كتبت – أماني ربيع

الأطفال يعشقون الدُّمى، وهي بالنسبة لهم ليست مجرد لعبة للتسلية بل صديق ورفيق، لذا اختيار الدمية المناسبة للطفل أمر هام للغاية، والأهم أن يشعر أنها تشبهه، ولسنوات كانت دُمى باربي الشهيرة معشوقة للأطفال حول العالم؛ صبيان وبنات، لكن الأزمة أنها كانت بشكل واحد للجميع، بيضاء وبشعر أشقر وعيون زرقاء، ما جعل الأطفال الملونين يشعرون بأنه يجب أن يكونوا مثلها، ومنهم من كان يرفض لونه وشكله، ويدعو كل ليلة أن تكون بشرته أفتح.

والألعاب والدُّمى عموما تساهم في شعور الأطفال بالانتماء، وعندما يشعر الطفل أن لعبته تشبهه فهذا يدخل في قلبه السعادة، ومنذ سنوات بدأت ماركة “باربي” في اتباع نهج جديد يجعلها أكثر مواكبة لثقافة التنوع التي اجتاحت العالم، وبات هناك رفض مجتمعي لفرض صورة نمطية عن الجمال وجعله حكرًا على أصحاب البشرة البيضاء.

وبمناسبة شهر تاريخ السود ” Black History Month” الذي يبدأ في فبراير من كل عام بالولايات المتحدة الأمريكية، أطلقت شركة “Mattel” المنتجة لدُمى باربي، مؤخرًا 10 نماذج لدمى “باربي” بأشكال مختلفة لكن كلها بالبشرة السمراء، لتشعر الفتيات السمراوات بأنهن أكثر تمثيلًا حتى في عالم الألعاب.

ويرجع تاريخ الاحتفال بـ”شهر تاريخ السود” إلى عام 1926، أطلقه المؤرخِ كارتر ج. وودسون باسم “أسبوع تاريخ الزنوج”، واختار الأسبوع الثاني من شهر فبراير لتضمنه ذكرى ميلاد اثنين من الشخصيات الأمريكية التي ساهمت في تغيير أوضاع الأمريكيين من أصل أفريقي إلى الفضل، وهم إبراهام لينكولن الذي ألغى العبودية، وفريدريك دوجلاس الذي كان من أكثر المؤيدين لإلغاء الرق.

وعملت شركة “Mattel” مع شونا توريني لإعداد نماذج باربي بعشر قصات شعر مختلفة، وحتى درجات لون البشرة وأنواع الجسم، احتفاء بالتنوع.

واللافت في إصدار Black History Month Barbie، هو العناية بالتفاصيل، من ضفائر الشعر وحتى تفاصيل الجسد والوزن، وشكل الأصابع، وطبيعة الملابس، لتخرج باربي بنكهات مختلفة تتناسب مع طبيعة الفتيات واختلافهن، حتى أنهم وضعوا دمية على كرسي متحرك.

تقول توريني: “كانت رؤيتي هي تصميم دُمى متنوعة بأسلوب جريء، تتضمن تنوعًا في لون البشرة، حتى البشرة المرقطة الخاصة بمصابي البهاق، وتتحدى الشكل الموحد التقليدي الذي ظل مفروضا علينا لسنوات طويلة.”

وتضيف: “كنت مهووسة بدُمى باربي، وقضيت ساعات طفولتي معها، كانت أيقونتي الأولى في مجال الأزياء، وأتذكر كيف كنت أبحث على الأرفف عن دمية تبدو مثلي، لكنني كنت أعود خائبة الأمل”.

استلهمت توريني مجموعتها من أول لعبة باربي سوداء تم تقديمها عام 1980 وهي ترتدي فستانًا أحمر فاتحًا مع الفرو، باللون الأحمر، وأعادت شركة Mattel إحياءها مجددًا احتفالا بالذكرى الأربعين لإطلاقها.

“باربي” ترفض العنصرية

ومنذ مدة تحاول شركة باربي أن تدفع عن نفسها تهمة العنصرية التي التصقت بها طويلًا، ودعاوى الناشطين بأنها تروج لنموذج موحد لشكل المرأة لا يتفق مع الواقع الذي تختلف فيه شكل المرأة بين سمراء وبدينة وقصيرة وطويلة.

وفي عام 2016 وبعد 56 عامًا على إطلاق “باربي” في مارس عام 1959، طرحت 3 نماذج جديدة للدمية الطويلة والقصيرة، وذات الوزن الممتلئ، في خطوة ثورية اتخذتها الشركة المنتجة في محاولة لرفع المبيعات المتدنية.

وبالإضافة إلى تنوع القوام، ظهرت الدمية بـ7 ألوان بشرة مختلفة و22 لونًا للعيون، و24 تسريحة شعر، وبذلك فتحت Mattel صفحة جديدة مع العالم الذي استقبل الأمر بحفاوة، وتصدر الحدث مجلة “تايم” الأمريكية.

وطرحت الدمية المكتنزة باسم “باربي كيرفي” وهي نموذج على العكس تمامًا من النسخة الأصلية للدمية التي ابتكرتها روث هاندلر التي ساهمت مع زوجها إليوت في تأسيس شركة Mattel.

وقال ريتشارد ديكسون -المدير التنفيذي لـMattel- إن “باربي تعكس العالم المحيط بالفتيات”، مؤكدًا قدرتها على التكيف مع متطلبات العصر مع الحفاظ على جوهرها، وهو الأمر الذي ساهم جعلها الدمية الأولى عالميًّا، بحسب قوله.

بينما قالت إيفلين ماتزوكو -نائبة رئيس الشركة- من واجب الشركة تجاه الأهالي والأطفال أن تعكس رؤيةً أوسع عن مفهوم الجمال.

ولفترة طويلة ظلت شركة Mattel رافضة بشكل قاطع لتعديل مظهر الدمية ما عرضها للانتقادات، وأوضحت كيمبرلي كلمون -الرئيس المساعد في قسم “باربي” والمسؤولة عن التصاميم، في تصريحات عام 2014- أن جسد باربي لم يصمم ليكون واقعيًّا، بل ليكون من السهل على الفتيات وضع الملابس عليه ونزعها، ورفضت تماما أن يكون للدمية تأثير على مفهوم الفتيات تجاه أجسادهن.

لكن دراسة بريطانية أثبتت العكس عبر مسح على فتيات بين سن الخامسة والثامنة، كشفت عن أن البنات الللاتي يلعبن بـ”باربي” أقل رضًى عن أجسادهن وشكلهن من الأخريات، وأنهن يحلمن بجسد نحيف.

ولم تكن Mattel أول شركة ألعاب تكسر الصورة النمطية عن الإنسان، ففي عام 2002، طرحت مجموعة “تونر دول” دمية أسمتها “إيمي” نسبة إلى عارضة الأزياء الأمريكية المعروفة بجسمها المكتنز.