كتب – حسام عيد

في الوقت الذي تهز فيه جيوب العنف العاصمة الزامبية في الفترة التي تسبق الانتخابات المتنازع عليها بشدة في الأسبوع الثاني من أغسطس 2021، دعا عمال المناجم إلى تغيير جذري في قطاع التعدين في البلاد، الذي ضربه وباء “كوفيد-19” والمناخ الذي يعتبر معاديًا للمستثمرين.

وفي السنوات الأخيرة، أدت بيئة السياسة العدائية إلى فرار العديد من المشغلين الأجانب من البلاد، وتصاعد الضغط على القطاع الذي يمثل 75% من صادرات زامبيا.

ومع اقتراب موعد الانتخابات في 12 أغسطس الجاري، ووصول أسعار النحاس إلى أعلى مستوياتها في عشر سنوات، فإن الانتعاش الاقتصادي لثاني أكبر منتج للنحاس في أفريقيا يتوقف على زيادة الإنتاج، كما تقول شركات التعدين.

وقد دمرت تداعيات فيروس كورونا المستجد قطاع التعدين في القارة، مما أدى إلى تعطيل العمليات حيث أغلقت المناجم وسط قيود الإغلاق وتراجع الطلب.

في عام 2020 الماضي، دفع انهيار الطلب على النحاس، إحدى أكبر شركات التعدين في البلاد، “جلينكور”، إلى تعليق العمليات في منجم موباني للنحاس. أثارت هذه الخطوة رد فعل عنيف من حكومة زامبيا، التي هددت بإلغاء تراخيص التعدين للشركة لأنها قالت إن شركة جلينكور السويسرية -“عملاق التجارة والتعدين”- لم تقدم إشعارًا كافيًا قبل تعليق المناجم.

بعد ذلك بساعات، ألقت السلطات الزامبية القبض على الرئيس التنفيذي لشركة “موباني” للتعدين النحاس في لوساكا أثناء محاولته ركوب طائرة متجهة إلى أستراليا. فيما أُطلق سراحه لاحقًا.

وأثارت هذه الخطوة قلق المستثمرين الأجانب الذين يخشون أن تتخذ الحكومة موقفًا معاديًا بشكل متزايد لشركات التعدين الدولية لدعم الإيرادات.

سياسات بحاجة للإصلاح

تعتبر الضرائب على قطاع التعدين، الذي تمت خصخصته قبل طفرة السلع في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، من بين أعلى الضرائب في العالم، بحسب شركة “إي واي” العالمية الرائدة في مجال التدقيق المالي والاستشارات الضريبية والمعاملات التجارية والخدمات الاستشارية.

في مايو 2019، استولت الحكومة على شركة مناجم كونكولا للنحاس، التي تمتلك فيها حصة 20%، وسلمتها إلى المصفين المؤقتين.

وقد تم توجيه اتهام لمالكي المنجم، أحد أكبر شركات التعدين في الهند وتتخذ من لندن مقرًا “فيدانتا للموارد” التي تدير عمليات تعدين في البلاد، بالفشل في احترام شروط الترخيص.

وقد أفاد حكم صدر في يوليو الماضي في لندن بأن قرار إزالة “فيدانتا” من المنجم يخالف اتفاقية المساهمين.

فيما قالت إحدى شركات التعدين الدولية، التي طلبت عدم الكشف عن اسمها، إن المغادرة القسرية لشركات التعدين تأتي بتكلفة كبيرة للبلاد.

وأضافت في بيان، “نظرًا لأن موارد التعدين تستحوذ على النصيب الأكبر من صادرات زامبيا، فإن صناعة التعدين ونجاحها سيمثل دورًا مهمًا بشكل خاص للبلد، حيث ستساهم في الانتعاش الاقتصادي وخلق الوظائف”، حسبما نقلت مجلة “أفريكان بيزنس”.

وتابعت، “يجب على الحكومة إدراك أهمية صناعة التعدين في الدولة والنظر في إعادة فتح الوصول إلى المناجم للخبراء مما قد يضمن الإدارة الفعَّالة والمستدامة اقتصاديًا للمناجم”.

وقد أوقفت زامبيا الإنتاج في حفرة كونكولا العميقة تحت الأرض وعمليات مناجم كونكولا للنحاس الأخرى في مايو بسبب نقص الأموال لتطوير مناطق تعدين جديدة.

التراجع الديمقراطي

في الفترة التي سبقت انتخابات زامبيا، نشر الرئيس إدجار لونجو، الذي يترشح لولاية ثانية، الجيش في الشوارع يوم الأحد الموافق 1 أغسطس الجاري، لقمع العنف المتصاعد. وقُتل شخصان على الأقل حتى الآن في اشتباكات بين أحزاب متناحرة باستخدام المناجل والمنجنيق.

ومن المرجح أن يؤدي عدم الاستقرار المتزايد إلى زيادة الضغط الهبوطي على الاقتصاد الذي تخلف عن سداد جزء من ديونه السيادية في نوفمبر الماضي.

وقد كشف تقرير حديث صادر عن منظمة العفو الدولية أن زامبيا أصبحت غير متسامحة على نحو متزايد مع المعارضة منذ أن حل لونجو محل الراحل مايكل ساتا في عام 2014. وقد سُجن زعيم المعارضة هاكيندي هيشيليما، الذي يشكل تحديًا خطيرًا للرئيس في هذه الانتخابات، عدة مرات منذ أن بدأ يتنافس على الرئاسة.

إن من سيفوز في الانتخابات سيحتاج إلى تكريس تركيزه لإصلاح الاقتصاد والتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لخطة إنقاذ يمكن أن تساعد البلاد في إعادة هيكلة ديونها العامة الخارجية البالغة 12.7 مليار دولار.

وقد قال وزير المالية الزامبي بواليا نجاندو، إنهم يأملون في التوصل إلى اتفاق مع المقرض بشأن تسهيلات ائتمانية ممتدة قبل الانتخابات، لكن هذا لم يتحقق بعد.

بالكاد يمكن القيام بذلك دون التركيز أولاً على خلق بيئة أكثر ملاءمة للأعمال التجارية يمكنها جذب الاستثمار والحفاظ على سيادة القانون.