كتبت – أسماء حمدي

كشفت أدلة جمعتها بعض المنظمات غير الحكومية، أن أسطول سفن إيراني يضم 192 سفينة، يقوم بأحد أكبر عمليات الصيد غير القانوني في العالم.

وتم رصد الأسطول الكبير من سفن الصيد الإيرانية التي تعمل بشكل غير قانوني في المياه الصومالية لأكثر من عام، مما أدى إلى نفاد الأرصدة السمكية في بلد يواجه فيه واحد من كل ثلاثة أشخاص نقصًا حادًا في الغذاء.

وأعربت الحكومة الصومالية، التي لا تستطيع مراقبة سواحلها الشاسعة، عن قلقها بشأن الأمن الغذائي والبحري ودعت إيران إلى التحقيق.

يشير تحليل أجرته منظمة “جلوبال فيشينج وواتش”، وهي منظمة غير ربحية تتعقب السفن، وتتبع منظمة “ترايج مات تراكينج” وهي منظمة غير حكومية تقدم معلومات وتحليلات عن مصايد الأسماك إلى الدول الساحلية الأفريقية للمساعدة في مكافحة الصيد غير القانوني وغير المنظم وغير المبلغ عنه، إلى أنها قد تكون واحدة من أكبر عمليات الصيد غير القانونية في العالم.

وشاركت الحكومة الصومالية تحليلها مع السلطات الإيرانية وهيئة مصايد الأسماك وهيئة تونة المحيط الهندي.

تشير الأدلة التي جمعتها المنظمات غير الحكومية إلى أن الأسطول الإيراني يمكن أن يحتوي على 192 سفينة، ستة أضعاف حجم أسطول التونة الصيني المؤلف من 31 سفينة والمرخص له بالصيد بشكل مستدام في المياه الصومالية.

تهديد كبير

تقول صحيفة “الجارديان” البريطانية، أن الأسطول الإيراني كان يعمل في الصومال وكذلك في اليمن، من يناير 2019 حتى أبريل 2020، إلى أن تم اكتشاف بعض الصيد بالقرب من الشاطئ داخل منطقة مخصصة للصيادين الحرفيين في البلاد.

ودعا وزير الثروة السمكية والموارد البحرية في الصومال عبد الله بطان ورسمي، إيران إلى التعاون لوضع حد لهذا الانتهاك، قائلا: “إن الصومال لن يسمح بالصيد غير القانوني، لا تزال الحالة المتعلقة بوجود الأساطيل الإيرانية في المياه الصومالية مصدر قلق دائم لجمهورية الصومال، ويشكل الصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم في المياه الصومالية تهديدًا كبيرًا للأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية والسيادة والإيكولوجيا البحرية لصومال”.

يواجه سكان الصومال البالغ عددهم 15 مليون نسمة حاليًا تهديدات متعددة للأمن الغذائي، بما في ذلك وباء الجراد الصحراوي المستمر وحالات الجفاف السابقة التي تسببت في فيضانات مفاجئة وكذلك فيروس كورونا المستجد.

حذرت الأمم المتحدة، من أن ما يقدر بنحو 2.7 مليون شخص يواجهون  أزمة انعدام الأمن الغذائي، دون مساعدات إنسانية، في حين يعاني 2.9 مليون شخص آخر من سوء التغذية.

وتمتلك الصومال 2000 ميل من السواحل، وهو الأكبر في أفريقيا، ولكن سنوات من الحرب الأهلية وعدم الاستقرار تركت البلاد غير قادرة على مراقبة مياهها، وهي تعاني من عمليات الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، والذي تقول إنه يشجع القرصنة.

نهب الثروة السمكية

منذ عام 2018، تتلقى الصومال وهي جزء من FishiAfrica، وهي مجموعة عمل من دول شرق أفريقيا، واللجنة الدولية لمكافحة الجراد الصحراوي والمنظمات غير الحكومية التي تتعاون لمكافحة صيد الأسماك غير المشروع وغير المبلغ عنه وغير المنظم، مليون دولار سنويًا من تراخيص الصيد المباعة إلى الصين، حيث تم ترخيص 31 سفينة صينية للصيد خارج 25 ميلاً.

وقال دنكان كوبلاند، كبير المحللين بمنظمة “ترايج مات تراكينج”، إنه كان على علم بالسفن غير القانونية في المنطقة، لكن تحليله، الذي أصبح ممكنًا بفضل الاستخدام المتزايد لبرامج تجنب الاصطدام من قبل السفن الإيرانية، يظهر أن “حجم السفن المذهل”.

يضيف كوبلاند “إننا نشهد مثل هذه الأعداد الكبيرة من السفن، إنه يتجاوز ما يمكن أن تتعامل معه أي خطة إدارة، إنها طريقة صيد تنهب وتستنفد كل مخزون الثروة السمكية”.

في حين أن التقارير عن انتشار الصيد غير المشروع على نطاق واسع في الصومال من قبل السفن الإيرانية وغيرها معروفة منذ بعض الوقت، إلا أن النطاق لم يكن معروفًا حتى الآن، وبدأت السفن في المنطقة في استخدام نظام تحديد الهوية الأوتوماتيكي (AIS) على قواربها ومعداتها، مما يسمح أيضًا بتتبعها بالأقمار الصناعية.

وقال كوبلاند إن السفن ومعظمها إيرانية، كانت تعمل بشكل غير قانوني، كما عثروا على عدد أقل من السفن التي تم الإبلاغ عنها لباكستان والهند وسريلانكا.

بموجب القانون الصومالي، السفن المرخصة لصيد سمك التونة تحتاج إلى ترخيص من الحكومة الفيدرالية، ولم تحصل أي من هذه السفن على هذا الترخيص، وليس من الواضح ما هي معدات الصيد التي يستخدمونها ولكن الدلائل تشير إلى أن شباك الصيد الذي يستخدمه الأسطول الإيراني يتسبب في صيد أنواع مختلفة من السمك غير التونة؛ ما يرفع قدر الاستنزاف الواقع للمياه الصومالية”.

يرى تشارلي كيلجور، مدير تحليل المصايد في “جلوبال فيشينج ووتش”، إن السفن الأجنبية رصدت بالقرب من الشاطئ، وهي منطقة خصصتها الصومال للصيادين المحليين، وكانت بعض السفن قريبة جدًا من القرى ويبدو أنها ترسو”

وأشار إلى أن قرب قوارب الصيد من الشاطئ، سيكون لها تأثير على مصايد الأسماك المحلية، كما أن عدد السفن الكبير يقضي 2.533 يومًا في عمليات الصيد مما سيأثر بالتأكيد على المخزون، مضيفا “استمرارهم في ذلك يجعل كل الجهد بلا جدوى”.

ويأمل تشارلي كيلجور، أن تتعاون إيران وباكستان مع الصومال واللجنة الدولية للتعويضات والعمل على إيجاد حل لذلك.

تحققت منظمة “تراكيج مات تراكنج” العالمية، من بيانات أنظمة تحديد الهوية الأوتوماتيكي AIS لأسطول الإيراني باستخدام صور الأقمار الصناعية للمنطقة، والتي كشفت عن وجود عدد كبير من السفن، بعضها كان يستخدم AIS ، بينما البعض الآخر لم يكن، مما دفع المحللين إلى الاعتقاد بأن العدد الفعلي للسفن قد يكون أعلى بكثير من 192.

من جانبه قال كريستوفر أوبراين، السكرتير التنفيذي لـهيئة مصايد أسماك التونة في المحيط الهندي  IOTC في بيان: “إن IOTC ليس وظيفتها التحقيق في الأمر، وأنه الأمر أصبح الآن بين الصومال وإيران، لكن يقع على عاتقنا توضيح المعلومات حول عمليات الصيد الغير المشروع، وغير المبلغ عنه وغير المنظم، وعلى الصومال التحقيق وإبلاغ لجنة مصايد أسماك التونة في المحيط الهندي في غضون 60 يومًا”.