كتب – حسام عيد

فشل صندوق النقد الدولي في تحديث البيانات الخاصة بالتعافي الاقتصادي لإثيوبيا لعام 2022، مما أدى إلى حدوث هزة في توقعات المستثمرين مع إطلاق الحكومة هجومًا بريًا جديدًا في منطقة تيجراي.

غياب تحديث البيانات الخاصة بالاقتصاد الإثيوبي

في خطوة نادرة مخصصة للبلدان التي مزقتها الحروب والحكومات الفاشلة، لم يصدر صندوق النقد الدولي توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لإثيوبيا في تقريره الأخير عن آفاق الاقتصاد العالمي للسنوات الأربع المقبلة.

والبلدان الأخرى الوحيدة المستبعدة من التوقعات هي أفغانستان وليبيا وسوريا.

في حين أن صندوق النقد الدولي لا يشير بشكل صريح إلى حرب تيجراي، يقول المحللون -بحسب مجلة “أفريكان بيزنس”- إن الصراع المستمر هو السبب الأكثر ترجيحًا وراء حجب المقرض متعدد الأطراف توقعاته بشأن الانتعاش الاقتصادي لإثيوبيا في عام 2022.

ويفيد باتريك هاينش، الباحث الاقتصادي في بنك هيلابا التجاري ومقره ألمانيا، بأن حجب توقعات النمو لإثيوبيا هي علامة سيئة يمكن أن تفسد مستقبل البلاد الاقتصادي وتضعف ثقة المستثمرين في سوق أديس أبابا، وبالتالي إلى النقد الأجنبي الذي تمس الحاجة إليه.

ويضيف، “تؤثر توقعات البيانات المفقودة بشكل طبيعي على بيئة الأعمال. يقوم كل مستثمر بإجراء تحليل متعمق للبلد المستهدف قبل القيام بالاستثمار. إذا كانت البيانات الخاصة بإثيوبيا غير متوفرة ، تسأل الشركات نفسها لماذا؟!”.

ويشير هاينش إلى أنه حتى بالنسبة للبلدان التي تمزقها الصراعات، فإن توقعات النمو الخاصة بها لا تزال متوفرة لدى تقارير صندوق النقد الدولي، ولكن هذا لم يحدث فيما يخص دولة إثيوبيا وهو ما يشير إلى خطورة تفاقم الصراع بها.

العد التنازلي للعقوبات

إن الافتقار إلى بيانات الاقتصاد الكلي هو مجرد بداية لقائمة متزايدة من المشاكل الاقتصادية في إثيوبيا.

في أوائل أكتوبر 2021، طردت الحكومة الإثيوبية سبعة من مسؤولي الأمم المتحدة من أديس أبابا بتهمة التدخل في السياسة الداخلية. وزاد هذا من توتر العلاقات المضطربة بالفعل مع المجتمع الدولي وزاد من خطر فرض عقوبات.

وطالب برلمان الاتحاد الأوروبي “بوقف فوري للأعمال العدائية من قبل جميع الأطراف” في أكتوبر ودعا إلى فرض عقوبات واسعة النطاق، بما في ذلك حظر الأسلحة، ضد جميع المتحاربين في الحرب الجارية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس الثلاثاء الموافق 12 أكتوبر 2021، إن الولايات المتحدة تدرس أيضًا مجموعة كاملة من الخيارات، بما في ذلك العقوبات، ردًا على الأزمة المتفاقمة.

من جانبها، قالت جبهة تحرير تيجراي الشعبية الحاكمة في الإقليم، إن الجيش الإثيوبي شن هجومًا بريًا بالاشتراك مع ميليشيات أمهرة المتحالفة معها لطرد قوات تيجراي من منطقة أمهرة الشمالية.

فيما ذكرت الأمم المتحدة أن المحاولات السابقة للضغط على الحكومة لرفع الحصار الذي يعرقل المساعدات الإنسانية أدت إلى مجاعة واسعة النطاق في منطقة تيجراي.

ويتوقع هاينش، أنه “إذا أدى الهجوم الجديد لقوات الدفاع الوطنية الإثيوبية إلى انتهاكات حقوق الإنسان أو هجمات ضد المدنيين، كما لوحظ خلال احتلال القوات الإثيوبية لإقليم تيجراي حتى يونيو الماضي، فقد يفقد الغرب صبره”.

ومع ذلك، قبل فرض جميع العقوبات، يعتقد الخبراء أن الخطوة الأولى قد تكون أولًا هي إخراج إثيوبيا من قانون النمو والفرص الأفريقي المربح للولايات المتحدة (أغوا).

ويقول باتريك هاينش، “تمثل صادرات إثيوبيا بموجب قانون (أغوا) ما يقرب من نصف صادراتها إلى الولايات المتحدة. تتركز معظم صادرات قانون أغوا في صناعة النسيج وهي صناعة كثيفة العمالة. قد يُترجم إلغاء عضوية قانون أغوا إلى خسائر هائلة في الوظائف”.

ويخشى الغالبية من السيناريو الأسوأ؛ حيث ستؤدي الطبيعة الحالية غير المستجيبة للحكومة في نهاية المطاف إلى تحويل إثيوبيا إلى دولة منبوذة على المستوى الإقليمي، على غرار إريتريا أو النظام السابق في السودان.

تكلفة اقتصادية واسعة النطاق

مع مرور عام على الحرب في تيجراي والتي بدأت في نوفمبر 2020، تتراكم التكلفة الاقتصادية للصراع.

بدوره، كان رئيس الوزراء آبي أحمد قد قال في يوليو الماضي؛ إن إصلاح البنية التحتية قد يكلف ما يصل إلى ملياري دولار، مع توقع المزيد من الأضرار مع تكثيف الحكومة هجومها.

كما تنتهي مبادرة تعليق خدمة الديون الإثيوبية بنهاية العام الجاري، الأمر الذي سيؤدي بطبيعة الحال إلى الاستئناف الكامل للمدفوعات الخارجية في عام 2022. وتقدمت الحكومة بطلب إلى صندوق النقد الدولي للحصول على صفقة جديدة في سبتمبر الماضي لإعادة هيكلة ما يقرب من 30 مليار دولار من الديون الخارجية، وتنتظر موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على المدفوعات من التسهيل الائتماني الممدد وتسهيل الصندوق الممدد.

وختامًا، يمكن القول إنه؛ إذا تمكنت إثيوبيا من تحقيق إعادة هيكلة الديون الخارجية في النصف الأول من العام المقبل، فسيكون بإمكانها دفع وتحريك الاقتصاد ولو قليلًا. لكن في نهاية المطاف، ومع استمرار الحرب في ظل عدم وجود نهاية تلوح في الأفق، فإن وقف إطلاق النار عن طريق التفاوض بين الجانبين هو الخطوة الأكثر أهمية لتجديد ثقة المستثمرين.