كتب – حسام عيد

أدت خطة إثيوبيا للسعي إلى إعادة هيكلة الديون بموجب إطار عمل مشترك لمجموعة العشرين، قد تم الاتفاق عليه في نوفمبر الماضي، إلى عمليات بيع مكثفة للديون الإفريقية في نهاية يناير 2021 بسبب مخاوف من تداعيات الجائحة الوبائية.

يُمكِّن الإطار البلدان المدينة من البحث عن برنامج لصندوق النقد الدولي لتقوية اقتصاداتها وإعادة التفاوض بشأن ديونها مع الدائنين من القطاعين العام والخاص. لكن محللين يقولون إن إعادة هيكلة الديون لإثيوبيا ستواجه عقبات بسبب الافتقار إلى الشفافية.

ثغرات وديون أكبر من التقديرات

وأفادت إرمجارد إراسموس، كبيرة المحللين الاقتصاديين لدى مؤسسة “إن كيه سي أفريكان إيكونوميكس” في كيب تاون، بأن أي محاولة للتوفيق بين ميزان المدفوعات وأرقام الدين الخارجي العام المنشورة مع التدفقات الأساسية لخلق الديون، تُظهر ثغرات في المعلومات وتدعم “سرد للإقراض المبهم”.

وقد دونت “إراسموس” ملاحظاتها في بحث، قائلة: “جنبًا إلى جنب مع جيبوتي وزامبيا، فإن تعاملات إثيوبيا مع الصين تزيد من احتمالية وجود ديون أعلى من التقديرات المتعاقد عليها من قبل وحدات من خارج الميزانية (EBUs) بالإضافة إلى التزامات طارئة كبيرة محتملة”.

وأضافت، “الصين لا تنشر اتفاقيات الديون الثنائية الرسمية أو غير الرسمية مع الحكومات المركزية أو الشركات المملوكة للدولة”.

كما أشارت إلى أن القناة التي يمكن من خلالها فرض مشاركة القطاع الخاص في الإطار ليست واضحة.

فيما قال مارك بوهلوند، كبير محللي أبحاث الائتمان لدى “آر إي دي دي انتليجينس” في لندن: “يُعد الاتفاق على مبادئ الإطار المشترك لمجموعة العشرين أمرًا إيجابيًا، لكن المفاوضات بشأن إعادة الهيكلة الفعلية من المرجح أن تكون صعبة”.

وأضاف أن عدم الوضوح بشأن ما هو مستحق للصين يمثل إحدى العقبات. في حين أنه لم ير أي دليل قاطع على التقليل من قيمة القروض الصينية لإثيوبيا، إلا أن هناك “شفافية أقل” بشأن الإقراض الصيني، مؤكدًا في الوقت ذاته أن القروض الصينية ليست المشكلة الوحيدة.

وتابع بوهلوند، قائلًا: “حقيقة أن الهند وتركيا، وهما مقرضان من مجموعة العشرين من غير أعضاء نادي باريس، هما أكبر الدائنين الثنائيين بعد الصين، قد يعقد إعادة الهيكلة الإثيوبية”.

وهناك عقبة أخرى تتمثل في إحجام الدول المدينة عن المشاركة خوفًا من إجراءات التصنيف الائتماني السلبية. وكما قالت إراسموس: “قد تكون الدول الأفريقية التي تعتزم الاستفادة من أسواق الديون الدولية هذا العام ، مثل تونس وغانا وكينيا ، مترددة في الانضمام إلى المبادرة”.

توقعات نمو غير واقعية

بالنسبة لأفريقيا، فإن الانخفاضات الحادة الأخيرة في تكاليف الاقتراض الخارجي للعديد من البلدان وسط التفاؤل العالمي بشأن الأسواق الناشئة توفر “بصيصًا أملًا” في سحابة مشاكل الديون؛ وفق ما أفاد جاك نيل، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي لدى شركة “إن كيه سي” للاقتصادات الأفريقية.

وأضاف نيل: “الأسواق مفتوحة الآن لإقراض العديد من الدول في أفريقيا جنوب الصحراء، والتي يمكن أن توفر مجال التنفس المالي الضروري في عام 2021”.

لكن إراسموس رفضت التوقعات الإثيوبية الرسمية للنمو الاقتصادي السنوي بنسبة 8.4%. وتتوقع شركة “إن كيه سي” للاقتصادات الأفريقية نموًا بنسبة 2.2% لاقتصاد إثيوبيا في ضوء “الوضع المالي السيئ ومخاطر ميزان المدفوعات”.

وكتبت كبيرة المحللين الاقتصاديين لدى “إن كيه سي”: “تخيم التوترات السياسية قبل انتخابات يونيو، ومخاطر السمعة المتعلقة بالنزاع المسلح في تيجراي، وتزايد انتشار الجراد الصحراوي، ونقص العملات الأجنبية”.

وهذا يعني أن التحرير الذي طال انتظاره للقطاعات ذات الإمكانات العالية في إثيوبيا مثل الاتصالات والخدمات المصرفية أصبح الآن أمرًا ملحًا. وعقبت إراسموس، قائلة: “ستكون هذه الخطوة الأولى الحاسمة في معالجة الضعف الهيكلي وتقليل الاعتماد على الديون الحكومية”.

خطر المسار المزدوج

بدوره، قال هاري جي برودمان، المفاوض التجاري في إدارتي بوش وكلينتون والمدير الإداري لمجموعة بيركلي للأبحاث ومقرها كاليفورنيا: ” أصبحت زامبيا، المثقلة بالديون للصين في نوفمبر الماضي أول دولة أفريقية تتخلف عن سداد ديونها خلال جائحة كوفيد-19. حتى مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين للدول الفقيرة (DSSI)، والتي تسمح بتأجيل السداد ولكنها لا تنص على شطب الديون، يصعب تنفيذها في غياب الشفافية”.

وأضاف، ” تمثل الطريقة والقنوات التي يتم من خلالها تقديم الإقراض الصيني للدول الفقيرة تحديات شائكة للتشغيل الفعّال لمبادة تعليق خدمة الدين DSSI”.

وتابع، “لا تواجه الكيانات الصينية المملوكة للدولة حوافز قوية لاتباع معايير السوق للشفافية. ومن جانب المقترض، يمكن أن يكون هناك مثبطات أو حظر على الكشف الكامل عن شروط وحجم الديون لبكين”.

برودمان أوضح أنه قد يكون لمبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين للدول الفقيرة (DSSI)، تأثير محدود فقط إذا كانت الحكومة المدينة غير قادرة على التعافي.

على النقيض من ذلك، ما قد يظهر، في الواقع، هو نموذج المسار المزدوج لتخفيف الديون، أحدهما يتعلق بالتدفقات الرسمية الحسنة النية تحت رعاية مبادرة مجموعة العشرين، والآخر يركز على الديون الصينية.

وأضاف هاري برودمان المدير الإداري لمجموعة بيركلي للأبحاث، “لن يكون هذا إطارًا للإدارة السليمة للاقتصاد الكلي في البلدان المتلقية للقروض والديون الكبيرة”.

وختامًا؛ كما كان الحال مع زامبيا، من المرجح أن تستمر الديون المبهمة للدائنين الصينيين والتي تفتقر للشفافية في إعاقة محاولات تخفيف الديون الأفريقية.