كتب – حسام عيد

أصبحت بوركينا فاسو، الدولة الثالثة في الكتلة الاقتصادية الإقليمية لغرب أفريقيا “إيكواس”؛ التي تُعاقب على انقلاب في الأشهر الثمانية عشر الماضية.

وكان قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس)، قد قرروا تعليق عضوية بوركينا فاسو، من دون فرض عقوبات عليها في الوقت الحالي، وذلك على خلفية إسقاط حكومتها المنتخبة ديمقراطيًا.

جاء القرار في الوقت الذي عقد فيه زعماء غرب أفريقيا اجتماعًا افتراضيًا لمدة ثلاث ساعات يوم الجمعة الموافق 28 يناير 2022، لمناقشة ردهم على الانقلاب، بعد ساعات من خطاب الحاكم العسكري الجديد للأمة لأول مرة منذ الإطاحة بالرئيس ووضعه قيد الإقامة الجبرية وتعليق العمل بالدستور وحل البرلمان والحكومة في 24 يناير من العام الجاري.

وفي خطاب متلفز، وعد زعيم بوركينا فاسو الجديد، بول هنري سانداوغو داميبا، باستعادة النظام الدستوري “عندما تكون الظروف مناسبة” وألقى باللوم على الرئيس روك مارك كريستيان كابوري لفشله في قمع عنف الجهاديين في البلاد.

وكان مجلس “إيكواس” المؤلف من 15 عضوًا قد شدد العقوبات على مالي في 9 يناير بعد فشل الحكومة العسكرية في إجراء الانتخابات في أعقاب انقلاب مايو 2021. وفرضت الكتلة أيضًا عقوبات على غينيا في أعقاب الانقلاب العسكري في سبتمبر 2021. كما يمثل التمرد رابع انقلاب عسكري في غرب ووسط أفريقيا العام الماضي، مع انقلابات في مالي وتشاد وغينيا.

وستعقد المجموعة قمة جديدة في 3 فبراير المقبل في أكرا، بحضور رؤساء دول المنطقة، بهدف تقييم الوضع مجدداً في هذا البلد.

إحباطات اقتصادية

لقد أدى تزايد انعدام الأمن في الحدود الشمالية لبوركينا فاسو مع مالي والنيجر إلى تأجيج السخط مع تزايد عدد القتلى المدنيين. ونزح ما يصل إلى نحو 1.4 مليون شخص بسبب النزاع في عام 2021، وهم يمثلون أكثر من 6% من السكان.

وقد نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.9% فقط في عام 2020، بينما ارتفع التضخم بنسبة 3.2%. وأدى ارتفاع تكاليف الأمن والصدمة الوبائية إلى زيادة العجز المالي إلى 5.7% في عام 2020 (3.2% في عام 2019)، وفقًا للبنك الدولي. كما أن هناك نحو 40.1% من السكان يعيشون تحت خط الفقر.

وكان إطلاق نار قد اندلع في وقت مبكر من يوم الأحد الموافق 23 يناير 2022 في العاصمة واجادوجو عندما سيطر جنود على ثكنة عسكرية، بعد خلاف حول تخصيص الحكومة للموارد في المعركة ضد داعش والجماعات الجهادية.

منطقة “حزام الانقلاب”

جاءت الإطاحة بـ”روك مارك كريستيان كابوري” -الذي يتولى السلطة منذ عام 2015 وأعيد انتخابه في عام 2020- في أعقاب موجات من الاحتجاجات في الأشهر الأخيرة أُحيطت بالإحباط من تصاعد وفيات المدنيين والجنود على أيدي الجماعات المسلحة، والتي ارتبط بعضها بتنظيمات داعش والقاعدة.

وقد فاز “كابوري” في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2020، وحصل حزب “الحركة الشعبية من أجل التقدم” الحاكم وحلفاؤه على أغلبية مريحة في الجمعية الوطنية “البرلمان”.

حتى عام 2020، بدا أن غرب أفريقيا قد تخلت عن سمعتها باسم “حزام الانقلاب”، لكن ظهور فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” والعوامل المحلية أشارت إلى حقبة جديدة محبطة من الانقلابات العسكرية.

وفي سبتمبر 2021، تم عزل الرئيس الغيني ألفا كوندي من قبل “اللجنة الوطنية للتجمع والتنمية”، وهي المجلس العسكري الذي حل الحكومة والدستور بعد إقالة كبار المسؤولين العموميين من مناصبهم.

كان الانقلاب الثالث في غرب أفريقيا العام الماضي، بعد الانقلاب العسكري الأخير في مالي ومزاعم عن “انقلاب الأسرة الحاكمة” في تشاد بعد تعيين الجيش نجل الرئيس “إدريس ديبي” بعد وفاة السابق في القتال ضد المتمردين.

رد فعل دولي عنيف

في غضون ذلك، خفضت وكالة “ستاندرد آند بورز جلوبال” التصنيف الائتماني السيادي لبوركينا فاسو إلى منطقة “غير مرغوب فيها”، إلى “CCC + / C” من “B / B” يوم الأربعاء الموافق 26 يناير 2022 بعد الانقلاب العسكري، ووضعت نظرتها المستقبلية للدولة الواقعة في غرب أفريقيا للمراجعة من الوضع السابق “المستقر”.

فيما أدانت حكومة جنوب أفريقيا الانقلاب وطالبت الجيش بالعودة إلى ثكناته واستعادة الديمقراطية.

ومع عدم معرفة مكان وجود الرئيس، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس قادة الانقلاب إلى إلقاء أسلحتهم وضمان سلامة الرئيس كابوري.

ودعت تغريدة نُشرت على حساب الرئيس على “تويتر” يوم الإثنين الموافق 24 يناير 2022، إلى الحوار وضبط النفس.

وأفادت التغريدة: “أمتنا تمر بأوقات عصيبة. يجب علينا في هذه اللحظة بالذات أن نحافظ على إنجازاتنا الديمقراطية. أدعو الذين حملوا السلاح أن يضعوه جانبًا تغليبًا للمصلحة العليا للأمة. يجب علينا حل تناقضاتنا من خلال الحوار والاستماع”.