كتب – حسام عيد

عندما يتعلق الأمر بالاستثمارات الكبيرة في التكنولوجيا، لطالما اتجه عمالقة وادي السيليكون إلى آسيا. ولكن، باتت بعض الشركات التقنية الرائدة في العالم تحول تركيزها اليوم إلى سوق جديدة، وتستثمر بشكل كبير في أفريقيا.

ومع تزايد عدد رواد الأعمال الشباب في مجال التكنولوجيا، قامت شركات مثل “تويتر”، “فيسبوك”، “جوجل” و”أمازون” بتوسيع بصمتها في القارة السمراء؛ وفق ما أفادت شبكة “سي إن إن”.

تصويت على الثقة الأفريقية

قال أكينوالي جودلاك، رئيس استشارات صناعة الاتصالات في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بالجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول “GSMA”؛ إنه تصويت على الثقة في صناعة التكنولوجيا في أفريقيا.

وأضاف، “لقد رأينا الكثير من الابتكارات في القارة، وشاهدنا الكثير من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا تستقطب الكثير من التمويل وهذا يقود اهتمام كبار اللاعبين في السوق العالمي للإنترنت، مثل؛ تويتر وجوجل وفيسبوك وغيرها”.

وجاءت نيجيريا على قمة المرشحين الأوفر حظًا للاستثمار في الشركات الناشئة في عام 2021، تلتها كينيا ومصر وجنوب أفريقيا ثم غانا، وفقًا لبحث أجرته شركة الاستثمار العالمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والإنترنت “بارتيك”.

أول قاعدة أفريقية لـ”تويتر” في غانا

“تويتر” هي من بين أحدث شركات التكنولوجيا الكبرى التي تتواجد في القارة. وتقول الشركة إنها تبني فريقًا نشطًا في غانا، وهي الخطوة التي لاقت ترحيبًا من صناعة التكنولوجيا المتنامية في البلد الواقع في غرب أفريقيا.

لكن ما مدى أهمية إعلان “تويتر” عن أول قاعدة أفريقية لها في العاصمة الغانية، أكرا؟. تقول أورسولا أوسو-إيكوفول، وزيرة الاتصالات والرقمنة في غانا؛ إن دخول “تويتر” بمثابة ختم الموافقة على الخطوات التي اتخذتها البلاد حتى الآن.

وتضيف أورسولا، “نحن متحمسون لقدومها ونأمل أن نتمكن من الاستفادة منها أيضًا لجذب شركات عالمية أخرى ليأتوا ويجعلوا غانا مقرهم”.

وكانت شركة تويتر أعلنت في بيان بتاريخ 12 أبريل 2021 “اليوم، وتماشيًا مع استراتيجيتنا للنمو، نحن سعداء بالإعلان لكم عن تشكيلنا فريقًا في غانا”.

وأضافت “علينا الانغماس أكثر في المجتمعات الغنية والدينامية التي تحرك النقاشات اليومية في كل أنحاء القارة الأفريقية”.

ومن جانبه، كتب الرئيس الغاني نانا أكوفو – أدو عبر “تويتر” أن “اختيار غانا مقرًا رئيسيًا لعمليات تويتر في أفريقيا نبأ ممتاز”، مشيدًا بـ”بدء تعاون مثمر”.

وعزت الشبكة الأمريكية خيارها إلى الإمكانات المتاحة في غانا على صعيد حرية التعبير والنفاذ إلى الإنترنت، إضافة إلى اختيار عاصمتها أكرا أخيرًا لاستضافة الأمانة العامة لاتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية والتي انطلقت فعليًا في يناير 2021.

ومثل “تويتر”، اختارت “جوجل” أيضًا الاستثمار في غانا، حيث أطلقت أول مختبر للذكاء الاصطناعي في القارة في أكرا في عام 2019، حيث تفوقت بيئة الأعمال الغانية على نظيرتها في غرب أفريقيا بـ13 مرتبة على مؤشر سهولة ممارسة الأعمال التابع للبنك الدولي.

أمازون وتحفيز الاقتصادات الأفريقية

وفي الوقت نفسه وسعت أمازون بصمتها في جنوب أفريقيا في عام 2020، حيث أطلقت منطقة بنية تحتية جديدة لخدمات الويب في مدينة كيب تاون.

فيما حصل المقر الرئيسي الجديد لشركة أمازون في جنوب أفريقيا على الضوء الأخضر خلال العام الجاري، بعدما وافقت السلطات الجنوب أفريقية على بناء مشروع تطوير ضخم جديد يضم قاعدة جديدة لشركة أمازون في أفريقيا في قلب المركز التكنولوجي الناشئ في كيب تاون. وقد منحت البلدية الموافقة على بناء المجمع المترامي الأطراف على مساحة 15 هكتارًا من الأرض على مدى ثلاث إلى خمس سنوات يوم الثلاثاء الموافق 20 أبريل 2021.

وسيكون المرفق بمثابة قاعدة أمازون الجديدة في القارة ومحفز للاقتصاد المحلي.

كما فضلت “فيسبوك” أيضًا جنوب أفريقيا لإنشاء أول مكتب لها في القارة، حيث أسست مقرها في جوهانسبرج في عام 2015، تلاه إعلان في عام 2020 أن الشركة ستطلق مكتبًا جديدًا في المدينة النيجيرية، لاجوس.

مايكروسوفت تطور بنية الإنترنت في نيجيريا

وبعد أكثر من 3 عقود من افتتاح أول مكتب لها في أفريقيا، أعلنت شركة مايكروسوفت عن أحدث مساعيها في القارة، حيث تعمل مع الحكومة النيجيرية لتطوير البنية التحتية للإنترنت فائق السرعة في البلاد.

وفي يوم الإثنين الموافق 3 مايو 2021، قامت شركة مايكروسوفت في إعلان مشترك مع حكومة نيجيريا، بتفصيل العديد من المشاريع التي تهدف إلى تكثيف تحرك الدولة لتعزز نهج الاقتصاد الرقمي.

وبعد مشاورات مكثفة مع الحكومة النيجيرية، حددت ميكروسوفت ثلاث ركائز أساسية ستساعد في بناء أسس قوية للاقتصاد الرقمي في نيجيريا، وهي؛ الاتصال، المهارات، والتحول الرقمي.

ويقول براد سميث، رئيس مايكروسوفت؛ “نحن نؤمن بمستقبل نيجيريا، ونحن متحمسون كشركة لإضافة استثماراتنا. معًا، لدينا فرصة هائلة لتشغيل التكنولوجيا، وخلق فرص العمل، وتعزيز النظام البيئي التكنولوجي في جميع أنحاء نيجيريا، واستخدام التكنولوجيا للحفاظ على أفضل ما في الماضي ونقلنا إلى المستقبل”.

وتشير الأبحاث إلى انتشار الإنترنت في نيجيريا بنحو 50%، وبينما أدت جائحة “كوفيد-19” إلى زيادة وتيرة الرقمنة، هناك الكثير مما يتعين القيام به لتمكين جميع المواطنين من الاستفادة من فرص الاقتصاد الرقمي.

وقد نجحت مبادرة “آير باند” من مايكروسوفت في توفير اتصال إنترنت عالي السرعة للمجتمعات المحرومة في جميع أنحاء العالم، والاستفادة من ترددات البث غير المستخدمة للمساحات البيضاء المخصصة لخدمة بث الإذاعة والتلفزيون. هذه التقنية أرخص وأسرع في الانتشار من الألياف ولها فائدة إضافية تتمثل في القدرة على السفر لمسافات طويلة وعبر التضاريس الحرجية.

التكنولوجيا الكبيرة وتقدم المشهد الأفريقي

ومع تزايد عدد رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا، من المقرر أن يكون للاستثمار في التكنولوجيا الكبيرة تأثير تحويلي ليس فقط على المشهد الرقمي لأفريقيا، ولكن على الحياة اليومية.

وتقول وزيرة الاتصالات والرقمنة في غانا أورسولا أوسو-إيكوفول، “نأمل أن يخلق هذا فرصة لنا للتعلم من تجارب بعضنا البعض ومعرفة كيف يمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تفتح هذا المجال وتنشط اقتصاداتنا وتخلق ثروة لشبابنا وتوفر لنا سبل عيش بديلة”.

ويتوقع تقرير صادر من جوجل ومؤسسة التمويل الدولية نموًا كبيرًا في اقتصاد الإنترنت في أفريقيا، مع إمكانية المساهمة بما يقرب من 180 مليار دولار في اقتصاد أفريقيا بحلول عام 2025، وأكثر من 700 مليار دولار بحلول عام 2050.

وختامًا، تهافت عمالقة التكنولوجيا على الاندماج في السوق الأفريقي يُعد دفعة اقتصادية كبيرة لأفريقيا مع إمكانية خلق ملايين الوظائف والفرص الجديدة في التعليم والابتكار. ويمكننا أن نطلق على ذلك؛ مزيج ناجح لقارة تسعى جاهدة لتصبح المركز التكنولوجي الكبير المقبل في العالم.