كتبت – أماني ربيع

عندما يتعلق الأمر بالسياحة، إذا ذكر اسم كينيا، يحضر إلى الذهن فورا غبار رحلات السافاري في قلب الطبيعة البكر والأدرينالين الذي يحفزه التواجد وسط الحيوانات البرية، ومغامرات تسلق الجبال، والقفز بالمظلات، والاستجمام على الشواطئ، فهي وجهة غنية بكل ما يحتاجه السائح للاستمتاع سواء بين أحضان الطبيعة أو في المنتجعات الحديثة.

تعتبر كينيا من الوجهات الخلابة في أفريقيا، وهي قبلة مفضلة للسواح من كل دول العالم، اللون الأخضر يكسو أرضها، والسماء الزرقاء تكلل الطبيعة البكر في نعومة، بينما المياه اللازوردية تتألق بطول الساحل.

تقع في شرق أفريقيا على الحدود مع المحيط الهندي بين الصومال وتنزانيا، وتبلغ مساحتها ٥٨٢٥٠ كيلو متر مربع، بما يماثل حجم فرنسا تقريباً، وعاصمتها نيروبي، ويبلغ عدد سكانها 32 مليون نسمة، ولديها لغتين رسميتين، الإنجليزية والسواحيلية، إلى جانب اللغات المحلية.

تتمتع كينيا بالتنوع في الأديان، ووتتوزع خريطة الديانات كالتالي: البروتستانتية بنسبة ٤٥٪ ، والرومانية الكاثوليكية ٣٣ ٪ ، والمعتقدات المحلية ١٠٪ ، والمسلمين ١٠٪ وغيرها ٢٪.

تقع كينيا على خط الإستواء، ومناخها مشمسا وجافا، وتبدأ فصول المطر من مارس إلى مايو، ومن نوفمبر إلى ديسمبر.

والوقت اللأفضل للسفر من أجل السياحة في كينيا، هو من مارس إلى يوليو، إذا كنت من هواة رحلات السفاري وسياحة الشواطئ، وفي فبراير وأغسطس لهواة تسلق الجبال,

يشتهر الساحل الكيني بالتكونيات المرجانية تجعل من الغوص داخل المياه متعة  حقيقية، ومناخ كينيا إستوائي يختلف بدرجة الاتفاع الأرض عن سطح البحر، ففي المناطق الساحالية والسهول، ترتفع درجة الحرارة وتزداد الرطوبة، بينما تقل الحرارة في المناطق الجبلية وتزداد الأمطار، وفي شمال البلاد تقل الأمطار، وتصبح الطبيعة شبه صحراوية.

العاصمة هي نيروبي التي تقع في قلب كينيا، وتعتبر منفذا إلى محميات الحيوانات البرية والحدائق الوطنية في شرق أفريقيا.

طبيعة خلابة.. وتاريخ عتيق

وأشهر معالم كينيا هي محمية “ماساي مارا” وتبدو أشبه بجنة يسكنها الحيوانات والطيور النادرة، ملايين الحيوانات البرية تأتيها في هجر جماعية بحثا عن المياه والعشب، قاطعة الطريق من تنزانيا إلى كينيا.

ويبدو مشهد القطعان الضخمة للحيوانات المختلفة وهي تتحرك في جماعات عبر إقليم السافانا العشبية، مشهدا مهيبا وخلابا، يجعل من يشاهده يقر بعظمة الخالق الذي يتجلى في هذا التنوع البديع.

وبجانب الحيوانات فالطبيعة في “ماساي مارا” مبهرة، من السهول المترامية تحت الشمس تتألق بدرجات الأخضر المختلفة، ووادي الصدع العظيم، وأراضي الغابات، بينما يقسم نهر مارا المحمية الهائلة المساحة إلى نصفين، وعلى ضفافه تجد الحيوانات موطنا وملجئا من الجوع والعطش، ويمكنك أن ترى الأسود والفهود وأفراس النهر بجانب الفيلة والزرافات، جميعا يشربون من النهر بجانب بعضهم البعض.

والممتع في زيارة هذه المحمية أن الجولة تكون بصحبة أفراد قبيلة الماساي، تلك القبيلة الأفريقية ذات التراث الغني الذين يقدمون استعراضات راقصة من وحي تراثهم، بجانب ملابسهم ومصنوعاتهم التقليدية التي تعبر عن تاريخ أفريقيا الموغل في القدم.

ومن اللون الأخضر والسهول إلى الطبيعة الجبلية عند جبل كينيا في الجنوب، حيث القمم الشاهقة المغطاة بالثلوج، والتي تعتبر ثاني أعلى قمة في أفريقيا بعد جبل كلمينجارو في تنزانيا، وتوفر لمحبي المغامرة رحلة تسلق مليئة بالتحدي والإثارة، والجميل أن تسلق هذا الجبل لا يحتاج إلى تدريب خاص للوصول إلى أعلى قممه “بوينت لينانا”، والمنطقة التي يقع بها الجبل تعتبر موطنا لفصائل نادرة من الحيوانات، وغنية بالبحيرات وينابيع المياه.

أما في الشمال، فتعدنا الطبيعة الصحراوية أيضا بأوقات ممتعة، في ثلاثة محميات برية هي: “سامبور”، و”بافالو سبرينج”، و”شابا”.

وبجانب الطبيعة، توفر كينيا لمحبي التاريخ متعة كبرى، وبخاصة في مدينة “لامو” أحد أقدم المدن الكينية، عاش بها السواحليون منذ 700 عام، وهي وجهة مميزة أيضا لمحبي الاستجمام، بعيدا عن عالم السرعة، وهناك لن تجد حافلات وسيارات، فوسيلة التنقل بالمدينة هي الحمير.

أما الساحل الكيني الذي يمتد بطول 480 كيلو متر، فهو مزيج من المياه الزرقاء والرمال البيضاء الناعمة، المياه دافئة وغنية بالطبيعة المرجانية، وتمثل وجهة مثالية لمحبي الرياضات المائية من صيد الأسماك والتزلج على المياه، والتحليق بالباراشوت، والسباحة مع الدلافين.

وكان هذا الساحل بالماضي، ممرا لتجارة التوابل القادمة من شبه الجزيرة العربية، ولاتزال مدن “لامو” و”أولد تاون” و”ممباسا”بعمارتها على طراز العصور الوسطى وأطلال القلاع والحصون القديمة شاهدة على تاريخ طويل ومثير، ورغم مرور زمن طويل على تأسيس هذه المدن لاتزال كما هي، لم تمتد يد الحداثة إليها.

وهناك أيضا، مدينة “جومبالا متوانا” شمال ممباسا، وهي بقايا مستوطنة سواحلية تعود إلى القرن الثالث عشر.

أرض المحميات الطبيعية

الحداق الوطنية منتشرة في أنحاء كينيا، تمنحك نظرة على الحياة البرية، وفرصة للاستكشاف والمغامرة، ويمكنك زيارة حديقة “ماليندي”، و”أنامو” البحرية الوطنية، وهي محمية ضخمة تمتد على مساحة 261 كيلومتراً، غنية بتنوع الحياة البحرية التي تستوطن شواطئ “براكودا” وجروف “نورث ريف” المرجانية، وتعتبر هذه الجروف سدا يحمي الشواطئ من هجمات الأمواج العاتية، وحاميا للكائنات البحرية، كما تصد هجمات أسماك القرش المفترسة عن شواطئ المنتجعات السياحية.

وتوفر هذه الحدائق فرصة ممتازة لمراقبة الطيور الإستوائية، مثل طيور “زمّار الرمل: وطيور “الطيطوي” وطيور الغيوب، وهي من نوع الكروان الصغير، وأيضا ثلاثة أنواع من طيور الرقراق، وهي الرمادية، وجريت ساند، والمنغولية.

وعلى جزر ” تيرتل وويل آيلاندز” وهي موطن طيور “الخرشنة ” التي يبدأ موسم تزاوجها بين شهري يونيو وسبتمبر.

ومن البحر إلى السماء وأغصان الأشجار، نهبط على الأرض وسنجد ما يفاجئنا أيضا، حيث السحالي العملاقة، والوعول البرية وحيوان النمس، وأنواع مختلفة من القرود.

ومن المحميات الشهير أيضا في كينيا، محمية “كاناريفر” التي تم افتتاحها عام 1976،لحماية غابة نهر كانا الأدنى ونوعين من القردة المعرضة للخطر، وتنتشر فيها سهول السافانا، كما تعتبر موطنا لأنواع مختلفة من الثدييات، والزواحف والنباتات النادرة.

وهناك حديقة نيروبي الوطنية، أقدم محمية في البلاد، محمية “لاكيبيا بلاتو”، وحديقة “أبيدرير” التي تمتد مساحتها إلى 767 كيلومتراً مربعاً، وحديقة “ساوث توركانا”، ومساحتها 1091كم مربعا ومحمية شيمبا الوطنية ومساحتها 320كم مربعا، وحديقة “ماراسابيت ناشونال ريزيرف”، التي تبلغ مساحتها 1.500 كيلومتر مربع وهي منطقة جبلية فيها ثلاث بحيرات بركانية، أهمها “ليك بارادايس” .

وتوفر المنتجعات في كينيا، عناية احترافية لمحبي الاستجمام والاسترخاء والابتعاد عن غبار الحياة في المدن، والتخلص من كل أعراض الإجهاد.

أما رحلات السافاري فتجوب الغابات الواسعة وسط الحيوانات، وبين سهول السافانا، والمدن القديمة، حيث يجد السواح متعة تسوف الهدايا والتذكارات بين المصنوعات التقليدية لأهالي المنطقة، والملابس الجميلة ذات الألوان الزاهية،  وسلال “كيوندو”، والمنحوتات التي تعبر عن الثقافة التقليدية وكذلك المفروشات والآنية، كل هذا وسط أجواء من الموسيقى المحلية الراقصة، ولا تنسى المساومة على الأسعار.