كتبت – أماني ربيع

يرتبط مصطلح الفن الأفريقي لدى غير المتخصصين عادة، بالفن التقليدي المتمثل في الأقنعة والتماثيل القبلية ذات الدلالة الرمزية، وللفن الأفريقي تاريخ قديم وإرث رائع منذ عهد الإنسان الأول الذي اختار الكهوف لوحة لرسوماته التي وثق بها أحداث يومه، وحفظها لنا المناخ الجاف الذي يسود أغلب دول أفريقيا من الزوال.

وامتد تأثير الفن الفريقي التقليدي إلى الفن التشكيلي الغربي، الذي سحر بالتكوينات الفريدة، والأجواء السحرية التي تكتنف هذا الفن وتجعله أشبه بصلاة وسيلتها إلى السماء الخطوط والألوان.

لكن الفنانين الأفارقة لم يستسلموا لهذا الإرث بالكامل، واستطاعوا أن يصنعوا هويتهم الخاصة التي ميزت مشهد الفن المعاصر في أفريقيا، عبر إسهامات استثنائية، وحاولوا من خلال إبداعاتهم، تفسير وتصوير الحقائق الاجتماعية والاقتصادية في أفريقيا، وكذلك التحديات السياسية مع التقاليد الغنية والجمال المتنوع، وهو ما ظهر في إنتاجاتهم الفنية.

وفي التقرير التالي نستعرض مجموعة من الفنانين الأفارقة الذين اثروا على تطور الفن المعاصر في أفريقيا.

تريسي روز

وُلدت تريسي روز في مدينة ديربان بجنوب إفريقيا وتعيش حاليًا في مدية جوهانسبرج، وهي فنانة تشكيلية معاصرة متعددة  ومؤيدة صريحة للنسوية، تشتهر بأدائها الجريء وبخاصة في أعمال الفيديو والتصوير الفوتوغرافي، تعبر في فنها عن حيرة المواطن الأفريقي مع الهوية وقضايا العنصرية، وواقع التعدد الإثني في جنوب أفريقيا، ومشكلة إندماج الثقافتين البيضاء والسوداء رغم مرور عقود على إنهاء سياسة الفصل العنصري، إلا أنا لفجوة لا تزال قائمة.

 تجمع روز بمهارة بين عناصر الثقافة الشعبية والنظريات الاجتماعية للتعبير عن المشهد السياسي والاجتماعي في جنوب أفريقيا، وأقامت معارض فردية في جنوب أفريقيا وأوروبا وأمريكا ، وشاركت في عدد من الفعاليات الفنية الدولية منها بينالي البندقية.

ميشاك جابا

حصل ميشاك جابا من دولة بنين، على إشادة من النقاد لمعرضه المتنقل بعنوان “متحف الفن الأفريقي المعاصر” ، الذي تم افتتاحه عام 1997 في متحف Rijks في أمستردام.

ويتكون مشروعه الاستثنائي من 12 غرفة عرض تم إنشاؤها في مختلف المؤسسات الفنية الأوروبية على مدار خمس سنوات في محاولة لوضع الفن الأفريقي أمام العالم.

في عام 2013 ، قام  معرض Tate Modern بشراء وعرض متحف جابا بأكمله، وتتنوع أعماله بين اللوحات وأعمال السيراميك، والمنشآت متعددة الوسائط، واستخدام الطلاء والخشب والجص والحجارة، وغيرها من المواد التي يعيد إنتاجها للتعبير عن وجهة نظره في القضايا المختلفة.

كودزاناي تشيوراي

تم نفي تشيوراي من زيمبابوي مسقط رأسه، بعد لوحته الت تصور ديكتاتور زيمبابوي الراحل روبرت موجابي مع قرون تبتلعه النيران عام 2009، أنتج تشيوراي اللوحة بلا خوف من التهديدات، وغادر البلاد ليعمل في جوهانسبرج، وكان تشيوراي أول طالب أسود يحصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة بريتوريا ، ومنذ ذلك الحين أصبح شخصية مهمة في مشهد الفن الأفريقي المعاصر.

يواجه تشيوراي القضايا الملحة في منطقة الجنوب الأفريقي من الفساد الحكومي إلى النزاعات وأعمال العنف، وكراهية الآخر، عبر أعمال هي مزيج من التصوير الرقمي والطباعة والرسم، واتجه مؤخرا إلى صناعة الأفلام.

جولي ميهريتو

تحظى لوحات جولي مهريتو من إثيوبيا، بإقبال دولي كبير، وتستقي إلهامها من رسومات الخرائط الجوية والهندسة المعمارية، مع أشكال الخط العربي، تمارس فنها عبر طبقات من طلاء الأكليريك على القماش، وتمارس الرسم عليها بأقلام الرسم والحبر ودفقات الطلاء، تحب التجريد الهندسي، وتعبر بفنها عن النمو الحضري المتسارع، وبيئات المدن المزدحمة بالسكان حيث لا مكان للأحلام، تقول إنها تحب صناعة خرائط للقصص التي لا مكان لها.

أناتسوي

يعتبر الفنان الغاني أحد الفنانين الأكثر نفوذا في أفريقيا، ويتصدر مشهد الفن الأفريقي المعاصر، ونال إشادة دولية واسعة لأعماله النحتية، وهو الأستاذ المفضل في قسم النحت بجامعة نيجيريا.

وهو نحات غزير الإنتاج، يفضل الطين والخشب، إنشاء أعمال تعبر عن اهتمامات اجتماعية وسياسية وتاريخية مختلفة، تحول لاحقا إلى أعمال التركيب والخياطة باستخدام مواد غير تقليدية مثل المناشير والأدوات الكهربائية، وأسطح الأخشاب وزجاجات الألومونيوم.

إبراهيم الصلاحي

 يعتبر الفنان السوداني عراب الحداثة الأفريقية، عبر أكثر من 5 عقود، نجح بأعماله الفنية المبتكرة في إنشاء علامته الخاصة التي تعتبر مزيجا بين الأصول العربية والأفريقية، هو ديبلوماسي سابق، ووكيل وزارة الثقافة السودانية في السبعينيات، وهو من الفنانين الوائل الذين وضعوا الخط العربي في لوحاتهم، اتخذت أعماله بمرور الوقت منعطفا تأمليا تجريديا بالتركيز على الخطوط المرسومة بالأبيض والأسود.

سوكاري دوجلاس

تنتمي الفنانة النيجيرية إلى الجيل الأول من الفنانات الأفريقيات اللاتي جذبن انتباه السوق الدولية، تعود أصولها إلى مدينة كالاباري على دلتا النيجر، لذا فأعمالها مستوحاة إلى حد كبير من ثقافة وتقاليد كالاباري، عبر استخدام تقنيات النحت الحديثة، كما تصنع أعمال تصويرية تجريدية مزينة بالقنعة والملابس الطقسية التي تصور علاقتها القوية بموطنها نيجيريا، رغم هجرتها إلى لندن.

وعرضت أعمال دوجلاس في العدد من المعارض الفردية والجماعية حول العالم، ولها أعمال في المجموعات الدائمة بمعهد سميثسونيان في واشنطن والمتحف البريطاني في لندن.