كتب – د . محمود زكريا

مدرس العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية العليا ونائب مدير مركز دراسات حوض النيل – جامعة القاهرة

تعد قضية حفظ السلم والأمن الدوليين بمثابة أحد أبرز القضايا المركزية في إطار النظام الدولي، وذلك من منظور تأثيرها المباشر على حالة الاستقرار والسلام المجتمعي في مختلف الدول التي تشهد حالة من الصراع أو النزاع سواءً على المستوى الداخلي (الحروب الأهلية) أو المستوى الخارجي (الحروب البينية)، ويعد حفظ السلم (Peace Keeping) بمثابة العمود الفقري في إطار المسار الممتد لمراحل الإدارة والحل الخاصة بالصراعات؛ إذ إنها تمثل المرحلة الثانية في هذا الإطار، حيث تسبقها مرحلة صنع السلم (Peace Making) بين الأطراف المتحاربة والرامية لإنهاء حالة الصراع القائم وإقامة السلم عبر توظيف مختلف آليات التسوية السلمية سواءً ذات الطبيعة السياسية (المفاوضات، الوساطة، المساعي الحميدة، المصالحة، التوفيق، التحقيق) أو ذات الطبيعة القانونية (القضاء الدولي، التحكيم الدولي).

ولذا تأتي مرحلة حفظ السلم بهدف الحفاظ على حالة السلم القائمة بين الأطراف المتصارعة، وذلك بالأساس يتم من خلال تشكيل عمليات أو بعثات حفظ السلم، على أن يلي ذلك مرحلة بناء السلم (Peace Building) والتي ترمي إلى ترسيخ واستدامة حالة السلم القائمة لمنع العودة مجددًا لحالة العنف، وذلك من خلال تبني الإجراءات المعنية بالتنمية وإعادة الإعمار والتأهيل للدول الخارجة من الصراعات.

واستنادًا إلى ما سبق، أدرجت قضية حفظ السلم على أجندة مختلف الأطر المؤسسية الدولية أو الإقليمية القارية أو الإقليمية الفرعية، فعلى مستوى الأمم المتحدة -باعتبارها تمثل نطاق التركيز الرئيسي في هذه الدراسة- جاءت قضية حفظ السلم والأمن الدوليين ضمن المقاصد الرئيسية للأمم المتحدة، كما ذهبت مبادئها إلى جملة من الأمور تحقيقًا للسلم والأمن الدوليين، وعلى رأسها التسوية السلمية للنزاعات وعدم استخدام القوة أو التهديد ضد الاستقلال السياسي لأي دولة، وذلك في إطار المادتين الأولى والثانية من الفصل الأول من الميثاق المنشئ للأمم المتحدة الصادر في عام 1945م، وقد خصص هذا الأخير الفصلين السادس والسابع منه للحديث عن تسوية النزاعات بشكل سلمي، والإجراءات المتعلقة بالتعامل مع حالات تهديد السلم والأمن الدوليين[1].

وعلى المستوى الفعلي بدأت عمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة مع نهاية عقد الأربعينيات من القرن العشرين، وتحديدًا في عام 1948م، حيث قام مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار بنشر قوة صغيرة من المراقبين العسكريين في الشرق الأوسط، وذلك لتشكيل هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة (UNTSO) بين إسرائيل والدول العربية المجاورة لها[2].

ومن هذا المنطلق تستهدف هذه الدراسة التركيز على تناول الواقع القائم لعمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا، ويسبق ذلك إلقاء الضوء على الإطار العام لعمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة، على أن تختتم الدراسة بتحديد الإشكاليات المواجهة لهذه العمليات، وذلك كما يلي:

أولًا- الإطار العام لعمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة

يستهدف هذا الإطار إلقاء الضوء على الخطوط أو النقاط الرئيسية الحاكمة لعمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة، باعتبار أن ذلك يحكم الواقع القائم لعمليات حفظ السلم في أفريقيا، ويمكن تناول ذلك كما يلي:

1 – مبادئ عمليات حفظ السلم: ثمة ثلاثة مبادئ رئيسية تشكل الإطار الحاكم والناظم لمختلف عمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة، والمتمثلة فيما يلي[3]:

. موافقة الأطراف: يقصد به توافر الرغبة والإرادة من قبل أطراف الصراع الرئيسية بشأن نشر بعثات حفظ السم التابعة للأمم المتحدة، حيث إن ذلك يتيح الإطار الملائم لتمكين الأمم المتحدة من الاضطلاع بالمهام والصلاحيات المختلفة المنوطة بها في هذا الشأن.

. عدم التحيز: ينصرف إلى أن يتسم القائمين على إدارة عمليات حفظ السلم لدى الأمم المتحدة بالنزاهة، أو بعدم التمييز بشأن التعامل مع مختلف أطراف الصراع، ومن ثم فإن هذا المبدأ ليس مرادفًا لمفهوم الحياد، وذلك بشأن تنفيذ المهام المرتبطة بولاية هذه العمليات.

. عدم استخدام القوة باستثناء حالات الدفاع عن النفس والدفاع عن الولاية: يقصد به أن الأصل في الأمور عدم استخدام أو توظيف بعثات حفظ السلم لعنصر القوة بشكل مطلق، بل يتعين أن يرتبط ذلك بتحقيق الردع الذي قد يكون مطلوبًا في حالات محددة من قبيل حماية المدنيين المعرضين لخطر الاعتداء البدني، ومساعدة الجهات والمؤسسات الوطنية في الدول لتطبيق القانون وغيرها.

2 .  مهام عمليات حفظ السلم: تنصرف إلى الاختصاصات والصلاحيات المنوطة بعمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة، والتي تشكل الإطار الوظيفي الحاكم لهذه العمليات، والمتمثلة فيما يلي[4]:

. حماية المدنيين: يقصد بها تبني كافة الإجراءات والتدابير المعنية بتحقيق الحماية الكاملة للعناصر المدنية في إطار الدولة محل الصراع، وذلك بما فيها استخدام القوة إذا استدعى الأمر ذلك، وعلى الرغم من أن هذه المهمة تقع في الأصل ضمن نطاق مسئوليات الحكومات أو الدول، بيد أنها تعد بمثابة أحد أبرز المهام الأساسية المرتبطة بعمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة، على أن يكون ذلك في إطار حدود قدراتها ومناطق انتشارها، وفي حال عدم توافر الرغبة أو القدرة لحكومات الدول بشأن توفير الحماية للمدنيين، وينخرط في إطار هذه العمليات مختلف العناصر المكونة لهذه العمليات، سواءً الشرطية أو العسكرية أو المدنية، وتشمل حماية المدنيين على حماية الأطفال والحماية ضد العنف الجنسي المرتبط بالصراع.

. منع نشوب الصراعات: يقصد بها معالجة الأسباب الجذرية للصراعات، من قبيل التمييز وعدم المساواة والتهميش، ويقوم بهذه المهمة بالأساس العناصر المدنية المُندرجة في إطار تكوين هذه العمليات، حيث يضطلعون بثلاثة أنشطة رئيسية في هذا الشأن: إشراك الأطراف المحلية المعنية، إدارة الصراعات المحلية، ودعم سلطة الدولة، وهنا تبرز أهمية المشروعات ذات التأثير السريع Quick Impact Project، والتي تنفذها بعثات حفظ السلم بالاعتماد على العناصر المحلية في الدول، وذلك كنوع من الاستجابة لاحتياجات المجتمعات المحلية، وكذلك لبناء حالة من الثقة المتبادلة بين هذه المجتمعات والبعثات، وتتسم هذه المشروعات بكونها صغيرة الحجم ومنخفضة التكلفة ويتم تمويلها من قبل هذه البعثا

.  دعم سيادة القانون: يقصد بها دعم تطبيق القانون وسيادة المؤسسات الأمنية الوطنية، ويضطلع بهذه المهمة مكتب دعم سيادة القانون والمؤسسات الأمنية التابع لإدارة عمليات السلم، والذي يرمي بالأساس إلى مساعدة البلدان الخارجة من الصراع في إعادة بناء نظام العدالة ونظم الأمن الضرورية لتحقيق السلام على المدى الطويل.

. تعزيز حقوق الإنسان: تتم هذه المهمة من خلال فريق خاص بحقوق الإنسان، والذي تتمثل أهدافه في تمكين السكان من المطالبة بحقوقهم الإنسانية، الإسهام في حماية وتعزيز حقوق الإنسان عبر اتخاذ إجراءات فورية وطويلة الأمد على حد سواء، وتمكين الدولة وغيرها من المؤسسات الوطنية من تنفيذ التزاماتها في مجال حقوق الإنسان والتمسك بسيادة القانون، وهناك نماذج عديدة لهذه الفرق من قبيل الموجودة في إطار بعثات حفظ السلم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، جمهورية أفريقيا الوسطى، مالي، دارفور… وغيرها.

. تمكين المرأة والسلام والأمن: يقصد بها إعطاء الأولوية للمرأة في قضايا حفظ السلم والأمن، وذلك من خلال إزالة كافة العراقيل والتحديات المختلفة المواجهة لدورها في هذا الشأن، ومن أجل تحقيق ذلك يتم الاستعانة بمسئولين للشئون الجنسية (النوعية) في كافة بعثات حفظ السلم، وذلك بغية ضمان تطبيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.

. تقديم الدعم الميداني: يقصد بها تقديم الدعم العملي أو العملياتي لعمليات حفظ السلم، وذلك من خلال وحدات للدعم الميداني وتشمل الخدمات التي توفرها هذه الوحدات (الميزانية، الشؤون المالية، الموارد البشرية، التكنولوجيا لإدارة خطوط الإنتاج، المرافق والأصول) كما تدعم الجهود المعنية بالتصدي لجميع أشكال سوء السلوك من جانب أفراد البعثة.

3 . آلية تشكيل عمليات حفظ السلم: يعد مجلس الأمن الدولي بمثابة الجهاز المركزي المنوط به إصدار قرار تشكيل عمليات حفظ السلم وفقًا لميثاق الأمم المتحدة الصادر في عام 1945م، ويحدد هذا القرار ولاية البعثة وحجمها والإطارين المكاني والزماني لها، كما يراقب المجلس هذه العمليات بشكل مستمر، وذلك عن طريق تقارير دورية صادرة من الأمين العام وعقد جلسات مخصصة لمناقشة نشاط عملية معينة، ويمكن أن يصَوت المجلس على مد أو تعديل أو إنهاء ولايات عمليات حفظ السلم على النحو الذي يراه ملائمًا[5].

وعلى الرغم من مركزية دور مجلس الأمن الدولي بشأن تكوين عمليات حفظ السلم وفقًا للميثاق المنشئ للأمم المتحدة، غير أن الجمعية العامة قد يكون لها أدوار مؤثرة في هذا الشأن، وذلك من خلال تمويل هذه العمليات، ومراقبة أدائها من خلال اللجنة الخاصة المعنية بعمليات حفظ السلمSpecial Committee on Peacekeeping Operations والتي تأسست في عام 1965م وتعد مسئولة عن عمل مراجعات ومتابعات شاملة لعمليات حفظ السلم، كما قد تقوم بإدارة النقاشات والمداولات الدولية متعددة الأطراف المعنية بقضايا السلم والأمن، وتقديم توصيات للأعضاء لاتخاذ تدابير جماعية لحفظ أو استعادة السلم والأمن الدوليين، وذلك في الحالات التي لم يتمكن فيها مجلس الأمن الدولي من تبني التدابير اللازمة[6].

ثانيًا- واقع عمليات حفظ السلام في أفريقيا

يستهدف هذا الجزء من الدراسة إلقاء الضوء على عمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا، سواءً العمليات السابقة أو العمليات القائمة حاليًا، وذلك على النحو التالي:

  1. العمليات السابقة لحفظ السلم التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا

يبلغ العدد الإجمالي للعمليات السابقة للأمم المتحدة لحفظ السلم في أفريقيا نحو (24) عملية، وذلك من إجمالي (58) عملية سابقة على مستوى العالم، وهو ما يعنى أن أفريقيا جاءت على رأس الأقاليم الفرعية في النظام الدولي التي كان للأمم المتحدة في إطارها عمليات سابقة لحفظ السلم، ويعود تاريخ هذه العمليات في أفريقيا إلى مطلع عقد الستينيات من القرن العشرين، حيث كانت عملية الأمم المتحدة في الكنغو  (ONUC)بمثابة أول عملية لحفظ السلم للأمم المتحدة في أفريقيا، وذلك خلال الفترة (يوليو 1960م- يونيو 1964م)، وقد كانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا (UNMIL) خلال الفترة (سبتمبر 2003م – مارس 2018م) بمثابة آخر عمليات للأمم المتحدة لحفظ السلم في أفريقيا والتي تعد بمثابة أطول مدة لعملية سابقة للأمم المتحدة لحفظ السلم في أفريقيا[7].

ويستطيع الراصد ملاحظة أن العدد الأكبر من العمليات السابقة لحفظ السلم التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا ارتبط بالأساس بعقد التسعينيات من القرن العشرين حيث بدأت نحو (14) عملية خلال هذا العقد وذلك من منظور تنامي عدد الصراعات القائمة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، ومنها على سبيل المثال الحرب الأهلية في رواندا في الفترة (1990-1993)، والحرب الإثيوبية – الإريترية في الفترة (1998-2000)، وهو ما استدعى معه ضرورة استعادة السلم والأمن الإقليميين في أفريقيا.

كما يلاُحظ أيضًا أن أنجولا شهدت العدد الأكبر من العمليات السابقة للأمم المتحدة لحفظ السلم في أفريقيا، والتي بلغ عددها (4) عمليات على مدار نحو عقد من الزمان تقريبًا، وذلك منذ أول عملية (البعثة التحقيق الأولي للأمم المتحدة في أنجولا) (UNAVEM I) والتي كانت خلال الفترة (ديسمبر 1989- يونيو 1991)، وصولًا إلى آخر عملية (بعثة المراقبة للأمم المتحدة في أنجولا) (MONUA)، والتي كانت خلال الفترة (يونيو 1997- فبراير 1999) [8]

2. العمليات الحالية لحفظ السلم التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا

يبلغ عدد العمليات الحالية لحفظ السلم التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا نحو (7) عمليات، وذلك من إجمالي (13) عملية على مستوى العالم، وهو ما يعني أن أفريقيا كإقليم جغرافي يستحوذ على النصيب الأكبر من هذه العمليات، ومردّ ذلك إلى تنامي حجم التهديدات والمخاطر بأنماطها المختلفة المواجهة لمنظومة السلم والأمن الإقليميين في أفريقيا، ويمكن تناول هذه العمليات كما يلي:

  • بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى (MINUSCA)

تعد بمثابة البعثة الثالثة من نوعها للأمم المتحدة لحفظ السلم في جمهورية أفريقيا الوسطى، أما الأولى فتتمثل في (بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى) (MINURCA) في الفترة (أبريل 1998- يناير 2000)، بينما الثانية فتتمثل في (بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد) (MINURCAT) والتي كانت في الفترة (سبتمبر 2007- ديسمبر 2010)[9]، أما هذه البعثة فقد صدر القرار الخاص بتفويضها من قبل مجلس الأمن الدولي في 10 أبريل 2014، وجاء نشرها في إطار سياق لاحق على الإطاحة بالرئيس الأسبق (بوزيزيه) Bozizé من السلطة على يد حركة (السيلكا) في مارس 2013م، وهو ما أدى إلى اندلاع صراع داخلي بين هذه الحركة وميليشيات الدفاع الذاتي المسيحية “أنتي بلاكا” التابعة للرئيس المخلوع في الدولة[10].

والجدير بالذكر أن الأولوية الرئيسية لهذه البعثة والتي يقع مقرها في العاصمة (بانجي) تمثلت في حماية المدنيين، وذلك إلى جانب الاضطلاع بجملة من المهام الأخرى من قبيل: دعم العمليات الانتقالية في الدولة، تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية، دعم وحماية حقوق الإنسان، دعم العدالة وحكم القانون، فضلًا عن نزع السلاح والتسليح وإعادة الإدماج، وقد انتقلت السلطة والاختصاص إليها من قبل بعثة الدعم الدولية بقيادة أفريقية (MISCA)، وذلك بموجب القرار رقم (2149) الصادر من مجلس الأمن الدولي في 10 أبريل 2014م، ومُنح لها تفويض لمباشرة مهامها حتى 15 نوفمبر 2020م، وتبلغ الميزانية الخاصة بها خلال الفترة (يوليو 2019- يونيو 2020) نحو (976.376.000) دولار[11].

ويبلغ قوام هذه البعثة نحو (14450) عنصرًا في 29 فبراير 2020م: مقسمين إلى (13235) عنصرًا نظاميًّا/ رسميًّا Uniformed Personnel، و(1215) عنصرًا من المدنيين Civilian Personnel، وقد ارتفع هذا العدد الإجمالي لعناصر البعثة بالمقارنة بعام 2016م، حيث كان يبلغ نحو (12663) عنصرًا[12]، وفيما يخص المساهمة بالقوات سواءً العسكرية أو الشرطية في إطار هذه البعثة، يلاحظ أن هناك سبع دول أفريقية من بين أكبر عشر دول مساهمة بقوات عسكرية في يناير 2022م، وتتصدر رواندا قائمة هذه الدول؛ إذ تبلغ مساهمتها نحو (1367) عنصرًا، كما جاءت على رأس أكبر عشر دول مساهمة بقوات شرطية -من بينها تسع دول أفريقية- في ذات التاريخ؛ حيث تبلغ مساهمتها نحو (438) عنصرًا[13].

  • بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكنغو الديمقراطية (MONUSCO)

جاء نشر هذه البعثة في إطار المرحلة التالية على تبني اتفاقية لوساكا لوقف إطلاق النار المُوقعة بين الكنغو الديمقراطية وخمس دول إقليمية أخرى (أنجولا، ناميبيا، أوغندا، رواندا، زيمبابوي) في 10 يوليو 1999، والمرتبطة بإنهاء حالة الصراع القائمة عقب ظهور تمرد داخلي مدعوم من قبل كل من (أوغندا، رواندا) في مواجهة الرئيس (لوران كابيلا) المدعوم من (أنجولا، ناميبيا، زيمبابوي) وذلك في أغسطس 1998م[14].

وقد تم نشر هذه البعثة وفقًا للقرار رقم (1925) الصادر من مجلس الأمن الدولي في 28 مايو 2010م، وذلك في إطار استكمال الدور المنوط بالبعثة السابقة لها (بعثة منظمة الأمم المتحدة في جمهورية الكنغو الديمقراطية) (MONUC)، والتي نشأت بموجب القرار رقم (1279) الصادر من مجلس الأمن الدولي في 30 نوفمبر 1999، وقد أُسند لهذه البعثة الجديدة القيام ببعض المهام من قبيل حماية المدنيين، وتعزيز حقوق الإنسان في مواجهة التهديد القائم على العنف الجسدي، فضلًا عن دعم جهود الحكومة لترسيخ السلام والاستقرار في الدولة، وتبلغ الميزانية الخاصة بها خلال الفترة (يوليو 2019- يونيو 2020) نحو (1.068.018.600) دولار[15].

ويقع مقر هذه البعثة في العاصمة (كينشاسا)، ويبلغ قوام هذه البعثة نحو (17590) عنصرًا في 29 فبراير 2020م مقسمين إلى: (15267) عنصرًا نظاميًّا/ رسميًّا، و(2323) عنصرًا من المدنيين، وقد انخفض هذا العدد الإجمالي لعناصر البعثة بالمقارنة بعام 2016م، حيث كان يبلغ نحو (22074) عنصرًا[16]، فيما يخص المساهمة بالقوات سواءً العسكرية أو الشرطية في إطار هذه البعثة، يلاحظ أن هناك أربع دول أفريقية من بين أكبر عشر دول مساهمة بقوات عسكرية في يناير 2022م، وتتصدر المغرب قائمة هذه الدول؛ إذ تبلغ مساهمتها نحو (1370) عنصرًا، علمًا بأن باكستان تحتل الترتيب الأول عالميًّا إذ تسهم بنحو (1945) عنصرًا، بينما تأتي مصر على رأس أكبر عشر دول مساهمة بقوات شرطية -من بينها سبع دول أفريقية- في ذات التاريخ، حيث تبلغ مساهمتها نحو (321) عنصرًا[17].

  • بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي MINUSMA))

نشأت هذه البعثة بموجب القرار رقم (2100) الصادر من مجلس الأمن الدولي في 25 أبريل 2013م، وذلك في إطار المرحلة التالية على وقوع تمرد من قبل الطوارق في شمال مالي، والذي قاد إلى وقوع انقلاب عسكري أطاح بالرئيس (توريه) في 22 مارس 2012، وما صاحب ذلك من ظروف عدم استقرار داخلي في الدولة[18]، ولذا أُسند إلى هذه البعثة مهام متعلقة بدعم العمليات السياسية في الدولة، تنفيذ عدد من المهام ذات الصلة بالجانب الأمني، ودعم السلطات الانتقالية من أجل تنفيذ خارطة الطريق الانتقالية وتحقيق الاستقرار في الدولة.

كما أضيف لاختصاصات هذه البعثة بعض المهام الأخرى بموجب القرار رقم (2164) الصادر من مجلس الأمن الدولي في 25 يونيو 2014، والمتمثلة بالأساس في: دعم الأمن والاستقرار وحماية المدنيين، دعم الحوار السياسي الوطني والمصالحة، المساهمة في إعادة تأسيس سلطة الدولة، إعادة بناء قطاع الأمن، فضلًا عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان في الدولة، وتبلغ الميزانية الخاصة بها خلال الفترة (يوليو 2019-يونيو 2020) نحو (1.221.420.600) دولار[19].

ويقع مقر هذه البعثة في العاصمة (باماكو)، ويبلغ قوام هذه البعثة نحو (15498) عنصرًا في 29 فبراير 2020م مقسمين إلى: (13930) عنصرًا نظاميًّا/ رسميًّا، و(1568) عنصرًا من المدنيين، وقد ارتفع هذا العدد الإجمالي لعناصر البعثة بالمقارنة بعام 2016م، حيث كان يبلغ نحو (13107) عنصرًا[20]، وفيما يخص المساهمة بالقوات سواءً العسكرية أو الشرطية في إطار هذه البعثة، يلاحظ أن هناك سبع دول أفريقية من بين أكبر عشر دول مساهمة بقوات عسكرية في يناير 2022م، وتتصدر تشاد قائمة هذه الدول؛ إذ تبلغ مساهمتها نحو (1420) عنصرًا، بينما تأتي السنغال على رأس أكبر عشر دول مساهمة بقوات شرطية -من بينها تسع دول أفريقية- في ذات التاريخ، حيث تبلغ مساهمتها نحو (335) عنصرًا[21].

  • العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (UNAMID)

نشأت بموجب القرار رقم (1769) الصادر من مجلس الأمن الدولي وذلك في 31 يوليو 2007، وتمثل نطاق التفويض الرئيسي الممنوح لها في حماية المدنيين وذلك إلى جانب بعض المهام الأخرى والمتمثلة في: تأمين المساعدات الإنسانية، مراقبة تنفيذ الاتفاقيات، المساهمة في تعزيز حقوق الإنسان وحكم القانون، فضلًا عن مراقبة الموقف على طول الحدود مع كل من تشاد وأفريقيا الوسطى، ويقع مقر هذه البعثة في العاصمة (الفاشر)، وتبلغ الميزانية الخاصة بها خلال الفترة (يوليو 2019– يونيو 2020) نحو (257.970.000) دولار[22].

ويبلغ قوام هذه البعثة نحو (7929) عنصرًا في 29 فبراير 2020م مقسمين إلى: (6507) عنصرًا نظاميًّا/ رسميًّا، و(1422) عنصرًا من المدنيين، وقد انخفض هذا العدد الإجمالي لعناصر البعثة بشكل ملحوظ بالمقارنة بعام 2016م، حيث كان يبلغ نحو (20432) عنصرًا[23]، وفيما يخص المساهمة بالقوات سواءً العسكرية أو الشرطية في إطار هذه البعثة، يلاحظ أن هناك سبع دول أفريقية من بين أكبر عشر دول مساهمة بقوات عسكرية في يناير 2022م، وتأتي رواندا في مقدمة هذه الدول؛ إذ تبلغ مساهمتها نحو (1124) عنصرًا، بينما تأتي الأردن على رأس أكبر عشر دول مساهمة بقوات شرطية -من بينها خمس دول أفريقية- في ذات التاريخ، حيث تبلغ مساهمتها نحو (354) عنصرًا، بينما تأتي مصر في مقدمة الدول الأفريقية في هذا الشأن، إذ تسهم بنحو (211) عنصرًا[24].

  • بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS)

نشأت بموجب القرار رقم (1996) الصادر من مجلس الأمن الدولي في 8 يوليو 2011، وذلك في إطار المرحلة التالية على نشأة جنوب السودان كدولة مستقلة ذات سيادة، وذلك عبر استفتاء شعبي قضت به بنود اتفاق السلام الشامل في عام 2005م، وقد تمثل الهدف منها في ترسيخ حالة السلم والأمن وتهيئة الظروف لتحقيق التنمية في جنوب السودان باعتبارها دولة وليدة أو حديثة العهد.

ومع حدوث الأزمة السياسية في الدولة في ديسمبر 2013، والمتعلقة بالصراع على السلطة بين رئيس الدولة (سلفا كير) ونائبه (رياك مشار)، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا رقم (2155) في 27 مايو 2014م والمتعلق بتعزيز السلطات الممنوحة لهذه البعثة وإعطاء الأولوية في إطار التفويض الممنوح لها لبعض المهام والمتمثلة في: حماية المدنيين، مراقبة حقوق الإنسان، دعم توزيع المساعدات الإنسانية، فضلًا عن تنفيذ اتفاقية وقف الأعمال العدائية الموقعة في (إثيوبيا) في 23 يناير 2014م، ويقع مقر هذه البعثة في العاصمة (جوبا)، وتبلغ الميزانية الخاصة بها خلال الفترة (يوليو 2019- يونيو 2020) نحو (1.269.688.200) دولار[25].

ويبلغ قوام هذه البعثة نحو (18875) عنصرًا في 29 فبراير 2020م: مقسمين إلى (16608) عنصرًا نظاميًّا/ رسميًّا، و(2267) عنصرًا من المدنيين، وقد انخفض هذا العدد الإجمالي لعناصر البعثة بشكل ملحوظ بالمقارنة بعام 2016م، حيث كان يبلغ نحو (20432) عنصرًا[26]، وفيما يخص المساهمة بالقوات سواءً العسكرية أو الشرطية في إطار هذه البعثة، يلاحظ أن هناك ثلاث دول أفريقية من بين أكبر عشر دول مساهمة بقوات عسكرية في يناير 2022م، وتتصدر رواندا قائمة هذه الدول؛ إذ تبلغ مساهمتها نحو (2751) عنصرًا، كما أنها تأتي على رأس أكبر عشر دول مساهمة بقوات شرطية -من بينها ست دول أفريقية- في ذات التاريخ، حيث تبلغ مساهمتها نحو (513) عنصرًا[27].

  • قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (UNISFA)

تشكلت بموجب القرار رقم (1990) الصادر من مجلس الأمن الدولي، وذلك في 27 يونيو 2011، وذلك في إطار وجود مخاوف متصلة بتصاعد وتيرة العنف والتوترات ونزوح السكان في منطقة (أبيي) والمرتبطة بالمرحلة التالية على التوصل إلى اتفاق سلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان (SPLM) في (أديس أبابا)، وذلك في 20 يونيو2011، والذي قضى بنزع السلاح في إطار هذه المنطقة والسماح للقوات الإثيوبية بمراقبتها، وتمثل الهدف الرئيسي من هذه القوة في: مراقبة النقاط الحدودية بين الشمال والجنوب في هذه المنطقة، وتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية، كما تم تفويضها لاستخدام القوة من أجل حماية المدنيين، ويقع مقر هذه البعثة في مدينة (أبيي)، وتبلغ الميزانية الخاصة بها خلال الفترة (يوليو 2019– يونيو 2020) نحو (279.136.900) دولار[28].

ويبلغ قوام هذه البعثة نحو (4062) عنصرًا في 29 فبراير 2020م: مقسمين إلى (3803) عنصرًا نظاميًّا/ رسميًّا، و(259) عنصرًا من المدنيين[29]، وفيما يخص المساهمة بالقوات سواءً العسكرية أو الشرطية في إطار هذه البعثة، يلاحظ أن هناك ست دول أفريقية من بين أكبر عشر دول مساهمة بقوات عسكرية في يناير 2022م، وتتصدر إثيوبيا قائمة هذه الدول؛ إذ تبلغ مساهمتها نحو (3568) عنصرًا، بينما تأتي زيمبابوي على رأس الدول المساهمة بقوات شرطية، حيث تبلغ مساهمتها نحو (9) عناصر[30].

  • بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (MINURSO)

تشكلت بموجب القرار رقم (690) الصادر من مجلس الأمن الدولي وذلك في 29 أبريل 1991م، وذلك في إطار خطة التسوية التي أقرها المجلس، وتمت الموافقة عليها من قبل المغرب وجبهة البوليساريو في 30 أغسطس 1998، والتي هدفت إلى وجود مرحلة انتقالية للإعداد من أجل إجراء استفتاء والذي سيختار من خلاله مواطني الصحراء الغربية إما الاستقلال أو التكامل (الدمج) مع المغرب، علمًا بأن جذور هذه القضية تبلورت عقب إعلان قيام الجمهورية العربية الصحراوية، وذلك في 27 فبراير 1976، ويعد المندوب/ الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المسئول الأول عن إدارة كافة المسائل المتعلقة بالبعثة، ويعاونه في إداء مهامه فريق متكامل من العناصر الشرطية والعسكرية، ويقع مقر هذه البعثة في مدينة (العيون)، وتبلغ الميزانية الخاصة بها خلال الفترة (يوليو 2019 – يونيو 2020) نحو (60.453.700) دولار[31].

ويبلغ قوام هذه البعثة نحو (420) عنصرًا في 29 فبراير 2020م مقسمين إلى: (188) عنصرًا نظاميًّا/ رسميًّا، و(232) عنصرًا من المدنيين[32]، وفيما يخص المساهمة بالقوات سواءً العسكرية أو الشرطية في إطار هذه البعثة، يلاحظ أن هناك ست دول أفريقية من بين أكبر عشر دول مساهمة بقوات عسكرية في يناير 2022م، وتتصدر إثيوبيا قائمة هذه الدول؛ إذ تبلغ مساهمتها نحو (3568) عنصرًا، بينما تأتي زيمبابوي على رأس الدول المساهمة بقوات شرطية، حيث تبلغ مساهمتها نحو (9) عنصرًا[33].

ثالثًا- الإشكاليات المُواجهة لعمليات حفظ السلم في أفريقيا

يقصد بها تلك الصعوبات أو التحديات المُواجهة لمهام بعثات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة بصفة عامة، ومنها العاملة في أفريقيا بطبيعة الحال، وتتمثل أبرز تلك الإشكاليات فيما يلي:

  1. هيمنة القوى الكبرى على عمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة

تشير إلى سيطرة وتحكم القوى الكبرى في النظام الدولي في القرار السياسي المتعلق بعمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة، وهو ما يتبلور بالأساس من خلال أمرين رئيسيين، أما الأول فيتمثل في قرار تشكيل وتجديد اختصاص هذه العمليات من خلال مجلس السلم والامن الدولي، والذي يتحكم في قراراته القوى الخمس الكبرى دائمة العضوية، والتي تحتفظ بمفردها بحق النقض أو الفيتو، بينما يتمثل الثاني في عملية تمويل ميزانية الأمم المتحدة لعمليات حفظ السلم، والتي تبلغ نحو (6.5) مليار دولار في العام المالي (1 يوليو 2019- 30 يونيو 2020)، حيث تسيطر دولتان فقط على نحو (43.1%) من هذه الميزانية، وهما الولايات المتحدة الأمريكية والصين؛ إذ تسهمان بنحو (27.89%) و(15.21%) على التوالي، وهو ما يضعهما في الترتيبين الأول والثاني في هذا الشأن[34].

وترتيبًا على ما سبق، فإن القرارات المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين مرتهنة بمنظومة الأهداف والمصالح الذاتية لهذه القوى، وذلك على الرغم من أنها ليست المساهم الأكبر بالعناصر في إطار عمليات حفظ السلم، حيث تساهم الصين -في الترتيب العاشر عالميًّا- بنحو (2544) عنصرًا، بينما تساهم الولايات المتحدة الأمريكية بنحو (30) عنصرًا، وذلك في 31 يناير 2020، علمًا بأن إثيوبيا صاحبة الترتيب الأول عالميًّا؛ إذ تسهم بنحو (6639) عنصرًا، كما أن ثلاث دول أفريقية أخرى تندرج ضمن قائمة الدول العشرة الأكبر مساهمة في هذه العمليات، وهي رواندا ومصر وغانا، وجاءوا في المراكز الثالث والسابع والثامن على التوالي[35]

2 . الظروف المحلية غير المواتية لعمل بعثات حفظ السلم في أفريقيا

تنصرف إلى مجمل الأوضاع المرتبطة بالبيئة الداخلية للدول الأفريقية التي يتواجد على إقليمها عمليات لحفظ السلم، ومنها محدودية البنى التحتية أو الدعم اللوجستي اللازم لعمل هذه العمليات، وكذلك طبيعة العلاقة القائمة بين هذه العمليات وأدوار حكومات الدول المُستضيفة، فقد يُحرك هذه الأخيرة مصالح وأهداف تتعارض مع جهود حفظ السلم والأمن الدوليين، ومن هنا تطرح هذه العلاقة في الواقع إشكالية متعلقة بتحقيق مبدأ النزاهة بشأن مهام هذه العمليات، فالتفويض الممنوح لعمليات الأمم المتحدة في كل من مالي وأفريقيا الوسطى والكنغو الديمقراطية قائم في جانب منه على استهداف تعزيز السلطة المركزية للدولة أو تسهيل محادثات السلام بين الحكومة المركزية والجماعات المتمردة، وذلك على الرغم من أن سلطة/ حكومة الدولة قد تكون طرفًا في معادلة الصراع الداخلي في الدولة.

كما أن القراءة غير الصحيحة المرتبطة بآليات السياسة الداخلية في الدول الأفريقية قد تؤثر على فاعلية عمليات حفظ السلم؛ فعلى سبيل المثال أدى الفهم غير الدقيق من قبل المجتمع الدولي لواقع الصراع في الكنغو الديمقراطية باعتباره حالة ما بعد الصراع والمصاحب له اندلاع عنف على المستوى الإقليمي إلى التقليص دور حكومة الدولة في إحداث العنف القائم، ولذا جاء نطاق التركيز في التفويض الأوليّ لبعثة الأمم المتحدة في الكنغو الديمقراطية (MONUSCO) على ترسيخ سلطة الدولة، وذلك على نحو أثر سلبًا على نزاهة وموضوعية مهام هذه البعثة في منظور السكان المحليين في الدولة[36].

3 . الانتهاكات والاستغلال الجنسي من قبل عناصر عمليات حفظ السلم

تشير إلى ارتكاب التجاوزات السلوكية أو الأخلاقية ضد بعض فئات السكان المحليين (القُصر مثلًا) من قبل عناصر بعثات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة، وقد تبلورت هذه الإشكالية بشكل جلي في إطار بعض عمليات الأمم المتحدة، ففي مايو 2013 صدر تقرير مشترك من مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وبعثة الأمم المتحدة في الكنغو الديمقراطية (MONUSCO)، يكشف ارتكاب جنود كنغوليين لأفعال عنف جنسي ضد المدنيين، حيث تم تعرض نحو (97) امرأة و(33) فتاة للاغتصاب، بما في ذلك بعض الأطفال الأقل من ستة أعوام[37]. وهو ما دفع الكونجرس الأمريكي لتبني مجموعة من التشريعات المتعلقة بالعمليات الداخلية والخارجية (SFOPS Bills) منذ العام المالي 2008، بهدف تقويض الالتزام بتمويل عمليات حفظ السلم في حال عدم تبني الأمم المتحدة السياسات والإجراءات الفاعلة لمنع استغلال عناصر هذه العمليات في أي أحداث تنطوي على انتهاكات لحقوق الإنسان[38].

4 . صعوبة تنفيذ مهمة حماية المدنيين

قد تواجه عمليات حفظ السلم إشكالية تتعلق بمدى قدرتها على إنجاز مهمة حماية المدنيين، ووقف الانتهاكات ضدهم في ظل الأوضاع الصراعية القائمة؛ ففي بعض الحالات قد تقوم الجماعات المسلحة بتنفيذ مجازر ضد المدنيين، وذلك على مقربة من مواقع الارتكاز العملياتي لعمليات حفظ السلم، وذلك كما حدث في إطار العمليات القائمة الكنغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى، وفي حالات أخرى قد توجد تهديدات لأرواح المدنيين في إطار مناطق تقع خارج نطاق ولاية العمليات، كما هو الحال بالنسبة لارتكاب بعض الميليشيات مجازر ضد المدنيين في مركز الدولة في مالي، وذلك على نحو لا يشمله الاختصاص الممنوح لعملية الأمم المتحدة هناك MINUSMA)) حتى آخر تفويض في عام 2019[39].


[1] – United Nations, Charter of the United Nations and Statute of the International Court of Justice, San Francisco ,1945 , Articles.1,2.

[2] – United Nations, “UN Peace Keeping: Our History”, Access Date: 2 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/our-history

[3] – United Nations, “UN Peace Keeping: “Principles of peacekeeping” , Access Date: 6 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/principles-of-peacekeeping

[4] – United Nations, “UN Peace Keeping: What we do”, Access Date: 1 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/what-we-do

[5] – United Nations, “UN Peace Keeping: Role of the security council”, Access Date: 4 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/role-of-security-council

[6]– United Nations, “UN Peace Keeping: Role of the general assembly”, Access Date: 4 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/role-of-general-assembly

[7]يمكن الاطلاع على كافة التفاصيل الخاصة بالبعثات السابقة لحفظ السلم التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا من خلال:

United Nations, “UN Peace Keeping: “Past peace operations”, Access Date: 6 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/past-peacekeeping-operations

[8]Idem

[9]Idem

[10] – Conciliation Resource, “Central African Republic: the conflict in focus”, Access Date: 9 April 2020, Available at: https://bit.ly/2xKgMy4

[11] – United Nations,” MINUSCA Mission Fact Sheet”, Access Date: 8 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/sites/default/files/minusca_peacekeeping_mission_fact_sheets.pdf

[12]Idem

[13] – United Nations, “UN Peace Keeping: MINUSCA Fact Sheet”, Access Date: 8 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/mission/minusca

[14] – Council on Foreing Relations , ” Violence in the Democratic Republic of Congo”, Access Date: 8 April 2020, Available at: https://www.cfr.org/interactive/global-conflict-tracker/conflict/violence-democratic-republic-congo

[15] – United Nations, “UN Peace Keeping: MONUSCO Fact Sheet”, Access Date: 8 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/mission/monusco

[16] – United Nations , “MONUSCO Mission Fact Sheet”, Access Date: 10 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/sites/default/files/monusco_peacekeeping_mission_fact_sheets.pdf

[17] – United Nations, “UN Peace Keeping: MONUSCO Fact Sheet”, Op.Cit.

[18] – David J. Francis, The regional impact of the armed conflict and French intervention in Mali (Norwegian Peacebuilding Resource Center, April 2013) p.2

[19] – United Nations Peace Keeping,” MINUSMA Fact Sheet”, Access Date: 10 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/mission/minusma

[20]– United Nations , ” MINUSMA Mission Fact Sheet”, Access Date: 10 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/sites/default/files/minusma_peacekeeping_mission_fact_sheets.pdf

[21] – United Nations, “UN Peace Keeping: MINUSMA Fact Sheet”, Op.Cit.

[22] – United Nations, “UN Peace Keeping: UNAMID Fact Sheet”, Access Date: 10 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/mission/unamid

[23]– United Nations, ” UNAMID Mission Fact Sheet”, Access Date: 10 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/sites/default/files/unamid_peacekeeping_mission_fact_sheets.pdf

[24] – United Nations Peace Keeping,” UNAMID Fact Sheet”, Op.Cit.

[25] – United Nations, “UN Peace Keeping: UNMISS Fact Sheet”, Access Date: 10 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/mission/unmiss

[26]– United Nations , ” UNMISS Mission Fact Sheet”, Access Date: 10 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/sites/default/files/unmiss_peacekeeping_mission_fact_sheets.pdf

[27] – United Nations Peace Keeping,” UNMISS Fact Sheet”, Op.Cit.

[28] – United Nations , ” UNISFA Mission Fact Sheet”, Access Date: 11 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/mission/unisfa

[29]– United Nations, ” UNISFA Mission Fact Sheet”, Access Date: 10 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/sites/default/files/unisfa_peacekeeping_mission_fact_sheets.pdf

[30] United Nations, “UN Peace Keeping: UNISFA Fact Sheet”, Op.Cit.

[31] – United Nations, ” MINURSO Mission Fact Sheet”, Access Date: 11 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/mission/minurso

[32]– United Nations, ” MINURSO Mission Fact Sheet”, Access Date: 10 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/sites/default/files/minurso_mission_fact_sheets.pdf

[33] – United Nations Peace Keeping,” MINURSO Fact Sheet”, Op.Cit.

[34] – United Nations, “UN Peace Keeping: how we are funded”, Access Date: 4 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/how-we-are-funded

[35] – United Nations, “UN Peace Keeping :Troop and police contributors”, Access Date: 19 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/troop-and-police-contributors

[36]– Nicolas Salaün, ” The Challenges Faced by U.N. Peacekeeping Missions in Africa”, 14 Oct 2019, Access Date: 19 April 2020, Available at: https://bit.ly/2KhHEYU

[37] Idem

[38] – Congressional Research Service , U.N. Peacekeeping Operations in Africa, (CRS Report , 23 Sep 2019), p.9 

[39]Ibid., pp: 8-9