كتب – حسام عيد

عبر تبني إصلاحات جذرية في فترة وجيزة للغاية؛ استطاعت رواندا التحول إلى إحداث نقلة نوعية في بلد كان يعاني صراعات وحروب، فاليوم تزاحم قوى عالمية كبرى في مؤشرات المال والأعمال، حيث تبوأت المركز التاسع والعشرين على مؤشر البنك الدولي لتقييم الأعمال للعام 2019.

مؤشر تنافسي في سهولة إقامة المشاريع الاستثمارية والأعمال التجارية، جعل من رواندا ملاذًا استثماريًا في شرق القارة السمراء، فالبيئة خصبة، والمناخ متجدد وجاذب، دون فرض أي قيود أو شروط تعجيزية.

وبمرونة فائقة، يتهافت المستثمرون كبارًا وصغارًا، سواء كانوا مواطنين محليين، أو من دول أفريقية أخرى، وأيضًا من قارات العالم الأخرى، لاغتنام الفرص التنافسية وغير المستغلة في رواندا وتدشين مشروعاتهم.

أسباب الاستثمار في رواندا

احتلت رواندا المركز الثاني بعد مصر كأكثر الدول أمانًا في أفريقيا عام 2018، وفقًا لمؤشر “جالوب للقانون والنظام” الذي تصدره مؤسسة “جالوب”، ما يُشعر المستثمرين بأمان ويشجعهم على ضخ أموال بها.

فعندما يفكر أي مستثمر في بدء مشروع تجاري في رواندا فإن أول شيء سوف يخطر على باله إن كانت الدولة آمنة أم لا، ومن هذه الناحية فإن رواندا لديها أحد أدنى معدلات جريمة وفساد في قارة أفريقيا، ويمكن للأشخاص التجول في شوارع عاصمتها كيجالي ليلاً بشكل آمن تمامًا.

فيما تتسم رواندا بالنمو السريع، فالتقديرات الدولية تشير إلى بلوغ عدد السكان 12.95 ملايين نسمة بنهاية عام 2020، وإلى جانب ذلك فهي تُعد مركزًا للاندماج بين دول شرق أفريقيا؛ إذ يحدها ثلاث دول من شرق القارة، وهي أيضًا جزء من السوق المشتركة لدول شرق أفريقيا، ما يتيح للمستثمرين في رواندا إمكانية الوصول إلى سوق كبير يضم أكثر من 125 مليون شخص، دون مواجهة أي منافسة في بعض المناطق.

بيئة متجددة وحوافز لا مثيل لها

دولة رواندا تعتبر البديل الأفضل والواعد لكل المستثمرين الذين يفكرون في الاستثمار سواء كانوا مستثمرين كبار أو ناشئين.

وذلك لأن رواندا دولة ناشئة أيضا وتوفر تسهيلات قل نظيرها لكافة المستثمرين، وهذا ما مكنها من التحول إلى قوة اقتصادية في أفريقيا خلال 25 عامًا فقط، فهي تلقب اليوم بـ”سنغافورة القارة الأفريقية”، وأصبحت مقصدًا استثماريًا متجددًا ورائجًا.

وتقدم رواندا تسهيلات عديدة تجعل بيئتها ومناخها أكثر مرونًا أمام كافة المستثمرين، فبدون تأشيرة يمكن للمستثمر أن يسافر إلى رواندا لمعاينة الوضع على الطبيعة والتأكد من مدى تطور البلد على كافة المستويات.

كما يحظى المستثمرين الأجانب بنفس فرص وحقوق المستثمرين الروانديين، فلا تمييز، وهذه بكل تأكيد ميزة عظيمة لا تتوافر لدى غالبية الدول.

وعلى الرغم من توافد العديد من كبار وصغار المستثمرين من أنحاء العالم بغرض الاستثمار في رواندا في مختلف القطاعات؛ إلا أن حجم الاستهلاك والطلب لا زال أكبر بكثير من حجم العرض على مختلف السلع والخدمات، مما يجعل فرص نجاح المشاريع مرتفعة للغاية، على النقيض من عديد الدول التي تعاني أسواقها من التنافسية الشديدة.

وتُعد رواندا من بين أفضل ثلاث دول في أفريقيا من حيث سهولة بدء مشروع تجاري بعد موريشيوس وجنوب أفريقيا، فعملية تسجيل المشروع التجاري تتم بسرعة كبيرة، حيث يمكن للمستثمر أن يتقدم بطلب لتسجيل مشروعه عبر الإنترنت ظهرًا وتكتمل العملية تمامًا في مساء اليوم نفسه، كما أن عملية إصدار شهادات البناء أو التصنيع تستغرق يومين أو ثلاثة أيام فقط.

وهناك حوافز مالية تقدمها الحكومة الرواندية للمستثمرين تتلخص في:

– تأسيس مشروع صغير بتكلفة تتراوح بين “100 – 1000” دولار.

– الاستثمارات في المشروعات المتوسطة والكبيرة تبدأ من 100 ألف دولار حتى مليون دولار وأكثر.

– فرض “0%” على ضريبة الدخل للشركات الراغبة في نقل مقرها الرئيسي إلى العاصمة كيجالي.

– 15% تفضيلية على ضريبة الدخل للشركات التي تعمل في قطاع الطاقة والنقل والاسكان بأسعار معقولة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات المالية.

– الاعفاء من ضريبة الأرباح الرأسمالية.

– الاعفاء من ضريبة الدخل لمدة 7 سنوات للمشاريع الكبيرة في القطاعات الاستراتيجية مثل الطاقة والصادرات والسياحة والصحة والتعليم والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

– عادة تحويل رأس المال والأصول الي الخارج.

فرص تجارية فريدة

وعلى الرغم من الطفرة الاقتصادية التي تحققت خلال السنوات الماضية، إلا أن حوالي 70% من الأراضي الرواندية لا زالت غير مٌستغلة، وهذا يعتبر دليل واضح على مدى كثرة وتوافر الفرص الفريدة.

وهناك الكثير من الفرص الاستثمارية المتاحة في رواندا في العديد من القطاعات، مثل البنية التحتية؛ إذ يمكن الاستثمار في قطاع النقل والسكك الحديدية من أجل تطوير رواندا كمركز لدول شرق أفريقيا.

وإلى جانب ذلك يمكن الاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وفي قطاع الزراعة وزيادة الإنتاجية، كما يتيح قطاع الطاقة فرصة كبيرة للاستثمار من خلال توليد الطاقة وبناء أنظمة توليد الطاقة خارج الشبكة وإنتاج غاز الميثان والطاقة المائية وغيرها من الفرص.

وبرأس مال 100 دولار فقط، يمكن بدء عدة مشروعات متناهية الصغر؛ مثل امتلاك حديقة صغيرة للخضراوات والفاكهة أو المتجارة بالسلع الغذائية شديدة الطلب؛ مثل الدقيق والأرز والسمك والألبان والمشروبات الغازية.

وبميزانية تتراوح بين 100 – 1000 دولار، ستكون هناك الفرصة لاستغلال عجز السوق في سلع وخدمات معينة، لإنشاء مشروع مربح مثل: امتلاك مزرعة صغيرة للمتاجرة في المحاصيل مرتفعة الثمن وتصديرها أيضًا، مثل المانجو والأناناس.

ولأن رواندا تشهد حالة من التطوير المعماري المستمر لبناء مدن جديدة؛ فهذه الميزانية ستكفي لافتتاح مشروع لتصنيع الطوب وبيعه.

وبميزانية تفوق الـ 50 ألف دولار، ستتوافر فرصة الاستثمار في زراعة وتصنيع القهوة أو إنتاج الطاقة الشمسية أو بناء العقارات أو تصنيع الماكينات الزراعية، وكذلك تصنيع مركزات لعصائر الفاكهة وتصديرها لأوروبا وأمريكا.

وبرأس مال يتخطى الـ 100 ألف دولار، بإمكان المستثمر ضخ أمواله مشروعات تدر عوائد ضخمة، مثل؛ أعمال الصناعات الزراعية المربحة، كمزرعة زيت النخيل، وقصب السكر، وكذلك في المنتجات الغذائية المعدة للتصدير، بالإضافة إلى إمكانية الاستثمار في بناء منتجعات سياحية والشقق الفندقية، وأيضًا في شبكات وأنظمة توليد الطاقة الشمسية العابرة للحدود، ومحطات الطاقة الكهرومائية، والرياح، وخدمات النقل والمواصلات، والخدمات الرقمية والتكنولوجية.

وختامًا يمكن القول؛ بأن رواندا أصبحت منصة حيوية رائجة بقلب القارة السمراء، تزخر بآفاق نمو واعدة لمختلف المنتجات والخدمات، وتمضي حثيثًا نحو التحول بوتيرة متسارعة إلى مركز إقليمي ودولي لرجال الأعمال والمستثمرين والمؤسسات الدولية.