كتبت – أسماء حمدي

 تندر رياضة الفروسية في السنغال، وبالرغم من ذلك لا يزال حلم احترافها وركوب الخيل يراود شبابها بعد أن توارثوها أبا عن جد، وبسبب تكلفتها الباهظة وندرة محبيها لم تستقطب هذه الرياضة الكثير من الشباب، إلا أن بعضهم أجتاز المسابقات المحدودة في البلاد.

وتعد الخيول جزء لا يتجزأ من الحياة في السنغال، حيث تنتشر العربات التي تجرها الخيول في كل مكان في جميع أنحاء البلاد، وعلى مدار الخمسين عامًا الماضية، تطورت السباقات التنافسية إلى هواية وطنية.

شغف

في الصباح الباكر في قرية نياغا بغرب السنغال، يهمس فالو ديوب الشاب السنغالي الذي يهوى الفروسية بكل حب في أذن حصانه، ومن ثم يمتطي فرسه بأناقة محترف هواية ورثها أب عن جد.

 يقول ديوب: “الفروسية بالنسبة لي هي شغف، إحساس يشاطرني فيه كل أفراد عائلتي من جدي إلى عمي الذي توقف عن ركوب الخيل بعد نفوق فرسه “بيلا”، وصولا إلى أخي الكبير، وأنا الآن أعشق السباقات المحلية، علمنا أسلافنا كل شئ وذلك منذ نعومة أظافرنا، وأصبح ركوب الخيل كل شئ بالنسبة لي”.

حاز فالو ديوب على جائزة أهم سباقات الخيل في البلاد، ولم يتجاوز عمره حينها السابعة عشر، يعشق ركوب الخيل ويسعى اليوم إلى التتويج والنجومية، يقول ديوب: “هذا الحصان صغير الحجم وهو يليق بي وبوزني، واعتقد أني الوحيد الذي يستطيع ركوبه وإذا دخلت في مسابقة سأخوضها على ظهره وسيكون ذلك في غضون 3 سنوات”، وفقا لصحيفة “الجارديان” البريطانية.

ديوب هو أحد أكثر الفرسان الواعدين في البلاد، ويأمل أن يشارك في السباقات التي ستقام في فرنسا العام المقبل، محققاً حلمًا يتطلع إليه بعض أبرز فرسان السنغال.

في قرى مثل نياغا، حيث يعيش ديوب، تصطف محلات الأعلاف وإمدادات الخيول على الطريق الرئيسي، كما تمتلئ الحقول بالناس على ظهور الخيل، يقول ديوب: “إنه شغف في عائلتي، كان جدي يحب ويدعم الخيول، ثم والدي من بعده”.

منزل ديوب المزين ببلاط السيراميك الملون في شارع خلفي مزدحم، والذي يتشاركه مع 12 فردًا من العائلة، يحصل على سقف جديد بفضل الأموال التي يربحها من السباقات، واعتمادًا على عدد الخيول في السباق، يمكن أن يكسب ديوب ما يصل إلى 600 دولار لكل فوز.

تقُدر متوسط الأجور الشهرية في السنغال بنحو 180 دولارًا في نهاية عام 2019.

يعتبر نجاح ديوب مصدر فخر لوالده، الذي قضى معظم حياته يقود حصانًا وعربة تجرها الدواب حول نياغا، وشقيقه الأكبر، الذي كان يأمل أيضًا في أن يكون فارسًا قبل أن تعترضه طفرة النمو، وهو الآن يتباهى بإنجازات ديوب للزوار.

رياضة نادرة

في السنغال لا تمارس الفروسية إلا في أندية معدودة، فبالإضافة إلى تكلفتها الباهظة، لم تستطع الفروسية استقطاب الكثير من السنغاليين، أداما باو، فارس سابق ومدرب يشجع الشباب على احتراف الفروسية، يقول باو: ” فالو شاب موهوب جدا ولديه الكثير من الصفات، يتقن ركوب الخيل ويعرف كيف يصحح أخطائه، ينتظره مستقبل باهر في هذا المجال ومسيرة طويلة أمامه، وزنه وطوله سيساهمان كثيرا في احترافه الفروسية، لأن الخيول لا تحب الفرسان بأقدام طويلة، ولذلك نحن بحاجة إليه”.

كان من المفترض أن يلتحق فالو ديوب بالأكاديمية الفرنسية للفروسية للحصول على تدريب لمدة 3 أشهر إلا أن جائحة كورونا فرضت واقع آخر.

جعلت شخصيته الأصغر برأس أقصر من أقرانه، يختفي بسرعة خلف حشد من الفرسان الآخرين الذين كانوا يستعدون لممارسة ركوب الخيل، وعندما بدأ السباق، بدا إنه أسرع بكثير وذهب بعيدا تاركا خلفه الفرسان الآخرين.

أسلوبه المميز في ركوب الخيل مع جسده الذي يميل إلى الأمام، جعله يسبق الآخرين، يقول ديوب:”عندما بدأت ركوب الخيل، كان هناك القليل من العصبية والتوتر، لكن بعد فترة، كان كل شيء قد انتهى، وفي وقت السباق، أفكر فقط في الفوز”، وفق ما ذكرت وكالة “رويترز”.

كان ديوب، الذي ترك المدرسة، يبلغ من العمر 12 عاما، كما ترك مهنة الخياطة لمتابعة السباقات، يقول والده، كان مصمما لدرجة أنه سار 10 أميال للتسجيل في برنامج تدريبي قريب.

في ثييس، ثالث أكبر مدينة في السنغال، تم اختبار مهارات ديوب في مضمار السباق، كان يرتدي ملابس صفراء وزرقاء زاهية، حصل ديوب بهدوء على حصانه وقاده إلى المسار، بشكل مثير للإعجاب كان قادرا على احتلال المركز الأول في ثلاثة من السباقات الخمسة في ذلك في اليوم، وكان يحق له العودة وهو يمتلك حوالى 1000 دولار أمريكى إلى بلاده .

“أريد أن أكون أفضل فارس في بلد آخر غير بلدي، في المغرب أو فرنسا، أينما كان هناك سباق الخيل دائما، أصلى وأتمنى”، بحسب “ديوب”.

الشواطئ منتجع للخيول

مع ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف، خصصت شواطئ السنغال يوم الأحد، للأغنام والخيول، حيث يصطحب الرعاة قطعانهم من أجل طقوس التطهير التي تستمر طوال اليوم، وهي عبارة عن ممارسة روحية ووسيلة لتجميل الماشية، حسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

وعلى الشواطئ الرملية الدافئة المطلة على المحيط الأطلنطي، يبدأ يوم منتجع الأغنام باقتيادها للسباحة في المحيط لعدة دقائق، ثم تخرج من الماء من أجل تنظيف شامل على الشاطئ بالصابون والفرشاة، ثم تعود مجددا إلى المياه لشطفها وعندئذ يحين الوقت لتشذيب الأظافر بتنظيف الحوافر بعصا وتقليمها بمقص.

ومرة أخرى يؤخذ كل حيوان إلى الماء لنوبة أخيرة من السباحة، قبل ربطه إلى شجرة قريبة أو قارب صيد على الشاطئ ليجف بانتظار انتهاء استحمام بقية القطيع، وهي عملية سهلة بالنسبة للأغنام السنغالية التي تبدو أكثر شبها بالماعز من السلالات ذات الصوف المنفوش المنتشرة في الغرب.

وتستخدم المياه نفسها أيضا لاستحمام الخيول التي تجر وتسحب العربات، حيث يقتادها أصحابها داخل المياه حتى تصل إلى أعناقها قبل تنظيفها.