تناولت دراسة الماجستير، للباحثة منال محمد حبيب التي تمت مناقشتها بكلية الدراسات الأفريقية العليا جامعة القاهرة، مراحل تطور حزب (كانو) منذ أن كان مجرد حركة لنيل الاستقلال، ثم نشأته كحزب سيطر على السلطة منذ الاستقلال في ظل نظامي الحزب الواحد والتعدد الحزبي، حتى هزيمته أمام المعارضة عام 2002، والذي ترتب عليه تداول سلمي للسلطة بتسليم رئيس الحزب رئاسة البلاد إلى منافسه رئيس تحالف المعارضة.

وقد أظهرت الدراسة ذلك ضمن الإطار النظري لحزب (كانو) من خلال عرضها لنشأة الحزب منذ أن كان مجرد حركة لنيل استقلال كينيا عن الاستعمار البريطاني، وتضمنت الدراسة التعرف على عضوية الحزب بالإضافة إلى التعرف على أهم زعمائه منذ نشأته وحتى الآن، وكذلك توضيح الهيكل التنظيمي للحزب، بينما عرضت الدراسة الأيديولوجية التي تبناها الحزب وبرنامجه الانتخابي من خلال الإطار الفكري، وقد تناولت أيضًا الدراسة الانتخابات الرئاسية التي خاضها مرشحو الحزب، وكذلك الانتخابات البرلمانية التي خاضها الحزب على مدار عقود منذ نشأته وذلك ضمن الإطار الحركي للحزب.

      وتمثلت إشكالية الدراسة: في التعرف على الأسباب التي مكنت حزب (كانو) من البقاء في السلطة حوالي أربعة عقود، حيث احتكاره السلطة في كينيا منذ الاستقلال عام 1963، مع كونه الحزب الواحد في الواقع العملي بعد إعلان الجمهورية عام 1964 وانضمام حزب (كادو) المعارض إليه، ثم استمراره في السلطة حتى بعد تحول كينيا إلى الأخذ بنظام التعدد الحزبي بعد انتهاء الحرب الباردة في أوائل تسعينيات القرن العشرين، والذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية والدول المانحة على دول القارة الأفريقية كأداة من أدوات إرساء ظاهرة الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية وكشرط للحصول على الدعم الأمريكي والغربي لتلك الدول.

أما أهمية الدراسة فتنقسم إلى أهمية علمية وأخرى عملية على النحو التالي:

أولاً: الأهمية العلمية:

تُعَد دراسة الأحزاب السياسية من الدراسات الهامة التي تساعد على فهم الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدول، وديناميات التفاعل بين مختلف قوى المجتمع من خلال الممارسات الحزبية.

ثانيًا: الأهمية العملية:

       تمثل كينيا أهمية كبيرة لمصر فهي إحدى دول حوض النيل وتربطها علاقات أمنية بإثيوبيا منذ ستينيات القرن الماضي، وتوجد بها قواعد عسكرية أمريكية، وبالتالي فمن الضرورة في هذه المرحلة من تاريخ مصر والتي تعيد صياغة علاقاتها بأفريقيا، فهم طبيعة النظام السياسي الكيني ودينامياته ومعرفة الفاعلين الإقليميين والدوليين في كينيا التي تُعَد أكثر دول شرق أفريقيا أهمية استراتيجية دوليًا وإقليميًا.

وتم استخدام التقسيم الموضوعي للدراسة في ترتيب الفصول، حيث تتناول الدراسة حزب (كانو) من حيث نشأته، وكذلك الإطار التنظيمي، والفكري، والحركي لهذا الحزب من خلال أربعة فصول تسبقها مقدمة وتمهيد ويتبعها خاتمة فضلًا عن الملاحق كما يلي:

       يتناول الفصل الأول الإطار النظري لحزب (كانو) وينقسم إلى ثلاثة مباحث، فيتناول المبحث الأول نشأة الحزب، بينما يتناول المبحث الثاني زعامة الحزب، ويتناول المبحث الثالث الهيكل التنظيمي للحزب، وتم تقسيم كل مبحث إلى عدة مطالب.

       ويناقش الفصل الثاني الإطار الفكري لحزب (كانو) والذي تم تقسيمه لمبحثين، تناول المبحث الأول مبادئ وأهداف الحزب وأيديولوجيته، أما المبحث الثاني فتناول برنامج الحزب وتطوره.

       وتناول الفصل الثالث الانتخابات الرئاسية ضمن الإطار الحركي للحزب والذي تم تقسيمه إلى مبحثين، الأول أداء الحزب في تلك الانتخابات قبل الاستقلال وفي فترة الحزب الواحد منذ الاستقلال، أما المبحث الثاني فتناول أداء حزب كانو في الانتخابات الرئاسية بعد الأخذ بنظام التعدد الحزبي منذ الاستقلال.

       أما الفصل الرابع فتناول الانتخابات البرلمانية ضمن الإطار الحركي والذي انقسم بدوره أيضًا إلى مبحثين، الأول تناول أداء الحزب في الانتخابات البرلمانية قبل الاستقلال، وأثناء الأخذ بنظام الحزب الواحد منذ الاستقلال، بينما تناول المبحث الثاني في هذا الفصل أداء حزب (كانو) في تلك الانتخابات بعد الأخذ بنظام التعدد الحزبي منذ الاستقلال.

       وأخيرًا تناولت الدراسة خاتمة تتضمن النتائج التي توصلت إليها الدراسة للإجابة على التساؤلات والفروض وكذلك الإشكالية والتي تبين من خلالها الوضع السياسي للحزب في فتراته المختلفة وما وصل إليه من ضعف، ويمكن عرض ملخص لأهم هذه النتائج فيما يلي:

ثانيًا- النتائج المرتبطة بإشكالية الدراسة الخاصة بالتطور السياسي لحزب (كانو):

  • أثبتت الدراسة أن حزب (كانو) نشأ في بدايته كحركة من أجل نيل الاستقلال وبمجرد حصوله على السلطة سعى لضم المعارضة بداخله بشتى الطرق السلمية وغير السلمية، وقد ارتبط التغير في قاعدة الحزب بتغير رؤسائه حيث الانتماءات الإثنية لكل رئيس، مما يدل ذلك على فشل حزب (كانو) في تجميع كل الجماعات الإثنية بداخله، مع فشله في عدم تحقيق مطالب الكثيرين من الشعب حيث أن استخدام العنف من قبل حزب السلطة والقمع واستغلال أدوات الإعلام وإطلاق الأكاذيب ضد المعارضة واستخدام الحلول الأمنية بالتعذيب المفرط لها، يدل على عدم قيامه على أساس سياسي نموذجي، وبالتالي كان عدم ثبات القاعدة الحزبية داخل حزب (كانو) وداخل كل الأحزاب الكينية، حيث تغلب مصالح الفرد ثم الجماعة وإعلاء الهوية الإثنية على الانتماء الوطني، وقد تبين أيضًا تحول القادة والأعضاء من حزبٍ لآخر حاكم أم معارض تبعًا لنتيجة الانتخابات والمصالح الخاصة.
  • لوحظ أن أغلبية الانشقاقات المتعددة بداخل الحزب لم تكن لاعتباراتٍ وطنية، وإنما تغلبت عليها المصلحة الفردية التي استغلت الإثنية في تكوين أحزاب أخرى، كما أوضحت الدراسة أن زعامة الحزب اعتمدت على الإثنية بشكلٍ كبير وبالتالي زعامة الدولة، وأن زعماء الحزب لم يعطوا اهتمامًا يذكر بشكل الأحزاب الذي يوضحه الدستور، وهو ما ظهر في عدم الاهتمام بشكل الهيكل التنظيمي لحزب (كانو)، حيث تركز الهدف الأساسي له في الاحتفاظ بالسلطة، وظهر ذلك من خلال الصراع النخبوي من أجل المصالح الشخصية والذي أدى إلى الانشقاقات والتحالفات التي حدثت بداخل الحزب منذ الاستقلال.
  • أوضحت الدراسة أن الانتماءات الإثنية لعبت دورًا في فوز أي حزب بالسلطة، وقد لعبت المصالح الشخصية  دورًا في ذلك أيضًا.
  • بينت الدراسة أيضًا ضمن الإطار الحركي، أن حزب (كانو) كان ينشط وقت الانتخابات ويخمد فيما بعد، وبعدما انهزم الحزب كان التداول سلميًا نظرًا لانتهاء فترة الرئيس، وانتهاء حكم هذا الحزب بهزيمة مرشحه أمام قوة المعارضة والتي بدورها أصبحت نظامًا حاكمًا وأساء رئيسها استخدامه للسلطة مثل غيره، حيث اتجه حزبه للتزوير في انتخابات 2007 والتي كانت سببًا في العنف الدموي عقب إعلان النتيجة، فلم يكن هذا العنف الذي لم تشهده البلاد من قبل نتيجة لاستمرار الصراع الإثني فقط، ولكن أيضًا لحدوث أقصى درجات التزوير الانتخابي الذي بات واضحًا للجميع، وأيضًا لمصالح البعض الذين سعوا لتأجيج العنف باستغلال عامل الاختلاف الإثني، وهنا تثبت الدراسة أن التزوير الانتخابي بشكلٍ فاضحٍ يأتي بنتيجة غير مرضية على الإطلاق بالإضافة لتردي الأوضاع الاقتصادية واستخدام مؤسسات الدولية الأمنية لصالح الحاكم، والتي ربما تستخدمه الدول ذات المصالح في الوضع السياسي للبلاد وتأجيج العنف والإرهاب بها.
  • كما أثبتت الدراسة أن المجتمع المدني لعب دورًا هامًا في الضغط على حزب (كانو) الحاكم من أجل تكوين أحزاب أخرى، خاصًة بعدما ساء الوضع الاقتصادي والاجتماعي للجماعات الإثنية الأخرى، واستعان المجتمع المدني في ذلك بالقوى الكبرى والدول المانحة التي كانت تسعى للسيطرة على الدول الأفريقية من خلال فرض شروطها المرتبطة بمشروطات سياسية، حيث توعدت بمنع المعونات إن لم يحدث تعديل دستوري يقر بتكوين أحزاب أخرى في البلاد ولكن لوحظ أن الوضعين السياسي والاقتصادي لم يتحسنا حتى بعد تكوين أحزاب أخرى، حيث استمر سوء أوضاع الجماعات الأخرى التي لا تنتمي للحزب الحاكم، وذلك باستمرار تضييق الخناق عليها سواء بشكل قانوني أم بشكل غير مباشر من خلال أدوات الإعلام مع استخدام الكنيسة في التوجه السياسي، حيث كان تأثير الكنيسة على المجتمع الكيني تأثيرًا قويًا باللعب على الروحانيات والتقاليد والعادات خاصة وقت الانتخابات.
  • لم يكن بقاء حزب (كانو) في السلطة لعدة عقود نتيجة لتطبيق أيديولوجية واضحة، ولكن بسبب العوامل الداخلية والخارجية التي استفاد منها لبقائه طوال هذه الفترة، وأهمها العامل الإثني، والتحكم الغربي، أما من أسباب ضعف الحزب تتضح من اتسامه بالجمود في عدم تطوير أفكاره وبرنامجه الحزبي، وكذلك كثرة الانشقاقات به، بينما يعتبر عامل المصلحة سواء داخليًا أم خارجيًا، سببًا متناقضًا في بقائه ثم في ضعفه.
  •  بينت الدراسة أن حزب (كانو) كان ينشط وقت الانتخابات ويخمد فيما بعد، وبعدما انهزم الحزب كان التداول سلميًا نظرًا لانتهاء فترة الرئيس، وانتهاء حكم هذا الحزب بهزيمة مرشحه أمام قوة المعارضة والتي بدورها أصبحت نظامًا حاكمًا وأساء رئيسها استخدامه للسلطة مثل غيره، حيث اتجه حزبه للتزوير في انتخابات 2007 والتي كانت سببًا في العنف الدموي عقب إعلان النتيجة، حيث لم يكن هذا العنف الذي لم تشهده البلاد من قبل نتيجة لاستمرار الصراع الإثني فقط، ولكن أيضًا لحدوث أقصى درجات التزوير الانتخابي الذي بات واضحًا للجميع، وأيضًا لمصالح البعض الذين سعوا لتأجيج العنف باستغلال عامل الاختلاف الإثني، وهنا تثبت الدراسة أن التزوير الانتخابي بشكلٍ فاضحٍ يأتي بنتيجة غير مرضية على الإطلاق بالإضافة لتردي الأوضاع الاقتصادية واستخدام مؤسسات الدولية الأمنية لصالح الحاكم، والتي ربما تستخدمه الدول ذات المصالح في الوضع السياسي للبلاد وتأجيج العنف والإرهاب بها.
  • أثبتت الدراسة أن المجتمع المدني لعب دورًا هامًا في الضغط على حزب (كانو) الحاكم من أجل تكوين أحزاب أخرى، واستعان في ذلك بالقوى الكبرى والدول المانحة التي كانت تسعى للسيطرة على الدول الأفريقية من خلال فرض شروطها المرتبطة بمشروطات سياسية تخدم مصالحها في تلك الدول، ومن ثم كان ذلك سببًا في بقاء الأحزاب لفترات طويلة نظرًا لموالاة زعمائها لهم، خاصةً في كينيا التي لها ثقل سياسي بين دول شرق القارة الأفريقية، ولكونها دولة هامة من دول حوض النيل، وظهر ذلك من خلال سيطرة الدول المانحة على الوضع السياسي في كينيا وإجبار حزب (كانو) الحاكم لفترات طويلة على تعديلات دستورية من حين لآخر بالشكل الذي يخدم مصالحهم حتى في تدخلهم للمصالحة بعد أحداث العنف التي أعقبت انتخابات 2007، وفي ظل ضعف حزب (كانو) منذ هزيمته في انتخابات 2002، مما يدل على أن الدول الغربية تساعد أشخاصًا أو أحزابًا تبعًا لمصلحتها، ووضح ذلك من خلال مساعدتها بشكل كبير في بقاء حزب (كانو) في الحكم من أجل مصلحتها الخاصة.
  • لوحظ أنه بالرغم من تخلص حزب (كانو) سياسيًا من الميراث الاستعماري المتمثل في نظام التعدد الحزبي، إلا أنه لم يتخلص من السياسة الاقتصادية المتمثلة في الرأسمالية حيث أن حزب (كانو) الحزب الحاكم لأربعة عقود في كينيا، هو حزب ضمن حزبين بين الدول الأفريقية الذي أخذ بالرأسمالية.
  • يعتبر غياب الأيديولوجية الثابتة سببًا في ضعف الحزب، نظرًا للاعتماد على الأشخاص أكثر من الهدف الذي بسببه يفضل البعض حزبًا ما عن غيره، وبالتالي استقرار الحزب من عدمه يأتي من مصداقية برامجه وأهدافه وأيديولوجياته التي يتبناها، بينما تبين أن استمرار حزب (كانو) لعقود طويلة في السلطة، نتيجة استغلاله كونه حزبًا حاكمًا ومن ثم بات الفساد السياسي هو السبب في بقائه حيث الفساد الإداري والمالي لصالحه، مع الدعم الغربي له فترات طويلة وكذلك تأييد بريطانيا والولايات المتحدة لزعماء بعينها بداخله.
  • دل أيضًا فوز (كينياتا الإبن) بفارق طفيف على أن التحالفات والمعارضة صارت أكثر قوة، خاصًة بعد انفصاله عن الحزب الذي له تاريخ سياسي طويل والذي أصبح حزبًا هشًا بانشقاق فصيل كبير عنه بعد هزيمته عام 2002، حيث وانضمامه لتحالف قوي يضم أكبر الجماعات الإثنية في كينيا، واتضح ذلك أيضًا في الانتخابات الأخيرة والتي أجريت شهر أغسطس 2017 وفاز بها (أوهورو كينياتا) لفترة رئاسة ثانية على منافسه التقليدي (رائيللا أودينجا) بفارق غير كبير في البداية، وتم تهنئة الأول من قبل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الغربية، وذلك قبل تقديم المنافس لأوراق تثبت تزوير تلك الانتخابات والتي أقرت المحكمة بإعادتها في أكتوبر من العام نفسه، والتي تمت بالفعل وظهرت نتيجتها بإعلان فوز (كينياتا الإبن) مرة أخرى ولكن بنسبة 98%، وذكرت التقارير الإخبارية أن تلك النسبة الكبيرة التي فاز بها، نتيجة لامتناع ناخبي المعارضة عن المشاركة في تلك العملية الانتخابية التي اعتبروها مهزلة انتخابية، ولذهاب عدد أكبر من الناخبين الذين تنطبق عليهم الشروط والمؤيدين لكينياتا الإدلاء بأصواتهم لصالح (كينياتا).
  • ولاحظت الباحثة أن تداول السلطة في كينيا لا يخرج عن مجموعة أشخاص وعائلات وجماعات، حيث أن الرئيس الحالي هو إبن أول رئيس لكينيا وهو (كينياتا الإبن) وكان منافسه في انتخابات الرئاسة أيضًا هو (أودينحا الإبن)، بينما يترأس (جيديون موي) حزب (كانو) وهو إبن الرئيس الثاني للبلاد ورئيس حزب (كانو) السابق (دانيال آراب موي)، وأيضًا تحتل النخبة الصدارة في كل المجالات من ناحية استفادة البعض دون الآخر وهو ما يدل على الفساد في النظام الكيني شأنه شأن كل الدول الأفريقية.
  • لوحظ أن كينيا وضعت قيودًا لإجراء الانتخابات التمهيدية بالأقاليم والولايات والتي سبقت انتخابات 2017 البرلمانية الأخيرة، مما يعتبر ذلك أولى المظاهر غير الديمقراطية في طريقة إجراءها.
  • وقد اتضح من خلال أحداث العنف التي شهدتها كينيا مؤخرًا بانتخابات 2017 والتي كادت أن تذكرنا بأحداث العنف الشديدة التي شهدتها انتخابات 2007، أن هناك نتائج إيجابية وسلبية في آنٍ واحد، فتظهر الإيجابية في استقلال القضاء الذي حكم بإعادة الانتخابات، وهي المرة الأولى في تاريخ أفريقيا أن يتم إلغاء نتيجة انتخابات رئاسية في دولة من دول القارة، وكذلك تظهر الإيجابية في قوة المعارضة التي أثبتت عمليات التزوير والمخالفات الانتخابية، أما الجانب السلبي فيظهر في فساد اللجنة الانتخابية في كينيا والتي أعلنت فوز (أوهورو) حيث اتضح فسادها بعد إثبات غير ذلك، وكذلك تلقي الفائز التهنئة من الدول الكبرى في وجود مراقبين دوليين لم يثبتوا هذا التزوير، مما يدل أنه لا تزال تسيطر تلك القوى على كينيا، والتي ترتبط مصالحها بمصالح أشخاص في السلطة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تعمل للمحافظة على مصالحها في كينيا حيث تتواجد قواعدها العسكرية هناك منذ عقود.
  • خلصت الدراسة أيضًا أن عملية التحول الديمقراطي على النمط الليبرالي الغربي لا تناسب دول القارة الأفريقية، حيث أنها حق يراد بها باطل، فظاهرة الديمقراطية حق بالفعل، ولكنها تستخدم تبعًا للأجندة الغربية في دول القارة والتي لا تناسب طبيعة تلك الدول وخصائص شعوبها وثقافاتهم السياسية، ولكنها تخدم فقط مصالح الدول الكبرى داخل الدول الأفريقية وبالتالي داخل كينيا والتي تعد دولة لها أهمية خاصة بالنسبة لتلك الدول، ولكن للأسف يتبناها النخبة من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية أيضًا ومصالح جماعاتهم وأحزابهم خاصةً القائمة على الإثنية، حيث تبين من حالة (كينيا) وحزب (كانو) أنه مجرد تداول ظاهري للسلطة، حيث من يصل للسلطة يسير على نفس النهج في التضييق على المعارضة والتحكم في أدوات الإعلام، والبرلمان، وتمييز جماعته، وبعض الموالين له، وبعض من يستفيد منهم، مقابل استفادتهم الشخصية، حصولهم على الامتيازات والمناصب في مؤسسات الدولة خاصةً العسكرية، وتحكمت كل جماعة تتقلد الحزب الحاكم في النظام السياسي للدولة وأدوات الإعلام لصالحها وكذلك في الاقتصاد، سواء أثناء فترة الأخذ بنظام الحزب الواحد أو التعددية الحزبية، فلم يختلف الأمر حيث ظلت الإثنية هي المتحكمة في النتائج الانتخابية وبالتالي في العمل السياسي، وظلت النخبة واحدة في كل فترة حيث ظلت نفس الوجوه والقيادات هي التي تأخذ مناصب هامة بالدولة سواء من نفس الحزب الحاكم أم المعارض من خلال التحالفات والانشقاقات بين الأحزاب، والتي تحكمها فقط المصلحة الخاصة للفرد أولًا ولجماعته الإثنية ثانيًا، وتحكمت الدول المانحة في وصول تلك الأشخاص للسلطة.

 وقد أخذ كل رئيس وصل للحكم من مفهوم الأبوية السياسية طريقًا للحفاظ على منصبه للأبد لولا تحديد الدستور الجديد لمدة رئاسة وفترات محددة والتي لم تكن بمنأى عن تحكم الإثنية في الانتخابات ونتائجها.

ويظهر بهذا أنه لم يكن هناك تداول للسلطة في كينيا وفق المعنى السياسي للمفهوم بانتقال السلطة من حزب إلى حزب أو من شخص لآخر، ولم يحدث أي تطور في حزب (كانو) منذ الاستقلال يمكن أن يذكر له سواء سياسيًا أم اقتصاديًا حيث ينشط الحزب وقت الانتخابات فقط، معتمدًا على بيانات وبرامج متكررة لا يتم تنفيذها في الغالب.

  • ولاحظت الدراسة أن حزب (كانو) ظل إسمًا يفوز بأقل عدد من المقاعد البرلمانية نتيجة لانفصال أكبر جزء عنه، وبالرغم من تكوين (أوهورو) لحزب آخر وتحالفه وترشحه ضمن تحالف اليوبيل، إلا أن الكتلة الفعلية والأكبر هي المنشقة عن حزب (كانو)، والتي ذهبت بفكرها وطبيعتها باسم آخر لكن لنفس الأشخاص التي تفوز في الانتخابات البرلمانية، وبالتالي الفكرة في تحكم الأشخاص والنخبة تحت مسميات أحزاب أخرى.