية المحافظة بنزعتها الأيديولوجية مع الحفاظ على التقليدية منها، في صالح تدحرج ليبرالي بنكهة تحررية تعززه السلطة الجديدة التي تشكلت من الجنرالات ورفقائهم من التيار المدني العلماني خاصة الشيوعي منه[1].

وكان (حزب التحرير الإسلامي – ولاية السودان) من بين الفواعل السياسية والدينية التي برزت أدوارها النشطة على مستويات عدة من خلال الاشتباك المباشر مع الأحداث السياسية الجديدة والمغايرة الحادثة بالداخل السوداني عقب الإطاحة بالبشير، بعد أن نشط بشكل ملحوظ عقب هذا التاريخ من خلال إصدار البيانات والتصريحات الهامة في سياق التفاعل مع المستجدات على الساحة السودانية.

ورغم أن حزب التحرير يعود تواجده لما قبل الإطاحة بالرئيس البشير[2] إلا أن حضوره أخذ في الصعود بشكل كبير عن سابقه بدرجة أكبر موظفًا الفراغات القائمة على أكثر من صعيد والمشهد الضبابي الذي يلتف بمستقبل السودان تحدوه رغبة في أن يحجز مكانا له في واقع بدا يتشكل ولم تتبلور ملامحه منذ ذلك التاريخ وحتى اللحظة، غير ملتفت إلى ما إذا كان الطرح السياسي والأيديولوجي الذي يقدمه مناسب بشكل أو بآخر مع واقعية المشهد السوداني من كافة النواحي خاصة السياسية والدينية منها.

حزب التحرير والدعوة إلى الخلافة الإسلامية

لحزب التحرير تعريف خاص به يختلف عن غيره من الحركات الإسلامية الأخرى وذلك بوصف نفسه بـ”الحزب السياسي” رغم كونه لا يعترف بفكرة الأحزاب السياسية على إطلاقها وتحريمه لها.

ومع ذلك مزج بين فكرة الحزبية كما هي في مخيلته العقدية – والإسلامية، على أن تكون مهمته الرئيسة: “اتخاذ الإسلام قضيته من أجل إعادة الخلافة الإسلامية والحكم بما أنزل الله”، ومن أجل ذلك وضع الحزب على عاتقه مهمة إنهاض الأمة الإسلامية ممّا سماه بالانحدار الشديد الذي وصلت إليه، ومن ثم تحريرها من أفكار الكفر، وأنظمته، وأحكامه، ومن سيطرة الدول الكافرة ونفوذها[3]، حسب وصفه.

واللافت أن الحزب -في سياق تقديم نفسه- عزز من أهمية الحاجة لقيامه بهدف استئناف الحياة الإسلامية من خلال إعادة المسلمين إلى “دار الإسلام” في دولة الخلافة التي يُنصب المسلمون فيها خليفة يبايعونه على السمع والطاعة[4]. وذلك يعني أن الدول العربية الراهنة والإسلامية وتحديدًا “السودان” دار كفر يسعى الحزب إلى ضمها إلى حظيرة الإسلام من خلال العمل على عودة الخلافة الإسلامية والخليفة.

حزب التحرير – ولاية السودان

هبطت أفكار حزب التحرير الإسلامي إلى المجتمع الديني السوداني في مطلع العقد السادس من القرن الماضي، وذلك مع عودة طلاب الأزهر السودانيين من القاهرة بعد لقائهم بقادة الحزب وأعضائه هناك، والذين كان لهم كبير الأثر في تعريف المجتمع الديني في السودان بالطرح الأيديولوجي والعقدي لحزب التحرير الإسلامي ودعوته إلى الخلافة، ومع ثورة أكتوبر 1964م ظهر الحزب بشكل علني ومارس أنشطته، وقام بتعريف نفسه للجمهور من خلال فعالياته المختلفة خلال هذه السنوات، إلى أن تم الانقلاب بقيادة جعفر محمد نميري عام 1979م، والذي أصبح رئيسًا بعد ذلك، وكان للحزب موقفًا مناهضًا لحكم النميري منذ وصوله إلى السلطة، وهو ما دفعه إلى اعتقال العديد من قيادات الحزب، وكان لتلك الأحداث واقع الأثر في تراجع الحزب وضعف أنشطته وفعالياته التي دأب عليها منذ ظهوره وظلت قائمة حتى اللحظة بعد أن تقدمت تيارات وجماعات إسلامية أخرى وتمددت، ولم تحدث انفراجة بين السلطة السياسية والحزب إلا بعد المصالحة الوطنية بين نظام نميري ومعارضيه في 1977م، والتي استفاد منها الحزب بدرجة كبيرة نظرا لإطلاق سراح العديد من قياداته وأعضائه الذين كانوا في السجون السودانية[5].

سارع الحزب عقب المصالحة إلى ترتيب بيته الداخلي وإعادة تموضعه من جديد لكنهم واجهوا صعوبة كبيرة في إعادة تعريف أنفسهم من جديد خاصة بعد مجيء حكومة الإنقاذ في 1989م، وشأنها كمثيلاتها السابقة عارض الحزب السلطة الجديدة، مما دفعها إلى تكرار تجربة الاعتقال مرة أخرى لقيادات وأعضاء الحزب وعزز الحزب من سريته في محاولة منه للبقاء بالداخل السوداني، وشهدت نهايات العقد التاسع وبدايات الألفية الثانية قبولًا نسبي من قبل السلطة لأنشطة الحزب وتحديدا عقب إقرار دستور 1998م، الذي أتاح للأحزاب العمل السياسي السلمي[6].

في موازاة ذلك قللت السلطة السياسية مما قد يحدثه الحزب من خطر عليه، وما يمكن أن يمثله من تهديد، فلم يعد الحزب في هذه الفترة يحظى بشعبية وحضور مقارنة بنظرائه من الأحزاب والتيارات الإسلامية الأخرى. ويسرد “إبراهيم عثمان أبوخليل” الناطق الرسمي الحالي لحزب التحرير – ولاية السودان، وهو في منتصف العقد الخامس من عمره رواية في غاية الأهمية تعكس بقدر كبير كيف كانت خلايا التحريريين من أعضاء الحزب وقياداته متوغلة في البنى الإعلامية المحلية لدى الدولة، وكيف قاموا بتوظيفها وامتطائها لخدمة أهدافهم الرامية للتمدد والانتشار بالداخل السوداني.

ففي نهايات عام 1986م، تم الإعلان عن وظائف مذيعين متعاونين بإذاعة “ود مدني “وكانت حديثة النشأة آنذاك، تقدم أبوخليل لشغر الوظيفة وكان وقتها منتميًا للحركة الإسلامية (الجبهة القومية الإسلامية)، وهناك التقى بـرجل يدعى “عباس ساتي”، وكان من أعضاء الحزب التحريريين ويشغل منصب مدير البرامج في الإذاعة، إضافة إلى إعداده وتقديمه برنامجا في الفترة الدينية الصباحية، تبادلا الاثنان الحديث حول أمور شتى عقب قبول ساتي طلب أبوخليل للوظيفة الشاغرة ومع الوقت تبادلا الكتب والأوراق وغيرهما المعنية بأفكار الحزب وأطروحاته الفكرية والعقدية[7].

وما تحمله هذه الرواية من معلومة في غاية الأهمية هو مشاركة القيادي التحريري “عباس ساتي” لـ”خليفة” في برنامجه الإذاعي الصباحي وتعاونهما معا في بث أفكار الحزب ومفاهيمه من خلال هذا البرنامج، وكان صوت الإذاعة، رغم أنها محلية، يصل إلى كافة أرجاء السودان تقريبًا. إلى أن تم وقف البرنامج نهائيًّا في العام 1991م.بعد جملة من المشكلات كان لأفكار الحزب المذاعة والجدل حولها سبب كبير فيها[8].

في الواقع لقد نظر حزب التحرير إلى نظام البشير -رغم كونه وليد الحركة الإسلامية كما يصفه أتباعه- على كونه نظامًا رأسماليًّا لا يحكم بالشرع الإسلامي ولا علاقة له بالشريعة وأن المشاهدات التي كانت تبرزها السلطة آنذاك في تطبيقها لبعض الأحكام الشرعية لا يعطي النظام صبغة إسلامية بحسب رأي الحزب[9].

لقد كان رفض التحريريين لنظام البشير جزءًا لا يتجزأ من رفضها لنظام الدولة والسلطة السياسية السودانية على متوالية تاريخها وأنماط الحكم والسياسة المتبعة منذ الاستقلال عن الاستعمار، وهو ما دفعه إلى رفضه لكافة تشكلات الدولة السياسية تحت حكم البشير.

وتمثل ذلك بقوة في إعلان رفضه لدستور السودان لعام 2005م الذي ظل سائدًا إلى سنوات قليلة ماضية بسبب كونه علمانيًّا، وهو ما جعله يقدم تفسيرا لأسباب عدم تقدمه لتسجيل نفسه كحزب سياسي في السودان، لأن بإقدامه على مثل هكذا خطوة يجعله بذلك منقلبًا على أفكاره وأطروحاته التي تأسس عليها، ومتناقضا معها من خلال تعاطيه مع هذا الدستور الذي تحكم به السودان، وفي ذات الوقت أعلن الجهات المختصة بتواجده وحضوره السياسي من خلال قناعاته الفكرية والأيديولوجية التي تجعله متحررا من هذه القيود واملاءات دستور 2005 الذي يناصبونه التحريريين العداء، وذلك من خلال التأكيد على أن الحزب لا يلتزم إلا بالإسلام، ولا يلتزم بالدستور ولا بقانون تسجيل الأحزاب؛ لأنه يعمل على تغيير هذا الدستور وهذا القانون[10].

 وفي السنوات الأخيرة من حكم البشير شهد الحزب تصاعدا في انتقاد سلطته السياسية والأمنية والدينية على حد سواء، وبرزت حدية خطاب التحريريين تجاه سلطة البشير على هامش قانون الانتخابات العام الذي أجازه البرلمان السوداني عام 2018 والمعني بانتخاب كل من رئيس وانتخاب ولاة الولايات، وأعضاء البرلمان، والمجالس التشريعية، والمجالس المحلية، وحينها كشف الحزب بشكل واضح وأكثر راديكالية عن رؤيته حيال نظام الحكم في السودان، عبر بياناته الإلكترونية التي يصدرها في مثل هذه الأحداث السياسية الهامة[11].

اعتبر الحزب قانون الانتخابات باطلا ومخالفا للإسلام وقدم تعليقا شديد الخطورة في هذا السياق أفصح خلاله عن رؤيته العقدية والأيديولوجية ما أثارت حينذاك الكثير من الجدل حولها، وذلك من خلال تأكيده على أن انتخاب رئيس جمهورية (مسلم أو غير مسلم)، (رجل أو امرأة) على أساس المواطنة تحقيقًا لمبدأ السيادة للشعب، بهدف تطبيق غير أنظمة الإسلام وأحكامه، حرام شرعًا لأن الإسلام أوجب انتخاب مسلمًا عدلًا ليكون -خليفة للمسلمين- لتطبيق شريعة الإسلام، وأكد في الوقت ذاته على أن انتخاب ولاة الولايات من قبل أهل الولاية، والذي يعني أن الولاة يستمدون سلطتهم ذاتيًا، حيث لا يستطيع رئيس الدولة عزلهم، بل يعزلهم المجلس التشريعي الذي يمثل أهل الولاية، أمر مخالف للإسلام لأن رئيس الدولة -خليفة المسلمين -هو المنوط بهذه المهام والذي يقوم بتعيين الولاة وعزلهم[12].

وفي موازاة ذلك اعتبر الحزب البرلمان السوداني وطريقة انتخاب أعضائه وأدوارهم التنفيذية والتشريعية من خلال إصدار الأحكام والتشريعات وما شابه، واقع يخالف الإسلام أفرده واقع ما أسماه الحزب بالغرب الكافر “الضالين” لأن التشريع إنما يؤخذ من الوحي العظيم (الكتاب، السنة) ويتبناه خليفة المسلمين دستورًا أو قانونًا. ويختتم الحزب رفضه لقانون الانتخابات العام بحث الدولة السودانية بضرورة انتخاب خليفة للمسلمين وعقد بيعة شرعية له لتطبيق أحكام الإسلام[13].

دأب الحزب خلال فترة البشير على إقامة الفعاليات المطالبة بالخلافة الإسلامية شملت مدن سودانية عديده مثل “القضارف” و”الأبيض” وغيرهما، وذلك على هامش تقليدية الذكرى السنوية لإحياء ما يطلق عليه الحزب بهدم الخلافة1924، ودائمًا ما كانت تقابلها السلطات السودانية بالمنع وتوقيف أعضائها، ولطالما اعتبر الحزب ذلك يأتي في سياق محاربة السلطة السياسية على الإسلام ودعوته تحت راية (الحرب على الإرهاب) قربة للغرب الكافر، وسعيًا لسن دستور للبلاد متسقًا مع حضارة الغرب الكافر، ولا علاقة له بالإسلام[14]حسب وصف الحزب.

التحريريون وقضايا السودان السياسية والاقتصادية

سجل حزب على متوالية تاريخه في الداخل السوداني العديد من المواقف السياسية تجاه الكثير من القضايا التي تلتف بالمشهدين السياسي والمجتمعي والديني داخليًّا وخارجيًّا، بدأت مع موقف الحزب وتحفظه على اتفاقية جبال النوبة 2002م وما تبعها من دخول قوات أجنبية في تلك المنطقة، ثم وقوفه ضد اتفاق نيفاشا للسلام الشامل 2005م، ورفضه كذلك للاستفتاء وفصل الجنوب عن شمال السودان، وانتقاداته لما يجري ويدور في إقليم دارفور[15]آنذاك.

عارض الحزب بشدة انفصال جنوب السودان عن شماله، وذلك لكونها أرض “إسلام” لا يمكن بأي حال التنازل عنها أو التفريط فيها لأية جهة، ويفسر الحزب ذلك وطبقًا لرؤيته مصطلح الأرض في الفقه الإسلامي ويقول هي أرض فتحها المسلمون أو حكموها لفترة من الوقت، وبذلك أصبحت أرضًا “خَراجية” تابعة للمسلمين، لا يجوز التنازل عنها لأحد أو لجهة ما، وتكون رقبتها ملكًا لبيت مال المسلمين إذا كان هناك بيت مال، وتبقى منفعتها لأهلها مسلمين أو غير مسلمين، ويعد التنازل عنها “جريمة” باعتبارها ملكًا لكل المسلمين في العالم[16].

ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية في السودان في السنوات الأخيرة من حكم البشير، وما تخللها من أزمات وانعكاساتها على الداخل، كان من بينها أزمة الوقود، الأزمات المتلاحقة في الخبز والسكر، الغلاء الطاحن لجميع السلع وبدء الحكومة بخطوات تعويم الجنيه. كان للحزب تفسيره الخاص ورؤيته حيال تفاقم هذه الأوضاع الاقتصادية المترهلة في السنوات الأخيرة[17].

أرجع الحزب ذلك كله وربطه بما سماه بـ”روشتة صندوق النقد الدولي” طمعًا فيما عنده من -ربا محرم- ورغبة حكومة البشير في الاقتراض آنذاك لمواجهة هذه الأوضاع الاقتصادية، وهي محاولة من صندوق النقد تأتي في إطار سياسة ترويضه للحكومة لإدخالها في الطاعة الكاملة له، والانقياد لأعداء الله أمريكا ومؤسساتها؛ “صندوق النقد والبنك الدوليين”، وفي مواجهة ذلك قدم الحزب تصوره للحل من خلال تطبيق أنظمة الإسلام في دولة الخلافة[18].

وأرجع الحزب مرة أخرى تردي الأوضاع إلى النظام الرأسمالي الذي عمل على تمكين الشركات الرأسمالية من نهب ثروات البلاد خلال العقود الماضية، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة العمل على إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؛ الطريقة الشرعية لتنفيذ هذه المنظومة من الأحكام، وغيرها من أنظمة الإسلام[19]. للوقوف بقوة أمام كافة هذه العوامل التي ساهمت على تدور الوضع في السودان.

كانت رؤية الحزب في مجملها لحكومة البشير وسلطته والنظام السياسي ككل، في ضرورة تغييرها لتطبيق الشريعة الإسلامية لأنها تخدم مشروع العدو[20] “الأمريكي” والذي يقوم حسب الحزب على مهمتين أساسيتين في الداخل السوداني أولهما “العلمانية الصريحة”، وثانيهما: تمزيق ما تبقى من السودان، هذا من جهة. ويضيف الحزب على المستوى الإقليمي مهمتين رئيسيتين أخريين لحكومة البشير يسعى لتحقيقهما، وهما تسخير الحكومة في حرب أمريكا على الإسلام، المسماة بالحرب على الإرهاب، وإنقاذ دويلة جنوب السودان[21] حسب وصفهم من جهة أخرى.

كافة هذه العوامل أسهمت بشكل كبير في عدم إقبال الحزب خلال حقبة حكم (تجربة الإنقاذ)، وعلى النقيض من سائر التيارات الإسلامية الأخرى بالبلاد، على المشاركة معه في السلطة، واستمر التحريريون السودانيون ينظرون إليها باعتبارها تجربة تقزم الهدف الأسمى: الخلافة. كما رفض الإقرار باي شرعية لها[22]. كما أوضحنا سلفا.

حزب التحرير والثورة والإطاحة بالبشير      

أفضى تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية في السنوات الأخيرة من حكم البشير إلى تصاعد موجات الاحتجاجات ضده رغم محاولاته الإصلاحية العرجاء التي نجحت فقط في تأخير الإطاحة به، ومع تجدد الاحتجاجات وافتراشها الولايات السودانية، وتمددها في كافة قطاعات الدولة، برز الحزب من خلال بياناته التفاعلية التقليدية التي يصدرها الحزب، والداعمة للحراك الشعبي السوداني ضد البشير، متضمنة رؤيتهم الخاصة بشكل التغيير المرجو وطبيعته، وفق قاموسهم الفكري وتخيلهم العقدي، أملًا في أن تتلاحم مطالبهم ومطالب الجماهير الغاضبة والثائرة في وجه نظام البشير وحكمه، من بينها ” إقامة الخلافة الراشدة -الثانية- على منهاج النبوة، والمطالبة بالشريعة الاسلامية، ورفض أي تغيير يُبنى على غير أساس الإسلام؛ من وطنية مفرقة للأمة، وديمقراطية كافرة ظالمة[23].

وفي ذات الوقت حذر الحزب بالكيانات السياسية والأحزاب التي تسعى لانتزاع زمام المبادرة لقيادة الثورة، حاملة مشاريع بديلة من رحم العلمانية نفسها التي حكم بها البشير وجبهة الإنقاذ[24].

حزب التحرير بعد الثورة

نظر الحزب إلى الحكومة الانتقالية الجديدة التي تشكلت عقب الإطاحة بالبشير على كونها عميلة للغرب -الكافر- وأنها ماضية إلى افقار وإذلال السودانيين إرضاءً مرة أخرى كما فعل أسلافهم لصندوق النقد الدولي، فلا فرق لدى الحزب بين “معتز موسى” رئيس الوزراء في نظام البشير السابق، و”عبدالله حمدوك” في الحكومة المدنية الانتقالية الجديدة[25]. التي تشكلت عقب الثورة والإطاحة بالبشير.

إذ كان الحزب من أوائل الذين هاجموا الحكومة الانتقالية بشقيها المدني والعسكري، وارتأوا أنهم لم يصلوا الي السلطة لحل المشكل السوداني فهم غير معنيين بمصالح الناس لكونهم من وجهة نظر الحزب وكلاء الكافر المستعمر وهو ما يجب من التحرر منه[26].

واعتبر الحزب أن النظام العسكري الحالي امتدادًا للنظام السابق، وأن النظام المدني المتمثل في حكومة حمدوك الانتقالية يمثلان معا وجهان لعملة واحدة آلا وهي ” العلمانية “، واندفع الحزب حيال تصوره بأن النظام -العلماني- الذي يحكم البلاد لم يتغير، بل الذي تغير هو رأس النظام وبعض من رموزه وبالتالي لم يجنِ الشعب السوداني من ثورته سوى حكومة مدنية علمانية، عاجزة، وفاشلة، تهيئ المسرح لانقلاب عسكري علماني، يعمق الفشل، ويهيئ المسرح لثورة[27].

الحركة الشعبية لتحرير السودان وإعلان المبادئ

كان من بين المحطات السياسية البارزة بالداخل السوداني عقب الإطاحة بالبشير وتشكيل الحكومة الانتقالية الراهنة، الاتفاقية التي تم توقيعها بين البرهان والحلو في مارس 2021، فيما أطلق عليه بـ”إعلان المبادئ” بين حكومة الفترة الانتقالية، والحركة الشعبية لتحرير السودان. الاتفاق الذي جاء بعد ما يقرب من ستة أشهر من توقيع رئيس الوزراء حمدوك مع الحلو في سبتمبر 2020 اتفاقا تم بموجبه الإعلان عن عدة بنود في غاية الأهمية منها “فصل الدين عن الدولة في الدستور -احترام حق تقرير المصير وحرية المعتقد- لا يجوز للدولة تعيين دين رسمي… إلخ، ما دفع الحزب إلى الهجوم الشديد تجاه الاتفاقية، معتبرًا أنها تأتي في سياق تعزيز العلمانية وتقسيم البلاد ونزع الدين عنها، خاصة بعد أن أعطت الحق لبعض الأقاليم في إدارة شئونهم من خلال الحكم اللامركزي، أو الفيدرالي[28].

انقلاب البرهان واعتقال حمدوك..

رجال أمريكا العسكريون ومدنيو السفارة البريطانية

خلع (حزب التحرير-ولاية السودان) عدة توصيفات في غاية الأهمية على قطبي الحكم اللذين يبسطان سيطرتهما على السلطة السياسية المدنية والعسكرية، حملت الكثير من الدلالات المعبرة عن حجم المعركة القائمة من جهة الحزب تجاه السلطة الحاكمة في السودان بالوقت الراهن، فهو يرى أنه ومنذ بداية الفترة الانتقالية، وتحولت السلطة في السودان إلى ساحة للصراع بين طرفي الحكم؛ أحدهما نخبة عسكرية تابعة لأمريكا قابضة على زمام الأمور، والأخرى نخبة مدنية خاضعة لإملاءات السفارة البريطانية[29].

ففي أكتوبر 2021 قامت بعض قيادات الجيش، باعتقال بعض الوزراء المدنيين، بالإضافة إلى عدد من المشاركين في الحكم الانتقالي المدني ثم اعتقال رئيس الوزراء حمدوك نفسه، وحينذاك اعتبر الحزب أن عملاء أمريكا في الجيش هم البرهان ورجاله وعملاء أوروبا خاصة بريطانيا في وزارة حمدوك وإخوانه، يتصارعون أيهم يفوز بالسيطرة والهيمنة على السودان وأهله لامتصاص خيراته والاستيلاء على موقعه وثرواته، أي أن الحزب ارتأى في الانقلاب الذي حدث ما هو إلا صراع بين هذين الطرفين اللذان يجسدان صراعا أكبر أمريكيا -أوروبيا للاستحواذ والهيمنة على السودان، ونظرا لتضارب مصالح الدول الكبرى واختلافها في الداخل السوداني لن يتعايشا بهدوء وسيسعيان عبر ممثليهما من النخب العسكرية والمدنية سوى اجهاض تحركات كل طرف منهما وافتعال العسكر بما يمتلكونه من قدرة على افتعال حالة الطوارئ في البلاد بين الفينة والأخرى[30].

وحينما تمت المصالحة عقب شهر من محاولة الانقلاب، من خلال اتفاق بين البرهان وحمدوك شملت أربع عشرة نقطة أعادت ترتيب المشهد السياسي، رآها الحزب أنها تأتي في صالح العسكر وذلك بعد أن وضع حمدوك تحت الإقامة الجبرية إلى تاريخ هذا الاتفاق، ما يعني انتصار للنخب المحسوبة على أمريكا على غيرهم من المدنيين التابعين لبريطانيا، وأوضح الحزب أن السبب الرئيس في الانقلاب الذي قام به العسكريون جاء بسبب تخطي المدنيين المرتبطين بأوروبا وخاصة بريطانيا، للخطوط الحمراء، ومطالبتهم برئاسة المجلس السيادي، ووضع الأجهزة الأمنية في يد رئيس الوزراء ليعيد ترتيبها، وهيكلتها، وتصفيتها من النفوذ الأمريكي، ومن ثم وضعها في خدمة النفوذ الإنجليزي، الأمر الذي أشعر النخب العسكرية بالخطر المحدق بهم وبتجربتهم الجديدة في الحكم فقاموا بالتعجيل بانقلاب البرهان الذي رتبه له، وأشرف عليه المبعوث الأمريكي (جيفري فيلتمان) في زيارته للسودان التي اختتمها مساء 24/ 10/ 2021م[31]. حسب ما جاء في بيان حزب التحرير-ولاية السودان.

ويسوق الحزب دلالته على الدور الأمريكي في الانقلاب من خلال ما جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية “نيد برايس” رافضا وصف ما حدث بالانقلاب، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى ما حدث في السودان هو سيطرة عسكرية، وإن كلمة “انقلاب” تحتاج إلى تقييم قانوني. فضلا عن قبول فيلتمان بحكومة مدنية بحمدوك أو بدونه، ويري الحزب أن الأخير هو من قام بالطبخة الأمريكية لحل الأزمة وعودة حمدوك إلى منصبه، والتي قضت بخفض ما سماهم بـ”عملاء الإنجليز” وبخاصة حمدوك سقفهم، ما دفعهم إلى الرضا بعودته رئيسًا للوزراء، ليعمل تحت إشراف مجلس السيادة والعسكر بحسب الاتفاق السياسي، في مقابل أن يكف عن المطالبة برئاسة مجلس السيادة وهيكلة الأجهزة الأمنية[32].

دفعت كافة هذه العوامل في المشهد السوداني الراهن وما حملته وجهة نظر التحريريين من تفكيك وتحليل لمقتضيات الواقع السياسي والمجتمعي هناك إلى الدعوة والمطالبة إلى بأخذ الحكم ممن سماهم بـ”العملاء” الذين أفسدوا الحياة، وأذلوا العباد- والمعنى بهم النخبة الحاكمة من العسكر والمدنيين، وذلك من خلال نصرة حزب التحرير والعمل معه لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ التي تقتلع نفوذ الكافر المستعمر، وتطبق الإسلام صافيًا نقيًا، وتصلح ما أفسدته حضارة الغرب الكافر[33].

الحزب والنشاط الدعوى والمجتمعي والطلابي

استطاع الحزب التوغل في الأوساط الطلابية، حيث ينشط الحزب دعويا على مساحات كبرى مجتمعيا وشعبيا في مناطق وأقاليم البلاد المختلفة بدعوى إيجاد الرأي العام الواعي لأحكام الإسلام ومعالجاته المتعلقة بأنظمة الحياة المختلفة، والتي تناولت أزمة الحكم والصراع الدولي وموضوعات أخرى فرضية محاسبة الحاكم بوصفها واجبًا أوجبه الله على كل مسلم.

وقد نجح الحزب في تجذير الحزب نفسه وسط العمل الطلابي وأنشطته، وعملت الجامعات على توسيع قاعدته بضخ العديد من الكوادر الطلابية لضمان استمراريته[34].  فشرعوا في إقامة العديد من الفعاليات الطلابية الهامة لتوسيع دائرة النقاش حول القضايا السياسية السودانية العديدة، لأجل بلورة رؤية الحزب المبدئية والإجابة عن الأسئلة الملحة في هذا الإطار، والتأكيد على فرضية وحدة الأمة الإسلامية في ظل دولة الخلافة، ومناقشة أمهات القضايا. وكانت الفعاليات التي تقيمها جامعة أم درمان الإسلامية أبرز الجامعات التي تحتضن مثل هذه الأنشطة التحريرية[35].

ويعني ذلك أنه حينما يتم الحديث عن حزب التحرير الإسلامي-ولاية السودان، لا يمكن تجاوزه عند النظر في خارطة التيارات الإسلامية خاصة داخل العمل الطلابي، إذ “تسودن” أي غرست تجربته خلال العقود الماضية بذور استمرارية هذا التيار في المدى المنظور. وقد استفاد الحزب من تجذر الظاهرة الحزبية بشكل عام في السودان مما اتاح له حرية النشاط[36].

كما أن الحزب تمتع بكافة السمات التي تميزت بها التيارات الإسلامية من قبيل: هيكل تنظيمي، ومقرات ودور معروفة، وحضور إعلامي من خلال منصات ومنابر ومنشورات، فضلا عن توظيف المساجد وظهور خطباء ملهمين باسم الحزب وخطاه، بجانب تواجد ملموس ومستمر في قلب الحركة الطلابية في مختلف الجامعات بالبلاد[37]. كما أسلفنا.

ومن أبرز قادة الحزب المشتهرة أسماؤهم بالسودان يأتي على رأسهم “إبراهيم عثمان أبوخليل” الناطق الرسمي باسم الحزب، وناصر رضا محمد عثمان رئيس لجنة الاتصالات المركزية، وعصام أتيم منسق لجنة الاتصالات، وأعضاء مجلس القيادة مثل: “سليمان الدسيس، محي الدين بخاري أبوبكر، البشير أحمد البشير، المهندس محمد هاشم، حسن بشير، محمد يوسف، وعلي سعيد[38]. ومحمد جامع (أبوأيمن) مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان[39]، إضافة إلى عدة قيادات مثل عبدالرحيم محمد حسن[40] النذير محمد، الفاتح عبدالله، إمام محمد إبراهيم، إسحاق محمد حسين، ميسرة يحيى، عبدالرحيم عبدالله، بابكر مهدي (أبومصعب) أحمد وداعة[41]، ومن بين العناصر الشبابية يبرز كل من ياسر عبدالله، الفاتح عبدالله[42]بالإضافة إلى أصوات نسائية قيادية أخرى، مثل غادة عبدالجبار، عضو القسم النسائي لحزب التحرير في ولاية السودان[43] مها محمد[44] أم معاذ، وأم أيمن[45]

حزب التحرير وسد النهضة

يرى حزب التحرير أن “سد النهضة الإثيوبي” هو محاولة من “اليهود” -لبسط نفوذهم وسيطرتهم على أرض الكنانة -مصر- والسودان، وأن المشروع بالأساس جاء بتخطيط وإيعاز من الكيان اليهودي وهو مشروع أمريكي قديم الهدف منه إطلاق يد لكيان اليهودي لصنع حرب مياهٍ في المنطقة، ومن ثم بعد تأزم الحرب تأتي هي لإدارة الأزمة كعادتها، فتقوم بابتزاز كل الأطراف لتحقيق مصالح اليهود[46].

 وأن عبدالله حمدوك رئيس وزراء السودان يلعب دورًا في تمكين الإسرائيليين من ذلك، لكونه -من وجهة نظر التحريريين- يعتبر عميلًا للإنجليز والأوروبيين، فمراكز القوة الفعلية في السودان لم تزل في يد أمريكا، بمعنى أن عملاء الإنجليز والأوروبيين الجدد في السودان أعجز عن التدخل في إقليم تيجراي الإثيوبي لصالح الإنجليز والأوروبيين، فهم يكافحون على أمل أن يبقى لهم شيء من حصة في حكم السودان. وأما كيان يهود فهو يقومون بتحريض الحكومة الإثيوبية من وراء ستار على الاستمرار في بناء وتشغيل سد النهضة من باب تشكيل مواطن ضعف ونزاعات تنشغل بها مصر، بمعنى أن الصراع حول مسألة سد النهضة تمسك به أمريكا بشكل كبير وتديره وفق مصالحها[47].

الخلاصـــــــــــــــــــــــــــــــة

يثير حزب التحرير وتواجده في الداخل السوداني الكثير من الإشكاليات والمعضلات جديرة بالوقوف عليها، ويقف على رأسها الطبيعة غير المتجانسة بين طرحه الفكري والأيديولوجي وحجم الفجوة بينها والحالة المجتمعية الدينية السودانية التي يمثل البعد التقليدي المحافظ بهويته السودانية، وخصيصتها المميزة، فضلا عن تاريخية المشهد السياسي الداخلي الذي يصطدم بكافة أطروحات الحزب في نسخته السودانية أو ما يطلق عليه بـ “ولاية السودان”.

ولا يعني ذلك تبخر الحزب وانتفاءه من المشهد السوداني ككل، فهو نجح خلال العقود الماضية في الحفاظ على وجود نسبي على الساحة وحافظ على ملامحه العامة، وطبعات هذا الحزب الذي عرف بها في كافة البلدان التي ينشط بها. وفي ظل توظيف التكنولوجيا والوسائل الجماهيري عزز ذلك من حضور خطاب الحزب وقدرته على الاستقطاب والجذب والتجنيد[48].

ومع ذلك، من المستبعد أن يتحول إلى تيار جماهيري نظرًا لتواجد تيارات إسلامية أخرى مهيمنة على الساحة، وكذلك لمحدودية خطابه المتمركز حول يوتوبيا الخلافة، خاصة بعد إدراج قضيته المركزية من إنشاء خلافة إسلامية عالمية، وذلك في قلب تعقيدات وقضايا الواقع السوداني، وترويج خطاب “الخلافة العالمية هي الحل”[49]، وهو ما يصعب من مهمته داخله.

في موازاة ذلك، وفي الوقت الذي يصب الحزب جام غضبة على الحكومة الانتقالية والسلطة السياسية في البلاد، واصفا المحطات السياسية، وتحولات المشهد السياسي والصراعات، والسجالات القائمة بالانقلاب يحفز الحزب دوما الشعب السوداني نحو الانقلاب على الدولة السودانية بكافة تشكلاتها وتمظهراتها السياسية والمجتمعية والدينية والاقتصادية من أجل ما يطلق عليه باستئناف الحياة الإسلامية وهذه الحياة لن تتأتى إلا من خلال الخلافة الاسلامية وتنصيب الخليفة ومن ثم مبايعته، ما يعني أنها مشروطة بذلك وهو ما يصعب من مهمة التحريريين في السودان، مع استحالة تحقيق أهدافهم وهي المشكلة الرئيسة التي تحول دون تحقيق مرادهم الذي أسسوا الحزب من أجله.

وتمثل التداعيات الخطيرة لهذه الرؤى والمناهج التي يؤسسها الحزب، في أنه يعمل دون وعي -أو بوعي منه- في تفريخ العديد من الشباب نحو الانضمام إلى الحركات الاسلامية الجهادية التي نجحت في تحقيق ذلك وتحويله إلى واقع فعلي مثل تنظيمي داعش والقاعدة وهنا تكمن خطورة هذا الحزب وما يسهم فيه من تشظي الحالة الاسلامية وتثويرها راديكاليًّا.

في موازاة ذلك، لا يتعامل الحزب على الإطلاق مع القوى السياسية السودانية الأخرى على المستوى السياسي، سواء أكانت قوى علمانية أو مدنية فضلًا عن الإسلامية، ولا يوجد بين قادتهم اتصال يذكر مع غيرهم من قيادات وأعضاء الأحزاب الأخرى، رغم ما بينهم من قواسم مشتركة حيال القضايا التي تلتف بالمشهد السوداني، وبالتالي فهم يقفون من الطرح المدني الديمقراطي موقف الرافض له، رغم كون الأحزاب السياسية المدنية على اختلافها تضعه كطرح بديل للنظام العسكري الشمولي الموجود حاليا، وذلك لسلكهم طريقا مغاير متمثل في “طريق الخلافة الإسلامية”[50]. وقد ظهر ذلك جليا وبوضوح مع وقوف أغلبية الأحزاب والتيارات السودانية بشكل كبير أمام التقارب مع إسرائيل فيما يطلق عليه بمشروع التطبيع السوداني-الإسرائيلي، والذي يصطف معهم التحريريون ويتخندق معهم في ذات الجانب، إلا أن ذلك أيضًا لم يكن محفزا لتغيير فكرة الحزب نحو التشارك والتفاعل مع هذه الأحزاب نظرا للحالة الاستعلائية والفوقية التي ينظر من شرقتها للواقع السياسي السوداني من حوله.


[1] “السودان الجديد” وتحولات السياسة والمجتمع والدين، مصطفى زهران، الطبعة الأولى، كتاب أفريقيا الصعود الجهادي، دار نشر مقام، طبعة 2021م.

[2] مقابلة عبر الإنترنت، مع دكتور “محمد خليفة صديق”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم.

[3]  http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_59

[4] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_59

[5] مقابلة عبر الإنترنت، مع دكتور “محمد خليفة صديق” أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم.

[6] مقابلة عبر الإنترنت، مع دكتور “محمد خليفة صديق” أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم.

[7] http://www.al-waie.org/archives/article/7597

[8] الناطقون الرسميون لحزب التحرير، كلمة حق عند سلطان جائر، العددان 258-259، السنة الثانية والعشرون، الموافق أغسطس2008م.

http://www.al-waie.org/archives/article/7597

[9] مقابلة عبر الإنترنت، مع دكتور “محمد خليفة صديق” أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم.

[10] المرجع السابق.

[11] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_1115

[12] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_1115

[13] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_1115

[14] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_1089

[15] مقابلة عبر الإنترنت، مع دكتور “محمد خليفة صديق” أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم.

[16] https://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/alraiah-newspaper/70423.html

[17] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_1089

[18] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_1089

[19] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_1077

[20] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_1067

[21] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_1032

[22] مقابلة عبر الإنترنت مع الباحث في الشئون الأفريقية، عباس ناصر.

[23] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_1125

[24] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_1167

[25] http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/wshow/4462/

[26] http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/wshow/4452/

[27] http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/wshow/4091/

[28] [28] http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/wshow/4569/

[29] [29] http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/wshow/4569/

[30] http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/wshow/4721/

[31] [31] http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/wshow/4754/

[32] [32] http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/wshow/4754/

[33] [33] http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/wshow/4754/

[34] مقابلة عبر الإنترنت مع الباحث في الشئون الأفريقية، عباس ناصر.

[35] http://www.hizb-sudan.org/index.php/contents/entry_880

[36] مقابلة عبر الإنترنت مع الباحث في الشئون الأفريقية، عباس ناصر.

[37] المرجع السابق.

[38] مقابلة عبر الإنترنت، مع دكتور “محمد خليفة صديق” أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم.

[39] https://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/dawahnews/sudan/77007.html

[40] https://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/dawahnews/sudan/80222.html

[41] https://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/dawahnews/sudan/80222.html  

[42] https://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/dawahnews/sudan/78216.html

[43] https://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/dawahnews/sudan/77911.html

[44] https://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/dawahnews/sudan/77911.html

[45] https://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/dawahnews/sudan/77801.html

[46] http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/wshow/1770

[47] سد النهضة ونذر حرب المياه، تفريط الحكام وواجب الأمة، إصدار وطبع حزب التحرير-ولاية السودان.

[48] مقابلة عبر الإنترنت مع الباحث في الشئون الأفريقية، عباس ناصر.

[49] المرجع السابق.

[50] مقابلة عبر الإنترنت مع الباحث في الشئون الأفريقية، د. أسامة عبدالرحمن أبوبكر.