كتب – حسام عيد

اعتادت الخبيرة الاقتصادية “الجامبية” ماري با، البالغة من العمر 32 عامًا، شراء معظم ملابسها عبر الإنترنت من متاجر الأزياء البريطانية ASOS “شركة بريطانية لبيع الأزياء بالتجزئة ومستحضرات التجميل على الإنترنت”، ولكن عندما أرادت تحديث خزانة ملابسها ببعض الفساتين الأفريقية المطبعة بالشمع، فقد انتهزت فرصة الطلب من خلال منصة الملابس KIKI الغانية.

وتقول: “كنت أبحث عن شيء جيد في التصميم والتجهيز، ومن الرائع دعم العلامات التجارية الموجودة في غرب أفريقيا، في حين تبدو فريدة من نوعها في قطاعها”.

وفي غضون خمسة أيام عمل، تم تسليم الملابس بواسطة شركة DHL العالمية الرائدة في خدمات الشحن السريع، من العاصمة الغانية أكرا، إلى بابها في سيريكوندا، أكبر مدن جامبيا.

وأصبحت “با” اليوم؛ جزءًا من النظام البيئي المتنامي لمحبي الموضة الذين يشترون ملابسهم في سوق الأزياء الإلكترونية الأفريقي الآخذ في التوسع.

ومن المتوقع أن تنمو الإيرادات عبر الإنترنت لقطاع الأزياء الأفريقي بأكثر من 14% سنويًّا على مدى السنوات الأربع المقبلة.

اهتمام عالمي بالأزياء الأفريقية

ومؤخرًا؛ اكتسبت الأزياء الأفريقية زخمًا واهتمامًا هائلًا في وسائل الإعلام الدولية المختلفة، وكذلك وجد فيها مطربات وعارضات أزياء عالميات فرصة فريدة لا تعوض لتوسيع قاعدة شهرتهن من ناحية، ومن ناحية أخرى دفع وتيرة الأزياء الأفريقية لمزاحمة الموضة العالمية بمختلف المحافل.

وقد ساهمت المطربة بيونسيه الأمريكية المنشأ والأفريقية الأصل، في دفع العلامة التجارية “تونغورو” للمصممة السنغالية سارة ضيوف تونغورو إلى الشهرة العالمية عندما ارتدت فستانًا مزركشًا وبنطالًا واسعًا في عطلة العام الماضي.

بالإضافة إلى، عارضة الأزياء البريطانية ناعومي كامبل، الممثلة الأمريكية أليشيا كيز؛ وهن نجمات كبار أخريات تم رصدهن وهن يرتدين ملابس ذات تصميم أفريقي.

منصات الموضة الإلكترونية في أفريقيا

تبلغ قيمة سوق الملابس والأحذية في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى 31 مليار دولار، وفقًا لمؤسسة “يورو مونيتور” العالمية المتخصصة في دراسة وتحليل الأسواق.

وقد دفع هذا النمو إلى توسع العلامات التجارية الأجنبية والمحلية في سوق الملابس الأفريقية.

وتفي الشركات بطلبات متزايدة من المغتربين الأفارقة، لا سيما في أوروبا وأمريكا، في حين تحظى مبيعات فساتين أنقرة والفساتين المطبوعة الأفريقية بشعبية كبيرة بين المستهلكين غير الأفارقة؛ وقد أدى ذلك إلى إنشاء منصات أزياء إلكترونية أفريقية.

وتقول مولاي تابوري، المولودة في مالي، المديرة التنفيذية لـAfrikrea، وهي سوق على الإنترنت تسمح للمستخدمين ببيع الملابس الأفريقية إلى أكثر من 100 دولة: “نصدر الثقافة الأفريقية بغض النظر عن مكانك”.

وحصلت شركة التكنولوجيا الناشئة -ومقرها أبيدجان- على جولة تمويل إضافية بقيمة مليون دولار في فبراير. وتقول تابوري إنه سيسمح للشركة بتنمية فريق مطوريها وتوسيع تكنولوجيا الهاتف المحمول وسوقها.

وتتباهى الشركة بالميزة التنافسية التي أضفاها موقع ويب بسيط وسهل الاستخدام على أعمالها، حيث تقول مولاي تابوري: إن 5000 من المصممين يستخدمون منصتها.

ويقوم هؤلاء المصممون ببناء “متجر” عبر الإنترنت باستخدام الأدوات الرقمية التي تقدمها Afrikrea، ثم يحددون الأسعار ويتواصلون مباشرة مع العملاء القادرين على توزيع مدفوعاتهم.

ثم قامت Afrikrea بخصم عمولة بنسبة 10-15% لكل عملية بيع، وتقول إنها سهلت مبيعات بأكثر من 4 ملايين دولار منذ تأسيس الشركة عام 2016. وتعد الولايات المتحدة الأمريكية السوق الأكبر لها، تليها فرنسا وبقية دول الاتحاد الأوروبي.

وتضيف تابوري: “هدفنا هو زيادة البنية التحتية، لذا نحصل على 50% على الأقل من البائعين لدينا من أفريقيا.. الفكرة هي جعل الناس في أفريقيا يقولون: ربما هذا هو أفضل مكان لتدشين أعمالي والترويج لها.. لكن المشكلة الأكبر هي أن أكون قادرًا على تنظيم النمو والحفاظ عليه”.

إمكانات هائلة

ما تزال التجارة الإلكترونية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في مرحلتها الوليدة، لكنها تُظهر إمكانات هائلة حيث تنتشر الهواتف الذكية عبر أحد أصغر سكان العالم وأسرعهم نموًا.

وقدّر تقرير صادر عام 2017 عن Statista -بوابة ألمانية عبر الإنترنت للإحصاءات- أن قطاع التجارة الإلكترونية في أفريقيا حقق إيرادات بقيمة 16.5 مليار دولار في ذلك العام.

وتتوقع شركة الأبحاث حاليًا أن تصل الإيرادات في القطاع إلى 27.7 مليار دولار في عام 2020 وترتفع إلى 47 مليار دولار بحلول عام 2024. ويقود النمو عبر الإنترنت من هم دون سن 35 عامًا.

وتقول باب عبدالله، كبيرة محللي الجمال والموضة في مؤسسة يورو مونيتور، إن قطاع التجارة الإلكترونية مدفوع “بالعدد المتزايد من الأمهات العاملات اللاتي يتم دعمهن من خلال التكيف السريع مع تجارة التجزئة عبر الإنترنت”.

وتدفع المبيعات في مجال الأزياء مجال التجارة الإلكترونية الأفريقي الأوسع.

وتتوقع Statista أن تصل الإيرادات إلى 8.3 مليار دولار في عام 2020، ومعدل نمو سنوي بنسبة 14.2% بين عامي 2020 و2024.

التغلب على التحديات

لكن سوق الأزياء الإلكترونية المتوسع هذا يواجه تحديات كبيرة، فعلى سبيل المثال، تعد غرب أفريقيا منطقة رئيسية لزراعة القطن، لكن صناعة النسيج فيها تناضل للتنافس مع الملابس الرخيصة المصنوعة في آسيا.

ومنذ الثمانينيات، تم القضاء على معظم صناعات المنسوجات في أفريقيا وفُقد جيل من العمال المهرة.

وتشير التقديرات إلى أن صناعة المنسوجات في المنطقة قد انخفضت بأكثر من 75% في ذلك الوقت. ويمكن أن يكون نقل الملابس داخل القارة وخارجها مشكلة، مع تكاليف تصدير باهظة وصعوبات حدودية.

وتقول المالية مولاي تابوري، المديرة التنفيذية لمنصة Afrikrea، “إن القيود التجارية الأولى لديّ هي بالتأكيد الجمارك”.

وتضيف: “إذا أدركت الحكومات الأفريقية إمكانات التجارة الحرة بين البلدان الأفريقية، وتسهيل الجمارك للأشخاص الذين يشحنون خارج أفريقيا -خاصة مع أوروبا- فستكون هناك ميزة جيدة للغاية”.

وتتابع قائلة: “في الولايات المتحدة، لدينا اتفاقية (قانون النمو والفرص الأفريقية في الولايات المتحدة) تسمح لنا بالشحن بدون جمارك تصل إلى 700 دولار. إذا تمكنا من التوصل إلى نفس الاتفاق مع أوروبا ، فإن ذلك سيغير اللعبة”.

هذه التحديات لم توقف المصممة الغانية التي علمت نفسها بنفسها، فيليسيا باركر، فعبر Afrikrea تمكنت من بيع علامتها التجارية La Mode Afrique من أنماط القماش kente (نوع من الأقمشة الحريرية والقطنية المصنوعة من شرائط من القماش المنسوج، والذي يشتهر به إقليم أشانتي) وغيرها من العناصر إلى قاعدة عملاء متنامية في لندن وباريس وأماكن أخرى في قارة أوروبا.

وتقول تابوري: “عندما يتم تقديم الطلب، ستأتي DHL لتلتقط الملابس من بابي، وتأخذها إلى معظم الأماكن في العالم”.

وتضيف: “الإنترنت جعل من السهل حقًّا على أي شخص شراء أي تصميمات يريدها، في راحة منزله ومكان عمله، وفي السنوات الخمس القادمة آمل أن يكون لديّ مصنع كبير في غانا، وأن تتمدد فروع منصتي السوقية في جميع أنحاء العالم، لتصبح مليئة بأزياء الطباعة الأفريقية”.