كتبت – أسماء حمدي

“لم يفت الأوان بعد على التعلم”،  هكذا بدأت شيد أجاي، البالغة من العمر 50 عامًا، حديثها حيث  قررت في هذا العمر أن ترتدي الزي المدرسة، وتتعلم القراءة والكتابة، والتحقت بمدرسة إيلورين لقواعد اللغة في ولاية كوارا بنيجيريا.

لم تطأ قدم شيد أجايي أي فصل دراسي حتى منتصف العمر، الآن هي تتعلم بسعادة إلى جانب الطلاب الذين تقل أعمارهم عن أربعة عقود تقريبًا.

أرتدت أجايي الفستان الوردي وغطاء الرأس الذي يشكل زي المدرسة الرسمي، وانضمت إلى مئات التلاميذ الذين يرتدون ملابس متشابهة في مدرسة في إيلورين.

بالإضافة إلى التعليم، تدير أجايي أعمالها الخاصة في صنع وبيع المحافظ والحقائب، كما تتسوق بحثًا عن الخيوط من أجل عملها في صناعة الحقائب في متجر في إيلورين.

عندما كانت طفلة، عملت أجايي في متجر خالتها بدلاً من الذهاب إلى المدرسة، وتعتقد أن عدم قدرتها على القراءة أو الكتابة يعيقها عن التقدم في العمل.

في البداية شعرت ابنتها بالحرج لأن والدتها التحقت بالمدرسة، لكنها تدرك الآن أنها لم تتح لها الفرصة أبدًا عندما كانت أصغر سنًا، بحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية.

في العام الدراسي الماضي، قامت أجايي بالتسجيل للالتحاق بالمدرسة، لكن تم إغلاق المدرسة بسبب جائحة فيروس كورونا، وعندما أعيد فتح المدارس في يناير، حصلت أجايي أخيرًا على فرصتها.

لا تزال أجايي تصنع الحقائب والمحافظ بعد الانتهاء من الدروس في الساعة 4 مساءً، وخلال ساعات الدوام المدرسي، تعمل متدربة في المتجر حتى عودتها.

تنوي أجايي مواصلة تعليمها لمدة أربع سنوات أخرى، قائلة: “إن ذلك سيساعدني في عملي، حيث يمكن للأشخاص من حولي القراءة والكتابة وهم ينجحون في أعمالهم”.

كان من الصعب التوفيق بين الدروس والعمل والتعامل مع وصمة العار، لكن أجايي تقول إنها لا تخجل من ارتداء الزي المدرسي، خاصة بعد أن بدأت تساعد حفيدتها ديبورا البالغة من العمر ست سنوات في أداء واجباتها المدرسية.

تتجول أجايي في حيها وهي تشق طريقها إلى المدرسة، وعن أولئك الذين قد يسخرون من جهودها، قالت: “من واجبي عدم الالتفات إلى ما يقولونه”.

تقول معلمة أجايي، نصرت بوساري، إن الطالبة الناضجة، بدت غير متأثرة بفارق السن وتتعامل بشكل جيد مع الأطفال وتلعب وتتحدث معهم.

مشكلة قديمة

يمثل تعليم الإناث يمثل في مجمله مشكلة قديمة ومعقدة في نيجيريا، حيث تعاني الأوساط النسائية من تخلف واضح في مجال التعليم ، فهناك عدة إشكاليات ترتبط بمسألة تعليم الفتاة النيجيرية بسبب مضاعفاتها الممتدة والمؤثرة في العديد من النواحي، ومن بينها  ما يسود داخل الأوساط الاجتماعية الأسرية من خلافات ونزاعات في الحياة الزوجية نتيجة تفشي الجهل وانتشار الأمية بدرجة كبيرة وعالية بين النساء0

وبحسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يعد الحصول على التعليم هو حق أساسي من حقوق الإنسان، وهو ضروري لاكتساب المعرفة والتنمية الكاملة لشخصية الإنسان.

 بالإضافة إلى ذلك، يعزز التعليم صمود الفرد واستقلاليته، إلا أنه بالنسبة لملايين النساء والفتيات حول العالم، لا يزال التعليم يعتبر طموحاً وليس واقعاً.

تؤدي الإمكانية المحدودة للذهاب إلى المدرسة إلى تفاقم وزيادة تحديات العيش في الخارج، وذلك على صعيد إيجاد عمل والحفاظ على الصحة والتمتع بالكرامة والأمل. ويحد من قدرة الفتيات والنساء على  بناء حياتهن وحماية أنفسهن من الاعتداء والاضطلاع بدور قيادي في تشكيل حياة مجتمعاتهن.

ومن دون التعليم، لا تحصل النساء والفتيات على الفرصة للتعبير عن آرائهن والمساهمة في تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية حول العالم.

ولتحقيق الأمن في البلدان، يجب أن تحصل النساء والفتيات اعلى التعليم لاكتشاف إمكانياتهم كقياديات للسلام.

بوكو حرام تهدد التعليم

يظهر تكرار عمليات خطف تلميذات في شمال غرب نيجيريا عن توسع في مجال نشاط جماعة بوكو حرام الإرهابية في البلاد، والتي كانت تنشط أصلاً في شمال شرقي البلاد، ما بات يهدد بتفاقم الأوضاع الأمنية ومشاكل التعليم، حيث يتغيب نحو 40% من الطلاب عن المدارس.

بحسب تقرير لمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، إن الجماعة الإرهابية ذاع اسمها بعدما اختطفت 276 طالبة من مدرسة شيبوك عام 2014، ومؤخراً تم اختطاف 300 فتاة من ولاية زامفارا بشمال غرب نيجيريا، في 26 فبراير الماضي، كما تم خطف 27 طالباً من مدرسة بشمال وسط ولاية النيجر، قبلها بأسبوع، واتهمت الحكومات المحلية عصابات إجرامية وقطاع الطرق بالمسؤولية عن ذلك، إلا أن تلك العمليات تحمل بصمات بوكو حرام.

ويشير التقرير إلى أن “بوكو حرام”، دأبت على استهداف المؤسسات التعليمية، وخاصة التي تقدم التعليم العلماني.

ووفقا لإحصاءات “اليونيسيف”، فإن عناصر بوكو حرام ذبحوا 2295 مدرساً على الأقل، ودمروا 1400 مدرسة، أغلبها بشمال نيجيريا، منذ بدأت عملياتها الإرهابية عام 2009، كما تم اختطاف آلاف المدنيين، منهم مئات الطلاب.

وبخلاف المؤسسات التعليمية، استهداف بوكو حرام لقوات الأمن، وخلال الأشهر الماضية صعدت الجماعة من هجماتها على القواعد العسكرية النيجيرية، مضيفاً أن بوكو حرام تحقق عائدات مالية من جرائم الاختطاف، نظراً لحصولها على فدية مقابل كل مختطف، وبذلك تجني ملايين الدولارات.

ولفت التقرير إلى خطورة استمرار استهداف بوكو حرام للمدارس، حيث يتغيب حاليا 40% من الطلبة، وقد يتزايد ذلك، كما أن استمرار عملياتها في شمال غرب نيجيريا يمكن أن يؤدي لأزمة إنسانية كبيرة، مثلما حدث في شمال شرقي البلاد.

وتسببت هجمات بوكو حرام، في نزوح حوالي 1.7 مليون شخص، ويبقى 8 ملايين شخص بحاجة ماسة إلى المساعدة والحماية، وهو ما يشكل خطراً على الدولة النيجيرية بأكملها.