كتب – حسام عيد

تمضي مصر قُدمًا عبر جهود مضنية حثيثة في تنفيذ برنامجها لتطوير صناعة التعدين لديها انطلاقًا من رؤية 2030، والتي يُعد الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية أحد أهم أهدافها، هذا ما أكده المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، خلال الكلمة التي ألقاها أمام  الاجتماع  التشاوري الثامن لوزراء التعدين والثروة المعدنية العرب بالرياض يوم الأربعاء الموافق 12 يناير 2022.

موارد مصر الطبيعية هي كنز متجدد يبشر بآفاق أرحب على مسار التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي؛ فعلى سبيل الذكر لا الحصر، تزخر الصحراء الشرقية بمعادن نفيسة، وكأنها رمال صفراء لم تنته بعد من البوح عن كامل أسرارها، فالذهب يبزغ ساطعًا في كل مكان، لذلك تنمو الآمال يوم تلو الأخر والفرص الأهداف تصبح أكثر زخمًا، فمصر اليوم تتطلع إلى تنفيذ أول مصفاة ذهب معتمدة.

وكانت مصر قد أعلنت في وقت سابق عن إنشاء مدينة الذهب والتعدين العالمية، وهي مدينة ستقام في منطقة قناة السويس تضم في مرحلتها الأولى 500 ورشة ومصنع مصغّر.

وتعمل مصر على تعظيم الاستفادة من مناجمها غير المكتشفة من الذهب، وذلك عبر تشجيع الاستثمار الأجنبي في التنقيب والبحث والاستكشاف بمجال التعدين عموما.

ومن شأن تنفيذ مصافي الذهب، تكثيف القدرة المصرية على الإنتاج وتسهيل عملية تصدير الذهب. وتنتج مصر نحو 15.8 طن من الذهب سنويا وفق آخر إحصائيات مجلس الذهب العالمي.

وتحتضن مصر نحو 270 موقع ذهب، بينها 120 موقعا ومنجما تم استخراج الذهب منها قديمًا، وتتوزع إلى 4 قطاعات.

تطوير صناعة التعدين

“الملا” أكد، في كلمته، أن البرنامج الطموح الذي وضعته وزارة البترول والثروة المعدنية لتطوير صناعة التعدين؛ نجح في تطبيق إصلاحات شاملة للنهوض بمنظومة التعدين المصرية بعد دراسة كافة التحديات المحلية و الدولية، حيث أن هناك فرصًا هائلة للاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي والطبيعة الجيولوجية الغنية لمصر كجزء من الدرع العربي النوبي،  وهو ما يتطلب عوامل جذب استثمارية حقيقية تتحقق من خلال ضبط منظومة التشريع وطرح أنظمة تعاقد على غرار أسواق التعدين الدولية وكذلك التحول الرقمي والركائز الرئيسية للاستثمار الجاد  كالنظام المالي ونظام الترخيص وحوكمة القطاع. 

واستعرض “الملا”، في كلمته، أبرز ما تم تطبيقه من إجراءات لتطوير قطاع التعدين المصري وفي مقدمتها تعديل قانون التعدين  ليعكس الإصلاحات التشريعية الجديدة والفرص المتاحة وتوفير الشفافية والمرونة وبما يعالج العديد من العقبات أمام جذب الاستثمارات اللازمة، كما جري تغيير نظم الاتفاقيات من نظام المشاركة في الربح إلى نظام الإتاوة والضرائب فضلًا عن تيسير نظام التراخيص لإيجاد بيئة جاذبة للشركات وتشجيع ضخ الاستثمارات مع تعظيم القيمة المضافة، والاهتمام بالتحول الرقمي وبتعزيز المهارات اللازمة للعاملين بقطاع التعدين من خلال برنامج تدريب متخصص بالتعاون مع كبرى الجامعات العالمية.

أول مصفاة ذهب معتمدة بالصحراء الشرقية

وأكد “الملا” أن قطاع التعدين في مصر يجني ثمار ما تم تطبيقه من إصلاحات مشيرًا إلي نجاح المزايدة العالمية الأولى التي تم إطلاقها عام ٢٠٢٠ في جذب مشاركة عالمية ومحلية غير مسبوقة في مجال تعدين الذهب بالصحراء الشرقية والبحر الأحمر بالرغم من التحديات العالمية لجائحة كورونا، لافتًا إلى أن هذه النتائج الإيجابية شجعت على طرح مزايدة ثانية للذهب.

وأعلن “الملا” أنه يتم العمل على تنفيذ أول مصفاة ذهب معتمدة في مصر بمنطقة مرسى علم بالصحراء الشرقية تعظيمًا للقيمة المضافة من موارد الذهب وبما يؤدي لإكمال سلسلة القيمة لإنتاج الذهب عبر تعظيم المحتوى المحلي، كما أشار إلى مواصلة تشييد عدد من مجمعات صناعة الأسمدة الفوسفاتية لتعظيم القيمة المضافة والعائد الاقتصادي من خام الفوسفات لصالح الاقتصاد المصري.

ويمكن إجمال كافة المعلومات المتعلقة بمشروع أول مصفاة ذهب في صحراء مصر الشرقية، في النقاط التالية:

– التكلفة المتوقعة لمشروع المصفاة قد تصل إلى 100 مليون دولار، وتكلفة المرحلة الأولى منها 30 مليون دولار.

– الحكومة لم تبدأ في المشروع بعد حتى الآن، وتعمل على تأسيس شركة لإنشاء وإدارة مصفاة الذهب.

– ستكون المصفاة معتمدة دوليا ويمكنها دمغ الذهب المستخرج من المناجم وختمه بالكود الدولي “9999” وقريبة من مواقع مناجم الذهب في مصر.

– المصفاة ستكون عوضا عن إرسال الذهب المستخرج من مصر إلى الخارج سواء إلى كندا أو سويسرا من أجل دمغه وختمه قبل تصديره أو عودته إلى مصر مرة أخرى.

– المصفاة لن تقتصر على خدمة الذهب المستخرج من مصر، بل تستهدف أيضا خدمة الاستخراجات ببعض الدول المجاورة في المنطقة مثل السودان والسعودية.

– المصفاة تهدف إلى تعظيم التكامل بين دول المنطقة في مجال تعدين وصناعة الذهب خاصة ما يسمى بـ”الدرع العربي النوبي”.

فيما لفت “الملا” إلى أن رؤية تطوير قطاع التعدين تستهدف زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من نحو نصف بالمائة حالياُ إلى 5% خلال العقدين القادمين، وتوفير عدد كبير من فرص العمل وتعظيم الأنشطة التعدينية عبر إصدار أكثر من مائتي رخصة بحث واستكشاف سنويًا.

المساهمة في صنع مستقبل بلا كربون

كما أكد المهندس طارق الملا أهمية صناعة التعدين في خدمة الأهداف الحيوية حيث لن تستطيع الصناعة الحديثة تحقيق أهدافها في إزالة الكربون بدون المنتجات المعدنية التي تدخل في تكوينها، داعيًا في هذا الإطار إلى إعداد مبادرة عربية مشتركة للطاقة النظيفة تضم كل الدول العربية لطرحها في القمة العالمية للمناخ التي تستضيفها شرم الشيخ هذا العام تأكيدًا على التزام الدول العربية في هذا الشأن.

هذا، وقد حازت الدعوة المصرية التي وجهها المهندس “طارق الملا” على موافقة الوزراء العرب بالإجماع والتوصية بتكليف فريق عمل من المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين بالإعداد للمبادرة.

وقد وافق الاجتماع علي إطلاق مشروع أول منصة رقمية عربية لطلبات وعروض المنتجات الصناعية والتعدينية، وكذلك إعداد نظام استرشادي تعديني للدول العربية، كما جري استعراض أبرز ما تم إنجازه من إنشاء لقاعدة بيانات عربية لإنتاج الخامات التعدينية والبوابة الجيولوجية والتعدينية العربية ومعهد عربي لبناء القدرات البشرية بقطاع التعدين.