كتبت – أماني ربيع

مع زحف Covid-19 عبر القارة الأفريقية، تتصاعد المخاوف حول كيفية الحد من انتشاره ومواجهته، وهل ستنجح الحكومات فعلا إيقافه، في ظل نظم صحية تعاني أصلا.

وبعد سبعة أسابيع فقط من تسجيل أفريقيا أول حالة لـ Covid-19 – وهو مواطن إيطالي – أصاب الفيروس التاجي أكثر من 10 آلاف شخص وتسبب في 487 حالة وفاة، ولا تزال هناك ثلاث من أصل 54 دولة في القارة خالية من الفيروس حتى الآن، وهي: ساو تومي وبرينسيبي وجزر القمر وليسوتو.

وبحسب صحيفة الجارديان البريطنية، قال الدكتور ماتشيديسو مويتي ، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أفريقيا: “تتزايد أعداد الحالات بشكل كبير في المنطقة الأفريقية”.

وأضاف: “استغرق الأمر 16 يومًا من أول حالة مؤكدة في المنطقة لتصل إلى 100 حالة.، ثم استغرق الأمر 10 أيام أخرى للوصول إلى الألف الأول، بعد ذلك بثلاثة أيام ، كانت هناك 2000 حالة ، وبعد يومين كان لدينا 3000 حالة “.

معدلات منخفضة ولكن

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية ، انتشر الفيروس التاجي في جمهورية الكونغو الديمقراطية من العاصمة كينشاسا إلى أقصى شرق البلاد والتي كانت حتى وقت قريب في قبضة فيروس الإيبولا.

أما جنوب إفريقيا ، التي لديها أعلى معدل انتشار فيروسي في القارة ، فتحارب جميع المقاطعات فيها الآن تفشي مرض Covid-19، كما تنتشر الحالات المؤكدة أيضا في الكاميرون والسنغال وبوركينا فاسو.

مقارنة بما يحدث في العالم، فمعدلات الإصابة لا تزال منخفضة، لكن الخوف الآن هو مما سيحدث بعد ذلك.

وأوضح دكتور ويليام هاناج، أستاذ علم الأوبئة في جامعة هارفارد: “إن المشاكل المتعلقة بأفريقيا، هي أن عدم وجود اختبار يعني أنه ليس لدينا أي معرفة  للحجم الحقيقي للعدوى”.

أما البروفيسور ثومبي ندونجو، من المعهد الأفريقي للبحوث الصحية، فقال: “دون فهم أفضل لطريقة عمل الفيروس، فيما يتعلق العوامل المناعية أو الوراثية التي قد تحمي بعض الناس من الإصابة به، سيكون من المستحيل تحديد مدى خطورة تأثير Covid-19 على القارة”.

وأضاف:”ليس لدينا حتى الآن إجابة واضحة عن سبب انخفاض الإصابات في إفريقيا عنها في أوروبا أو الصين، أحد الاحتمالات هو أن الفيروس التاجي وجد مجالا خلال شتاء أوروبا، وهو لا ينتشر بنفس الكفاءة في المناخات الأكثر دفئًا ورطوبة ، وهو ما أظهرته إحدى الدراسات،الاحتمال الآخر هو أن أفريقيا ، بشكل عام ، عدد سكانها أقل بكثير من أوروبا أو الصين.

وتابع: “الاحتمال الأخير هو أنها قد تكون مسألة وقت قبل أن يضرب الفيروس أفريقيا، كما فعل في دول أخرى، وأوضح ندونجو “إذا كان هذا هو الوضع، وحدثت طفرة انتشار في أفريقيا جنوب الصحراء، كما حدث في إيطاليا، سنكون أمام كارثة حقيقية.”

أما عن أسباب الكارثة من وجهة نظره فقال: “ليس لدينا المستشفيات أو وحدات العناية المركزة أو أجهزة التنفس الصناعي الكافية للتعامل مع أعداد ضخمة  من المصابين، لذلك إذا كانت رقعة  الانتشار مشابهة لما هو موجود في أوروبا أو الصين ، فقد تكون النتيجة مدمرة.”

أزمة نقص المناعة

وتقول الدكتورة ميشيل مورهاوس من معهد إيزينتشا بجامعة جوهانسبرج ، في جنوب أفريقيا، الدولة التي لديها أعلى معدل لانتشار فيروس نقص المناعة البشرية في العالم ومن بين أعلى معدلات الإصابة بالسل، : “نطالب الناس بالبقاء في منازلهم وتجنب العيادات، خاصة في ظل إصابة نسبة كبيرة بفيروس نقص المناعة “الإيدز” وهو ما قد يعرضهم حال الخروج إلى خطر محدق.”

وأضافت: “ليس لدينا أي فكرة واضحة عما سيفعله Covid-19 بين مواطني جنوب أفريقيا، حيث البيئة مهيئة تماما لإنتشاره، بسبب الاكتظاظ السكاني، وشيوع الإصابات بالسل والإيدز.”

وعن نفس المشكلة تحدث ميلي كاتانا ، أخصائي الصحة العامة، الذي أكد أن في أوغندا يعيش نحو 1.4 مليون شخص على الأقل بفيروس نقص المناعة البشرية، وهو ما يجعل المرضى في وضع يائس في ظل عدم كفاية المراكز الصحية حيث يمشون أحيانا لسبع ساعات متواصلة للحصول على الرعاية، وقد ينامون في المرافق الصحية، ليعودوا في اليوم التالي.

وقالت هيلين جنكينز، عالمة الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة بوسطن، ” سيكون الأمر مقلقا أن يضرب الوباء بلدًا مثقلًا بالسل، والعديد من الدول الفريقية كذلك، سيمنح هذا فرصة للفيروس التاجي أن ينتشر في رئة متضررة أصلا من السل، كذلك توقفت الأبحاث في جميع الأمراض المعدية في العديد من الأماكن، كما توقفت حملات التطعيم، لذلك من المحتمل أن نشهد زيادة في الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل الحصبة أو شلل الأطفال. “

ولفتت أيضا إلى أنه يوجد تشابه بين أعراض الملاريا وأعراض الفيروس التاجي ما قد يتسبب في الإرباك.

وتقول الدكتورة جويس ساموتو وونج من مؤسسة New Sight Eye Care الخيرية ومقرها الكونغو ، إن جمعيتها الخيرية وزعت أكثر من 12000 منشور وملصق وسجلت العديد من عمليات البث في الكونغو وخارجها فيما يتعلق بالفيروس.

وأضافت: سيكون الحظر على النمط الأوروبي شبه مستحيل في أفريقيا، حيث تنتشر الخرافات، فمثلا يعتقد الناس في الكونغو أن بعض النباتات والليمون والثوم يمكن أن يحميهم من الفيروس.

وقالت: نحن على حافة الغابة المطيرة ، لذلك لا يوجد هوس شراء، لأن الناس لا يملكون أصلا الموارد اللازمة لتخزين الإمدادات ، والحجر الصحي، أيضا مستحيل لأن الناس يتشاركون  في الملابس والأسرة والأواني، كما أن مضخات المياه تعتبر بيئة خصبة لانتشار الفيروس، لذا فإن أصعب إجراء، الذي هو اسهل إجراء في أماكن أخرى، هو غسل اليدين.”