كتب – حسام عيد

في 14 أغسطس 2020، استقالت حكومة غينيا الاستوائية بأكملها بسبب فشلها في حل الأزمة الاقتصادية للبلاد، ولكن بعد أربعة أيام عاد على رأس حكومة جديدة سيشكلها.

ففي 18 أغسطس، أعاد رئيس البلاد تيودورو أوبيانج نجويما مباسوجو، تعيين فرانسيسكو باسكوال أوباما أسو رئيسًا لوزراء غينيا الاستوائية في خطوة انتقدتها معارضة البلاد.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يحل فيها الرئيس، الحكومة، ففي فبراير 2018 عانت الحكومة من نفس المصير وأُعيد تعيين فرانسيسكو أسو رئيسًا للوزراء. وقد جاءت الحكومة إلى السلطة بعد فوز ساحق للرئيس تيودورو في انتخابات عام 2009.

صدمة اقتصادية مزدوجة

وتعاني غينيا الاستوائية، التي تعتمد على النفط والغاز في 90% من إيرادات الدولة، من أزمة أثارها تراجع النفط منذ منتصف عام 2014، وتفاقمت بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط الناجم عن جائحة كورونا الوبائية “كوفيد-19”.

ويشهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبلاد انكماشًا منذ ست سنوات، فيما يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض ​​بنسبة 5.5% أخرى في عام 2020، فعلى الرغم من العائدات الهائلة من النفط، يعيش أكثر من نصف سكان البلاد على أقل من دولار واحد في اليوم.

والمفارقة هنا، أنه بعد قبول الاستقالة الجماعية في 14 أغسطس الجاري، أعرب الرئيس أوبيانج عن أسفه لفشل الحكومة في تحقيق أهدافها ، “الأمر الذي تسبب بلا شك في الأزمة المتفاقمة التي تتطلب الآن إجراءات عاجلة”.

وفي بيان صدر في 18 أغسطس، قال وزير المالية بالنيابة، سيزار أوجوستو مبا أبوجو: “تود حكومة غينيا الاستوائية أن تعلن أنها ملزمة باتخاذ تدابير صارمة للتخفيف من آثار الانكماش الاقتصادي الحاد وحالة الإحباط السياسي، وعدم الاستقرار الاجتماعي”.

وأضاف، “وتحقيقًا لهذه الغاية، قررت الحكومة إعادة هيكلة حقائبها الوزارية من أجل الإسراع بتنفيذ الإجراءات الاقتصادية والهيكلية الجارية حاليًا”.

الإصلاحات.. لا تتجاوز مرحلة الوعود

قال زعيم حزب “المواطنين من أجل التجديد” المعارض، أنه لا شيء حدث سوى تكرار الأمر نفسه كما حدث في السابق، مؤكدًا أنه لا توجد هناك أسباب سياسية تبرر إعادة تعيين أوباما بعد فشله في تحقيق الأهداف التي وعدت بها حكومته الشعب”.

وكانت هناك تكهنات في الأسابيع الأخيرة بأن تعديل وزاري قد يتم إجراؤه لتعزيز موقف تيودورين أوبيانج نجل الرئيس والنائب الأول له، في ضوء الحالة الصحية السيئة لرئيس غينيا الاستوائية.

وقال توتو أليكانتي رئيس منظمة “عدالة غينيا الاستوائية EG Justice” -منظمة غير حكومية تعمل في مجال حقوق الإنسان وحكم القانون في غينيا الاستوائية- إنهم “كانوا يتجهون تدريجيًا نحو تشكيل حكومة، لا تقف في طريق تولي تيودورين للأدوار الحاكمة بشكل كامل”.

ويحكم أوبيانج (78 عامًا) المستعمرة الإسبانية السابقة منذ عام 1979 عندما وصل إلى السلطة في انقلاب. بينما أُدين نجله تيودورين غيابيًا بالاختلاس في فرنسا في أكتوبر 2017، عندما أمرت محكمة في باريس بمصادرة أكثر من 100 مليون يورو (118 مليون دولار) من أصوله الفرنسية.

الفساد شاهد عيان

وقد ساهم الفساد في البلاد بصفة مباشرة في إهمال قطاع التعليم والصحة. وغينيا الاستوائية بها أعلى ناتج محلي قومي للفرد الواحد في القارة، لكن أضعف نسبة تطعيم طبي في العالم.

واكتسبت البلاد في التسعينات بفضل استخراج النفط ثراءً كبيرًا، إلا أن السكان لا يستفيدون حتى اليوم من ذلك. وتقول غيليان ديل من منظمة الشفافية الدولية: “يوجد تقدم ضعيف في هذا المجال”.

آمال تجاوز الأزمة

وأعرب القائم بأعمال وزير المالية مبا أبوجو في بيانه عن ثقته في أن غينيا الاستوائية قادرة على تجاوز الأزمة.

وقال، “لا تزال غينيا الاستوائية اقتصادًا عالي القدرة على الوفاء بالديون مع إمكانات هائلة للتنمية والنمو بفضل المخزون الكبير من البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية عالية المستوى والتطورات الجديدة في قطاع الغاز ، فضلاً عن الاستقرار السياسي والاجتماعي السائد”.

وأشار إلى أنه نتيجة لبرنامج التعديل الهيكلي الذي تم وضعه مع صندوق النقد الدولي، ستحصل البلاد على دعم للميزانية للفترة (2020-2022) وائتمانات استثنائية للتعامل مع تداعيات “كوفيد-19”.

وأضاف، “نحن مقتنعون بأن الحزمة الكاملة من الإصلاحات الهيكلية تهدف إلى استعادة النمو الاقتصادي والتصنيع وتنويع مصادر النمو، وتعزيز النظام المالي كمحرك رئيسي للنمو في القطاع غير النفطي، وتحسين مناخ الأعمال والحوكمة ومكافحة الفساد. سيساعدنا في التغلب على الأزمة الحالية وتحقيق الاندماج الاجتماعي والاستدامة الاقتصادية على النحو المبين في استراتيجيتنا الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والشاملة، غينيا الاستوائية 2035”.

وختامًا، الحكومة الجديدة التي سيتزعمها فرانسيسكو أوباما أسو نفسه الذي افتقدت حكومته المقالة إلى رؤى وبرامج استراتيجية من شأنها التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية واستشراف حلول لتجاوزها، ربما يزيد من قتامة غيمة الآفاق في غينيا الاستوائية، حال إقدامها على فشل أو إخفاق جديد.