كتب – د. محمود زكريا
مدرس العلوم السياسية ونائب مدير مركز دراسات حوض النيل بجامعة القاهرة

تعد التجمعات الاقتصادية الإقليمية بمثابة الأطر المؤسسية التي تضم في إطارها الدول الأفريقية المنتمية إلى مختلف الأقاليم الأفريقية الفرعية، وتمثل آليات العمل الرئيسية للاتحاد الأفريقي لإنجاز أهدافه على المستوى الإقليمي الفرعي؛ حيث تضمن القانون التأسيسي له الصادر في (لومي) يوليو 2000 في إطار المادة الثالثة على تنسيق السياسات بين التجمعات الاقتصادية الإقليمية القائمة والمزمع إقامتها بغية تحقيق أهداف الاتحاد الأفريقي[1]، كما يحكم العلاقة القائمة بين هذه التجمعات والاتحاد الأفريقي البروتكول الصادر في عام 2008، والذي رمي إلي تعزيز التعاون بين الطرفين في مختلف الجوانب، وتبني إطار مؤسسي ناظم لهذا التعاون.[2]

وقد تطورت طبيعة الأدوار المنوطة بهذه التجمعات عبر العقود الزمنية المتعاقبة منذ الاستقلال، إذ كانت تستهدف في البداية التركيز في أدوارها على المضامين ذات الطبيعة الاقتصادية خلال العقود الممتدة من الستينيات وحتى نهاية عقد الثمانينيات من القرن العشرين، وهذا ما كان يُعرف بظاهرة “الإقليمية القديمة” Old Regionalism، غير أنه أضيف لأدوارها جملة من المضامين ذات الطبيعة السياسية والعسكرية والأمنية منذ مطلع عقد التسعينيات من القرن العشرين، وهو ما أدى إلي تبلور ظاهرة أُطلق عليها “الإقليمية الجديدة” New Regionalism.

وعلى الرغم من تباين طبيعة الأدوار والهياكل المتعلقة بالتجمعات الاقتصادية الإقليمية، غير أنها تعد بمثابة الآليات المركزية لتحقيق التكامل الإقليمي في أفريقيا وذلك وفقاً لخطة عمل لاجوس 1980 ومعاهدة أبوجا 1991 المعنيتين بإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية (AEC)، فضلاً عن دورها المركزي في إطار العديد من المبادرات القارية وعلى رأسها الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا (نيباد) التي تم تبنيها في عام 2001 وأجندة أفريقيا 2063.

وترتيباً على ما سبق يستهدف المنظور التحليلي لهذه الدراسة التركيز على تناول الخريطة التنظيمية للتجمعات الاقتصادية الإقليمية في أفريقيا، والتطرق لدورها في إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية ومنطقة التجارة الحرة القارية، قبل أن تُختتم بتقييم أداء هذه التجمعات في تحقيق التكامل الإقليمي على المستوى الاقتصادي بالأساس، باعتباره يشكل الجانب الرئيسي المرتبط بأدوارها ومهامها منذ بدايات نشأتها وتطورها، ويمكن تناول ذلك كما يلي:  

أولاً – خريطة التجمعات الاقتصادية الإقليمية في أفريقيا

يهدف هذا الجانب من الدراسة إلى استعراض خريطة التجمعات الاقتصادية الإقليمية الثمانية التي يعترف بها الاتحاد الأفريقي وفقاً للقرار الصادر عن قمة الاتحاد الأفريقي المنعقدة في (بانجول) في يوليو 2006، والذي أكد على عدم الاعتراف بأية تجمعات اقتصادية إقليمية جديدة لإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية[3]، وعلى الرغم مما سبق هناك العديد من التجمعات الإقليمية الأخرى التي تم إنشاؤها على مستوى أقاليم أفريقيا الفرعية، من قبيل الاتحاد النقدي والاقتصادي لغرب أفريقيا واتحاد نهر مانو في إقليم غرب أفريقيا، الجماعة الاقتصادية لدول البحيرات العظمي والجماعة النقدية والاقتصادية لوسط أفريقيا في إقليم وسط أفريقيا، الاتحاد الجمركي للجنوب الأفريقي ومفوضية المحيط الهندي في إقليمي الشرق والجنوب الأفريقي.[4] وسيتم تناول التجمعات الاقتصادية الإقليمية الثمانية المُعترف بها من قبل الاتحاد الأفريقي وذلك كما يلي:

1- الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا  (ECCAS)

تم تأسيسها في 18 أكتوبر 1983م وذلك من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي والجمركي لوسط أفريقيا (UDEAC)، والتي اتفقت قياداتها من حيث المبدأ على توسيع نطاق الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا وذلك في ديسمبر 1981، والدول الأعضاء في الجماعة الاقتصادية لدول البحيرات العظمى ( (CEPGL وهم (رواندا ، بروندي، زائير سابقا)، وذلك إلي جانب ساوتومي وبرنسيت، وقد بدأت الجماعة عملها في عام 1985م، ولكنها ظلت غير مفعلة لسنوات طويلة (منذ عام 1992م)، بفعل الصعوبات المالية المتمثلة في عدم دفع الاشتراكات من قبل الدول الأعضاء والصراعات القائمة في منطقة البحيرات العظمى، وعلى رأسها الصراع في جمهورية الكنغو الديمقراطية، وقد تم الاتفاق على إعادة إحياء هذه الجماعة خلال القمة الاستثنائية الثانية المُنعقدة في (ليبريفيل) وذلك في 6 فبراير 1998م.

وتقع مقرات هذه الجماعة في (ليبريفيل) بالجابون، وتضم هذه الجماعة (11) دولة عضو في إطارها، وهم (أنجولا، بوروندي، الكاميرون، جمهورية أفريقيا الوسطى، جمهورية الكنغو الشعبية، غينيا الاستوائية، الجابون، رواندا، ساوتومي وبرنسيت، تشاد، الكنغو الديمقراطية)، ويبلغ إجمالي المساحة الجغرافية التي تشملها الجماعة نحو (6.5) مليون كم2، ويتكون الهيكل التنظيمي للجماعة – وفقاً لنص المادة السابعة من المعاهدة المنشئة –  من ستة أجهزة رئيسية، وهي (مؤتمر رؤساء الدول والحكومات، المجلس الوزاري، محكمة العدل، الأمانة العامة، اللجنة الاستشارية، اللجان الفنية المتخصصة أو أي جهاز أخر).[5]

وقد حددت المعاهدة المُنشئة للجماعة في إطار المادة الرابعة الأهداف الرئيسية لها والمتمثلة في: إزالة الرسوم الجمركية أو أي تكاليف أخرى من شأنها التأثير على حركة الصادرات والواردات بين الدول الأعضاء، إزالة القيود الكمية والحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء، خلق والحفاظ على التعريفة الجمركية الخارجية الموحدة، خلق السياسة التجارية في مواجهة الأطراف الثالثة، إلغاء كافة العوائق المعرقلة لحرية حركة الأفراد والسلع والخدمات ورأس المال، تنسيق السياسات الوطنية من أجل تحقيق أنشطة الجماعة، تأسيس صندوق التنمية والتعاون، فضلا عن التنمية السريعة للدول الحبيسة وشبه الحبيسة والمنتمية لتصنيف (الدول الأقل تقدماً).[6]

2- جماعة شرق أفريقيا (EAC)

تأسست في ديسمبر 1967م، وضمت ثلاث دول وهم (كينيا، تنزانيا، أوغندا)، واستمرت لعقد واحد من الزمان قبل أن يتم حلها في عام 1977م وذلك نتيجة لجملة من الأسباب ومنها عدم التوافق بشأن توزيع منافع وعوائد التكامل بين الدول الثلاث، والاختلافات الأيديولوجية بين هذه الدول، فضلاً عن سيطرة بريطانيا باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة على العلاقات التجارية لهذه الدول، ومع منتصف عقد الثمانينيات من القرن العشرين بدأت آفاق التعاون تتبلور من جديد، حيث تم التوقيع على اتفاقية الوساطة لتقسيم الأصول والخصوم في عام 1984، كما اتفقت هذه الدول على تعزيز مجالات التعاون المستقبلي وتبني ترتيبات محددة لهذا التعاون، وعقد بالفعل الاجتماع الأول لقيادات هذه الدول في (كمبالا) بأوغندا في 30 نوفمبر 1993، والذي أسفر عن التوقيع على اتفاقية تأسيس اللجنة / المفوضية الثلاثية الدائمة للتعاون في شرق أفريقيا.

وقد تعززت عمليات التعاون في شرق أفريقيا مع إنشاء أمانة هذه اللجنة في إطار مقر الجماعة في (أروشا) بتنزانيا في مارس 1996م، وفي إطار محاولة ترسيخ التعاون الإقليمي في شرق أفريقيا، تم توجيه هذه اللجنة لتطوير الاتفاقية المنشئة لها لتصبح بمثابة معاهدة شاملة وذلك في 29 أبريل 1997، وبالفعل تم تبني المعاهدة المنشئة لهذه الجماعة في (أروشا) وذلك في 30 نوفمبر 1999، والتي دخلت حيز النفاذ في 7 يوليو 2000، وعقدت أول قمة للجماعة في 15 يناير 2001.[7]

ويقع مقر الجماعة في (أروشا)، وتضم في عضويتها (6) دول: الدول الثلاث المُؤسسة للجماعة (أوغندا، كينيا، تنزانيا)، رواندا وبوروندي التي انضمتا في 1 يوليو 2007، بالإضافة إلى جنوب السودان التي تعد آخر الدول المُنضمة للجماعة في 15 أغسطس 2016، ويبلغ إجمالي المساحة الجغرافية التي تشملها الجماعة نحو (2.5) مليون كم2[8]، ويتكون الهيكل التنظيمي لهذه الجماعة – وفقاً لنص المادة التاسعة من المعاهدة المنشئة للجماعة- من سبعة أجهزة رئيسية، وهي (القمة، المجلس الوزاري، لجنة التنسيق، اللجان القطاعية، محكمة عدل لشرق أفريقيا، المجلس /الجمعية التشريعية لشرق أفريقيا، الأمانة) أو أي جهاز أخر تنشئه قمة رؤساء الدول والحكومات.[9]  

وتتمثل الأهداف الرئيسية لهذه الجماعة وفقاً لنص المادة الخامسة من المعاهدة المنشئة لها في تطوير السياسات والبرامج الرامية إلى تعميق التعاون بين الدول الأعضاء وذلك في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والقانونية والقضائية والمتعلقة بالأمن والدفاع والبحث والتكنولوجيا، وهو ما يقتضي من الدول الأعضاء استهداف إقامة اتحاد جمركي وسوق مشتركة واتحاد نقدي والوصول إلى مرحلة الاتحاد السياسي، وذلك من أجل تحقيق التنمية المتناغمة والمتوازنة والتوسع المستدام في الأنشطة الاقتصادية.[10]

3- الهيئة الحكومية للتنمية (IGAD)

تأسست في البداية تحت مسمى “الهيئة الحكومية للجفاف والتنمية” (IGADD) وذلك في عام 1986، وذلك من أجل تخفيف الأثار الحادة للجفاف والكوارث الطبيعية الأخرى خلال الفترة (1974-1984)، والتي أدت لانتشار المجاعات والتصحر البيئي والصعوبات الاقتصادية في إقليم شرق أفريقيا، وتقع المقرات الخاصة بها في (جيبوتي)، وكانت تضم في عضويتها ست دول في الأصل وهي (جيبوتي، إثيوبيا، كينيا، أوغندا، الصومال، السودان)، وانضمت إريتريا لاحقاً في عام 1993م عقب حصولها على الاستقلال، ثم انضمت جنوب السودان في عام 2011، ويبلغ إجمالي المساحة الجغرافية التي يشملها التجمع نحو (5.2) مليون كم2.

وبدأ التفكير في تعزيز التعاون القائم بين الدول الأعضاء وإعادة إحياء دور هذا التجمع منذ منتصف عقد التسعينيات من القرن العشرين، وهو ما تبلور من خلال الإعلان الخاص بقمة رؤساء الدول والحكومات المنعقدة في (أديس أبابا) في أبريل 1995م، وتلا ذلك تعديل المسمى الخاص بهذا التجمع ليصبح “الهيئة الحكومية للتنمية” المعروفة اختصاراً باسم “إيجاد” وتوسيع المنظور الوظيفي له من خلال تبني اتفاقية جديدة وذلك في إطار القمة المُنعقدة في (نيروبي) في 21 مارس 1996، وقد تم إطلاقه رسمياً في إطار القمة المُنعقدة في (جيبوتي) وذلك في 25 نوفمبر 1996[11]، ويتكون الهيكل التنظيمي لهذا التجمع – وفقاً للمادة الثامنة من الاتفاقية المنشئة للتجمع- من أربعة أجهزة رئيسية، والمتمثلة في (مؤتمر رؤساء الدول والحكومات، المجلس الوزاري، لجنة السفراء، الأمانة).[12]  

وتتمثل الأهداف الرئيسية لهذا التجمع وفقاً للمادة السابعة من الاتفاقية المُنشئة في: تعزيز استراتيجيات التنمية المشتركة والتنسيق التدريجي للسياسات والبرامج الاقتصادية على المستوى الكلي والمتعلقة بالمجالات العملية والتكنولوجية والاجتماعية، تنسيق السياسات المتعلقة بالتجارة والنقل والجمارك والاتصالات والزراعة والبيئة والموارد الطبيعية، دعم حرية حركة الأفراد والسلع والخدمات في الإقليم، خلق بيئة مواتية لتعزيز التجارة المحلية والعابرة للحدود والاستثمارات، دعم المشروعات والبرامج الرامية إلي تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة للموارد الطبيعية، تطوير وتعزيز البنية التحتية في مجالات النقل والاتصالات والطاقة، تعبئة الموارد من أجل تنفيذ برامج التعاون الإقليمي، دعم بناء القدرات والتدريب على المستويات الوطنية والإقليمية، فضلاً عن دعم السلم والاستقرار في الإقليم وخلق آليات لمنع وإدارة وحل الصراعات الداخلية والبينية عبر الحوار.[13]

4- الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS)

تأسست عبر تبني معاهدة لاجوس في 28 مايو 1975، وقد سبق تأسيس إيكواس محاولات لتحقيق التكامل الإقليمي على مستوى إقليم غرب أفريقيا، والتي تعود إلى منتصف عقد الأربعينيات من القرن العشرين وتحديداً في ديسمبر 1945 وذلك من خلال إنشاء اتحاد مالي واحد بين دول الإقليم والمعروف باسم “فرانك السيفا” CFA Franc، والذي يضم المستعمرات الفرنسية في أفريقيا المنتمية إلى إقليمي الغرب والوسط الأفريقي، وتلا ذلك إنشاء الاتحاد الاقتصادي لغرب أفريقيا في عام 1965، وذلك بناءً على اقتراح من قبل الرئيس الليبيري (ويليام توبمان) William Tubman في عام 1964، وضم أـربع دول (كوت ديفوار، ليبيريا، غينيا، سيراليون).

ويبلغ إجمالي المساحة الجغرافية التي تشملها الجماعة نحو (5.1) مليون كم2، وتضم الجماعة في عضويتها (15) دولة، وهم (بنين، بوركينافاسو، الرأس الأخضر، كوت ديفوار، جامبيا، غانا، غينيا، غينيا بيساو، ليبيريا، مالي، النيجر، نيجيريا، السنغال، سيراليون، توجو)[14]، وقد خضعت المعاهدة المُنشئة لهذه الجماعة للمراجعة مع مطلع التسعينيات من القرن العشرين، وصدرت المعاهدة الجديدة في (كوتونو) وذلك في 24 يوليو 1993، والتي أضافت التركيز على القضايا ذات الطبيعة السياسية والأمنية، وهو ما تبلور في إطار بعض المبادئ الحاكمة لعمل الجماعة في إطار المادة الرابعة من هذه المعاهدة من قبيل الحفاظ على السلم والأمن والاستقرار من خلال تعزيز علاقات حسن الجوار، التسوية السلمية للنزاعات بين الدول الأعضاء، فضلاً عن تعزيز واحترام حقوق الإنسان بما يتسق مع الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. 

ويتكون الهيكل التنظيمي لهذه الجماعة من تسعة مكونات وفقاً لنص المادة السادسة من المعاهدة المنشئة لها، وهي: سلطة رؤساء الدول والحكومات، المجلس الوزاري، برلمان الجماعة، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، محكمة العدل، الأمانة التنفيذية، صندوق التعاون والتعويضات والتنمية، اللجان الفنية المتخصصة، فضلاً عن أية مؤسسات أخرى تؤسسها سلطة رؤساء الدول والحكومات.[15]ويكمن الهدف من إنشائها وفقاً للمادة الثالثة من المعاهدة المنشئة لها في تعزيز التعاون والتكامل بغية إنشاء اتحاد اقتصادي في غرب أفريقيا، وذلك من أجل تعزيز الاستقرار الاقتصادي ورفع المستويات المعيشية للمواطنين وتقوية العلاقات بين الدول الأعضاء والمساهمة في تحقيق التقدم والتنمية للقارة الأفريقية.

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف نصت المعاهدة المنشئة على عدة أمور، ولعل من بينها تنسيق السياسات الوطنية وتعزيز برامج ومشروعات وأنشطة التكامل، تأسيس السوق المشتركة من خلال تحرير التجارة وذلك من خلال تبني تعريفة جمركية خارجية موحدة وسياسة تجارية مشتركة تجاه الأطراف الثالثة وإزالة الحواجز المُعرقلة لحرية حركة الأفراد والسلع والخدمات ورأس المال، تأسيس اتحاد اقتصادي من خلال تبني سياسات مشتركة في القطاعات الثقافية والاجتماعية والمالية والاقتصادية وتأسيس اتحاد نقدي، تأسيس صندوق للتعاون والتعويضات والتنمية، فضلا عن تعزيز التنمية المتوازنة في الإقليم وغيرها.[16]

5- جماعة التنمية للجنوب الأفريقي (SADC)

تعود جذور تأسيسها إلى نشأة “مؤتمر تنسيق التنمية للجنوب الأفريقي” (SADCC) في (لوساكا) وذلك في أبريل 1980، ويكمن الهدف من إنشائه في تقليص التبعية للدول الأعضاء ولاسيما جنوب أفريقيا في ظل نظام الأبارتهايد، وذلك من خلال: تنسيق الاستغلال لنقاط القوة والموارد المرتبطة بكل دولة عضو، تعزيز الصلات البينية القائمة من أجل تحقيق التكامل الإقليمي العادل، تعبئة موارد الدول الأعضاء من أجل تنفيذ السياسات الوطنية والإقليمية، فضلاً عن تأمين التعاون الدولي في إطار استراتيجية التحرير الاقتصادي، وقد ضم في عضويته نحو (9) دول، وهم (أنجولا، بتسوانا، ليسوتو، مالاوي، موزمبيق، سوازيلاند، تنزانيا، زامبيا، زيمبابوي).

وقد تم التوقيع على المعاهدة المنشئة لجماعة التنمية للجنوب الأفريقي (SADC) لتحل محل مؤتمر تنسيق التنمية للجنوب الأفريقي (SADCC) في إطار القمة المنعقدة في (وندهوك) في ناميبيا وذلك في 17 أغسطس 1992م، والتي تضم في عضويتها (15) دولة: الدول التسع الأعضاء السالف الإشارة إليهم إلى جانب ست دول أخرى وهم (جنوب أفريقيا، موريشيوس، سيشل، الكنغو الديمقراطية، مدغشقر، ناميبيا)، ويبلغ إجمالي المساحة الجغرافية التي تشملها الجماعة نحو (556.781) كم2.[17]

وتتمثل أهداف هذه الجماعة وفقاً للمادة الخامسة من المعاهدة المنشئة في: تحقيق التنمية والنمو الاقتصادي وتخفيف الفقر ورفع مستويات المعيشة للمواطنين في الجنوب الأفريقي، تطوير القيم والأنظمة والمؤسسات السياسية المشتركة، دعم السلم والأمن، تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد والحفاظ على البيئة، تعزيز وترسيخ الصلات التاريخية والثقافية القوية بين الأفراد في إقليم الجنوب الأفريقي، دعم التنمية القائمة على الاعتماد الذاتي الجماعي والمتبادل بين الدول الأعضاء، فضلاً عن تحقيق التكامل بين البرامج والاستراتيجيات الوطنية والإقليمية.[18]

ويتكون الهيكل المؤسسي للجماعة من ثمانية مكونات رئيسية وذلك وفقاً لقرار قمة رؤساء الدول والحكومات المُنعقدة في (وندهوك) بناميبيا في 9 مارس 2001، وهي: (قمة رؤساء الدول والحكومات، قمة ترويكا لجهاز سياسات الأمن والدفاع، المجلس الوزاري، الأمانة، المحكمة، اللجنة الدائمة للمسئولين، اللجان الوطنية لسادك، المنتدى البرلماني)[19]، علماً بأن هذه القمة تبنت اصلاح الإطار المؤسسي القائم للجماعة، والذي حددته المادة (9) من المعاهدة المُنشئة للجماعة، والذي كان يتكون من ستة مكونات رئيسية، وذلك من أجل محاولة تجاوز التحديات المتعلقة بالانتقال من مؤتمر التنسيق للجنوب الأفريقي (SADCC) إلي جماعة التنمية للجنوب الأفريقي (SADC).[20]

6-السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي (COMESA)

تعود جذور تأسيسها إلى إنشاء منطقة التجارة التفضيلية لدول شرق وجنوب أفريقيا، والتي تم تبني المعاهدة المنشئة لها في (لوساكا) في 21 ديسمبر 1981، ودخلت حيز النفاذ في 30 سبتمبر 1982، وقد تحولت بعد ذلك إلى “السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي” (كوميسا)، حيث تم التوقيع على المعاهدة المُنشئة لها في (كمبالا) بأوغندا في 5 نوفمبر 1993 وذلك من قبل (23) دولة، وتم التصديق عليها في (مالاوي) وذلك في 8 ديسمبر 1994م.

ويبلغ عدد الدول الأعضاء في إطار هذا التجمع (21) دولة، وهم (بوروندي، مصر، كينيا، موريشيوس، الصومال، زيمبابوي، جزر القمر، إريتريا، ليبيا، رواندا، تونس، جيبوتي، إثيوبيا، مدغشقر، سيشل، أوغندا، جمهورية الكنغو الديمقراطية، إسواتيني، مالاوي، السودان، زامبيا)، ويلاحظ أن هذا التجمع يعد ثاني أكبر التجمعات الاقتصادية الإقليمية في أفريقيا من حيث عدد الدول الأعضاء بعد تجمع دول الساحل والصحراء، ويبلغ إجمالي المساحة الجغرافية التي يشملها التجمع نحو (12) مليون كم2.[21]

ويتكون الهيكل التنظيمي لهذا التجمع من ثمانية أجهزة رئيسية وفقاً لنص المادة السابعة من المعاهدة المنشئة لها، والمتمثلة في(السلطة، مجلس الوزراء، محكمة العدل، لجنة محافظين البنوك المركزية، اللجنة الحكومية البينية، اللجان الفنية، الأمانة، اللجنة الاستشارية)[22]، وتمثلت الأهداف الرئيسية وفقاً للمادة الثالثة من معاهدة إنشائها في: تحقيق النمو والتنمية المستدامة في كافة مجالات النشاط الاقتصادي، التبني المشترك للسياسات والبرامج الاقتصادية الكلية لأجل رفع مستوى معيشة الأفراد وتقوية العلاقات الاقتصادية بين الدول الأعضاء، التعاون بشأن خلق بيئة مواتية للاستثمارات سواءً المحلية أو العابرة للحدود، التعاون بشأن تعزيز العلاقات بين دول التجمع وباقي دول العالم وتبني مكانة مشتركة في إطار المحافل الدولية، المساهمة في تأسيس وتحقيق التقدم بشأن إقامة الجماعة الاقتصادية الأفريقية، فضلاً عن تعزيز التعاون في مجال السلم والأمن والاستقرار بين الدول الأعضاء لأجل تعزيز التنمية الاقتصادية في الإقليم.[23]

7- اتحاد المغرب العربي (AMU)

تأسس بموجب المعاهدة المنشئة الصادرة في (مراكش) في 17 فبراير 1989، وتعود فكرة إنشاؤه إلى مرحلة ما قبل الاستقلال من خلال مؤتمر الأحزاب المغاربية المُنعقد في مدينة (طنجة) في أواخر شهر أبريل 1958، والذي ضم ممثلين ثلاث أحزاب وهم (حزب الاستقلال المغربي، الحزب الدستوري التونسي، جبهة التحرير الوطني الجزائرية)، وتبلورت بعض محاولات تحقيق التكامل بين دول المغرب العربي في مرحلة ما بعد الاستقلال من قبيل إنشاء اللجنة الاستشارية للمغرب العربي في عام 1964 وذلك بهدف تعزيز الروابط الاقتصادية بين دول المغرب العربي.[24]ويضم هذا التجمع في عضويته خمس دول وهم (تونس، المغرب، الجزائر، موريتانيا، ليبيا)، ويبلغ إجمالي المساحة الجغرافية التي تشملها الجماعة نحو (5.8) مليون كم2، وتقع مقراته في مدينة (الرباط) بالمغرب.[25]

وقد قام من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف وفقاً للمادة الثانية من المعاهدة المنشئة، والمتمثلة في تعزيز صلات الصداقة بين الدول الأعضاء وشعوبهم، تحقيق التقدم والرخاء لمجتمعات الدول الأعضاء والدفاع عن حقوقها، المساهمة في حفظ السلم، تبني سياسة مشتركة في مجالات الاهتمام المختلفة (الدولية، الاقتصادية، الثقافية)، فضلاً عن العمل على تحقيق حرية حركة الأفراد والسلع والخدمات ورأس المال بشكل تدريجي[26]، ويتكون الهيكل التنظيمي له من خمس أجهزة اتحادية (مجلس رئاسة الاتحاد، مجلس الوزراء الأولين ورؤساء الحكومات، مجلس وزراء الخارجية، لجنة المتابعة، اللجان الفنية المتخصصة)، كما يشمل ست مؤسسات اتحادية (الأمانة العامة، مجلس الشوري، الهيئة القضائية، الاكاديمية المغربية، المصرف المغربي للاستثمار والتجارة الخارجية، جامعة المغرب العربي).[27]

8- تجمع دول الساحل والصحراء (CEN-SAD)

أنشئ عقب القمة المنعقدة بين رؤساء دول (ليبيا، مالي، النيجر، السودان، تشاد) المنعقدة في (طرابلس) في ليبيا وذلك في 4 فبراير 1998، وقد أصبح بمثابة أحد التجمعات الاقتصادية الإقليمية في القمة (36) لرؤساء الدول والحكومات لمنظمة الوحدة الأفريقية المُنعقدة في (لومي) في يوليو 2000، ويضم في عضويته (28) دولة وهم (جزر القمر، جيبوتي، إريتريا، كينيا، الصومال، أفريقيا الوسطى، تشاد، مصر، ليبيا، المغرب، ساوتومي وبرنسيت، السودان، تونس، بنين، بوركينافاسو، كوت ديفوار، جامبيا، غانا، غينيا، غينيا بيساو، ليبيريا، مالي، موريتانيا، نيجر، نيجيريا، السنغال، سيراليون، توجو)، ويلاحظ أن العدد الأكبر من هذه الدول ينتمي إلي إقليم غرب أفريقيا حيث يبلغ عددها (15) دولة.    

وقد حددت المعاهدة المُنشئة للتجمع الأهداف الخاصة به، والمتمثلة في خلق اتحاد اقتصادي شامل من خلال وضع خطة تنمية موسعة إلى جانب خطط التنمية الوطنية للدول الأعضاء بما في ذلك الاستثمار في المجالات الزراعية والصناعية والثقافية والاجتماعية، التخلص من كل العوائق المعرقلة لتحقيق الوحدة بين الدول الأعضاء من خلال تبني بعض التدابير من قبيل حرية حركة الأفراد ورؤوس الاموال بين الدول الأعضاء، حرية التجارة وحركة السلع والخدمات والبضائع وتطوير التجارة الخارجية عبر سياسة استثمارية للدول الأعضاء وغيرها[28]، وقد خضعت هذه المعاهدة إلى المراجعة في إطار القمة الاستثنائية المُنعقدة في (أنجامينا) في فبراير 2013، وذلك بهدف ضخ دماء جديدة وإعادة هيكلة التجمع.

وقد أعطت المعاهدة الجديدة دفعة للأهداف السابقة، مع التركيز على تعزيز التنسيق في مجالي التنمية المستدامة والأمن الإقليمي. ويتكون الهيكل التنظيمي لهذا التجمع من (مؤتمر رؤساء الدول والحكومات، المجلس التنفيذي، المجلس السلم والأمن الدائم، المجلس الدائم للتنمية المستدامة، لجنة السفراء والممثلين الدائمين، الأمانة العامة، بنك الساحل والصحراء للاستثمار والتجارة، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي).[29]

ثانياً – التجمعات الاقتصادية الإقليمية وتحقيق التكامل الإقليمي في أفريقيا

يستهدف هذا الجانب من الدراسة تناول الدور المرتبط بالتجمعات الاقتصادية الإقليمية في تحقيق التكامل الإقليمي على الصعيد الاقتصادي بالأساس، ويمكن تناول ذلك كما يلي:

  1. التجمعات الاقتصادية الإقليمية وإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية

تعد التجمعات الاقتصادية الإقليمية بمثابة الوحدات البنائية التي ترتكز عليها نشأة الجماعة الاقتصادية الأفريقية (AEC)، ذلك أن تأسيس الأخيرة مرتهن بتنسيق الأنشطة والسياسات التكاملية على مستوى هذه التجمعات، وذلك على الرغم من أنها ليست عضواً في إطار الجماعة الاقتصادية الأفريقية أو بالأحرى الاتفاقية المنشئة لها، وينظم العلاقة المتبادلة بين الطرفين بروتكول صادر في (أديس أبابا) في عام 1998م، والذي حدد الإطار الحاكم لتنسيق هذه العلاقة، وعلى مستوى دور هذه التجمعات في نشأة الجماعة الاقتصادية الأفريقية فإن ثمة إطارين قانونيين رئيسيين حددا ونظما هذا الجانب وهما:

  • خطة عمل لاجوس: صدرت في أبريل 1980، وهدفت بالأساس إلي إقامة السوق الأفريقية المشتركة كخطوة أولية نحو تأسيس الجماعة الاقتصادية لأفريقيا، وهو ما تبلور من خلال المرحلتين الزمنيتين لهذه الخطة، أما الأولى فقد ارتبطت بعقد الثمانينيات من القرن العشرين والتي رمت إلى تقوية التجمعات الاقتصادية القائمة وإقامة تجمعات أخرى في الأقاليم الأفريقية الأخرى وذلك على نحو يشمل كافة أرجاء القارة الأفريقية، فضلاً عن تعزيز التنسيق بين التجمعات الاقتصادية القائمة والمستقبلية لأجل الإنشاء التدريجي للسوق الأفريقية المشتركة، بينما ارتبطت الثانية بعقد التسعينيات من القرن العشرينوهدفت إلى تبني خطوات لتعزيز التكامل القطاعي عبر تنسيق سياسات وخطط التنمية الاقتصادية، تعزيز المشروعات المشتركة، تنسيق السياسات المالية والنقدية، فضلاً عن تبني خطوات لتفعيل تأسيس السوق الأفريقية المشتركة. [30]
  • معاهدة أبوجا: صدرت في 3 يونيو 1991، ودخلت حيز النفاذ في 12 مايو 1994م، وقد كانت التجمعات الاقتصادية الإقليمية بمثابة حجر الأساس ونقطة الانطلاق في تحقيق الهدف الرئيسي لها والمتمثل في تأسيس الجماعة الاقتصادية الأفريقية بحلول عام 2028 وذلك عبر ست مراحل زمنية مدتها (34) عاماً، وتتمثل هذه المراحل فيما يلي:
  • المرحلة الأولى: تبلغ مدتها خمس سنوات، وتهدف إلى تقوية التجمعات الاقتصادية الإقليمية القائمة، وتأسيس تجمعات اقتصادية جديدة في الأقاليم التي لا يوجد بها تجمعات.
  • المرحلة الثانية: تبلغ مدتها ثمان سنوات، وتهدف إلى الإلغاء التدريجي للحواجز الجمركية وغير الجمركية المفروضة على التجارة الإقليمية البينية على مستوى كل تجمع إقليمي، التنسيق التدريجي بشأن الرسوم الجمركية المتعلقة بالأطراف الثالثة، تعزيز التكامل القطاعي على المستوى القاري والإقليمي وذلك فيما يتعلق بكافة مجالات الأنشطة، فضلاً عن تنسيق الأنشطة بين التجمعات الاقتصادية القائمة والمستقبلية.
  • المرحلة الثالثة: تبلغ مدتها عشر سنوات، وتهدف إلى تأسيس منطقة تجارة حرة على مستوى كل تجمع إقليمي اقتصادي، وإقامة اتحاد جمركي من خلال تبني تعريفة خارجية مشتركة.
  • المرحلة الرابعة: تبلغ مدتها سنتين، وتهدف إلى تنسيق الأنظمة الجمركية وغير الجمركية بين التجمعات الاقتصادية الإقليمية، وذلك بغية إقامة اتحاد جمركي على المستوى القاري عبر تبني تعريفة خارجية مشتركة.
  • المرحلة الخامسة: تبلغ مدتها أربع سنوات، وتهدف إلى تأسيس السوق الأفريقية المشتركة من خلال تبني سياسة مشتركة في العديد من المجالات من قبيل (الزراعة، الصناعة والطاقة، الاتصالات والمواصلات، البحث العلمي)، تنسيق السياسات المالية والنقدية، فضلاً عن تكوين الموارد المناسبة للجماعة
  • المرحلة السادسة: تبلغ مدتها خمس سنوات، وتهدف إلى تقوية وتوطيد هيكل السوق الأفريقية المشتركة، ويتضمن ذلك حرية حركة الأفراد والسلع والخدمات ورأس المال، تأسيس سوق محلية واحدة واتحاد نقدي واقتصادي أفريقي، تأسيس بنك مركزي أفريقي وإصدار عملة أفريقية مشتركة، وتأسيس هيكل برلمان عموم أفريقيا وانتخاب أعضاءه عبر اقتراع عام قاري.
  • التجمعات الاقتصادية الإقليمية وإقامة منطقة التجارة الحرة القارية في أفريقيا

تعد التجمعات الاقتصادية الإقليمية بمثابة دعامات رئيسية في إقامة منطقة التجارة الحرة القارية في أفريقيا (ACTFTA) وذلك وفقاً للتصورات المُندرجة في إطار معاهدة أبوجا السالف الإشارة إليها، وقد وضع الاتحاد الأفريقي خارطة طريق لإقامة هذه المنطقة بحلول عام 2017م وذلك في إطار قمته العادية رقم (18) المنعقدة في يناير 2012، على أن يسبق ذلك تحقيق عدة أمور: إنشاء منطقة التجارة الحرة الثلاثية بين تجمعات (سادك ، كوميسا ، جماعة شرق أفريقيا) في عام 2014م, إنشاء مناطق تجارة حرة في إطار التجمعات الاقتصادية الإقليمية الأخرى في ذات العام، وانضمام الدول الأفريقية الواقعة خارج نطاق التجمعات الاقتصادية الإقليمية المُعترف بها من قبل الاتحاد الأفريقي إلي منطقة التجارة الحرة القارية بحلول عام 2017، فضلاً عن تحقيق الاندماج لمناطق التجارة الحرة التابعة للتجمعات الاقتصادية الإقليمية في إطار منطقة التجارة الحرة القارية (CFTA) خلال الفترة (2015-2016م).[31]

وبالفعل تم التوقيع على الاتفاقية المنشئة لمنطقة التجارة الحرة الثلاثية في مدينة (شرم الشيخ) في 10 يونيو 2015م، والتي ضمت في إطارها (26) دولة، وبلغ إجمالي تعداد سكانها نحو (632) مليون نسمة، وبلغ إجمالي مساحتها نحو (17,3) مليون كيلو متر مربع، كما بلغ إجمالي تجارتها نحو (1,2) تريليون دولار في ذات العام، وقد قضت بتحرير من (60-85%) من بنود التعريفة الجمركية بمجرد دخول الاتفاقية حيز النفاذ، أما النسبة المتبقية (15-40%) سيتم التفاوض بشأنها خلال فترة تتراوح ما بين خمس إلى ثماني سنوات.[32]

وعلى الرغم من هذا الإطار الزمني الحاكم لهذه المنطقة غير أنه تم التأخر في تبني الاتفاقية المنشئة لها ودخولها حيز النفاذ؛ حيث تم تبنيها في إطار قمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الأفريقي المُنعقدة في العاصمة الرواندية (كيجالي) وذلك خلال الفترة (17-21 مارس 2018م)، حيث تم التوقيع عليها من قبل (44) دولة، ولكنها دخلت حيز النفاذ في أواخر مايو 2019م وذلك بعد استيفاء عدد التصديقات اللازمة (22 تصديق) في 29 أبريل 2019، وقد تم الإعلان عن إطلاق المرحلة التشغيلية لها في إطار قمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الأفريقي المنعقدة في (نيامي) بالنيجر وذلك في 7 يوليو 2019م.[33]

وتمثل منطقة التجارة الحرة القارية في أفريقيا أحد أكبر مناطق التجارة على مستوى العالم منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية في يناير 1995م، حيث أنها تضم (55) دولة عضو في الاتحاد الأفريقي، ويبلغ إجمالي تعداد سكانهم نحو (1,2) مليار نسمة في عام 2019م، ومن المتوقع أن يتضاعف ليبلغ نحو (2,5) بحلول عام 2050م، وهو يعني أن الدول الأفريقية تشكل قاعدة مستهلكين كبيرة أمام حركة التفاعلات الاقتصادية المختلفة، ويعد تبني مثل هذه المنطقة خطوة ضرورية نحو إنشاء السوق الأفريقية الموحدة، وهو ما يشكل دفعة قوية لمسار التكامل الإقليمي القاري وفقاً لأجندة الاتحاد الأفريقي (2063).

ويتمثل الهدف الرئيسي من هذه المنطقة في تعزيز معدلات التفاعلات الاقتصادية على المستوى البيني وذلك من خلال رفع معدلات التجارة الأفريقية البينية، إذ تشير الإحصاءات والتقديرات إلى ضآلة حجم التجارة الأفريقية البينية، حيث مثلت التجارة الأفريقية البينية (15.5%) و(16.1%) من مجمل حجم تجارة أفريقيا الخارجية خلال عامي 2017 و2018 على الترتيب[34]، فضلاً عن محدودية التجارة الأفريقية البينية بالمقارنة بباقي الأقاليم الأخرى في العالم، فمثلاً بلغ حجم التجارة البينية (67%) للقارة الأوروبية و(61%) لقارة أسيا، ولذا تستهدف هذه المنطقة زيادة معدل التجارة الأفريقية البينية بقيمة (34,6) مليار دولار أو بنسبة (52,3%) من إجمالي حجم تجارتها الخارجية عام 2022، وذلك وفقاً لتقرير التنمية الاقتصادية في أفريقيا 2019 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD).[35]

ثالثا- تقييم أداء التجمعات الاقتصادية الإقليمية في أفريقيا

يمكن تقييم أداء التجمعات الاقتصادية الإقليمية في تحقيق التكامل الإقليمي على الصعيد الاقتصادي من خلال عدد من المؤشرات الرئيسية، ولعل من بينها ما يلي:

  1. مستوى التقدم المُحرز بشأن تنفيذ معاهدة معاهدة أبوجا 1991

يعد التقدم المحرز من قبل التجمعات الاقتصادية الإقليمية بشأن معاهدة أبوجا بمثابة أحد جوانب تقييم الأداء المرتبط بها، ويمكن القول بوجود ثمة تأخر زمني في دور التجمعات الاقتصادية الإقليمية وتنفيذ مراحل معاهدة أبوجا وذلك بالمقارنة بالتصورات الزمنية المُحددة في هذه المعاهدة على النحو الموضح في الجدول الموجود أدناه رقم (1)، حيث أن الانتهاء من إقامة منطقة التجارة الحرة والاتحاد الجمركي لكل تجمع كان يفترض أن يتم بحلول عام 2017، ولكن فعلياً هناك تجمعين اثنين هما اللذان تمكنا من تحقيق هذا الهدف، وهي (جماعة شرق أفريقيا، إيكواس)، بينما تمكن سادك من إقامة منطقة التجارة الحرة دون الاتحاد الجمركي، وهو ذات الأمر بالنسبة لكوميسا وان كانت قد حققت تقدم بشأن تفعيل الاتحاد الجمركي منذ بداية إطلاقه في عام 2009، كما أن هناك ثلاث تجمعات (اتحاد المغرب العربي، الساحل والصحراء، إيكاس) قامت بالتخطيط لتحقيق هذا الهدف. 

وتعد جماعة شرق أفريقيا الأكثر تحقيقاً للتقدم بشأن تنفيذ مراحل معاهدة أبوجا 1991، حيث أنجزت العديد من المراحل في سبيل تحقيق التكامل الإقليمي بين الدول الأعضاء في إطارها، حيث تم التوقيع على البروتوكول المنشئ للاتحاد الجمركي للجماعة في 2 مارس 2004، والذي دخل حيز النفاذ في 1 يناير 2005، ثم تم التوقيع على الاتفاقية المنشئة للسوق المشتركة للجماعة في 20نوفمبر 2009، والذي دخل حيز النفاذ في 1 يوليو 2010، كما تم تبني البروتوكول المنشئ للاتحاد المالي للجماعة في 30 نوفمبر 2013.[36]

  • واقع التجارة البينية على مستوى التجمعات الاقتصادية الإقليمية

يعد بمثابة أحد المؤشرات لتقييم أداء التجمعات الاقتصادية الإقليمية، ذلك كونه يعكس حجم التفاعلات والاعتماد المتبادل بين الدول الأعضاء في إطار هذه التجمعات، ويلاحظ أن نحو (80%) من تدفقات التجارة الأفريقية البينية تتم من خلال هذه التجمعات ونحو (20%) تتم خارج إطاره[37]، ويمكن القول بتفاوت نسبة التجارة البينية من إجمالي التجارة الأفريقية على مستوى التجمعات الاقتصادية الإقليمية، حيث جاء سادك على رأس هذه التجمعات في هذا الصدد خلال الفترتين (2010-2012) و(2014-2016)، والتي بلغت نحو (81,5 %) و(84,9 %) على التوالي، وقد جاءت كوميسا في الترتيب الثاني في هذا الإطار حيث بلغت هذه النسبة نحو (61,8%) و(59,5%) خلال ذات الفترتين السابقتين، بينما جاء إيكاس في الترتيب الأخير في هذا الشأن حيث بلغت هذه النسبة نحو (33,9%) و(17,7%) خلال ذات الفترتين السابقتين، وللمزيد من التفاصيل في هذا الشأن يمكن الاطلاع على الجدول الموجود أدناه رقم (2)

وفيما يتعلق بحجم تجارة التجمعات الاقتصادية الإقليمية مع باقي أفريقيا خلال الفترتين (2010-2012) و(2014-2016)، فقد شهد تبايناً كما هو موضح بالجدول الموجود أعلاه رقم (2)، حيث جاء إيكاس في الترتيب الأول في هذا الشأن إذ بلغ حجم تجارته نحو (66,1) و(82,3) مليار دولار على التوالي خلال ذات الفترتين السابقتين، وتلاه جماعة شرق أفريقيا في هذا الشأن حيث بلغ حجم تجارتها نحو (55,3) و(51,7) مليار دولار خلال ذات الفترتين السابقتين، بينما جاء سادك في الترتيب الأخير في هذا الإطار حيث بلغ حجم تجارتها نحو (18,5) و(15,5) مليار دولار على التوالي خلال ذات الفترتين السابقتين، وذلك على الرغم من كونه جاء في الترتيب الأول بشأن نسبة التجارة البينية من إجمالي التجارة الأفريقية.

ويمكن تفسير تفاوت حجم التجارة الأفريقية البينية على مستوى مختلف التجمعات الاقتصادية الإقليمية في ضوء بعض العوامل، من قبيل الاختلاف والتباين بشأن مراحل التنمية الاقتصادية والصناعية، درجة التكامل في الهياكل الإنتاجية، الاختلاف في وضع العلاقات السياسية بين الدول الأعضاء، المستويات المتفاوتة من الالتزام السياسي من قبل الدول الأفريقية بشأن تنفيذ الاتفاقيات الداعمة لعمل التجمعات الاقتصادية الإقليمية.

وترتيباً على ما سبق فإن ثمة تباين بشأن مستوى التقدم المُحرز من قبل الدول الأفريقية نحو تحقيق التكامل الإقليمي وهو ما يمكن أن نستدل عليه من خلال تباين مؤشر حجم الصادرات الأفريقية البينية للدول الأفريقية، حيث يوجد خمس دول أفريقية فحسب يزيد حجم صادراتها البينية عن (50%) في الفترة (2015-2017)، وهي (إيسواتيني، ناميبيا، زيمبابوي، أوغندا ، توجو)، وذلك في المقابل فإن تشاد وغينيا وإريتريا تأتي على رأس قائمة الدول الأدنى مساهمة في التجارة البينية خلال ذات الفترة الزمنية، حيث بلغت نحو (0,2%) و(1,6%) و(2,3%) على التوالي.[38] 

  • أداء التجمعات الاقتصادية الإقليمية وفق مؤشر التكامل الإقليمي الأفريقي

يكمن أهميته كونه يُقيم حالة التكامل الإقليمي وجهود الدول الأعضاء في التجمعات الاقتصادية الإقليمية الثمانية المُعترف بها من قبل الاتحاد الأفريقي، ويتكون من خمس أبعاد رئيسية، وهي (التكامل التجاري، البنية التحتية الإقليمية، التكامل الإنتاجي، حرية حركة الأفراد، التكامل الاقتصادي الكلي والمالي)، كما يضم (16) مؤشر فرعي في إطار هذه الأبعاد، وقد تم الاعتماد في اختيار هذه الأبعاد والمؤشرات على معاهدة أبوجا لعام 1991 والإطار التشغيلي لها، ويتدرج هذا المؤشر في قياس التكامل الإقليمي من صفر إلي الواحد الصحيح؛ حيث يُشير الصفر إلى أدنى مستوى للتكامل بينما الواحد الصحيح يشير إلى أعلى مستوى للتكامل.  

ويلاحظ تباين أداء التجمعات الاقتصادية الإقليمية وفقا للأبعاد الرئيسية لهذا المؤشر كما هو موضح في الجدول الموجود أدناه رقم (3)، حيث جاءت جماعة شرق أفريقيا في الترتيب الأول بالنسبة لمؤشري التكامل التجاري والانتاجي في عام 2016م، في حين جاء إيجاد في الترتيب الأول بالنسبة لمؤشر البنية التحتية الإقليمية، بينما جاءت إيكواس في الترتيب الأول بالنسبة لمؤشري حرية حركة الأفراد والتكامل الاقتصادي الكلي والمالي خلال ذات العام. ويرتبط هذا التباين بتفاوت أداء الدول الأعضاء في إطار هذه التجمعات بشأن تحقيق أبعاد هذا المؤشر، ويمكن تفسير ذلك في ضوء عوامل عديدة؛ قد يتعلق بعضها بالمزايا التنافسية والطوبوجغرافيا والسياسات الإقليمية للدول الأعضاء وغيرها.

كما يلاحظ أن كل تجمع إقليمي يتجاوز المتوسط الخاص بالتجمعات الإقليمية الثمانية بشأن بعد أو أكثر من أبعاد المؤشر فمثلاً يتجاوز هذا المعدل تجمعين اثنين في بعد واحد هما تجمع الساحل الصحراء وإيكاس بالنسبة لبعد التكامل الاقتصادي الكلي والمالي، في حين يتجاوز هذا المعدل ثلاث تجمعات في بعدين، وهم كوميسا بالنسبة لبعدي التكامل التجاري والانتاجي, ويمكن قراءة المزيد بالاطلاع على الجدول المُبين أعلاه.

وختاماً يمكن القول إنه وعلى الرغم من أن التجمعات الاقتصادية الإقليمية تعد بمثابة الركائز الرئيسية لتحقيق التكامل والاندماج الإقليمي في أفريقيا، انطلاقاً من كونها تعد بمثابة الأساس الذي تبني عليه مختلف المبادرات القارية المعنية بهذا الشأن وحلقة الوصل بين الاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء في إطاره لتحقيق أهداف ومقاصد هذه المبادرات، إلا أنها لا تزال لم تحقق التقدم المرجو من حيث واقع الأداء المرتبط بها على مختلف المستويات، ولعل ذلك قد يجد ما يفسره في ضوء عدد من التحديات الرئيسية ولعل من بينها تداخل أو ازدواج العضوية للدول الأفريقية في إطار هذه التجمعات وهو ما قد يرتب التزامات متناقضة ومتعارضة على كاهل هذه الدول بشكل يعيق التكامل أكثر مما يدعمه.
ويضاف إلى ذلك التفاوت الملحُوظ في قدرات القوة الوطنية الشاملة للدول الأعضاء في إطار هذه التجمعات وذلك على نحو قد يؤدي لهيمنة دولة أو أكثر على القرارات السياسية، ولذا تتباين رؤى الدول الأعضاء المتعلقة بدوافع تحقيق التكامل الإقليمي ما بين ثلاثة اقترابات رئيسية وهي الهيمنة، الشراكة، والهيمنة التشاركية، فضلاً عن تغلغل النفوذ الخارجي ومنظومة المصالح الذاتية المرتبطة به وتحكمه في شبكة التفاعلات الإقليمية التعاونية بين الدول الأعضاء في إطار هذه التجمعات، وذلك بفعل استمرار الروابط الاستعمارية التقليدية في مرحلة ما بعد الاستقلال، وهو ما أدى إلي غياب تطوير الاستراتيجيات الوطنية للتصنيع والاعتماد على تصدير المواد الأولية على نحو أثر سلباً على استقلالية القرارات الأفريقية وجعلها في موقع المفعول به وليس الفاعل.


[1] – African Union, Constitutive Act of the African union, Lomé , July 2000, Article.3

[2] – African Union, Protocol on relations between the African union (au) and the regional economic communities (RECs) , Addis Ababa , 27 Jan 2008.

[3] – African Union,” Regional Economic Communities” , Access Date: 6 May 2020 , Available at: https://au.int/en/recs

[4] – Atieno Ndomo, Regional Economic Communities in Africa :A Progress Overview, Nairobi, May 2009, p. 11

[5]– African Union, “Economic Community of Central African States (ECCAS): History and background”, Accessed Date: 5 May 2020, Available at: https://au.int/en/recs/eccas

[6] – ECAS, Treaty establishing the economic community of central African states, Libreville, Oct. 1983 , Article.4

[7] – East African Community، ” History of the EAC”, Access Date : 5 May 2020, Available at: https://www.eac.int/eac-history

[8]Idem

[9] – EAC, Treaty establishing the east African community , Arusha , 2001 , Article. 5

[10]Ibid., Article. 9

[11] – Intergovernmental Authority on Development، “IGAD: About us”, Access Date : 6 May 2020, Available at: https://igad.int/about-us

[12] – IGAD, Agreement establishing the inter-governmental authority on development , Nairobi , 21 Mar.1996 , Article.8

[13]Ibid., Article .7.

[14] – Economic Community of West African States، “ECOWAS: History”, Access Date : 11 May 2020, Available at: https://www.ecowas.int/about-ecowas/history/

[15] – ECOWAS , Economic community of west African states (ECOWAS) : Revised Treaty , Abuja , 1993 , Articles. 4,6.

[16]Ibid., Article. 3

[17] – SADC, “History and Treaty”, Access Date : 11 May 2020, Available at: https://www.sadc.int/about-sadc/overview/history-and-treaty/

[18] – SADC , Declaration and Treaty of the Southern African Development Community , Windhoek , 17 Aug. 1992 , Article . 5

[19]– SADC, “SADC Institutions”, Access Date : 11 May 2020, Available at: https://www.sadc.int/about-sadc/sadc-institutions/

[20] – SADC , Declaration and Treaty of the Southern African Development Community, Op.Cit., Article.6

[21] – COMESA, ” COMESA objectives and priorities”, Access Date : 12 May 2020, Available at: https://www.comesa.int/company-overview-2/

[22] – COMESA , COMESA Treaty ,Kambala, Nov.1993, Article. 7

[23]Ibid., Article. 3

[24] – اتحاد المغرب العربي، “فكرة التأسيس”، تاريخ الدخول: 13 مايو 2020، متاح في: https://bit.ly/3fIsnyG

[25] – UN, Economic Commission for Africa, ” Arab Maghreb Union”, Access Date : 12 May 2020, Available at: https://www.uneca.org/oria/pages/amu-arab-maghreb-union

[26] – United Nations , Treaty instituting the Arab Maghreb Union, Morocco, 29 September 1989 , Articles.2 , 4-13

[27] –  اتحاد المغرب العربي، ” الأجهزة الاتحادية”، تاريخ الدخول: 13 مايو 2020، متاح في: https://bit.ly/3bqBkcS & اتحاد المغرب العربي، “المؤسسات الاتحادية”، تاريخ الدخول: 13 مايو 2020، متاح في: https://bit.ly/2Afqnh9

[28] – African Union, “CEN- SAD”, Access Date : 13 May 2020, Available at: https://au.int/en/recs/censad

[29] – UN, Economic Commission for Africa,” CEN-SAD – The Community of Sahel-Saharan States”, Access Date : 13 May 2020, Available at: https://www.uneca.org/oria/pages/cen-sad-community-sahel-saharan-states

[30] – Organization of African unity, Lagos plan of action for the Economic Development of Africa 1980-2000, Lagos, Nigeria, April 1980, p.99

[31] – African Union Commission, Economic commission for Africa , Boosting Intra- African Trade , Addis Abba , Jan 23-30 2012 , p.4 ,48

[32] – United Nations, Economic Commission For Africa , Assessing Regional Integration in Africa VII : Innovation, Competitiveness and Regional Integration, Addis Ababa , March 2016 , pp: 14-15

[33] – African Union, ” Operational phase of the African Continental Free Trade Area is launched at Niger Summit of the African Union”, 7 July 219, Access Date: 21 Feb 2020, Available At: https://bit.ly/32jJ7pV

[34] – African Export-Import Bank, African trade report 2019: African Trade in a Digital World (Cairo: Afreximbank, 2019) p.99

[35] – United Nations Conference on Trade and Development, Economic Development in Africa Report 2019: Made in Africa – Rules of Origin for Enhanced Intra-African Trade (Geneva: UNCTAD, 26 June 2019) p.36

[36]  -EAC, “Quick Facts about EAC”, Access Date : 5 May 2020, Available at: https://www.eac.int/eac-quick-facts.

[37] – UNCTATD, From regional economic communities to a continental free trade area: Strategic tools to assist negotiators and agricultural policy design in Africa (Geneva: UNCTAD, 12 Feb 2018) p. 9

[38] – UNCTATD, Op.Cit., p.22