بحلول عام 2030 يتوقع أن تتحول الزراعة والأعمال التجارية القائمة والمرتكزة عليها في القارة السمراء إلى صناعة يقدر حجمها بـ”تريليون دولار”، وهذا يعني أن الآفاق رحبة، وتزخر بملايين الفرص للشباب، مورد أفريقيا الحقيقي ورأسمالها؛ وفقا لـ”مارتن فريجين” مدير الزراعة والصناعة الزراعية في البنك الأفريقي للتنمية.

وتشير الإحصائيات إلى وفرة كبيرة فى العنصر البشرى؛ إذ تحوي القارة 1.3 مليار نسمة، 40% تقريبًا من الشباب القادرين على العمل في الحاضر والمستقبل.

كما تشير الأرقام إلى أن “سلة غذاء العالم” كما يطلق على القارة الأفريقية، تضم 60% من الأراضي الصالحة للزراعة “غير المستغلة” بعد في العالم. ويكفى استغلال 80 مليون هكتار من هذه الأراضي في جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها “لإطعام ملياري شخص حول العالم”، أي ما يعادل سكان قارتي أفريقيا وأوروبا. ومن هنا يمكن وصف الموارد الزراعية والصناعات المتصلة بها بمفتاح تسريع النمو الاقتصادي للقارة السمراء، ومن ثم التأثير في المشهد الاقتصادي العالمي، ومزاحمة الاقتصادات الكبرى.

شركة للزراعة الدقيقة.. نموذج ناجح لشاب إيفواري

“إنفيستيف INVESTIV”؛ شركة إيفوارية ناشئة، أسسها رئيسها التنفيذي أبوبكر كريم وهو في عمر الـ23 عامًا في 2017، لتتخصص في الزراعات الدقيقة.

وكان نهج “إنفيستيف” يرتكز على استخدام طيارات بدون طيار “درونز” لتزويد المزارعين بالخرائط اللازمة والمعلومات عن جودة التربة، والظروف الصحية للنباتات، وكذلك المساهمة في رش المحاصيل بالمبيدات والأسمدة، وقياس ومراقبة تنمية المحاصيل من خلال منصة على الإنترنت.

الشركة قامت برسم ومراقبة أكثر من 8000 هكتار من الأراضي وخلق أكثر من 20 وظيفة.

الشباب الأفارقة الذين لديهم ملكة الابتكار وكذلك التمتع بنشاط فائق مثل كريم؛ هم السبب في أن البنك الأفريقي للتنمية يستثمر ملايين الدولارات في قطاع الزراعة في أفريقيا – عبر التركيز على الشباب واحتضان مشروعاتهم وابتكاراتهم التي من شأنها مستقبلًا الإسهام في ازدهار الصناعات والأعمال التجارية القائمة على الزراعة.

أبوبكر كريم.. رائد أعمال الزراعة الرقمية الأفضل 2018

وفاز كريم بجائزة البنك الأفريقي للتنمية لعام 2018 كأفضل رائد للأعمال الزراعية، وكذلك فوزه بمسابقة الزراعة الرقمية؛ وهو حدث سنوي يرسخ ثقافة الابتكار ويرعى الابتكارات التجارية الزراعية التي تقودها التكنولوجيا الرقمية لخلق مزيد من فرص العمل وتحسين سبل العيش بين الشباب.

بالإضافة إلى ذلك، يعمل البنك الأفريقي للتنمية مع البلدان الأعضاء والشركاء الآخرين في التنمية من خلال تنفيذ برنامج تمكين الشباب، وهو أحد المبادرات الرائدة للبنك التي تعالج تحديات تشغيل الشباب في أفريقيا.

صناعة وتمكين رواد أعمال بالصناعات الزراعية

استغلال طاقات وابتكارات الشباب “رجال ونساء” وتمكينهم في كل مرحلة من سلسلة القيمة للأعمال التجارية الزراعية، هو هدف يعمل عليه البنك الأفريقي للتنمية لخلق رواد أعمال بقطاع الصناعات الزراعية يتسمون بميزات تنافسية، وقادرون على النفاذ إلى الأسواق العالمية.

وحتى الآن، خصص البنك أكثر من 350 مليون دولار لتمويل وتمكين استثمارات الشباب في 12 دولة بالقارة السمراء.

خلق 25 مليون وظيفة بحلول 2025

ويعد الهدف من استراتيجية البنك الأفريقي للتنمية؛ هو توفير فرص العمل للشباب في أفريقيا وخلق 25 مليون وظيفة بحلول عام 2025.

ومن بين القطاعات الاقتصادية المختلفة التي يمكن أن تشرك الشباب وتحولهم إلى مورد متدفق، فإن قطاع الأعمال الزراعية هو الأفضل بالوقت الراهن وقادر على توفير فرص عمل، وكذلك فرص اقتصادية كبيرة.

وعلى الرغم من الهجرة الريفية الحضرية، لا يزال حوالي 70% من الشباب في أفريقيا يقيمون في المناطق الريفية ومعظمهم يعملون في قطاع الزراعة حيث يمثلون 65% من القوى العاملة.

الأعمال الزراعية.. صناعة تنافسية بـ”تريليون دولار” 2030

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يصبح قطاعا الزراعة والأعمال الزراعية صناعة تبلغ قيمتها تريليون دولار في أفريقيا بدول جنوب الصحراء الكبرى بحلول عام 2030.

ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو”، بلغت فاتورة استيراد المواد الغذائية للدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى في عام 2017 ما قيمته 47 مليار دولار -وهي فرصة واضحة للسوق.

هناك نمو هائل في أسواق الأغذية الزراعية العالمية والإقليمية، والصناعات القائمة على الزراعة في أفريقيا يمكن أن توفر الاستجابة لهذا الطلب فرص العمل ومن ثم توفير الدخل للشباب.

اليوم، أصبح شباب أفريقيا مطالب بالاستعداد للاستفادة من هذه الأسواق الزراعية سريعة النمو، ولن يكون وحيدًا في بداية الطريق، فالبنك الأفريقي للتنمية يلتزم بتمكين جيل جديد من المزارعين التجاريين الشباب الذين سيجعلون الزراعة الأفريقية أكثر إنتاجية وأكثر كفاءة وأكثر تنافسية.

يفوني أوتينو.. شاب كيني من جيل المزارعين التجاريين

رائد الأعمال الزراعية الكيني يفوني أوتينو، هو جزء وعنصر فاعل من هذا الجيل الجديد من المزراعين التجاريين الشباب في أفريقيا.

مدير تنفيذي ومؤسس مشارك في شركة “ميونجا فريش جرينز Miyonga Fresh Greens”، والتي تركز على تحسين وصول صغار مزراعي الخضروات والفواكه إلى الأسواق العالمية.

شارك “أوتينو” في برنامج تدريبي نظمه البنك الأفريقي للتنمية لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك في كوريا للتعرف على التقنيات الجديدة المبتكرة في صناعة الأعمال التجارية الزراعية.

وكانت مؤسسة “ميونجا فريش جرينز” بدأت كمزرعة عائلية تبلغ مساحتها 1.5 فدان لزراعة الفاصوليا الفرنسية والذرة الصغيرة، ومنذ ذلك الحين نمت وازدهرت لتصبح 10 فدان، وتقوم بالتصدير مباشرة إلى أوروبا.

لقد توسعت من خطي إنتاج إلى ستة خطوط إنتاج، ومن التجارة فقط في المنتجات الزراعية الخام مثل الخضروات والفواكه الطازجة إلى منتجات ذات قيمة مضافة بما في ذلك الفواكه المجففة ومسحوق الفواكه للتصدير.

وتعمل الشركة الآن مع شبكة من 5000 من صغار المزارعين الذين لديهم أكثر من 200 هكتار من الأراضي، وتمكنت من خلق فرص عمل لـ 100 امرأة وشابة.

كما تجري حاليًا مناقشات مع موزع لديه أكثر من 1000 منفذ بيع بالتجزئة في جميع أنحاء أوروبا بالإضافة إلى وجود قوي على الإنترنت.

هناك فرص واضحة لجذب الشباب إلى قطاع الزراعة كصغار المزارعين، من خلال النظام الإيكولوجي الصحيح لريادة الأعمال والمهارات والتقنيات وتحسين فرص الحصول على التمويل، فالشباب الأفريقي، رجال ونساء، سيتعاملون مع الزراعة كشركة تجارية ويمكن أن يصبحوا مالكين لمشروعات الأعمال التجارية الزراعية المربحة والمستدامة.

وختامًا، يمكن القول أن الاستثمار في الشباب الأفريقي ستكون عوائده؛ توفير المزيد من فرص العمل، زيادة إنتاج الغذاء لعدد متزايد من السكان، الاعتماد أقل على واردات الأغذية، وميزان تجاري أكثر صحة لبلدان القارة السمراء.

ويعمل البنك الأفريقي للتنمية، اليوم، مع الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص في أفريقيا لتمكين الشباب من القيادة والنجاح في القطاعات الزراعية ليس فقط في جميع أنحاء القارة، ولكن أيضًا في جميع أنحاء العالم.