بقلم د. أماني الطويل

مدير البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

يطل شهر مارس سنويًّا لتحتفل النساء حول العالم بيوم المرأة العالمي، فهل يجوز للأفريقيات الاحتفال أيضا أم أن واقعهن يحتاج إلى مراجعات أساسية؟ يهتم بها حاليًا الاتحاد الأفريقي، ولكنها لم تثمر حتى الآن متغيرات محسوسة إلا على نطاق محدود، حيث تشكل حالة المرأة في أفريقيا تحديًا أساسيًّا لتحقيق متطلبات نهوض القارة وتحقيق التنمية المستدامة فيها، وذلك نظرًا لتدني معظم المؤشرات المرتبطة بمستوى الخدمات التعليمية والصحية المقدمة للنساء في أفريقيا، وهي المؤثرة -بطبيعة الحال- على مؤشرات تمكين المرأة، وأيضًا حالة الحكم الرشيد في القارة، وتنعكس بشكل أساسي على إمكانية التنمية المستدامة بالقارة الأفريقية، وربما تشكل هذه الدوافع إجمالًا سببًا أساسيًّا في إعلان فترة ٢٠١٠- ٢٠٢٠ عقد المرأة الأفريقية.

ولعل تقرير مجلس الأمن في ٢٥/ ١٠/ ٢٠١٨ يشير إلى حالة المرأة تحت مظلة النزاعات، وخصوصًا في أفريقيا على الرغم من توفر النوايا الحسنة التي لا يمكن إنكارها إزاء خطة المرأة والسلام والأمن في البلدان المتأثرة بالنزاعات، وليست عدم المساواة الواضحة هذه في وصول المرأة إلى الموارد نتيجة للنزاعات وحدها، بل هي انعكاس أيضًا لعدم تحديد الأولويات المتعلقة باحتياجات المرأة وحصر مشاركة المرأة، فيرصد التقرير الفقر المدقع الذي تعاني منه النساء والمجتمعات المحلية في منطقة حوض بحيرة تشاد، حيث تعيش الأسر بلا إمدادات كهربائية في جزء من العالم يعد الأكثر تعرضًا لأشعة الشمس والأكثر ملاءمة من أي مكان آخر في العالم لتوليد الطاقة المستدامة من الطاقة الشمسية، ومع ذلك تفتقر العيادات إلى الكهرباء وتعوز النساء أجهزة التخزين الباردة لحفظ الأسماك أو المنتجات الطازجة اللازمة لتحقيق الأمن الغذائي، الذي يسهم أحيانًا في تحقيق السلام والأمن.

وفي البلدان المتأثرة بالنزاعات لا تزيد نسبة ملكية المرأة عن 11.5٪ فقط للأراضي الزراعية.

وتحت مظلة هذه العينة الممثلة للتحديات القارية اهتم الاتحاد الأفريقي بأوضاع المرأة الأفريقية اعتبارًا من عام ١٩٩٧، حيث صدر (إعلان الجندر والإنماء) عن (الجماعة الإنمائية للجنوب أفريقي)، وهي مجموعة تتضمّن 13 دولة، هي: (أنجولا، بتسوانا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، ليسوتو، مالاوي، موريشيوس، موزمبيق، ناميبيا، جنوب أفريقيا، سوازيلاند، تنزانيا، زامبيا، زيمبابوي). تبنّى الاتحاد الأفريقي (بروتوكول المرأة الأفريقية) في يوليو 2003م بالعاصمة الموزمبيقية (مابوتو)، ويُعَدّ هذا البروتوكول أخطر الوثائق جميعها، فهو يُحدث تغييرًا أكبر من ذلك الناتج عن (اتفاقية سيداو)، وهو يحوي ديباجة تشبه إلى حدٍّ كبير ديباجة (اتفاقية سيداو) والتي تمحورت حول عدم الاكتفاء بمواثيق حقوق الإنسان، وضرورة تخصيص وثيقة منفصلة للمرأة. وقد شدّد هذا الإعلان على أهمية تدخّل الدولة لمنع العنف ضدّ النساء، وقد تلاه ملحق صدر عام 1998م، جاء أكثر شمولًا من (اتفاقية السيداو)، حيث أضاف (العنف الاقتصادي) إلى أنواع العنف المذكورة سابقًا، وهي: (العنف: الجسدي، والنفسي، والجنسي).

عام ٢٠٠٣ حيث تم تدشين برتوكول بهذا الشأن يضمن تمكينًا للمرأة في القارة، وطالبت الدول الأعضاء بالتوقيع والتصديق عليه حتي يتم دعم المجهودات التنموية فيها، وقد تواصل هذا المجهود ليمتد في خطة الاتحاد التنموية التي أعلنت عام ٢٠١٣ لمدة خمسين عامًا، حيث احتلت سياسات تمكين المرأة مكانة متقدمة في هذه الخطة.

وبالرغم من أنّ بروتوكول المرأة الأفريقية اتخذ من (السيداو) مرجعية له فإنه فاقها؛ إذ أُضيفت بنود أخرى؛ بما فيها تعريف العنف ضد المرأة، والذي أصبح يشمل: «الحرمان من الحريات الأساسية في الحياة العامّة والخاصّة؛ في كلٍّ من أوقات السلم والحرب».

كما تضمّن -ضمن الحقوق الإنجابية- أول اعتراف بالحقّ في (الإجهاض)، كما يساوي البروتوكول أيضًا في الميراث بين الأطفال الذكور والإناث!

كما يحتوي البروتوكول أيضًا على بنود من شأنها إحداث تغييرات مباشرة في الثقافة، كما ورد في (بند 2/2): «تلتزم الدول الموقّعة بتعديل السلوكيات الاجتماعية والثقافية للرجال والنساء، من خلال التعليم الحكومي والمعلومات واستراتيجيات التعليم والاتصال، بهدف القضاء على جميع الممارسات التقليدية التي تميّز بين الجنسين أو تقولب دور كلٍّ منهما».

ويمكن القول: إن حالة تمكين وتقدم المرأة الأفريقية متباينة في القارة ذاتها بين شمال وجنوب القارة طبقًا للقدرات الشاملة لكل دولة على حدة من هنا، حث كل من برتوكول ٢٠٠٣[i]، وخطة ٢٠١٣- ٢٠٦٣ الدول والأفريقية على اتخاذ عدد من الخطوات منها إدماج مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في الدساتير والتشريعات الأفريقية، وضمان تنفيذها على نحو فعال؛ وكذلك إدماج منظور نوع الجنس في القرارات السياسية والتشريعات والخطط والبرامج والأنشطة الإنمائية، وأيضًا اتخاذ تدابير تصحيحية وإجراءات إيجابية في المجالات التي لا يزال التمييز يمارس فيها ضد المرأة على صعيد القانون والواقع العملي؛ وشددت هذه الاتجاهات على دعم المبادرات المحلية والوطنية والإقليمية والقارية الموجهة نحو استئصال شأفة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، خصوصًا العمل على تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك المرأة والرجل، بهدف تحقيق القضاء على الممارسات الثقافية والعادات الضارة وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للمرأة والرجل، وذلك من خلال استراتيجيات التعليم والإعلام والتربية والاتصالات، وفي هذا السياق يختلف دور المرأة في القارة أفريقيا من دولة لأخرى أو من منطقة لأخرى حسب العادات والتقاليد أو التاريخ أو الثقافة أو الدين، الخاص بتلك الدولة، أو المنطقة. فدور المرأة في دول شمال أفريقيا تختلف عن شرق وغرب أفريقيا، وكذلك عن وسط وجنوب أفريقيا وهنا نحاول أن نقدم نماذج لتمكين المرأة في كل إقليم أفريقي وطبيعة التحديات التي تواجهها على تنوعها، وكذلك حجم التقدم في مؤشرات التمكين للنساء الأفريقيات.

  • النساء في شمال أفريقيا

حصلت النساء في دول شمال أفريقيا على نسبة تمكين سياسي لابأس بها، ولكن بلغت نسبة مشاركة المصريات في البرلمان أقل نسبة على الإطلاق في الإقليم لتصل إلى 15٪، فقط بينما هي في تونس 33.1٪، طبقًا لهيئة الانتخابات التونسية، وفي الجزائر تراجع عدد النساء في البرلمان الجديد، الناتج عن الانتخابات البرلمانية التي جرت في الرابع من مايو، إلى 120 امرأة من مجموع 462 نائبًا وهو ما يعادل نسبة تمثيلية تعادل ما يقارب 26٪، وذلك مقارنة بـ146 امرأة في البرلمان 2012، والتي قاربت 32٪[ii]، أما في المغرب فتبلغ نسبة المشاركة النسوية في البرلمان 20.5٪ طبقا لانتخابات 2016.

على الصعيد الاقتصادي نستطيع أن نلحظ تقدما لنسبة مشاركة النساء في المجال الزراعي بشمال أفريقيا، حيث ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في الزراعة من حوالي 30% إلى 43% بين عامي 1980 و2010.

وفيما يخص المجال العام نرصد أن الجزائريات نسبة 70% من العاملين في المحاماة, و60% من القضاة، كما هيمن النساء على المجال الطبي والعلوم، كما تعد المرأة الجزائرية أحد أول نساء دول شمال أفريقيا في العمل كسائق سيارات الأجرة وحافلات النقل العام، كما تزداد أعداد النساء العاملات في قطاع الأمن والشرطة، عامًا بعد عام.
وفي تونس حصلت المرأة التونسية على دور هام في المجتمع التونسي في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة؛ مثل الوصول إلى التعليم العالي، والحق في طلب الطلاق، وازداد هذا الدور منذ يناير 2011 وبداية الثورة في تونس؛ حيث كان للمرأة التونسية دور غير مسبوقٍ في الاحتجاجات عام 2011، وترتب على ذلك إقرار مبدأ المناصفة في كافة المجالات ومن ضمنها الإرث، وهو ما أثار جدلًا واسعًا خلال عام 2018 على المستويين التونسي والعربي.

أما على الصعيد المغربي فإن عام 2004 أحدث تطورات قانونية ضخمة أعطى للمرأة المغربية الحق في تطليق زوجها، وحضانة الأطفال، وتعديل بعض حقوق الملكية والميراث، ولكن ما زال تمثيلها في المواقع القيادية يواجه تحديات رغم التعديلات الدستورية في ٢٠١١، وخاصة المادة ١٩ التي أكدت على السعي للمناصفة، إلا أنه عند تشكيل الحكومة في نسختها الأولى تم استوزار امرأة واحدة، أما في النسخة الثانية من تشكيلة الحكومة، نجد وزيرتان و4 وزيرات منتدبات، وبشكل عام لم يتجاوز تمثيل المرأة المغربية حاجز الـــ١٢٪ في الوظائف العامة في عام ٢٠١٣، وارتفعت نسبة تمثيلها نسبيًّا في التشكيل الوزاري لعام ٢٠١٧ ليصل إلى تسع وزيرات بنسبة ٢٥٪ من التشكيل الحكومي.

المرأة الليبية، كان لها دور ومكانة في القوانين المستحدثة على قدر كبير من الأهمية، خاصة بعد تغيير النظام السياسي، وهناك مجهودات ليبية في تحرير المرأة واعتبارها عنصرًا مهمًّا في القوة العاملة التي تفتقر إليها ليبيا، كما اعتبر مراقبون آخرون أن للنظام مصلحةً في توسيع قاعدته الاجتماعية والسياسية عبر تسويق فكرة تحرر المرأة، ولكن بطبيعة الحال تنفيذ كل هذه الأفكار يبدو مؤجلًا تحت مظلة الصراع السياسي الراهن، وأزمة الحرب الأهلية التي تم تدويلها.

  • النساء في وسط أفريقيا

بالرغم من حدوث تغيرات إيجابية في ما يخص المساواة بين الجنسين في السودان، منذ عام 2012، واحتلت النساء 24.1٪ من البرلمان الوطني فإن عدم المساواة بين الجنسين في السودان لا يزال موجودًا، لا سيما وأن قانون النظام العام الراهن يلاحق النساء في الشوارع بسبب أزيائهن، والتفاوت في نسبة النساء إلى الرجال في سوق العمل، حيث حصلت السودان في عام 2013 على المرتبة الـ171 من أصل 186 دولة في العالم في تصنيف التنمية البشرية، واعتبرت السودان من الدول القليلة غير الموقعة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

أما المرأة في جمهورية أفريقيا الوسطى، فقد سجلت نوع من التمايز في مجال الحصول على الوظائف القيادية بين الدول الأفريقية الأخرى، فكان رئيس مجلس وزرائها سيدة، هي السيدة إليزابيث دوميتين، في الفترة ما بين 1975 و1976, وتعد بذلك أول سيدة تتولى هذا المنصب في جمهورية أفريقيا الوسطى وفي القارة الأفريقية كلها, كما كانت السيدة جين ماري روث رولاند أول مرشحة لرئاسة الجمهورية في أفريقيا، أما السيدة كاثرين سامبا بانزا الناشطة في مجال حقوق المرأة، وخصوصًا مكافحة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث والعنف بجميع أشكاله فهي أول رئيسة لدولة أفريقيا الوسطى، حيث تولت رئاسة المرحلة الانتقالية في الدولة منذ 23 يناير 2014، وهي بذلك تعد أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في دولتها وفي القارة الأفريقية.

ولم تصل النساء في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى موقف المساواة الكاملة مع الرجل، رغم نضالهن المستمر حتى يومنا هذا، وتأكيد النظام الحاكم على أهمية مساهمة المرأة في المجتمع، وبالرغم من أن المرأة تتمتع ببعض الحقوق القانونية، مثل الحق في التملك والحق في المشاركة في القطاعات الاقتصادية والسياسية، فإن العرف والقيود الاجتماعية لا تزال تحد من الفرص المتاحة لهن.

كما أن للنساء التشاديات دور أساسي في دعم الاقتصاد، حيث اعتبر المحللون أن المرأة في تشاد هي الدعامة الأساسية لاقتصاد الدولة، لذلك يتم الاعتماد عليها بشكل كبير عن الرجل خاصة في المناطق الريفية، حيث يفوق عددهن عدد الرجال، وربما هذا ما يفسر موقع متقدم على مستوي الاستوزار في تشاد والتي بلغت ١٧٪ عام ٢٠١٨.

  • المرأة في شرق أفريقيا

منذ استقلال جنوب السودان الذي يختلف تمامًا عن شماله، فمنذ الإعلان عن استقلال جنوب السودان في 9 يوليو 2011 والسيدات يشغلن 5 من 29 حقيبة وزارية، كما شغلت 10 نساء منصب نائب وزير من أصل 28، كما نشطت المرأة في جنوب السودان في حماية أسرتها ولعب دور محوري فيها نظرا لمعاناة هذا القطر من حروب داخلية.

وفي إثيوبيا بالقرن الأفريقي، نجد أن المرأة الإثيوبية حصلت على تمثيل مشرف ومرتفع في المناصب القيادية فقد حصلت على مناصب رئيسة الدولة ووزيرة الدفاع ورئيسة البرلمان في حكومة رئيس الوزراء الحالي آبي أحمد بمجموع 10 حقائب وزراية.

وقد أقدمت رواندا على خطوات مماثلة، حيث اعتمدت حكومة جديدة تقوم على المناصفة، تم خلالها تكليف عدة نساء بمناصب وزارية حساسة، في حين حصل العنصر النسائي على نسبة 61% من المقاعد البرلمانية، ومشاركته بشكل فاعل في صناعة القرار السياسي، كما شدد الرئيس الرواندي على ضرورة مشاركة عدد كبير من النساء في صناعة القرار، للقضاء على فكرة التمييز بين الجنسين، وتحت مظلة هذا السقف المرتفع من التمكين رواندا على المركز الرابع فيما يخص إجراءاتها المتخذة المتعلقة بتمكين المرأة[iii].

علي أن ذلك لا ينفي طبيعة التحديات التي تواجهها عموم الإثيوبيات، أي وسائل لمنع الحمل، حيث تصل معدلات الخصوبة إلى 5.23 طفل لكل سيدة، لذلك تصاب السيدات بمرض الإيدز بمعدلات أكبر من إصابة الرجال، وطبقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، فإن 59% من السيدات في إثيوبيا قد تعرضن للأذى الجنسي والجسدي على مدار حياتهن كاملة. وطبقًا لنفس التقرير الصادر عن نفس المنظمة فإن 74.3% من إناث إثيوبيا في المرحلة العمرية ما بين 15- 49 قد تعرضن لعملية تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث)، لذلك نجد المرأة الإثيوبية كثيرا ما تعاني لغياب حقوقها.

أما المرأة الأوغندية فكان دورها دائمًا تابعًا لدور الرجل، بالرغم من تحملها كافة المسؤوليات الاقتصادية والاجتماعية، في المجتمعات التقليدية الأوغندية، فكانت الفتيات يتعلمن منذ طفولتهن الانصياع لرغبات آبائهن وإخوتهن الذكور، وبعدما تتزوج تنصاع لرغبات أزواجهن، مما أنتج تبعيتهن للرجل في معظم مجالات الحياة العامة، وحتى الثمانينات، كان من المفروض على المرأة أن تركع عند التحدث إلى رجلٍ في بعض المناطق الريفية في أوغندا، هذا مع العلم أن المرأة في الوقت نفسه كانت تتحمل المسؤوليات الأساسية لرعاية الأطفال وزراعة المنتجات الأساسية، وفي القرن العشرين، قدمت النساء مساهمات كبيرة لزراعة المحاصيل والغلال ذات النفع الاقتصادي.

  • المرأة في غرب أفريقيا

يشكل الدور الاجتماعي للمرأة في مالي من قبل تفاعل معقد بين مجموعة متنوعة من العادات والتقاليد في المجتمعات العرقية، وخاصة مع صعود وسقوط إمارات قبل الاستعمار، وأثناء الاستعماري، وبعد الحصول على الاستقلال، والانتقال إلى مرحلة التحضر، كل هذه الأحداث أثرت بشكل أو بآخر على دور المرأة ووضعها في مالي.

ولكن لها دو حاسم في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي لهذا المجتمع الريفي الزراعي، ونجد أن المرأة والرجل متساويان أمام القانون في مالي، من هنا حصلت النساء على تمثيل معتبر في الحكومة المالية الجديدة من خلال 11 سيدة من أصل 32 وزيرًا في حكومة ٢٠١٨، متقدمة بذلك على كل دول غرب أفريقيا، فقد تم تطبيق القانون رقم 052 الخاص بالنهوض بالمرأة لأول مرة في مالي، مع 11 من أصل 32، حيث تتصدر مالي إدماج المرأة في المنطقة بنسبة 34%، متقدمة على موريتانيا التي لديها نسبة 32٪  والسنغال 23٪، وذلك نتيجة جهود متراكمة في الأخيرة منذ عام ٢٠٠٩، حيث تم إقرار قانون لتحقيق المساواة بين الجنسين في الهيئات المنتخبة، وقد حصلت السنغاليات على ثماني مقاعد للنساء من أصل 39، وتضمنت التشكيلة الحكومية وزارات حيوية؛ منها وزارة التشغيل، ووزارة الاقتصاد والتمويل، ووزارة النقل الجوي والبنى التحتية[iv].

المرأة في ساحل العاج تشكل أقل من نصف سكان البلاد في عام 2003، وقد تغيرت الأدوار الاجتماعية والفرص المتاحة للجنسين منذ عهد الاستعمار الفرنسي، منذ وصول ساحل العاج إلى الاستقلال في عام 1961 وحتى عام 1990 كانت المرأة أدنى وضعًا من الرجال في ظل القانون، ولكن جلبت التغييرات القانونية عقب وفاة الرئيس فيليكس هوفويت-بواني تحسّن في الفرص القانونية والتعليمية للنساء على كافة الأصعدة، كما تمكنت بهذه التغييرات المرأة في ساحل العاج من تَقَلُّدِ أعلى المناصب الحكومية وفي عالم الأعمال.
وفي بنين بدأ دور المرأة يتطور ووضعها يتحسن بشكل ملحوظ منذ استعادة الديمقراطية والتصديق على الدستور، وإصدار قانون الأحوال الشخصية والأسرة في عام 2004، ولكن العادات والتقاليد التي تحط من قدر المرأة وتضعها في مكان غير متكافئ مع الرجل لا تزال تهيمن على تصرفات الأشخاص بشكل عام، كما يستمر وقوع حالات من تعدد الزوجات والزواج القسري رغم وجود قانون بتجريم هذه الأفعال، إلا أن الفساد يعرقل عمل الشرطة، والخوف من وصمة العار الاجتماعية يجعل من القصاص الحقيقي أمرًا مستحيلًا، ويحدث ذلك أيضًا في جرائم العنف المنزلي، فرغم تجريمها قانونيًّا بعقوبة تصل إلى 3 سنوات إلا أن تردد النساء في الإبلاغ عن هذه الحالات يجعلها متكررة الحدوث وعلى نطاق واسع.

  • المرأة في الجنوب الأفريقي

يوجد في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أعلى معدل لأنشطة المشاريع الريادية للإناث، حيث ما يقرب من ثلث الشركات يملكها الإناث[v].

في أنجولا تساهم المرأة في الزراعة بشكل كبير، وهو ما سمح لها بمكانة متساوية نسبيًا مع الرجل الذي قضى جزءًا كبيرًا من وقته في الصيد أو الاعتناء بالماشية.

وتأتي جزر القمر في مقدمة الدول العربية الأفريقية من حيث منح المرأة حقوقها، والاعتراف بدورها المتميز، حيث تشغل المرأة 20% من المناصب الوزارية، كما تحتفظ الزوجة عادة بالأرض أو المنزل في حالة الطلاق، بالإضافة لكون المرأة لا تعاني ضغوطًا لإنجاب الذكور دون الإناث، كما أن تنظيم الأسرة مقبول على نطاق واسع وتدعمه حملات توعية تديرها الدولة. بالرغم من الوضع الاقتصادي المتدني وكون أزواج النساء في جزر القمر هم عادة من المزارعين أو العمال إلا أنهن وفي كثير من الأحيان يتحركن بحريةٍ أكثر من نظرائهنَّ في أوساط النخبة الاجتماعية. فالنساء هناك عمومًا لسن منعزلات، وقد شكلت النساء في جزر القمر نسبة 40.4% من قوة العمل في بداية التسعينيات، وهو رقم أعلى قليلًا من المتوسط بالنسبة لدول أفريقيا جنوب الصحراء، وعلى نطاق الحياة السياسية في جزر القمر لعبت المرأة دورًا محدودًا فيه.

أما مالاوي فتعد أحد أفقر دول العالم، كما أن نصف الإناث في مالاوي يجبرن على الزواج قبل سن الــ18، حسب إحصائيات الأمم المتحدة لعام 2012، بذلك تمتلك مالاوي أحد أكبر معدلات زواج الأطفال في العالم. وتتعرض الفتيات الصغيرات بدءًا من سن 7 سنوات إلى تقاليد جنسية عنيفة، وفي عام 2015 وضعت مالاوي قرارًا بتجريم زواج الأطفال تحت سن 18 سنة، ومع ذلك فالتقاليد والعادات تدفع الأهل لعدم الالتزام بالقانون وتزويج بناتهم تحت السن القانوني، بالإضافة إلى الدوافع المادية؛ حيث تلجأ العديد من الأسر لتزويج فتياتها للتخلص من أعبائها المادية على الأسرة.

دور النساء في موريشيوس يشهد متغيرات، منها حصول المرأة على نسبة مشاركة عالية في الوظائف، وبالرغم من الأجور المتدنية إلا أنها الآن تتمتع بنفس حقوق الرجل السياسية والاقتصادية والمدنية كالرجل، وهذا يرجع لكون النظام الاجتماعي في جزر سيشل هو نظام أمومي، تسيطر الأم على مقدرات المنزل، وتتحكم في توجه العائلة ومستقبل الأبناء؛ ففكرة الأمومة لديهم عادة اجتماعية حتى دون زواج، لذلك تحتل المرأة هناك مكانة ودورًا بارزًا يحترمه الجميع، لكن حسب القانون فإن الدعم المادي يجب أن يأتي من الرجال؛ فأهميتهم تكمن في الحصول على دخل مادي، ولكن دوره يعتبر نسبيًّا هامشيًّا، تعتمد السيدات الأكبر عمرًا على تحصيل الدخل من أفراد العائلة.

منذ أن نشأت دولة سيراليون عام 1787 كان دور المرأة أساسيًّا في تطوير اقتصاد الأمة، كما أنهن يلعبن دورًا مهمًّا في نظام التعليم، وذلك بإنشاء المدارس والكليات، لدرجة أنه تم إنشاء نصب تذكارية كعرفانٍ لمساهماتهن في هذا المجال مثل حنا بينكا-كوكر والسيدة لاتي هادي-فورستر، وهي أول امرأة تتخرج من كلية فوره بي؛ فقد منحت شهادة الدكتوراه في القانون المدني من جامعة سيراليون.

تتميز دولة جنوب أفريقيا بأن جميع الجماعات العرقية والإثنية هناك لديها معتقدات قديمة فيما يتعلق بأدوار الجنسين، وتستند في الغالب على أساس أن النساء في جنوب أفريقيا هن أقل أهميةً أو أقل استحقاقًا للسلطة من الرجال، فمعظم المنظمات الاجتماعية التقليدية الأفريقية كانت تركز على الذكور،  حتي التسعينات من القرن السابق، على أن معارك التحرر من العنصرية فرضت تواجدًا سياسيًّا للنساء خاصة في الحزب الحاكم

  • التحديات التي تواجه تمكين المرأة في أفريقيا:

تؤثر حالة القارة من حيث الاستقرار السياسي والاقتصادي على مجمل أوضاع النساء، وبالنظر إلى أن كثيرًا من الأقاليم الأفريقية تواجه إما ضعفًا لمؤسسة الدولة أو صراعات مسلحة داخلية أو تغيرًا في المناخ يؤثر على النشاط الاقتصادي فإن هناك عددًا من الظواهر المؤثرة على تمكين المرأة؛ منها مثلًا حالة الأمن، حيث إن قارة أفريقيا تعد الأعلى في مؤشرات تعرض المرأة للعنف سواء كان قتلًا أو اغتصابًا.

أما التمييز في مجال العمل، فتشير البيانات المتاحة إلى أن النساء كثيرًا ما يجنين مالًا أقل من الرجال حتى في حال أدائهن عملًا مساويًا للرجال، ويسمى ذلك اصطلاحًا في الإنجليزية “الأرضية اللزجة”؛ أي عدم المساواة في الأجور بالنسبة لأولئك الذين في أسفل سلم العمل، وذلك على نحو مشابه لحالة أخرى تسمى “السقف الزجاجي” بالنسبة للواصلات إلى أعلى السلم لكنهن لا يستطعن مواصلة الترقي وظيفيًّا.

والبيانات التي توثق فجوة الدخل بين الجنسين في المناطق الريفية محدودة، وبالرغم من ذلك تظهر عينة من 14 بلدًا أن النساء يتقاضين في لمتوسط أجرًا أقل بنسبة 28% من الرجال، وعلى مدى ثلاثة عقود لم يطرأ تغيير ملحوظ على نسبة مشاركة المرأة في الزراعة في معظم بلدان أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، لكنها في الواقع تجاوزت الـــ60% في بلدان مثل ليسوتو وسيراليون وموزمبيق، ويرى الخبراء أن الزراعة في هذه المنطقة هي مؤنثة على نحو كبير.

ورغم أن النساء يشغلن الآن نسبة أكبر في القوة الزراعية، فإن أنواع الأعمال الزراعية التي يمكن أن يحصلن عليها أصبحت أقل استقرارًا، كما أنهن موجودات في أعمال مؤقتة، وموسمية وأخرى غير مدفوعة “فإنهن أكثر عرضة للتركز في الوظائف ذات الكثافة العمالية الكبيرة والتي تتطلب مهارات منخفضة، كما أنه من المرجح أن يحصل الرجال على المناصب الإدارية والتي هي أساسًا محدودة العدد”، وذلك وفقًا لدراسة تحليلية أجراها البنك الدولي عام 2016.

ويضيف الخبراء، أن هناك أيضًا “فجوة إنتاجية”؛ حيث إن عائدات النساء المزارعات في البلدان النامية تقل بما يتراوح بين 20 إلى 30% عن الرجال، ويلقى باللائمة في ذلك على أعباء القيام بالأعمال المنزلية.

كما تعد ملكية الأرض من الأمور الحاسمة للتمكين الاجتماعي، وتفتقر النساء في أجزاء واسعة من العالم النامي وأفريقيا إلى المساواة مع الرجال في حقوق الملكية.

وإجمالًا يبدو أن تنفيذ برتوكولات الاتحاد الأفريقي يحتاج إلى كثير من المجهود من جانب الدول الأفريقية في هذه المرحلة، والتدخل بآليات متعددة ومداخل متوازية منها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكلها إجراءات تقع تحت عين الاتحاد الأفريقي الذي يراقب أداءها حاليًا عن كثب.



إhttp://hrlibrary.umn.eduAficanWomenPro.html

[i]

– جريدة الجزائر الإلكترونية

[iii]– المركز العربي للبحوث والدراسات

http://www.acrseg.org/40991

[iv]– المرجع السابق

[v]– الهيئة العامة للاستعلامات المصرية

http://www.sis.gov.eg/Story/