كتبت – أماني ربيع

«لديّ حلم..»، كانت هذه بداية واحد من أشهر الخطابات في التاريخ لرجل حاول بشدة تغيير واقع أبناء جلدته للأفضل، وجعل العالم مكانًا للسلام وليس الصراع، لذا حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1964، والذي كان أصغر من يفوز بها، في ذلك الوقت، وهو في عمر الــ35، تتويجًا لجهوده الدؤوبة في مجال مكافحة العنصرية بأمريكا، إنه مارتن لوثر كينج المولود في 15 يناير 1929.

حتى النهاية، ظل كينج يدافع عن حقوق الأمريكيين من أصل أفريقي في بلاد الحرية المزعومة التي خنقت أحلامهم، وحصرتها في لون بشرتهم الذي جعلهم منبوذين في كل مكان يعانون فيه من العنصرية، ورغم أنه كان مجرد رجل عادي بلا منصب، لكن تأثيره الكاسح وشخصيته الطاغية جعلا تأثيره كبيرًا على الشعب الأمريكي، لذا كان من الطبيعي أن يلجأ الراغبون في إبقاء الأوضاع كما هي لاغتياله في أبريل 1968، في فندق “لورين” بمدينة ميمفيس.

ولد مارتن لوثر كينج عام 1929 بأتلانتا في جورجيا بأمريكا، والطريف أن اسمه كان مايكل وكذلك اسم والده، لكن بعد زيارة لألمانيا قرر والده تغيير اسمه لمارتن تيمنًا باللاهوتي الألماني مارتن لوثر، وبالتالي أصبح بطلنا مارتن أيضًا.

كان تلميذًا نجيبًا، وتخطى الصفين التاسع والحادي عشر بالمدرسة، ثم التحق بكلية “مورهاوس” وهو في الخامسة عشرة، وعند بلوغه التاسعة عشرة، كان قد حصل على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع.

ورغم أن العالم يذكره باعتباره خطيبًا مفوهًا، إلا أن درجاته في الخطابة بالجامعة كانت منخفضة، وفي عامه الأول مع جامعة دراسات اللاهوت حصل على درجة C في مادة الخطابة، وليس ذلك بسبب كونه سيئًا، لكن لأن أستاذ المادة اراد ذلك ولسبب لا يعلمه أحد، خاصة وأن مارتن كان يحمل علامات نبوغ وموهبة فائقة بالخطابة، لكن لاحقًا أصبح كينج نجم دفعته والمتفوق الأول ورئيس هيئة الطلاب.

آمن مارتن بقوة الفن في التأثير، وتذكر عنه واقعة أقنع فيها الممثلة نيشيل نكلوس بالاستمرار مع فريق عمل مسلسل “ستار تريك”، وقالت الممثلة إنه طلب منها البقاء بالمسلسل للمواسم المقبلة؛ لأنها كممثلة سوداء البشرة تؤدي دورًا رئيسيًّا في مسلسل جماهيري تساهم في تعديل الصورة النمطية عن السود، خاصة وأن شخصية “أوهورا” التي تلعبها كانت عضوًا ذكيًّا بالفريق وتعامل باحترام كما الجميع.

بعد فوزه بنوبل تبرع بالعائد المادي للجائزة لصالح حركة الحقوق المدنية، وقال بعد تسلمه إياها: “أعتقد أن صوت الحقيقة السلمية والحب غير المشروط سيعلو فوق كل الأصوات، بما يجعل الحق المنكسر الآن أقوى من الشر المزهو بانتصاره”.

والطريف أنه حصل أيضًا على جائزة “جرامي” الموسيقية المرموقة التي نالها بعد وفاته عام 1971، ضمن أفضل ألبومات الكلمة المسجلة عن كلمته الصوتية المسجلة: “لماذا أعارض الحرب في فيتنام”، ونال أيضًا ميدالية الكونجرس الذهبية وميدالية الحرية.

كانت هناك محاولة مبكرة لاغتياله في الخمسينيات، خلال جولة دعائية روج فيها لكتابه “التقدم نحو الحرية”، وخلال توقيعه لنسخ من الكتاب اقتربت منه امرأة اسمها إيزولا كاري، وسألته: هل أنت مارتن لوثر كينج جونيور؟ وعندما أجابها بالإيجاب، طعنته بسكين فتح الرسائل في صدره.

وتعرض بيته للنسف بالديناميت خلال المقاطعة الشهيرة للحافلات في مدينة مونتجومري، التي قامت بدعوة منه ودامت لمدة 385 يومًا، وقُتلت والدته ألبيرتا كينج ويليامز ه. خلال مشاركتها في قداس بإحدى كنائس أتلانتا في عام 1974، على يد الشاب ماركوس شينولت، الذي كان يؤمن بأن المسيحيين أعداؤه.

قُتل كينج وهو لايزال في التاسعة والثلاثين من عمره، لكن عند تشريح جثمانه، قال الطبيب: إن قلبه قلب رجل في الستين، وأرجع ذلك للإجهاد والضغط الذي تعرض له.

ولم يتم إدراج يوم مارتن لوثر كينج كعطلة رسمية للاحتفاء به بالولايات المتحدة حتى عام 1983، وأقره الرئيس رونالد ريجان كعطلة رسمية عام 1938، وبدأ تنفيذها من يناير 1986.

واليوم يوجد نحو 700 شارع في أمريكا باسم مارتن لوثر كينج جونيور، شارع واحد في كل مدينة أمريكية رئيسية هذا بخلاف المدارس والمؤسسات وغيرها من الأماكن التي سميت تيمنًا باسمه.

لو كان كينج عاش حتى هذا العام لكان الآن في الحادية والتسعين من العمر، واحتفى به الفن السابع أكثر من مرة، وربما لا تصوره الأفلام دائمًا بدقة، لكنها مكان جيد للبدء في معرفة المزيد عن حياته، وفيم يلي نستعرض أبرز الأفلام التي احتفت بمسيرة الرجل العظيم.

Selma

 يتناول الفيلم فترة مشحونة من مسيرة مارتن لوثر كينج، وتحديدا عام 1965، بعد فوزه بجائزة نوبل، والحديث عن حق السود في التصويت، واشتعال الوضع في ألاباما، حيث منع الناخبون السود من التصويت، وطالب كينج الرئيس جونسون بالتدخل، لكنه رفض، والفيلم يعد توثيقًا جريئًا لحركة الحقوق المدنية بأمريكا، ونال الفيلم إشادات نقدية واسعة وترشيحات للجوائز في موسم 2014/ 2015.

” Boycott”

ويركز هذا الفيلم أيضًا -من إنتاج 2001 للمخرج كلارك جونسون- على قصة مقاطعة الحافلات في مونتجومري بعد منع السود من الجلوس فيها، وقام جيفري رايت بأداء الدور باقتدار، صور فيه المشاعر الداخلية لمارتن لوثر كينج ومخاوفه من انحدار الأمور للأسوأ، والكتاب يستند على كتاب بعنوان daybreak of freedom للكاتنب ستيوارت بورنز

“In the Hour of Chaos”

فيلم وثائقي أنتج عام 2016، يقدم نظرة مختلفة على حياة كينج، ورحلته من الفقر وتحوله لواحد من قادة الحقوق المدنية، والذي دفع حياته ثمنًا لمبادئه.

“King in the Wilderness”

عُرض هذا الفيلم الوثائقي لأول مرة عام 2018 على قناة HBO، ويسرد حياة كينج جونيور من خلال القصص الشخصية للأشخاص الذين عرفوه، يتتبع الفيلم السنوات التي كان فيها ناشطًا في مجال حقوق التصويت بولاية ألاباما.

“The Witness: From the Balcony of Room 306”

فيلم وثائقي قصير مدته 32 دقيقة على يوتيوب، حصل على ترشيح للأوسكار ضمن فئة أفضل فيلم وثائقي قصير، ويتناول إحدى اللحظات المثيرة للاهتمام في حياة كينج، حيث شهد القس بيلي كيليس إطلاق النار المميت على كينج، ويحكي الفيلم القصة من منظوره، وتم تصويره في الموقع ذاته، مع مقابلات كثيرة من أشخاص شاركوا كينج في أعماله.

King“”

سلسلة تلفزيونية قصيرة أنتجت عام 1978، وهي متاحة على يوتيوب، مدتها 4.5 ساعات، قام بول وينفيلد وسيسلي تايسون بتجسيد شخصيتي كينج وزوجته في أداء رائع ترشحوا من خلاله لجوائز إيمي، وشارك بالفيلم مجموعة من الشخصيات الحقيقية التي عاصرت كينج خلال حياته.

Scenes From the Life of a Martyr””

الفيلم ليس فيلمًا بالمعنى المفهوم، لكنه تركيبة صوتية من الخطابة والألحان التي تحتفي بالدكتور مارتن لوثر كينج، عمل سميث مور على ذلك لمدة 6 سنوات قبل عرضه الرسمي الأول، يتضمن عرضًا رائعًا من أوركسترا ديترويت السيمفوني من 16 حركة ولمدة 40 دقيقة، ويلقي نظرة على أربعة مراحل مختلفة من حياة كينج، باستخدام الشعر والكتاب المقدس واقتباس جمل قالها كينج نفسه، لذا خرج كعمل فني مثير يعكس إرث كينج الغني.

اغتنموا الفرصة لمشاهدة واحد من هذه الفلام الرائعة لمعرفة المزيد عن حياة الرجل العظيم والأشياء التي قاتل من أجلها، والإرث الملهم الذي تركه وراءه.