ترجمة – أمنية هشام

في حواره مع “إل باييس”.. الأمين التنفيذي لمجموعة دول الساحل الخمس يطلب دعمًا دوليًّا لقوات المجموعة قبل انتهاء عملية “برخان” الفرنسية .

أمضى الدبلوماسي النيجري “مامان سامبو سيديكو” حياته المهنية في العديد من تلك المناصب التي يكون اتخاذ القرارات اليومية فيها لمجرد البقاء على قيد الحياة. إنه صحفي متمرس درس العلوم السياسية في جامعة “كومبلوتنسي” بمدريد قبل أن يتولى منصبه وزيرًا للخارجية في النيجر بين عامي 1997 و1999، ثم عمل سيديكو لمدة 19 عامًا لدى الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دول مثل الصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وفي عام 2018، تولى منصب الأمانة الدائمة لمجموعة دول الساحل الخمس، وهي رابطة إقليمية تم إنشاؤها في عام 2014 تهدف إلى تنسيق استجابة الدول الخمس الأعضاء -بوركينا فاسو ومالي والنيجر وموريتانيا وتشاد- للقضايا الأمنية في المنطقة، وخاصة الإرهاب الجهادي.

ومع اقتراب فترة ولايته من نهايتها الشهر الجاري، دعا سيديكو إلى ربط “الأمن بالتنمية” في محادثة هاتفية أجراها مع صحيفة “إل باييس” الإسبانية من مقر المجموعة في العاصمة المغربية الرباط. كما يطالب بمزيد من الدعم الدولي لجيوش الدول الخمس الأعضاء لمواجهة تبعات انسحاب 5100 جندي من عملية “برخان” الذي أعلنه الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” في العاشر من يونيو الماضي.

كان عام 2020 هو العام الأكثر دموية في منطقة الساحل منذ عام 2011. ففي بوركينا فاسو ومالي والنيجر فقط، لقي نحو 2440 مدنيًا مصرعهم في هجمات شنتها جماعات إجرامية، وذلك وفقًا “لتحالف المواطنين من أجل الساحل” وهو منظمة غير الحكومية، بينما احتاج 31.4 مليون مواطن من بين 90 مليون نسمة تقريبا في دول الساحل الخمس، إلى مساعدات إنسانية، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.

س: ما هي حصيلة سبع سنوات من وجود مجموعة دول الساحل؟

ج: كان عام 2020 عصيبًا مع تدهور الوضع الإنساني. ورغم ذلك، فقد أظهرت مجموعة دول الساحل الخمس رغبة حقيقية في مشاركة الوسائل المتواضعة للغاية المتاحة لأعضائها.  وينبغي ألا يقتصر الأمر على مجرد تقييم مقلق، ولكنه المؤقت، لتكاثر الأعمال الإرهابية. هناك خطوات مثل إنشاء كلية الدفاع لتدريب ضباط جيوش الدول الخمس أو إنشاء خلية إقليمية لمكافحة التطرف.

س: وما هي إنجازات المجموعة الملموسة في مكافحة الإرهاب؟

 ج: في بوركينا فاسو والنيجر، تجري جيوشنا عمليات مشتركة، حيث توجد كتيبتان من التشاد في منطقة الحدود الثلاثية [بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر].  وإننا لا ننتظر المدد فقط [5100 جندي من عملية برخان] من فرنسا فقط. وقد تعاونت الدول الأعضاء في المجموعة لتكون قادرة، على سبيل المثل، على اختراق أراضي دولة أخرى لمسافة تصل إلى 100 كيلومتر لملاحقة الجماعات المسلحة. والسؤال الآن هو كيف نضمن أمن المنطقة، لأنه عندما تتمركز جيوشنا في مكان تهاجم الجماعات المسلحة مكانًا آخر؟

س: تمتلك المجموعة قوة عسكرية مشتركة، والآن هل لهذه القوة مستقبل بعد أن أعلنت فرنسا انتهاء عملية برخان التي كانت تقود من خلالها الحرب ضد الإرهاب في المنطقة؟

ج: تعتبر القوة المشتركة قوة خاصة مكونة من كتائب من الدول الخمس. ومع إنها تتقدم ببطء، إلا أنها نفذت بالفعل حوالي 25 عملية أسفرت عن نتائج مرضية. ولا أعتقد أن انسحاب قوات عملية برخان أو إعادة تشكيلها يعني نهاية القوة المشتركة. في الواقع، عليها الآن أن تقوم بدورها، فلا يمكن لفرنسا أن تتولى مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل بمفردها. ولا يمكن أن يُطلب من خمس دول من أفقر دول العالم تحمل هذا العبء وحدها. والآن على الدول الأخرى تقديم الدعم لتعزيز قدرات قواتنا المسلحة. هذا وطننا، وتضامن الدول الأفريقية الأخرى ضروري بنفس القدر، لأن الإرهاب الجهادي يهدد بالانتشار في جميع أنحاء القارة، وخاصة غرب أفريقيا وخليج غينيا. كانت هناك بالفعل هجمات في دول مثل ساحل العاج ودول أخرى في غرب أفريقيا. كما أن منطقة الساحل أصبحت أيضًا حدودًا أَمنية للاتحاد الأوروبي.

س: هل يمكن الحديث عن التعاون الإقليمي في خضم عدم الاستقرار الناتج عن، على سبيل المثال لا الحصر، الانقلابين المتعاقبين اللذين شهدتهما مالي في أقل من عام؟

ج: ما يمكنني قوله بشأن هذه القضية هو أنني أعلم أن جميع الجهات الفاعلة من مختلف دول المنطقة متفقون على أن التحدي الإرهابي ما زال قائمًا وأنه أولوية مفروضة.

س: كيف ترى مشاركة إسبانيا في منطقة الساحل؟

ج: ثابتة. ما عليك سوى أن تعلم أن وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية، “أرانتشا غونزاليس لايا”، التي سترحل بعد التعديل الوزاري الذي أعلن يوم السبت الماضي، تترأس الجمعية العامة لمجموعة الساحل [الرابطة التعاونية بين مجموعة دول الساحل الخمس وشركائها الدوليين، ومن بينهم الاتحاد الأوروبي]، وهي إشارة واضحة للتعاون. كذلك ساعدت إسبانيا، على سبيل المثال، في تمويل الرابطة النسائية لمجموعة دول الساحل.

س: هل الرد العسكري على الإرهاب ضروري؟

ج: عليك أن تشن الحرب على من يجلب لك الحرب، لكن يجب أن يقترن هذا الرد بمطالبة إعادة أكبر عدد ممكن من أعضاء هذه الجماعات الإرهابية إلى المسار الصحيح. من الضروري تحليل أجندة الإرهابيين والجماعات الإجرامية، وهما فئتان يتم الخلط بينهما بشكل متزايد. لماذا يحاولون إبعاد الناس عن مناجم الذهب أو عن أراضيهم أو عن مواشيهم؟  إننا نتحدث هنا عن الاقتصاد.  تأتي جماعة وتقول لأقلية: “سنتولى حميتكم” من خصومكم الذين يحتلون أرضكم أو يمنعون قطعانكم من الرعي. ومن هنا تنشأ علاقات تبعية، وهذا يحدث لأن الدولة غائبة عن مناطق شاسعة ولا تحمي مواطنيها. وهكذا أعلنت الطوائف والمجموعات العرقية التي عاشت معًا في السابق الحرب.

س: وماذا عن الأيديولوجية؟

ج: نعم هناك جماعات أخرى تحركها الأيديولوجية، وهي تحديدا تلك التي تخضع لسيطرة الغرباء، مثل أعضاء تنظيم داعش، إلا أنهم أقلية.  بينما الآخرون هم أبناؤنا، وأبناء إخواننا الذين يفتقرون إلى القدوة، ونراهم في صفوف تلك الجماعات المتورطة في أنشطة غير مشروعة مثل الاتجار بالمخدرات، والبشر، والذهب، وغيرها. إنهم في بعض الأحيان يتم تجنيدهم لأنهم ضائعون.

س: ضائعون؟!

ج: إن تحدي الإرهاب ليس مجرد مشكلة أسلحة وبنادق، ولا ينبغي الاقتصار على القراءة الخارجية للجريمة في المنطقة. هذا التأثير الخارجي يزداد بسبب يأس شبابنا وغياب الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. وتؤدي أوجه القصور هذه إلى الانضمام إلى الجماعات الإجرامية. إن 65٪ من سكان الساحل هم من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا، ومن الضروري أن نضمن لهم مستقبلهم وأن نتيح لهم فرص الانخراط في التعليم، أو ممارسة الرياضة، أو مجرد الاستمتاع، إننا لا نتحدث عن أيديولوجية، ولكننا نجاهد من أجل البقاء.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا