كتبت – أسماء حمدي

بينما يلعب الأطفال الآخرون كرة القدم أو يشاهدون أفلام الرسوم المتحركة في المنزل بعد المدرسة، يذهب غيفت فيري البالغ من العمر تسع سنوات إلى العمل.

بعد يومه في المدرسة الابتدائية في Mchengautuwa ، في مدينة مزوزو شمال مالاوي، يعود الطفل البالغ من العمر تسعة أعوام إلى المنزل لبدء العمل، وذلك بطرق الصفائح المعدنية ذات الحواف الحادة، ويشكلها لتصبح مواقد للطبخ بالفحم.

 غيفت، الذي يعيش مع جدته وشقيقين صغيرين وقريب آخر، بدأ في صنع المواقد بعد أن تدرب من قبل جده عندما كان في السادسة من عمره، توفي جده، الذي كان مصدر الدخل الوحيد للأسرة، في وقت سابق من هذا العام بعد مرض طويل، لذا، تولى غيفت دور المعيل للعائلة.

تقول جدة غيفت، راشيل باندا ، 57 عامًا، وهي تحلس على حصيرة رقيقة داخل المنزل المغطى بأرضية من الطين: “عندما كان زوجي على قيد الحياة، كان هو من يعول هذه العائلة من خلال صنع مواقد الطهي بينما كنت أبيعها في المدينة أو عن طريق الذهاب من باب إلى باب، الآن، كل ما تبقى لي هو مهارة وقدرة غيفت”.

قبل الانتقال للعيش مع أجداده، عاش غيفت في مكان قريب مع والديه حتى انفصلا، تقول باندا: “اختفى الرجل [والد غيفت] بعد فترة وجيزة من الطلاق ولا أعرف مكانه ولم يتصل بنا أبدًا، بقيت ابنتي معنا لفترة، لكن بعد أن رأت الحالة التي كنا نعيشها، خرجت بحثًا عن عمل لكنها نادرًا ما تتواصل معنا، أعتقد أنها تكافح”.

تضيف الجدة: “أشعر بألم شديد لأنني اعتنيت بأطفالي والآن عليّ رعاية أطفالهم، ولكن [هو] دمي ، ماذا أفعل؟”.

“ليس لدي وقت للعب”

يتكون المنزل الصغير من غرفة نوم واحدة مع أرضية وجدران من الطين وسقف من ألواح الحديد والأكياس البلاستيكية والعشب، وغرفة الجلوس – وهي كبيرة بما يكفي لاستيعاب خمسة أشخاص – هي المكان الذي ينام فيه غيفت وإخوته، إنه أيضًا المكان الذي يتم فيه الاحتفاظ بالصفائح المعدنية والحديدية لصنع المواقد، وخلال النهار، الغرفة هي أيضًا المطبخ.

في حديثه لصحيفة “الجارديان” البريطانية، يقول جيفت إنه يمكنه إعداد ما يصل إلى 10 مواقد للطهي في اليوم، لكنه لا يمنحه سوى القليل من الوقت لأداء واجباته المدرسية، تبيع جدته المواقد مقابل دولار واحد لكل قطعة، لكن السوق غمرته أشخاص آخرون يصنعون نفس المنتج وانخفض الطلب.

من قبل كانوا يبيعوا خمسة في اليوم، أصبح الآن واحدًا أو اثنين، وهو بالكاد يكفي لشراء الطعام.

يحكي غيفت: “عندما كان جدي يعلمني، كنت صغيرًا جدًا وأخذته كجزء من اللعب، لكنني أدرك الآن أنني بحاجة إلى العمل لدينا لتناول الطعام ولدينا زي مدرسي وكتب تمارين، لقد أصبت بالتعب الشديد وتعرضت للإصابات عدة مرات خلال هذه العملية،  وليس لدي وقت للعب”.

يشعر تشارلز مزوميرا نغويرا، رئيس المنطقة، بالقلق بشأن الأطفال مثل غيفت، حيث ستنام العائلة على معدة فارغة إذا فشلوا في بيع أي مواقد،  قائلا: “هناك حاجة لقوانين أكثر صرامة لحماية الأطفال، حتى عندما يكون الوالدان منفصلين”.

تصف وزيرة الرعاية الاجتماعية الحكومية، باتريشيا كالياتي، ممارسة هروب الأزواج من المسؤولية بعد الطلاق بأنها “متفشية في الوقت الحاضر”، قائلة: “إن الهدف من محاكم الأطفال هو النظر في تلك القضايا، وإن الحكومة تريد من العائلات التي لديها أطفال فر آباؤهم التقدم لطلب المساعدة”.

تضيف كالياتي: “دعهم يتقدمون من خلال مكاتب الرعاية الاجتماعية بالمنطقة وستتم مساعدتهم، يمكنهم حتى القدوم إليّ ، هاتفي يعمل طوال الوقت”.

زواج القاصرات

يقول مشروع “عين الطفل”، وهو مشروع من مؤسسة فايرلايت، التي تدافع عن حقوق الطفل، إن إهمال الأطفال آخذ في الازدياد ، تماشياً مع زيادة زواج للفتيات، حيث أن أكثر من 40٪ من الفتيات في ملاوي متزوجات تحت سن 18.

تقول ميموري تشيسنجا، المسؤولة الإعلامية في المؤسسة الخيرية “إهمال الأطفال مشكلة كبيرة في البلاد وقد تعاملنا مع العديد من الحالات، في الغالب، يتعلق الأمر بعدم تحمل الآباء المسؤولية عن أطفالهم”.

تضيف: “تجد فتاة حامل متزوجة من شاب غير متمكن اقتصاديًا، وليس مستعد لأن يكون أبًا ولا يفهم حتى دور الأب أو ما تقوله القوانين بشأن الأبوة وإعالة الطفل، وفي نهاية المطاف تجد أن الأمهات هن وحدهن من يتحملن مسؤولية الطفل، ونتيجة لذلك، تجد الكثير من الأطفال؛ البعض يذهب إلى الشوارع ، والبعض الآخر يفتقر إلى الاحتياجات الأساسية”.

وفقًا لقانون الزواج والطلاق والعلاقات الأسرية لعام 2015، أثناء الطلاق، يجب على الزوجين دعم بعضهما البعض وأي أطفال، كما أن المساهمة غير النقدية لكل من الزوجين يجب أن تؤخذ أيضًا في الاعتبار عند تحديد مساهمة الزوج في إعالة الزوجة أو الأطفال”.

لكن معظم الزيجات تحدث تقليديا وقليل جدا من النساء يعرفن أنه بإمكانهن المطالبة بتعويض أو دعم للأطفال بعد الطلاق، وان الخيار المالي الأكثر واقعية هو أن تتزوج المرأة مرة أخرى.

هناك بيانات حديثة محدودة عن معدلات الطلاق في ملاوي، ولكن وفقًا لدراسة أجريت عام 2003، تتراوح احتمالات الطلاق مدى الحياة بين 40٪ و 65٪ ، والزواج من جديد أمر شائع.

في زيه المدرسي، يبدو غيفت أنيقًا، وقد تحول من الصبي الذي يعمل على الأرض في المنزل، إلى  الصبي ذو المظهر الرسمي،، قائلا: “أود أن أصبح مدرسًا عندما أكبر، يبدون أذكياء ويعرفون الكثير من الأشياء”.

يقول معلمه في المدرسة الابتدائية أنيس كالاسا: “غيفت طالب ذكي للغاية، ويعمل بجد وودود، إنه دائمًا ما يكون حاضرًا في المدرسة ويشارك بسهولة في العمل الدراسي”.

يضيف معلمه: “بالطبع أنا أتفهم الوضع المؤسف في منزله ولكني سعيد لأن جدته تسمح له بالدراسة، لدينا طلاب آخرون في نفس وضعه وآخرون لديهم آباء لا يستطيعون إعالتهم حتى عندما يتعلق الأمر بشراء أقنعة الوجه، من السيء جدا مشاهدة ذلك الوضع كمدرس”.