أماني ربيع

في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، كانت نيجيريا على موعد مع حدث باذخ للغاية لا يتناسب مع ما تعانيه البلاد من تدهور اقتصادي بسبب تداعيات جائحة كورونا، التي أقعدت الكثيرين عن العمل وجعلتهم فريسة للفقر.

عُرس يجمع النخبة

ومثل حفل زفاف ابن الرئيس النيجيري محمد بخاري، اجتماعا لأقوى النخب السياسية في نيجيريا، يوسف بخاري الابن الوحيد لرئيس نيجيريا، وزهرة ناصر بايرو، ابنة أحد أبرز أمراء ولاية كانو في شمال غرب نيجيريا، بينما عم العروس هو أمير ولاية كانو، وهو وأحد من أبرز القادة المسلمين في نيجيريا.

أقيم الزواج بعد أشهر من التخطيط، وتنسب أصول العروس زهرة إلى عثمان دان فوديو، ما يجعلها مميزة للغاية، وتنتمي لأسرة من الفولاني، بينما العريس ينتمي لقبائل الهوسا.

وبحسب موقع ” saharareporters”، قام أمير بيتشي، والد العروس، بتأليف لجنة لتنظيم العرس مؤلفة من 145 رجلاً لضمان عدم مواجهة حفل الزفاف لأي عقبة أو تعقيد.

درس يوسف بخاري في مراحل التعليم الابتدائي والثانوي في كادونا، في مدرسة كادونا الدولية والمدرسة البريطانية في لومي، ثم انتقل لاحقا إلى بريطانيا والتحق بكلية بيليربي للتعليم الثانوي، وحصل على شهادة جامعية من جامعة سوري ببريطانيا عام 2016.

أما زهرة ناصر، ابنة أمير بيشي، ولدت عام 2002، وحصلت على تعليمها الابتدائي والثانوي في ولاية كانو، ثم سافرت لدراسة الهندسة المعمارية في جامعة سوري.

تعرف العروسان على بعضهما البعض خلال سنوات الدراسة في الجامعة، وأصبحا أصدقاء حتى اشتعلت شرارة الحب بينهما.

واقترن العروسين الشابين برباط الزواج في حفل فخم يشبه القصص الخيالية، واستمرت فعاليات العرس ليومين، وسط إجراءات أمنية مشددة في قصر أمير بيشي ، والد العروس ، بحضور آلاف المهنئين.

وشوهدت أساطيل من الطائرات الخاصة متوقفة على مدرج مطار كانو، ما أثار غضب السكان المحليين، الذين عبروا عن استيائهم عبر  مواقع التواصل الاجتماعي.

وسبق الزفاف احتفالات أقامها العروسان لأصدقائهما، لدرجة إقامة بطولة خاصة للبولو، وأقامت العروس حفل “Kamu”  وهو تقليد يقوم به أفراد الهوسا والفولاني، تذهب فيه العروس وأصدقاؤها إلى منزل أحد الأقارب للاحتفال في أمسية موسيقية مع الرقص، ويشبه حفلات “الحنة” عند العرب، وارتدت العروس خلال المراسم والاحتفالات المختلفة العديد من الفساتين الباهظة والمرصعة بالجواهر.

غضب «الحسبة»

وأثار ثوب الزفاف العاري عند الأكتاف، حفيظة العديد من المسلمين، بسبب قماشه الشفاف، وعدم ارتداء العروس للحجاب كعادة المسلمات، كما أعربت الشرطة الإسلامية في كانو المعروفة باسم “الحسبة” وكذلك المراقبين الدينيين الصارمين، عن استيائهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال القائد العام لحسبة كانو، هارون بن سينا، إن ابنة الأمير “ليست فوق القانون ، وفشلت في أن تكون قدوة حسنة للمسلمين الآخرين”.

وانتقد رجل الدين الإسلامي الشهير أحمد أبوبكر جومي بشدة إظهار الثراء الذي أبدته الطبقة الحاكمة النيجيرية في حفل الزفاف، وقال: “أخبرني أحدهم أن جميع الطائرات الخاصة في نيجيريا تم استئجارها لحضور حفل زفاف ابن بخاري، لدينا أسر تعيش بلا مأوى في الأدغال وفي المدن، الجوع منتشر في كل مكان، نعيش في جائحة جعلت المواطنين يواجهون مختلف المشكلات، ومع ذلك فقد أنفق السياسيون الأموال العامة على شؤونهم الخاصة.

تجاهل بروتوكولات كورونا

 وأعربت الهيئات الصحية في نيجيريا عن قلقها بشأن التجمهر في حفل زفاف نجل الرئيس، خاصة مع الارتفاع الأخير في إصابات كورونا في البلاد، عقب أسابيع من اكتشاف متحور دلتا شديد العدوى.

وردا على ما حدث في حفل الزفاف الملكي، قال المتحدث باسم اتحاد قطاع الصحة المشترك (JOHESU) لوسائل الإعلام المحلية: “في الوقت الذي يواصل فيه خبراء الصحة تحذير الناس من حقيقة وجود متحور دلتا حولنا، من المحزن أن نرى هذا الكم من الناس والتجمع الكبير دون اعتبار لبروتوكولات كورونا.”

وأضاف المتحدث باسم (JOHESU): “الرئيس بخاري هو الذي وقّع القانون الذي جعل عدم إطاعة أي شخص لبروتوكولات كورونا يعرض للعقاب، ومع ذلك فإن مسؤوليه هم الذين لا يستخدمون أقنعة الوجه ولا يحرصون على الالتزام بالتباعد الاجتماعي”.

وبحسب ما ذكر موقع سي إن إن، دفع العريس 500 ألف نيرة (حوالي 1200 دولار)، مهرا لعائلة العروس، وهو ما يعادل 10 أضعاف متوسط المهر في شمالي نيجيريا، ومابلغ ضخم للعديد من العائلات في المنطقة الشمالية الفقيرة.

وقال حسيني زكاري ، رجل دين في زاريا ، شمال غرب ولاية كادونا: “لا يوجد مهر ثابت للعروس، يدفع الناس مبالغ متفاوتة حسب قدراتهم ووضعهم الاجتماعي. يدفع البعض 10 آلاف أو أقل”.

ومن بين النيجيريين البارزين الذين حضروا الحفل الفخم يوم السبت الماضي، نائب رئيس البلاد ييمي أوسينباجو ، والرئيس السابق جودلاك جوناثان الذي هزمه بخاري في انتخابات 2005، ومنافس بخاري الرئيسي في انتخابات 2019 أتيكو أبوبوكار.

وإلى جانب الضيوف المحليين، حضرت أيضا فطوماتا باه بارو، سيدة جامبيا الأولى، والرئيس السابق للنيجر المجاورة محمدو إيسوفو.

وحضر الآلاف الحفل الذي أقيم في قصر أمير بيتشي بولاية كانو، ويعتبر هذا الزواج بين عائلة رئاسية وأخرى ملكية، أمرا غير مسبوق في نيجيريا، بحسب موقع بي بي سي.

ويرى البعض أنه كانت مبالغات في تقدير عدد الطائرات الخاصة لحضور المناسبة، التي بلغت 100 بحسب أقوال البعض، لكن مسؤول مطار كانو أكد أن عدد الطائرات التي وصلت بالفعل كان أقل من 50.

وبرغم من هذا البذخ والاحتفالات الكبيرة، إلا أن هذا الزفاف تم تقليص فعالياته بسبب تفشي جائحة كورونا، وأبرزت صور الحفل ارتداء الكثير من الضيوف الكمامات، حيث تواجه نيجيريا حالياً ارتفاعاً في عدد حالات الإصابة بالفيروس.

وأحاطت بالحفل إجراءات أمنية مكثفة، وقام بتأمين القاعات والحضور حراسة مشددة من أفراد الجيش والشرطة، الذين تمركزوا بالقرب من المكان تحسبا لأي هجمات محتملة.

وأجرى مراسم الزفاف، وزير الاتصالات عيسى علي بانتامي، وهو إمام مؤهل لإبرام عقود الزواج.