كتبت – أماني ربيع

شابان في مقتبل حياتهما متعلمان مليئان بالأحلام يلتقيان صدفة ويقعان في الحب، قد تبدو بداية لحكاية عاطفية عادية، لكن لقاء الأبيض بالأسود كان أمرًا غير مرحب به في لندن عام 1948، ورغم ذلك سلطان الحب كان أقوى لدى الشاب الأسمر الأرستقراطي سيرتسي خاما وحبيبته الإنجليزية البيضاء روث ويليامز، من رياح العنصرية التي عصفت بقلبيهما، وجعلت من حبهما أسطورة عشق جرت أحداثها في العصر الحديث.

الحب لا يسأل عن لون البشرة

“لقد قابلت فتاة، وأعتقد أن عليك مقابلتها، أود أن تكون زوجتي”، هذا ما قاله سيرتسي خاما، طالب القانون الشاب لصديقه المقرب تشارلز نجونو، بعدما وقعت عيناه على روث ويليامز، لكن كيف اشتعلت شرارة الحب.

ولدت الفتاة البيضاء باسم روث ويليامز، لكنها توفيت عن عمر يناهز 78 عامًا، باعتبارها السيدة خاما، ترعرعت في بلاكهيث جنوب لندن لأب كابتن سابق في الجيش الهندي، وخلال الحرب العالمية الثانية غادرت مدرسة إلثام الثانوية للانضمام إلى سلاح الجو حيث عملت كسائق إسعاف، وفي محطة هبوط الطواريء بـ “بيتشي هيد”، وبعد انتهاء الحرب عملت في شركة تأمين لويدز، وكانت حياتها تدور حول العمل، وقضاء العطلات في التزحلق على الجليد والرقص على نغمات الجاز.

وفي ذلك الوقت، كان سيرتسي بعد عام في كلية باليول بأكسفورد، يدرس القانون، ويعيش في نزل قرب ماربل آرك، وفي يونيو عام 1947، رافقت روث شقيقتها الصغرى مورييل إلى أمسية راقصة بجمعية التبشير بلندن في “نوتوفورد هاوس”، قدمت مورييل سيرتسي لشقيقتها الكبرى، ولم يكن أحد يعلم أنه وريث زعيم قبيلة بامانجواتو في بيتشوانالاند.

كل ما عرفته روث أن هذا الرجل يدرس القانون، وقالت عن لقائهما الأول لاحقًا: “رأيت أفريقيًّا طويلًا ممشوق القوام، يبتسم مع أسنان رائعة، وأكتاف عريضة “، ووجد الثنائي أنهما يشتركان في حب الجاز.

بعد ثلاثة أشهر من اللقاء الأول، جمع سيرتسي ما لديه من شجاعه ليسأل روث الزواج، اتصل بها، وقال لديّ تذكرتين لـ “The Ink Spots” وهي فرقة جاز شهيرة، سأحصل على ثلاثة تذاكر إذا رغبتِ في قدوم أختك”، وأجابت روث ببساطة: “أحب أن آتي – بدون أختي”.

قضى الثنائي العاشق الكثير من الوقت بعد ذلك، شاهدت روث سيرتسي وهو يلعب كرة القدم، ذهبا للتزحلق على الجلييد، وكانت روث أول من أخبره بنجاحه في الامتحان.

كأي زوجين يتواعدان، لم يكن روث وسيرتس يعلمان أنهما سيقعان في الحب، قال سيرتسي: كانت لدينا مخاوف لا شعورية مما يحمله لنا المستقبل، وأفترض أن كلينا تساءل سرًّا عن كنه المستقبل الذي يجمع أمير أفريقي وسكرتيرة إنجليزية بيضاء”.

وأضاف: “لكن في مسائل القلب، نادرًا ما يلتفت القلب للون البشرة، كانت تلك المرأة تحبني، وعرفت أنني أريدها زوجة، وهي المرأة التي أردت أن ترافقني في توجيه وقيادة شعبي في بيتشوالاند”.

زواج يصنع أزمة

لكنّ الآخرين رأوا الأمر بطريقة مختلفة، ومع انتشار قصتهما في لندن بدأت روث تتعرض للاضطهاد، كانت فكرة اجتماعهما بالزواج في لندن فترة الأربعينيات أمرًا مستحيلًا على الاستيعاب، الكل شعر بالغضب من رؤيتهما معا، كان أصدقاؤها ومعارفها يمشون في الجانب الآخر من الشارع لتجنب مقابلتها، كما كان الجميع يرى أن فتاة بيضاء تخرج مع رجل أسود أمرًا يجعلها غير محترمة، وحاولت الصحافة تشويه علاقتهما وتصويرها كفضيحة مروعة، ما شحن الرأي العام ضدهما.

وكان لسيرتسي نصيبه من المشكلات في بلاده، فهو ابن زعيم قبيلة بامانجواتو القوية في مستعمرة بيتشوانالاند البريطانية، والمجاورة لدولة جنوب أفريقيا بنظامها العنصري، بعد وفاة والده رباه عمه ليصبح رئيس القبيلة المنتظر، لذا كان خياره في الحب ليس مجرد قرار شخصي فمن شأنه التأثير على أوضاع بلاده السياسية، وكانت النتيجة المباشرة لإعلانه الحب من إنجليزية بيضاء هو الانقسام داخل قبيلته، ونشوب خلاف سياسي بين بريطانيا وجنوب أفريقيا وروديسيا الجنوبية، عانى خلالها الثنائي 8 سنوات من النفاق البريطاني على المستوى الرسمي.

حاول المفوض السامي البريطاني في البلاد منع الزواج، ومع إصرارهما أحال الطلب إلى أسقف لندن الدكتور جون واند الذي تعرض لضغوط من قبل الحكومة البريطانية، وأخبرهم أنه ليس بإمكانهما الزواج حتى توافق الحكومة.

وفي لندن لم يتمكنا من العثور على سكن، بسبب رفض معظم الملاك لسكن زوجين مختلطين لديهم، وقال عم سيرتسي عندما عرف بالأمر، “إذا أحضر زوجته البيضاء إلى هنا فسأقاتله حتى الموت”.

وشعرت الحكومة البريطانية بقلق بالغ إزاء ما يمكن أن يفعله زواج روث وسيرتسي، بالعلاقات بين بريطانيا وجنوب أفريقيا، المجاور لبوتسوانا الذي أصدر للتو قانونًا ضد الزواج المختلط.

وفي سبتمبر عام 1948 كتب سيرتسي ليخبر عمه، تسكيدي خاما، الوصي عليه والقائم بأعمال الرئيس في قبيلة بامانجواتو.

في بيتشوانالاند، كانت زوجة الزعيم تعتبر تقليديًّا أمًّا للقبيلة، ولم يستطع تسكيدي أن يتصور امرأة بيضاء في هذا الدور، ومن جهته أحال تسكيدي مسألة ابن أخيه إلى المجلس العام القبلي الذي يسمى “kototla”، حيث عارض 14 من أصل 15 من أقرباء الدم الملكي الزواج، فعاد سيرتسي إلى لندن لمواصلة دراسته القانونية وبعد 6 أشهر، أكدت الإدارة الاستعمارية رفض “kototla” لروث كملكة للقبيلة.

انتشرت الشكوك في ذلك الوقت حول رغبة تسكيدي في قيادة القبيلة وإقصاء سيرتسي، ما زاد في الشقاق بين العم وابن أخيه، عاد سيرتسي إلى بيتشوانالاند مجددا لمواجهة 4000 شخص في المجلس القبلي، خاطب تسكيدي الاجتماع أولا، وقال إنه سيلم القيادة إلى سيرتسي، لكن إذا أحضر زوجته البيضاء فسوف يقاتله حتى الموت، وسأل عمن يدعمه في قراره، فوقف تسعة أشخاص.

تحدث بعد ذلك سيرتسي نفسه، قال الموضوع من وجهة نظره، وقال إنه لا يريد لبلاده أن ترث عنصرية جنوب افريقيا التي يعاني منها الجميع، وقف 43 شخصًا يعارضوه في البداية، ثم سأل من يؤيده أن يقف، فصرخ جميع الحضور “بولا” أي المطر، وبدا أن الرأي العام في القبيلة يتحرك لصالحه.

كانت روث في هذا الوقت في بيتشوانالاند، وهي حامل، لكن في هذه المرحلة، بدأ العنصريون من جنوب أفريقيا في التدخل، وكان هناك رد فعل إقليمي غاضب على هذا الزواج، وقال السير جودفري هوجينز، رئيس وزراء روديسيا الجنوبية آنذاك، أنه كتب إلى المفوض السامي لبيشوانالاند، وباسوتولاند وسوازيلاند، إنه سيكون “كارثيًا” إذا أصبح هذا “الزميل” في إشارة لسيرتسي، رئيسًا لبامانجواتو.

أما رئيس وزراء جنوب أفريقيا الجديد “دي. إف. مالان”، الذي قاد الحزب الوطني إلى الفوز الأول، وصعد معه نظام الفصل العنصري إلى سدة الحكم في البلاد، وحث الحكومة البريطانية على معارضة الزواج، ووصفه بـ”الغثيان”.

دعا فيليب نويل بيكر، وزير الدولة للشؤون العمالية في حكومة الكومنولث، سيرتسي للتحدث حول الإدارة المستقبلية للقبيلة، وكانت الدعوة له ولزوجته، لكنه رفض ذهاب روث معها؛ لأنه شعر أن الدعوة مجرد مكيدة وأنهم ربما يمنعونها من العودة معه، وبالفعل سافر وحده، وبمجرد وصوله إلى لندن طلب منه التنازل عن دورهف ي القبيلة، مقابل بدل سنوي معفي من الضرائب قدره 1000 جنيه استرليني لكنه رفض، وتم نفيه من بيتشوانالاند لمدة 5 سنوات، على الرغم من التأكيدات السابقة من المفوض المقيم هناك بأنه سيكون حرًّا في العودة إلى الديار، وكتب إلى روث:

“أنا والقبيلة خدعنا من قبل الحكومة البريطانية، أنا محظور من العودة إلى البلاد، مع الحب، سيرتسي”.

بعد ذلك ألقى سيرتسي خطابًا -في مؤتمر صحفي- اتهم فيه حكومة حزب العمال بخداعه مرتين، وحاول باتريك جوردون ووكر، وزير علاقات الكومنولث الجديد، دحض هذا الاتهام دون جدوى، نافيًا وجود أي ضغوط من قبل جنوب أفريقيا، لكن وبخه زعيم المعارضة أنذاك وينستون تشرشل، وبدا أنه يدعم سيرتسي.

وعندما عاد المحافظون إلى السلطة في بريطانيا عام 1951 مددوا مدة نفي سيرتسي إلى أجل غير مسمى، معتبرين أن عودته، ستهدد السلام في بيشوانالاند، وقوبل هذا القرار على الفور بأعمال شغب.

وفي الحقيقة، تصرف كل من حزب العمال وحزب المحافظين بخداع مع سيرتسي لاسترضاء العنصرية البيضاء، وهو ما اعترف به رئيس وزراء حزب العمال السابق كليمنت أتلي لاحقًا، وسمح لسيرتسي بالعودة إلى بلاده عام 1950 من أجل ولادة طفله الأول، وبعد ذلك عادت روث إلى يريطانيا وتصالحت مع والدها.

الحب ينتصر

في عام 1956، سُمح لسيريتسي أخيرًا بالعودة إلى بلاده، استقال من زعامة القبيلة، وأسس حزب بيشوانالاند الديموقراطي وفاز في انتخابات عام 1965، تمهيدًا لاستقلال بوتسوانا عام 1966، ليصبح أول رئيس للبلاد بعد استقلالها وخدم 4 فترات كرئيس، كانت روث خلالها رفيقة له، لكنها لم تتعلم أبدًا اللغات المحلية.

وهكذا في النهاية، انتصر حبهما على كل المحن، وصف جوليوس نيريري الذي كان صديقا شخصيا لسيرتسي، والرئيس الأسبق لتنزانيا، قصتهما بـ”إنها واحدة من قصص الحب العظيمة في العالم”.

أنجبت روث أول طفلة جاكلين عام 1950، ثم ثلاثة أبناء، إيان عام 1953، والتوأم أنتوني بول، الذي سُمي أنتوني على اسم توني بن، الذي قاد الحملة لإنهاء نفي سيرتسي”، وتسكيدي خاما في عام 1958، بقي الزوجان معا في سعادة حتى وفاة سيريتسي عام 1980.

وبعد وفاته، واصلت روث ما كانت تقوم به من أعمال خيرية، مثل العمل كرئيسة للصليب الأحمر في بوتسوانا.

خاما رائد التنمية

رغم مرارتها، منحته سنوات النفي، مصداقية لدى الناخبين، واجتاح حزيه منافسيه الإشتراكيين، وسيطر على انتخابات عام 1965، وبعد توليه رئاسة وزراء البلاد، واصل خاما الضغط من أجل استقلال بوتسوانا من جابورون العاصمة التي تم إنشاؤها حديثًا، وفي 30 سبتمبر عام 1966 حصلت بوتسوانا على استقلالها.

في وقت استقلالها عام 1966، كانت بوتسوانا ثالث أكثر دول العالم فقرًا، وأفقر من معظم الدول الأفريقية الأخرى، بلا بنية تحتية تقريبًا، من 12 كيلومترًا فقط من الطرق المعبدة، وعدد قليل جدا من مواطنيها حاصلين على تعليم رسمي، و22 خريجًا جامعيًّا فقط، و100 من خريجي المدارس الثانوية.

ومن الناحية الجيوسياسية والاقتصادية كانت بوتسوانا واحدة من أضعف البلدان الأفريقية الواقعة تحت الحكم الاستعماري، فهي دولة حبيسة ليس لها أي إطلالة شاطئية، كما هي محاطة بجيران عدائيين ودول تحكمها أقليات بيضاء عنصرية، جنوب أفريقيا، وجنوب غرب أفريقيا “ناميبيا” وروديسيا “زيمبابوي”، وكان بإمكان جنوب أفريقيا أن تمارس ضغوطها فيما يتعلق بإغلاق طريق التجارة الرئيسي، وفرض عقوبات، وربما توغل أو هجوم عسكري.

كان على بوتسوانا أن تسلك مسار الدبلوماسية الصعب بالطبع، خاصة وأن البلاد ضعيفة وفي حاجة ماسة لشركاء اقتصاديين، وعلاقات ديبلوماسية خارجية، خاصة وهم يعتمدون بشكل كبير على المساعدات القادمة من بريطانيا، والجميع شكك في قدرة الدولة الصغيرة على الاستمرار في تحدي جنوب أفريقيا ومقاومة ضغوطها، لكن كان لسيرتسي جاما رؤية استطاع فرضها بجدارة حيث سعى بعد استقلال بلاده في تطبيق خطة للتنمية في ديموقراطية غير عنصرية، منح فيها جميع المواطنين الحق في ممارسة الحرية السياسية والأمن دون تمييز، بدا هذا طموحا كبيرا لكنه تحقق بالفعل وأثبت نجاحًا بعد توليه الرئاسة، بدأ خاما برنامجًا اقتصاديًّا قويًّا يهدف لتحويل بوتسوانا إلى دولة اقتصادها قائمًا على التصدير، وبخاصة منتجات اللحوم البقرية والنحاس والماس، الذي اكتشفت رواسبه في وقت سابق.

كما اتخذ خاما، تدابيرا قوية ضد الفساد، لعنة الدول الأفريقية المستقلة حديثًا، وعلى عكس البلدان الأخرى في أفريقيا، واعتمدت إدارته سياسات السوق لتعزيز التنمية الاقتصادية، حرر التجارة وفرض ضرائب مخفضة على شركات التعدين، وفي منطقة غنية بالعداء والعنصرية والفساد والحروب الأهلية، دعا للديموقراطية وعدم العنصرية، وتحكيم القانون.

قام بتعيين المسؤولين على أساس الجدارة، وأسس بيروقراطية تتسم بالكفاءة وخالية من الفساد، واحتفظت الحكومة بالموظفين الأجانب العاملين فيها حتى العثور على مواطنين مرهلين يحلوا محلهم، واستفادت إدارته من المستشارين الدوليين، وشجعت شركات التعدين على التنقيب بحثًا عن المزيد من الموارد، ونتج عن ذلك اكتشافه للنحاس والنيكل والفحم.

من عام 1960إلى عام 1980، كانت بوتسوانا الأسرع نموًّا في العالم، نموًّا مدعومًا بشكل أساسي بالتعدين، وبالتفاوض عام 1960مع جنوب أفريقيا، حصلت بوتسوانا على نصيب أكبر من إيرادات التعدين، ثم تفاوضت من جديد على اتفاقية لاستخراج الماس تضمن حصولها على عائدات 50%، وبحلول سبعينيات القرن الماضي أصبح لدى بوتسوانا فائض في الميزانية.

استخدمت الحكومة هذه العائدات للاستثمار بكثافة في توسيع البنية التحتية والرعاية الصحية ونظام التعليم، وإلى جانب ذلك دعمت صناعة الماشية، وقامت بتأميم المسلخ الوحيد الموجود في البلاد وبناء اثنين آخرين، ودعمت الخدمات البيطرية واللقاحات، لتصبح الحكومة، البائع الوحيد للحوم البقر في البلاد، وحددت الأسعار وصدرت اللحوم إلى الأسواق الإقليمية والدولية، وعبر تدخل خاما المباشر، تفاوضت بوتسوانا على صفقة تجارية مربحة مع الجماعة الاقتصادية الأوروبية.

وتأسست شركة بوتسوانا للتنمية عام 1970، لجذب الاستثمارات الأجنبية في زراعة المحاصيل، والسياحة والصناعات الثانوية، وفي عام 1976، أصبحت البولا العملة الرسمية للبلاد، بدلا من راند جنوب أفريقيا.

التعددية في أفريقيا أمر ممكن

ساهم إخلاص سيرتسي وشخصه النبيل في بناء نموذج يحتذى به، وحتى المساعدات لم تكن تذهب هباء، فكلما تلقت بوتسوانا مساعدات استطاعت تحقيق المزيد من النجاح، وكان نجاحها يقوض دعائم نظام الفصل العنصري، فلم يكتف سيرتسي بالخطب عن المثالية بل صدقتها أفعاله، وكان نجاحه ضمانًا لسلامة مبادئه.

وبسبب تفاني خاما في التنمية، أنفقت الحكومة القليل على الدفاع، لكن على الرغم من إنجازات نظام سيرتسي الواضحة، كان الأمن الخارجي بحاجة لوقفة.

على جبهة السياسة الخارجية، كان خاما حذرًا سياسيًّا ولم يسمح للجماعات المسلحة بالعمل من داخل بوتسوانا، وبعد أسبوع من الاستقلال، أعلن أمام الجمعية الوطنية سياسة حكومته التي تضمن ألا تصبح بوتسوانا قاعدة لأي عمليات هجومية على الجيران، لكن الدولة لم تكن تملك جيشًا منظمًا حتى عام 1977، وكان الأمر صعبًا في ظل توغلات قوات جنوب أفريقيا وروديسيا لمطاردة المقاتلين المشتبه في تورطهم بحركات التحرير.

في البداية تم تشكيل قوة شرطة عسكرية صغيرة بدلًا من الجيش، لكن في أعقاب التوغلات المتكررة من قبل جنوب أفريقيا وروديسيا تم تشكيل قوة دفاع بوتسوانا عام 1977 كجيش محترف صغير.

ومنحت جاذبية تجربة سيرتسي في بوتسوانا بالولايات المتحدة وأوروبا، فرصة للبلاد في الاعتماد على الضغط الديبلوماسي العالمي، إذا ما تعرضت لأي عمل استفزازي، من قبل جنوب أفريقيا.     

قبل وقت قصير من وفاته لعب خاما أدوارًا رئيسية في التفاوض على نهاية الحرب الأهلية الروديسية وما نتج عنها من خلق واستقلال زيمبابوي.

وبوفاة سيرتسي عام 1980، كان قد أثبت أن إدارة التعددية الإثنية في أفريقيا بشكل إيجابي، أمرًا ممكنًا.

في عام 2016، تم إنتاج فيلم عن قصة حب سيرتسي وروث خاما التي لم تكن مجرد قصة حب عادية، بل بداية لقصة نجاح على المستوى الوطني، قدم فيلم ” AUnitedKingdom” كل الظروف والملابسات التي صاحبت زواج الثنائي خاما، قام ببطولته الفيلم ديفيد أويلوو في دور سيرتسي، وروزموند بايك في دور روث ويليامز.

واعتبر البعض أن هذا الرجل لا يقل قدرًا وكفاحًا عن نيلسون مانديلا، وأنه ربما لم ينل نفس شهرته الدولية، لكن قصته باقية لتحكي لأجيال لاحقة عن الفتى الأسمر من بيتشوالاند الذي زرع الحب في بلاده، وحصده نجاحًا ورفاهيةً.