كتبت – أماني ربيع

في الـ16 من يونيو في كل عام، يتيح اليوم الدولي للطفل الأفريقي (DAC)، للأفارقة فرصة التفكير في نظام التعليم في القارة وطرق تحسين القطاع لتوفير تعليم جيد للأطفال.

يعود الاحتفال بهذا اليوم، إلى أحداث سويتو بجنوب أفريقيا التي دارت في 16 يونيو 1976، عندما احتج أكثر من 10000 طفل من ذوي البشرة السوداء، على رداءة جودة التعليم في بلدهم، وطالبوا أيضًا بالتعلم بلغتهم الخاصة التي يمكنهم فهمها بسهولة.

يوم الطفل الأفريقي

وقُتل مئات الطلاب خلال الاحتجاجات وأصيب آلاف آخرون، تم نشر صور الحادث في جميع أنحاء العالم واحتجت العديد من المنظمات على عمليات القتل وعدم المساواة في نظام الفصل العنصري، وبدأت العديد من الدول في إحياء ذكرى ذلك اليوم كل عام تكريما للضحايا، وأطلق على اليوم اسم اليوم الدولي للطفل الأفريقي لزيادة الوعي بضرورة تحسين جودة التعليم في المدارس الأفريقية.

ويهدف هذا اليوم، إلى تعزيز حقوق الطفل في جميع البلدان الأفريقية، وتذكير دائم للحكومات والمنظمات غير الحكومية وأصحاب المصلحة الآخرين بالتحديات التي يواجهها الطفل الأفريقي والتمكين الذي ينبغي منحه له.

وكل عام يدور الاحتفال بهذا اليوم حول موضوع فريد لخلق الوعي بضرورة ضمان رفاهية الطفل الأفريقي، وكان شعار هذا العام “30 عامًا بعد اعتماد الميثاق: تسريع تنفيذ أجندة 2040 من أجل أفريقيا الملائمة للأطفال.”

في عام 2016، اعتمدت اللجنة الأفريقية للخبراء حول حقوق ورفاهية الطفل، “أجندة 2040: تعزيز أفريقيا ملائمة للأطفال” – أجندة مدتها 25 عامًا للتقدم الاستراتيجي طويل الأجل في تنفيذ حقوق الطفل في أفريقيا.

 توفر أجندة 2040 ، التي وافق عليها المجلس التنفيذي لوزراء الاتحاد الأفريقي في يوليو 2017، تركيزًا على الطفل استنادًا إلى أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي، والتي تسلط الضوء على حقوق الأطفال وشواغل رفاهيتهم في الفقرة 53.

وتتصور أجندة 2063 أفريقيا متكاملة ومزدهرة وسلمية ، يقودها مواطنوها، وتمثل القوة في الساحة الدولية.

صدقت 50 دولة على الميثاق الأفريقي لحقوق ورفاهية الطفل، الذي ينص على الحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ومؤخرا صدر تقرير جديد يقيم التقدم الذي تم إحرازه في تنفيذ أجندة أفريقيا للأطفال 2040، وكان الهدف من هذه الأجندة التي تم اعتمادها في عام 2016، 2017، هو تسريع الجهود نحو تنفيذ ميثاق الطفل الأفريقي، واستعادة كرامة الأطفال الأفارقة وتحسين حياتهم في القارة.

وأوضح التقرير الشامل الذي أصدرته اللجنة الأفريقية للخبراء حول حقوق الطفل ورفاهيته، ما تم إنجازه، والتحديات التي واجهتها الحكومات الأفريقية، كما حدد المجالات ذات الأولوية في تنفيذ أجندة 2040.

وكشف التقرير أيضا عن التحديات الناشئة وتحدث عن الاستراتيجيات المستقبلية لحماية وتعزيز حقوق الطفل في أفريقيا، كما حدد التطلعات والمؤشرات والأهداف وغايات (قابلة للقياس وأقل قابلية للقياس الكمي)  التي تهدف إلى إفادة أطفال أفريقيا.

وبحسب موقع “theconversation” غطى تقرير التقييم المرحلة الأولى من عام 2016 إلى 2020 .

وتحتوي أجندة 2040 على عشرة تطلعات ملموسة، وتحدد الخطوات التي يجب على الحكومات الأفريقية اتخاذها لتنفيذها لضمان احترام حقوق الأطفال وحمايتها، وهي:

يوفر ميثاق الأطفال الأفريقيين، الذي تشرف عليه ACERWC، إطارًا قاريًا فعالًا للنهوض بحقوق الأطفال.

وضع إطار تشريعي وسياسي ومؤسسي وطني فعال وملائم للأطفال في جميع الدول الأعضاء.

يتم تسجيل ولادة كل طفل وتسجيل الإحصاءات الحيوية الأخرى المتعلقة به.

كل طفل يعيش ويتمتع بطفولة صحية.

ينمو كل طفل مع تغذية جيدة ويتمتع بضروريات الحياة الأساسية.

يستفيد كل طفل بشكل كامل من جودة التعليم.

يتمتع كل طفل بالحماية من العنف والاستغلال والإهمال وسوء المعاملة.

يستفيد الأطفال من نظام إجرامي يراعي الأطفال.

كل طفل في مأمن من تأثير النزاعات المسلحة والكوارث الأخرى أو حالات الطوارئ.

آراء الأطفال الأفارقة مهمة.

ويشير التقرير، إلى أن الحملات والإعلانات وجهود الحشد حول مواضيع معينة كان لها تأثير ملحوظ في حماية حقوق الأطفال ورفاهيتهم.

على سبيل المثال، أدت الحملة ضد الممارسات الثقافية الضارة، مثل زواج الأطفال، إلى تغييرات كبيرة في التشريعات والسياسات والممارسات، وأصبح هناك تغيرًا في المواقف العامة بشأن القضايا المتعلقة بزواج الأطفال في نمط تدريجي.

وأصبح هناك اهتماما متزايدا بالطفولة في القانون والسياسة، على سبيل المثال، قام منتدى سياسة الطفل الأفريقي، بالشراكة مع Plan International، بعمل مذهل فيما يتعلق بالتشريعات حول حقوق الفتيات القانونية في أفريقيا، التركيز على دور الفتيات الذي تم تعزيزه من  خلال ميثاق الطفل الأفريقي.

حق الطفل الأفريقي في التعليم

وبالتزامن مع احتفالات يوم الطفل الأفريقي، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إنه يتعين على الحكومات الأفريقية في جميع أنحاء القارة تسريع الجهود وتوفير التمويل الكافي لضمان تمتع جميع الأطفال بحقهم في التعليم.

على الرغم من التقدم المهم الذي تم إحرازه على مدى العقود الماضية لضمان تنفيذ بنود الميثاق الأفريقي لحقوق ورفاهية الطفل على نطاق واسع، فإن العديد من الأطفال الأفارقة محرومون من حقهم الأساسي في التعليم.

 وهذا يشمل عشرات الآلاف من الفتيات اللواتي يواجهن حواجز تمييزية بسبب معاناتهم مع الحمل أو الأمومة أو زواج الأطفال، كما يتأثر الأطفال في 18 دولة أفريقية على الأقل بالهجمات المسلحة على المدارس، والاستخدام العسكري لمدارسهم.

وفقًا للإحصاءات، يتكون ما يقرب من نصف السكان الأفارقة من أطفال تقل أعمارهم عن 18 عامًا. لكن معظم هؤلاء الأطفال لا يكتسبون نموًا في مرحلة الطفولة المبكرة يحتاجون إليه. إنهم لا يحصلون على التعليم الأساسي لأن معظمهم يتركون المدرسة قبل سن العاشرة، كما أن نسبة كبيرة منهم تفتقر إلى ما يكفي من الغذاء والمأوى وحتى الملابس.

قالت كارين كانيزا نانتوليا، مسؤولة “هيومن رايتس ووتش” في أفريقيا: “يواجه الأطفال في جميع أنحاء أفريقيا العديد من الانتهاكات المترابطة والعوائق التي تحول دون حقهم في التعليم كل يوم”.

وأضافت: “تم استبعاد ملايين الأطفال أو تخلفوا عن تعلمهم أثناء الوباء، وقد أجبر الأثر الاقتصادي الكثيرين على القيام بأعمال خطرة ومرهقة في كثير من الأحيان ، ما أجبرهم على ترك المدرسة.”

حتى قبل تفشي جائحة كوفيد-19 ، كان لأفريقيا جنوب الصحراء أعلى معدلات في نسب الأطفال المتسربين من التعليم، ونحو اثنان وثلاثون مليون طفل في سن الدراسة الابتدائية و 28 مليون مراهق في سن المدرسة الثانوية كانوا خارج المدرسة.

أدى إغلاق المدارس بسبب الوباء، وعدم القدرة على الوصول إلى التعلم عن بعد عبر الإنترنت، بسبب غياب البنية التحتية لملائمة إلى تفاقم أوجه عدم المساواة الموجودة سابقًا.

واجه الملايين من الأطفال بالفعل حواجز مالية واجتماعية وتمييزية وكانوا معرضين بشكل كبير للاستبعاد من التعليم الجيد – وخاصة الفتيات والأطفال ذوي الإعاقة والأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض وأولئك الذين يعيشون في المناطق المتضررة من النزاع المسلح.

وأدى الوباء إلى تفاقم عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية في أفريقيا وكشف الفجوات الموجودة في أنظمة التعليم والصحة والحماية الاجتماعية ، مع تأثير كبير على حياة الأطفال، كما ساهم إغلاق المدارس على الصعيد الوطني في زيادة عمالة الأطفال، حيث لم يكن لدى العديد من الأطفال إمكانية الوصول إلى التعلم عن بعد.

في بلدان مثل أوغندا وغانا ، حيث كانت برامج المساعدة النقدية للأسر خلال الوباء غير كافية، أُجبر العديد من الأطفال على العمل الاستغلالي والخطير لإعالة أسرهم.

في كثير من الحالات، كان الأطفال قد تركوا المدرسة بالفعل قبل انتشار الوباء لأنهم لم يتمكنوا من دفع الرسوم المدرسية  أو كانوا يعملون لساعات طويلة مرهقة ليس فقط لإعالة أسرهم ، ولكن لكسب المال حتى يتمكنوا من العودة إلى المدرسة.

وجدت تقديرات جديدة من منظمة العمل الدولية واليونيسيف أنه في أفريقيا جنوب الصحراء، ارتفع عدد الأطفال في عمالة الأطفال بمقدار 16.6 مليون بين عامي 2016 و2020، مما أدى إلى أول زيادة في المعدلات العالمية منذ 20 عامًا.

وتعد القارة الأفريقية الأعلى في معدلات حمل المراهقات في العالم، وزادت حالات حمل المراهقات أثناء عمليات الإغلاق في مختلف البلدان، وفي جميع أنحاء القارة، تُمنع عشرات الآلاف من الطالبات من المدرسة لأنهم حملوا أو لأنهم أمهات، ولا يوجد لدى العديد من البلدان سياسات لإعادة الدخول بعد الولادة أو لإدارة حمل المراهقات في المدارس.

ومع ذلك، هناك أمثلة لدول نجحت في إنصاف الأمهات من الطالبات منها: سيراليون وأوغندا وساو تومي إي برينسيب، وهي دولا ألغت مؤخرًا الحظر أو عدلت السياسات لضمان أن الطلاب الحوامل وأولياء الأمور يمكنهم استئناف التعليم الرسمي في المدارس العامة.

ومن البلدان ذات الأوضاع السيئة في مجال التعليم بالنسبة للأطفال، نيجيريا حيث ينشأ الأطفال في ظل ظروف قاسية، يتعرض تعليم الأطفال وحقوقهم الأخرى حاليًا للتهديد بسبب انعدام الأمن والفقر وعدم كفاية مخصصات الميزانية ، فضلاً عن الكوارث الطبيعية الأخرى.

ويقدر عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في نيجيريا يبلغ 10193.918، وهو أعلى رقم في أفريقيا جنوب الصحراء، سبب العدد الكبير بالرغم من برامج التدخل المتعددة، هو حوادث اختطاف المئات من الأطفال من مدارسهم من قبل المتمردين، بينما تم تهجير العديد من الأطفال وأولياء أمورهم من منازلهم وقراهم بسبب أنشطة المتمردين، وقطاع الطرق المسلحين، وإجبارهم على العيش في مخيمات المشردين داخليًا، حيث لا يمكن ضمان التعليم الرسمي.

كما أوقف الإغلاق المفاجئ والمطول للمدارس لمنع انتشار COVID-19 الجهود التي تبذلها الحكومة وأصحاب المصلحة الآخرون لإدخال الأطفال في سن المدرسة في المدارس،  عندما أعيد فتح المدارس في النهاية، لم يتمكن عدد من الأطفال من العودة إلى المدرسة لأسباب كثيرة.

ولطالما كان ضعف التمويل وعدم كفاية تخصيص الميزانية للتعليم مصدر قلق في نيجيريا على مر السنين ، حيث تخصص الدولة أقل من 10 في المائة من ميزانيتها السنوية لهذا القطاع، وأدى ذلك إلى تداعي الهياكل والاكتظاظ في المدارس العامة، بالإضافة إلى إنشاء المزيد من المدارس الخاصة التي لا يمكنها توفير التعليم الجيد إلا لجزء ضئيل من الأطفال.

وفي ضوء كل ذلك، يجب على الحكومات الأفريقية أن تتبنى على وجه السرعة خططًا لإنصاف ملايين الطلاب المعرضين لخطر عدم العودة إلى المدرسة بمجرد إعادة فتح المدارس للتعليم الشخصي ، وكذلك الحق في التعليم، ليس لأن هذا حقهم فحسب، ولكن لأن هؤلاء الأطفال في حال تعليمهم وتنشئتهم بصورة جيدة، سيكونون أمل القارة في المستقبل، وتحقيق التنمية المنشودة.

العنف ضد الأطفال

وصرحت الأمم المتحدة مؤخرا، بأن دولتين من القارة الأفريقية هما الصومال والكونغو، تصدرتا قائمة أخطر مناطق الصراع على الأطفال، مع أفغانستان وسوريا من آسيا، وتمثل الانتهاكات التي تحدث في هذه البلدان، ما يقرب من 60٪ من جميع الانتهاكات الواردة في القائمة السوداء السنوية للبلدان التي يتعرض فيها الأطفال لانتهاكات جسيمة.

وبحسب موقع ” voanews”، قالت فيرجينيا جامبا، الممثلة الخاصة للأمم المتحدة للأطفال في النزاعات المسلحة: “لم يعد الأطفال يمثلون الأولوية الأخيرة لجدول الأعمال الدولي، نحن بحاجة إلى إعطاء الأطفال بديلاً عن العنف وسوء المعاملة، نحن بحاجة إلى السلام واحترام حقوق الأطفال.”

وأوضحت جامبا أن الانتهاكات الأكثر انتشارًا في عام 2020 كانت تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل قوات الأمن والجماعات المسلحة وقتل وتشويه الأطفال.

من بين أسوأ الحالات، قالت جامبا: إن الصومال لديها “أكبر عدد من الانتهاكات حتى الآن”، ارتكبها في الأساس عناصر حركة الشباب الصومالية الإرهابية.

وبحسب لجنة خبراء الاتحاد الأفريقي لحقوق الطفل، يأخذ العنف ضد الأطفال أي شكل من أشكال سوء المعاملة الجسدية والنفسية، ومنها: الاغتصاب، والتحرش الجنسي، وعمالة الأطفال، وتشويه الأعضاء التناسلية، والزواج المبكر، والاستغلال، وكي الثدي، والإتجار بالبشر والعنف يمكن أن يكون ذاتيًا وشخصيًا وجماعيًا واجتماعيًا وثقافيًا وجسديًا وجنسياً ولفظيًا ونفسيًا واقتصاديًا.

ويأتي الارتفاع المتزايد في نسب العنف في بلدان القارة، نتيجة الجهل بالمساعدة التي يقدمها الأخصائيون الاجتماعيون، والصمت والخوف من أقارب الضحايا، بالإضافة إلى الافتقار إلى ثقافة التنديد بالإساءة، وغياب المتخصصين في المؤسسات العامة، وعدم احترام القوانين.

وعادة ما تكون الأسباب وراء العنف ضد الأطفال هي الفقر والتوتر والتحديات الحضرية والعنصرية والمشاكل الأسرية والبطالة والحرب وسوء تخطيط المدن وانعدام النظم التعليمية.

وبحسب صحيفة “كاميرون تريبيون”، تشمل عواقب العنف ضد الأطفال تشمل الانعزال، وانعدام الثقة، والعدوانية، والانحراف، والقلق، والاكتئاب، والنشاط المفرط، واللامبالاة، والأفكار الانتحارية، والنتائج الأكاديمية السيئة، والشراهة، وفقدان الشهية.